تندلع من حين الى آخر موجات عاصفة من الجدل الإسرائيلي، حين يتجرأ كاتب أو فنانة أو محاضر جامعي أو إعلامية على التعبير عن حقائق يتكتّم عليها كثيرون. فلا يتطرقون إليها ألا في المحادثات الخاصة (سمعت مثلها شخصيًا مرارًا)، رغم يقينهم بأنها ليست سرًا تقتصر معرفته عليهم وحدهم. آخر العواصف جاءت إثر مقال للكاتب الصحافي يوسي كلاين في جريدة "هآرتس" (نيسان 2017) عبّر فيه عن صورة قاتمة مترتبة على اشتداد قرون التيار القومي الصهيوني الديني الاسرائيلي، المتماهي أكثر شيء، مع مشروع الاستيطان الكولونيالي في الضفة الغربية المحتلة.
تمثيل غير لائق للعاملين العرب
يشير تقرير حديث لجمعية "سيكوي" إلى أنه لن يتسنى تحسين مكانة وحضور العاملين العرب في سوق العمل الإسرائيلية، ما دامت الحكومة، السلطة التنفيذية، لا تفرض معايير للدفع بهذا الاتجاه، بواسطة التأثير على سوق القطاع الخاص. يأتي هذا التقرير ليواجه ادعاء حكوميًا مفاده وجود تحسّن في تشغيل مواطنين عرب في سلك الخدمات العامة، أي التابعة للقطاع العام. ولكن كما يتبيّن فيما يلي، فإن هذه سيرورة بطيئة اولا، وغير كافية ثانيًا لإحداث تغيير جوهري في توفير الحق في العمل للأقلية العربية الفلسطينية في الاقتصاد الإسرائيلي.
(*) الكتاب: "اختراع أرض إسرائيل"
(*) المؤلف: شلومو ساند
(*) الناشر: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار، 2013. ترجمة: أنطوان شلحت وأسعد زعبي (314 صفحة من القطع المتوسط)
البروفسور شلومو ساند هو أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة تل أبيب، تركزت أبحاثه التاريخية حول القومية، والتاريخ الثقافي. ولد ساند في النمسا عام 1946 لأبوين يهوديين نجوا من الهولوكوست. هاجر مع والديه إلى فلسطين عام 1948، ثم تخرج من جامعة تل أبيب، ثم أكمل دراسة الماجستير والدكتوراه في فرنسا.
قبل مدة سمعت قصة شخصية من ممثل فلسطيني كان أحد نجوم مسلسل تلفزيوني إسرائيلي رائج قبل سنوات كثيرة. قال هذا الممثل إنه في أحد الأيام أوقفه رجل في الشارع وعانقه بانفعال وتقدير، ومن ثم سأله: "قل لي، كيف تستطيع التحدث بالعربية بهذه الصورة؟". فأجابه الممثل: "ماذا تقصد، أنا عربي!". عندها خفض الرجل عينيه وقال: "أوه خسارة..!". في هذه اللحظة قرر الممثل ألا يعمل في إسرائيل بعد ذلك.
"جنوب تل أبيب ينهار: المتسللون أصبحوا أغلبية؛ 62% من الإسرائيليين يخافون الخروج من منازلهم"!- تحت هذا العنوان التحريضي الصارخ، نشر موقع "ميداه" الإسرائيلي اليميني مؤخرا تقريرا موسعا عن اللاجئين الأفارقة في إسرائيل والذين يعيش كثيرون منهم في الأحياء الجنوبية من مدينة تل أبيب، وهو ما تعتبره أوساط اليمين في إسرائيل "برميل بارود" أصبح "قاب قوسين وأدنى من الاشتعال الذي سيليه الانفجار الكبير"!
أسقطت الهيئة العامة للكنيست في الأيام الأخيرة مشروع قانون يقضي بالسماح بعقد الزواج المدني، الذي يعترف به القانون الإسرائيلي، شرط أن يكون مبرما في أي من دول الخارج، إذ أن القانون يسمح فقط بعقود الزواج الدينية. وهذا واحد من أبرز ثلاث ملفات متعلقة بقوانين الإكراه الديني، وهي قضايا الحلال اليهودي، وأنظمة "قدسية السبت والأعياد"، وقضية الزواج، والتي هي ذات ارتباط وثيقة بمسألة "من هو يهودي".
الصفحة 7 من 23