مع قرب دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الـ220 أمس الاثنين (13 أيار 2024) توضح المؤشرات المتراكمة إلى الآن ما يلي من تطورات:
أولاً، عزّز الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة قواته في قطاع غزة بفرقتين، وبذا أصبح مجموع عدد الفرق العسكرية 4 فرق، وذلك على النحو الآتي: الفرقة 162 في شرق رفح جنوبي القطاع، والفرقة 99 في وسط القطاع وهي متركزة في "الشريط" الذي يفصل بين شمال القطاع وجنوبه وفي حي الزيتون، وفرقة غزة التي ترابط بالقرب من المناطق الحدودية ولا سيما في دير البلح، والفرقة 98 التي بدأت باجتياح جباليا.
ألقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الليلة الماضية خطاباً في مؤسسة "ياد فشيم" لتخليد ذكرى ضحايا الهولوكوست وصفه المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إيتمار أيخنر بأنه أحد أكثر الخطابات الكئيبة في مسيرته السياسية إن لم يكن الأكثر كآبة على الإطلاق في حياته كلها. وفي الوقت عينه أشار إلى أن نتنياهو استبدل الخطر الإيراني الذي كان يحضر على الدوام في خطاباته التي دأب على إلقائها في يوم ذكرى ضحايا الهولوكوست، بالخطر الماثل أمام إسرائيل من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (6/5/2024).
تدخل الحرب الإسرائيلية التدميرية والإباديّة على قطاع غزة اليوم- 8 نيسان 2024، شهرها السابع. وقد جرى شنّها في إثر الهجوم المباغت لحركة حماس على مواقع عسكرية في منطقة الحدود مع قطاع غزة، وعلى ما يعرف باسم "بلدات غلاف غزة"، يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وبطبيعة الحال استلزم انقضاء نصف عام على الحرب انشغال العديد من المحللين السياسيين والعسكريين وكتاب مقالات الرأي في إسرائيل بإجمال الفترة المنقضية وما استجدّ على سير الحرب ومعاركها، ناهيك عن محاولة الوقوف أمام حصيلتها، وهو ما سنركّز عليه من خلال إيراد وجهات نظر المحللين الإسرائيليين المتخصصين في الشؤون العسكرية.
كان القتال الذي شهدته الجبهة الشمالية (مع لبنان) في الأسبوع الماضي هو "الأعنف" منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفي هذه الجبهة أيضاً يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وذلك بحسب توصيف أكثر من وسيلة إعلام إسرائيلية خلال الأيام الأخيرة.
ووفقاً للمراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (29/3/2024)، لم يظهر هذا التطوّر على نحو جليّ في التغطية الإسرائيلية الإعلامية عموماً، ولم يثِر اهتمام المواطن العادي الذي يعيش في جنوب حيفا، لكن سكان منطقتي الجنوب اللبناني وشمال إسرائيل شعروا بذلك جيداً، حيث أن عشرات القذائف الصاروخيّة أُطلقت على كريات شمونه، وعلى هضبة الجولان، كما أُطلقت صواريخ مضادة للدروع على قواعد عسكرية ومستوطنات مجاورة للسياج الحدودي، وأدت إلى تفعيل عشرات صافرات الإنذار.
في اليوم الـ 171 للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لوحظ أن ثمة تواتراً في تحليلات إسرائيلية تؤكد أن إسرائيل تعيش حالة من العزلة في الساحة الدولية، إنما مع وجود خلاف بائن بين من يعتقد أن هذه العزلة تنطوي على مخاطر جمّة، وبين من يُقدّر بأنها لا تزال غير خطرة.
ولا بُدّ من أن نشير إلى أنه في نهاية شباط الماضي أكد الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات، المقرّب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أن هذه الساحة الدولية أمست واحدة من سبع جبهات تخوض إسرائيل فيها مجتمعةً حرباً وصفها بأنها وجودية، وذلك بالإضافة إلى جبهات كل من غزة والضفة الغربية ولبنان وسورية واليمن وإيران ("يسرائيل هيوم"، 29/2/2024).
يتفق الكثير من الباحثين والمحللين في إسرائيل على أن شهر رمضان الذي هو الشهر السادس للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من المتوقع أن يشهد تبلور عدة عوامل مؤثرة من شأنها أن تلقي بظلالها على تطورات الفترة المقبلة. وخلال ذلك ينتقي هؤلاء جزئيات وتفاصيل فيها، في الكثير من الأحيان، ما يدفع لإثارة الأسئلة العميقة التي تتصل بتلك التطورات وتشكل ملامحها المرتقبة.
الصفحة 4 من 45