والان جاء دور افراد وحدة مختارة اخرى هي "سرية هيئة الاركان"
جنود من وحدة كوماندوز اسرائيلية يرفضون الخدمة في الاراضي الفلسطينية
"المشهد الاسرائيلي":
بعد ثلاثة أشهر من العاصفة التي اثارها الطيارون الحربيون في الجيش الاسرائيلي، برفضهم أداء الخدمة العسكرية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، جاء الان دور جنود في وحدة مختارة اخرى هي "سرية هيئة الاركان". فقد وقع 13 جنديا يخدمون في وحدة الاحتياط الناشطة التابعة للسرية على عريضة وجهوها (يوم الاحد 21/12/03) الى رئيس الحكومة الاسرائيلي، اريئيل شارون، اعلنوا من خلالها: "لن نشارك بعد اليوم في نظام القمع في المناطق" (الفلسطينية).
من جهة اخرى، اثارت العريضة موجة واسعة من التنديد من جانب سياسيين اسرائيليين، من اليمين واليسار، خصوصا اولئك الذين ادوا خدمتهم العسكرية في السرية نفسها في الماضي.
جاء في عريضة "الرافضين": "نحن، مواطنون نؤدي الخدمة في صفوف الاحتياط النشط، مقاتلون وضباط، خريجو سرية هيئة الاركان، اخترنا نحن ايضا السير في مقدمة المعسكر، لدى تدريبنا. بدافع من قلق عميق على مستقبل دولة اسرائيل كدولة دمقراطية، صهيونية ويهودية، وبدافع من الحرص على صورتها الاخلاقية والمبدئية، نبلغك اليوم: اننا لن نشارك بعد الان في نظام القمع في المناطق؛ لن نشارك بعد اليوم في انتهاك حقوق الانسان بحق ملايين الفلسطينيين؛ ولن نكون بعد اليوم جسرا واقيا لحملة الاستيطان؛ ولن نفسد بعد اليوم صورتنا الانسانية في عمليات جيش احتلال؛ ولن نتنكر بعد اليوم لغايتنا كمقاتلين في جيش الدفاع الاسرائيلي. اننا قلقون على مصير ابناء هذه البلاد، المعرضين لشرور غير حتمية، نجد اننا مشاركون فيه. منذ مدة تخطينا حدود المقاتلين على صدق طريقهم، ووصلنا الى حدود المقاتلين لقمع شعب اخر. هذه الحدود لن نتخطاها بعد اليوم".
يشار الى ان صاحب الرتبة العسكرية الارفع بين "الرافضين" يحمل رتبة رائد ويدعى نمرود. وقال ان الموقعين على العريضة تتفاوت اعمارهم، وبعضهم وقع في الماضي على عريضة حركة "أومتس لسريف"، اي "شجاعة الرفض". واضاف ان الجنود الشبان ذاقوا على جلودهم الخدمة في المناطق وتوصلوا الى نتيجة مفادها انهم غير قادرين اكثر على احتمال المهام التي ينفذونها. كذلك فان ثلاثة من الموقعين هم ضباط. وهناك تسعة من بينهم ما زالوا يؤدون الخدمة في وحدة الاحتياط. ونوهت المصادر الاسرائيلية الى ان المهام التي ينفذونها "عادة" تتعلق باعتقال "المطلوبين" من النشطاء الفلسطينيين. وكشف احد الموقعين على العريضة، ويدعى يائير، ان المبادرة لهذه العريضة جاءت بعد عريضة الطيارين في ايلول الماضي. واضاف ان الموقعين تحدثوا مع عدد اخر من جنود الاحتياط في الوحدة ذاتها وتلقوا ردود فعل ايجابية من بعضهم، لكن هؤلاء لم ينضموا بعد الى المبادرة. وقال يائير: "لقد شعرنا ان علينا ان نفعل شيئا. اننا واعون للثمن الذي سنضطر الى دفعه. الوحدة مهمة جدا بانسبة لي لكني اخذت بالحسبان انهم سيرغموننا على الخروج منها. ساخدم في وحدة اخرى وبكل سرور، لكن ليس في المناطق. انني على قناعة بان الاحتلال يفسد الجيش والدولة".
وقال المساعد افنير، الذي وقع ايضا على العريضة، انه وزملاؤه اطلعوا قادتهم العسكريين على امر العريضة قبل اسبوع من ارسالها الى شارون. واضاف: "مهم بالنسبة لنا ان نوضح امرا واحدا: خطوتنا هذه ليست موجهة نحو الوحدة. لدينا الثقة الكاملة بقادتنا العسكريين وبزملائنا في السرية. لكن هذه الوحدة العسكرية هي جزء من جهاز اكبر الذي فقد وجهته".
ويعود الصدى الذي اثارته العريضة، ايضا، الى الهالة التي ترافق السرية منذ سنوات طويلة. فإلى ما قبل 20 سنة مضت كانت الرقابة العسكرية تمنع ذكر اسم السرية في وسائل الاعلام الاسرائيلية. وقد ادى الى ازدياد شهرة السرية وخروجها من اطار السرية عدة عوامل منها انتخاب اثنين ممن خدموا فيها لرئاسة الحكومة، هما ايهود براك وبنيامين نتنياهو، الى جانب عدد من القضايا المتعلقة بالمهام التي نفذتها السرية، بينها عملية اغتيال القائد الفلسطيني ابو جهاد وعملية عينتيبة وتداعيات "حادث تسيئيليم" (التدرب الذي كشف عنه اخيرا حوا منخطط لاغتيال صدام حسين، واسفر في حينه عن مصرع عدد من افراد السرية). وعلى رغم صدور كتابين عن السرية، الا ان طبيعة العمليات التي تنفذها واساليب عملها خارج حدود اسرائيل ما زالت طي الكتمان.
اليمين واليسار نددا بالعريضة
جاء رد فعل الجيش الاسرائيلي من جانب الناطق العكري، الذي اصدر بيانا قال فيه: "انه امر خطير ان يستخدم جنود احتياط ماضيهم العسكري واسم الوحدة التي خدموا فيها، رافعة لنشر آرائهم السياسية. ووصفت جهات في جهاز الامن الاسرائيلي العريضة على انها سياسية. وقالت مصادر في الجيش ان التعامل مع الموقعين على العريضة سيكون شبيها بالتعامل مع "الرافضين" الاخرين، مما يعني انه سيتم اقصاؤهم من الخدمة العسكرية.
من جهته دعا رئيس الحكومة الاسرائيلي السابق، ايهود براك، الذي كان قائد السرية، الموقعين على العريضة الى التراجع عن رفضهم اداء الخدمة في الاراضي المحتلة "فورا". ووصف الخطوة بانها "خطأ شنيع". واضاف انه "في ظل النظام الدمقراطي لا مكان للرفض لأن الحكومة المنتخبة هي مصدر التعليمات الصادرة للجيش".
وقال وزير المالية، بنيامين نتنياهو، الذي خدم في السرية ايضا، انه "اذا ربط الجنود بين خدمتهم العسكرية ومواقفهم السياسية، يمينية كانت ام يسارية، فانه لن يبقى لنا جيش ولا دولة. آن الاوان التوقف عن استخدام الخدمة في الجيش كرافعة سياسية".
وقال عضو الكنيست يوسي سريد، من حركة "ميرتس" اليسارية وعضو لجنة الخارجية والامن البرلمانية: "انني استمر في معارضة طريق رفض الخدمة العسكرية، لكن رفض الخدمة من جانب مقاتلي السرية هو دليل اخر على ان الاحتلال يهدم الجيش ايضا وانها مجرد مسألة وقت حتى يتفكك الجيش الاسرائيلي من الداخل".
اما عضو الكنيست داني ياتوم، من حزب "العمل"، فقال ان "رفض الخدمة العسكرية يلحق ضررا بالمناعة الاجتماعية. من غير المسموح لأي انسان او مجموعة ان يحددوا ما هي العملية التي يتوجب تنفيذها. على الجميع تحمل الاعباء".
وقال الوزير افي ايتام، من حزب "المفدال" اليميني المتطرف، ان الموقعين على العريضة لا يستحقون حمل لقب "مقاتلين". واضاف ان "عريضة رافضي الخدمة تدل على وجود ازمة في المجتمع الاسرائيلي. من دون الاعتراف بحقنا التاريخي والمبدئي في هذه البلاد فان موجة رفض الخدمة ستستمر وحتى انها ستتزايد".
في مقابل ذلك، اعلنت حركة "أومتس لسريف"، التي وقع اعضؤها على عريضة رفض الخدمة الاولى في كانون ثاني 2002، ان "خطة فك الارتباط الحقيقية آخذة بالتعاظم. لقد شبعنا من وعود السياسيين. فقط خطوة رفض الخدمة من جانب واحد بامكانها ان تدفع باتجاه انسحاب الجنود من المناطق المحتلة. عريضة افراد السرية الذين خدموا دائما في الصف الاول تثبت بشكل قاطع ان حرب سلامة المستوطنات ليست حرب سلامة الدولة".
المصطلحات المستخدمة:
اريئيل, ايتام, نمرود, دولة اسرائيل, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو