ما هي أهم الفرص والتحديات الماثلة أمام دولة إسرائيل في العام الجديد، 2022، على مستوى منطقة حوض البحر المتوسط؟ هذا هو السؤال المركزي الذي أشغل مجموعة بحثية تحمل اسم "مجموعة الأبحاث والسياسات حول إسرائيل في حوض البحر المتوسط"؛ وهي مجموعة مشتركة لثلاثة مراكز بحثية أكاديمية هي: "معهد مِتفيم" (مسارات) ـ المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، "معهد ديفيس" ـ معهد العلاقات الدولية على اسم ليونارد ديفيس، ومركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة حيفا. فقد عقدت مجموعة الباحثين هذه ما وصفته بأنه "لقاء خاص" ضمن فعاليات "اليوم الدولي الأول لحوض البحر المتوسط" الذي صادف في الثامن والعشرين من تشرين الثاني الأخير ولم تنشر المجموعة ملخصاً لمداولات لقائها الخاص سوى في نهاية شهر كانون الأول المنصرم تحت عنوان "سياسة إسرائيل في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط ـ نظرة إلى العام 2022".
بحث أعضاء المجموعة البحثية الأهداف والغايات المرجو تحقيقها من خلال السياسات الإسرائيلية خلال السنة القريبة، مؤكدين على ما وصفوه بـ "تعقيدات المنطقة وتنوع مجالات العمل والنشاط المتاحة فيها"، ثم خلصوا إلى وضع جملة من التوصيات في مجالات شتى تتصل بتوسيع وتوثيق العلاقات بين إسرائيل ودول مختلفة في المنطقة، توسيع وتعميق مسارات التعاون الإقليمي، الدفع نحو المزيد من اتفاقيات التطبيع والسلام بين إسرائيل ودول في المنطقة، اعتماد نظرة إقليمية محددة حيال نشاط الدول العظمى في المنطقة وتبني سياسة خارجية تسعى نحو تحقيق المزيد من دوائر التعاون الإقليمي الفعال والمثمر.
أ ـ توسيع وتوثيق العلاقات مع دول المنطقة
• بناء "سلام حارّ" مع المغرب ـ تميزت السنة الأولى من العلاقات المتجددة بين دولة إسرائيل والمملكة المغربية بالجهود الحثيثة الرامية إلى إرساء الأسس الدبلوماسية والتعاقدية في المجالات السياسية، الأمنية والمدنية. فقد جرى افتتاح الممثليتين الدبلوماسيتين لكل واحدة من الدولتين لدى الأخرى، بكل طواقمهما الدبلوماسية والإدارية، كما جرى التوقيع على اتفاقيات في مجال الملاحة الجوية وبدأت خطوط الطيران رحلاتها المباشرة بين البلدين، كما أجرى وزراء ومسؤولون رسميون إسرائيليون كثيرون زيارات إلى المغرب وقعوا خلالها على اتفاقيات للتعاون المشترك بين الدولتين في مجالات عديدة. وكانت أبرز تلك الزيارات، العلنية، الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، والتي وُصفت بأنها "تاريخية" لأنها المرة الأولى التي يجري فيها وزير دفاع إسرائيلي زيارة رسمية علنية إلى المغرب. وخلال زيارته تلك، في أواخر تشرين الثاني الأخير، وقع غانتس مع نظيره المغربي، عبد اللطيف لوديي، على جملة من الاتفاقيات الرامية إلى تعزيز التعاون القائم منذ سنوات بين الأجهزة الاستخباراتية في البلدين، كجزء من تعزيز التعاون المشترك في المجال العسكري ـ الأمني.
بالبناء على هذه الأسس، التي تُضاف إلى العلاقات المدنية ـ الثقافية غير الرسمية المتشعبة بين البلدين، توصي مجموعة الباحثين بالعمل خلال السنة الجديدة على بناء منظومة "حارة" من العلاقات "تقوم أساساً على العلاقات المدنية وليس على العلاقات الأمنية والسياسية بين النُخب من البلدين"، بحسب تعبير الباحثين. ورغم انتباههم إلى أن "تقييدات جائحة كورونا تجعل من الصعب نسج وتوثيق العلاقات الشخصية بين قادة الدولتين في هذه المرحلة"، إلا أنهم يرون أن "محاربة الفيروس تشكل، في حد ذاتها، مجالاً إضافياً آخر للتعاون وتعزيز العلاقات بينهما". كما يشير الباحثون، أيضاً، إلى أن علاقات كل من الدولتين مع الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن حقيقة كونهما مشمولتين في إطار "سياسة الجيرة الأوروبية" ـ من شأنها أن تشكل، هي أيضاً، مجالاً إضافياً آخر للتعاون والتعلم المشتركين ولفتح الباب أمام نشاطات ثنائية مشتركة في إطار برامج ومشاريع الاتحاد الأوروبي.
• توثيق العلاقات مع مصر وتوسيعها في المجال المدني ـ تميزت العلاقات بين إسرائيل ومصر خلال السنة الماضية، بشكل خاص، بما تصفه مجموعة الباحثين بـ "توثيق الصلات بين زعماء الدولتين" إلى جانب تعميق التعاون المشترك في المجال الاقتصادي ـ التجاري تحديداً، ولا سيما قطاع الطاقة منه على وجه الخصوص. بالإضافة إلى ذلك، جرى تدشين خط جديد للرحلات الجوية بين مطاريّ اللد (بن غوريون) والقاهرة.
عن آفاق العلاقات بين إسرائيل ومصر خلال السنة الجديدة، تشير مجموعة البحث إلى أن أمام إسرائيل فرصة سانحة لتوسيع "التعاون الجيد في المجال الأمني"، كما تصفه، ليشمل أيضاً مجالات مدنية واقتصادية إضافية أخرى من شأنها أن تقود، ربما، إلى "تسخين العلاقات بين المجتمعين، الإسرائيلي والمصري". غير أن الباحثين يستدركون لينوهوا بأن "ثمة عقبة جدية تقف في وجه هذه المهمة وقد تحول دون تحقيقها تتمثل، أساساً، في النفور المصري من تسخين العلاقات المدنية"، الأمر الذي "يحتّم على إسرائيل العمل وبذل الجهود من أجل تقليص مدى المعارضة المصرية لهذا التطور". كما ترى مجموعة الباحثين أن على إسرائيل العمل "قدر المستطاع" من أجل توسيع الاستيراد من مصر إلى إسرائيل و"تسهيل إمكانيات تحرك رجال الأعمال الإسرائيليين والمصريين وتنقلهم بين الدولتين".
• تعزيز العلاقات مع تركيا وتعميق ارتباطها بالمنطقة ـ شهدت العلاقات بين تركيا وإسرائيل تراجعاً ملحوظاً وصل إلى حدّ إعادة السفيرين ابتداء من العام 2018. وخلال العام المنصرم، بثت تركيا رسائل وإشارات تدل على أنها معنية بتسخين العلاقات بين البلدين، لكنها قوبلت بتجاهل ولامبالاة واضحين من جانب إسرائيل، كما تقول مجموعة الباحثين.
لكنّ التدخل المباشر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أدى إلى إطلاق سراح الزوجين الإسرائيليين اللذين اعتُقلا في تركيا بتهمة التجسس، في إثر ضبطهما يلتقطان صوراً فوتوغرافية لقصر أردوغان ومواقع رسمية أخرى، أوجد فرصة سانحة لإعادة ترميم العلاقات بين البلدين وتعزيزها، بما في ذلك عبر إعادة السفيرين.
هنا، يؤكد الباحثون على "ضرورة أن تتذكر إسرائيل وتنتبه إلى حقيقة أن تركيا كانت، وستبقى، دولة مركزية جداً في منطقة حوض البحر المتوسط وفي الشرق الأوسط عموماً، بصرف النظر عن هوية الشخص الذي يقف على رأس هرم النظام الحاكم فيها. ولهذا ـ يضيف الباحثون ـ ينبغي على إسرائيل العمل من أجل تعميق الحوار الثنائي معها، المباشر والمتواصل، وعلى أعلى المستويات السياسية الممكنة. ذلك أن تحسين العلاقات مع تركيا ينطوي على فوائد جمة لإسرائيل، اقتصادياً وسياسياً ومدنياً، وبالإمكان تحقيق ذلك حتى من دون المسّ بمنظومة العلاقات الهامة والحيوية القائمة بين إسرائيل ودول أخرى في المنطقة ثمة بينها وبين تركيا خصومات ونزاعات مختلفة، وفي مقدمتها بالطبع اليونان وقبرص ومصر.
ب ـ توسيع مجالات وآفاق التعاون الإقليمي
• توسيع وتعميق سيرورات المأسسة الإقليمية في شرق حوض المتوسط ـ منذ ثلاث سنوات، يعمل "منتدى الغاز" الخاص بمنطقة شرق حوض البحر المتوسط، لكنه لم يفلح في الوصول إلى كميات جدية في الإنتاج. ولذا يرى الباحثون أنه من الضروري "توسيع صلاحيات منتدى الغاز لتشمل أيضاً العمل في مجال الطاقة المتجددة"، ثم العمل على "شمل المجتمع المدني ضمن هذا المنتدى وكجزء منه، إلى جانب القطاعين التجاري والسياسي". وفي هذا الإطار، يوصي الباحثون بالعمل على إيجاد وإنشاء مؤسسات إقليمية أخرى تنشط، ضمن أشياء أخرى، في مواجهة الأزمة المناخية، في توسيع وتعميق مجالات وآفاق التعاون الإقليمي، وخصوصاً الاقتصادي والتجاري، إضافة إلى التعاون في تسوية النزاعات والعمل على ضم دول أخرى من المنطقة لا تتمتع بعضوية "منتدى الغاز" إلى عضويته (تركيا ولبنان، على وجه التحديد).
• توثيق ارتباطات البنى التحتية بين دول المنطقة ـ ارتباطات البنى التحتية في مجالات الكهرباء، الغاز والمياه من شأنها أن تهيئ، أيضاً، بنية تحتية وأرضية للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية، أن تساهم في حفظ وتعزيز الاستقرار السياسي الإقليمي، إلى جانب تعزيز أمن إسرائيل وجاراتها في مجال الطاقة، ما يمكن أن يفضي بالتالي إلى بناء وتعزيز علاقات السلام.
في مجال الكهرباء، تجدر الإشارة إلى الاتفاق الإسرائيلي ـ الأردني ـ الإماراتي الخاص باستيراد الطاقة الشمسية من الأردن مقابل تزويد المياه المحلّاة من إسرائيل وإلى إنجاز مد الكابل الكهربائي بين إسرائيل واليونان وقبرص. أما في مجال الغاز الطبيعي، فإلى جانب ضرورة فحص عدد وأشكال وصلات الغاز مع مصر، توصي لجنة الباحثين بالعمل أيضاً من أجل ربط السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة بالطاقة الغازية. وفي مجال المياه، تقول اللجنة إنه ينبغي توسيع وتوثيق التعاون في المجالات البحثية والتكنولوجية الإقليمية، كما ينبغي الانخراط في جهود وبرامج الاتحاد الأوروبي الرامية إلى تعزيز الروابط في حوض البحر المتوسط في مجالات المواصلات، الطاقة، المياه، البيئة، الرقمنة، العمالة وغيرها.
• المواجهة الإقليمية للأزمة المناخية ـ تشكل أزمة المناخ تهديداً خطيراً لمنطقة شرق حوض المتوسط والشرق الأوسط، لكن ـ من جهة أخرى ـ فرصة لتعزيز التعاون بين دول المنطقة. فهذا المجال يتيح أيضاً بناء تحالفات فورية لمعالجة موضوع محدد وتشكيل أطر إقليمية. وفي هذا النطاق، تجري وزارة الطاقة مسحاً بيئياً لفحص إمكانيات إنتاج وتطوير الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة في البحر. ومن هنا، توصي لجنة الباحثين بفحص جمع الإمكانيات المختلفة، إشراك الدول الجارة بالمعلومات والمعرفة المتوفرة في هذا المجال سعياً إلى بلورة سياسات وتوجيهات إدارية مشتركة بشأن حقوق استخدام الطاقة في البحر. ويشير الباحثون إلى أن أحد التحديات الكبرى التي تواجه إسرائيل في هذا المجال هو صيانة وتطوير منظومة العلاقات الإقليمية التي تبلورت بشأن مسألة الطاقة الغازيّة، مع الانتقال السريع قدر الإمكان إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة.
• تعزيز منظومة العلاقات الثلاثية مع قبرص واليونان ـ تشكل منظومة العلاقات الثلاثية مع اليونان وقبرص ثورة استراتيجية على غاية من الأهمية بالنسبة لإسرائيل، الأمر الذي يستدعي مواصلة صيانتها وتعزيزها، تطويرها وتوسيعها. وتوصي مجموعة الباحثين بالعمل على توسيع مجالات وآفاق التعاون بين إسرائيل وقبرص واليونان خارج نطاق مجالي الأمن والطاقة. أما المجالات الإضافية الأخرى التي يمكن، ويجب، العمل لتعزيز العلاقات الثلاثية فيها فتشمل الاستعداد لتقديم حلول فورية في حالات الأزمة والطوارئ، مواجهة جائحة كورونا وإسقاطاتها الاقتصادية والاجتماعية، ترميم وتطوير قطاع السياحة. وتشكل التغيرات المناخية قضية مركزية تتطلب رصد جهود خاصة لمواجهتها ومعالجتها في إطار منظومة العلاقات الثلاثية هذه. وتؤكد مجموعة الباحثين على أن هذا التعاون الثلاثي يوفر لإسرائيل قناة اتصال إضافية حيال لاعبين آخرين في المنطقة، مثل الإمارات العربية المتحدة، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ت ـ السعي نحو تطبيع العلاقات وإحلال السلام
• تجنيد حوض المتوسط لدفع عملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية ـ في الوقت الذي يبحث فيه مؤيدو السلام عن فرص وطرق استخدام عملية التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين في ما يخدم دفع عملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية إلى أمام، ينبغي أن نتذكر وأن نؤكد ـ كما تقول مجموعة الباحثين ـ أن ثمة فرصاً عديدة تكمن أيضاً في قدرة إسرائيل والفلسطينيين على تجنيد حوض البحر المتوسط لخدمة هذا الهدف. فإن في وسع دول مثل تركيا، قبرص، مصر ودول الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدة كبيرة في إيجاد حلول مناسبة للأزمة الخانقة في قطاع غزة، بينما للمغرب أهمية كبيرة مثلاً في تسوية وإدارة منطقة القدس والأماكن المقدسة فيها، إلى جانب ما يمكن أن قدمه المنظمات المتعددة الأطراف التي تنشط في المنطقة من حيث كونها صيغة مناسبة وجيدة للقاءات وللتعاون بين إسرائيل والفلسطينيين، ناهيك عن أن للاعبين في منطقة حوض المتوسط إجمالاً مصلحة واضحة في الدفع نحو إحلال الاستقرار والسلام في المنطقة. وفي هذا السياق، تنوه مجموعة الباحثين إلى "واجب إسرائيل" في تحديد القدرات، الإمكانيات والطاقات الكامنة لدى اللاعبين المختلفين في المنطقة، ثم الأدوات التي توفرها المنطقة، وتسخيرها كلها لدفع عملية السلام مع الفلسطينيين قُدُماً.
• الاتفاق مع لبنان على ترسيم الحدود المائية ـ تجري إسرائيل ولبنان مفاوضات لترسيم الحدود المائية بينهما بوساطة أميركية. وثمة لكلتا الدولتين مصلحة في إنهاء هذه المفاوضات بنجاح والتوصل إلى اتفاقية تتيح لهما، وخاصة لدولة لبنان التي تعيش أزمة اقتصادية خانقة، تطوير واستغلال الموارد الكامنة في مياهها الإقليمية. مجرد إجراء هذه المفاوضات هو أمر هام وحيوي، كما يؤكد الباحثون، بينما من شأن نجاحه أن يرسي قاعدة معينة لعلاقات مستقبلية بين إسرائيل ولبنان تتيح تسوية قضايا أخرى عالقة بينهما.
• توسيع دائرة التطبيع إلى شمال أفريقيا ـ ترى مجموعة الباحثين أن قرب دولة تونس من المغرب ومن دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب ما فيها من "تراث يهودي"، كما تصفه، والسيرورات الديمقراطية التي تعيشها الدولة التونسية، هي عوامل تتيح، مجتمِعةً، اعتبارها مرشحة جيدة لتوسيع دائرة تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية أخرى، حتى لو كانت الطريق للوصول إلى هناك طويلة ووعرة. وإضافة إلى ذلك، يوصي الباحثون بفحص إمكانيات وسبل الاستعانة بالعلاقات مع المغرب من أجل تحسين العلاقات بين إسرائيل ودول أخرى في القارة الأفريقية.
ث ـ اعتماد نظرة إقليمية حيال نشاط الدول العظمى ودول أجنبية
• تجنيد الولايات المتحدة للدفع بخطوات محددة في المنطقة ـ يتعين على إسرائيل الدفع قدر مستطاعها لتبني واعتماد الرؤية الأميركية التي تعتبر حوض البحر المتوسط حيزاً هاماً لنشاطها. وعلى الولايات المتحدة النظر إلى الخطوات التي تتخذها إسرائيل في المنطقة ـ التحالف مع اليونان وقبرص، العلاقات الوثيقة مع مصر والمغرب، تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، بل والتقارب مع تركيا ـ باعتبارها خطوات تخدم المصالح الأميركية، ما يعني تأييدها ودعمها بكل ما أمكنها.
• التصدي إقليمياً لحالة عدم الاستقرار في المنطقة ـ تشير مجموعة الباحثين إلى "الانهيار الاقتصادي والمؤسساتي في لبنان، الحرب الأهلية في سورية والتدخل الروسي فيها، التدخل الإيراني في بؤر توتر عديدة في المنطقة، وكذلك التدخل الصيني أيضاً" باعتبارها "سيرورات تضع تحدياً كبيراً أمام السياسة الإسرائيلية". وعليه يرى الباحثون أنه يتعين على إسرائيل "أن تتذكر أن هذه التحديات مشتركة للاعبين آخرين في المنظومة الإقليمية"، ما يعني أنه من الممكن مواجهتها بصورة أكثر فاعلية ونجاعة من خلال التعاون الإقليمي، وليس بصورة فردية. وعلى إسرائيل "أن تتذكر أيضاً"، يضيف الباحثون، أن "الدول العظمى الكبيرة في حوض البحر المتوسط، المسؤولة عن ثلاثة أرباع الناتج القومي الإجمالي في حوض المتوسط، هي إسبانيا، فرنسا وإيطاليا". وبناء على ذلك، يتعين على إسرائيل "تخصيص انتباه وجهد استثنائيين ولائقين لتعزيز العلاقات مع هذه الدول، في موازاة تعزيز العلاقات مع دول أخرى في حوض البحر المتوسط، في أوروبا وفي شمال أفريقيا".
أما التوصية الأخيرة التي تضعها مجموعة الباحثين المشتركة فهي: "ضرورة أن تحافظ إسرائيل على التواضع في أنشطتها المختلفة في المنطقة وعلى الاستعداد للتعاون، مع الحذر الشديد من أن يُنظَر إليها وكأنها دولة عظمى إقليمية تتصرف على هواها، مما سيثير معارضة متعددة المصادر والأسباب لها... وعليها أن تواصل التصرف كدولة معنية بالتعاون وتعزيزه ومستعدة للمشاركة والمساهمة في ما يعود بالنفع على المنطقة برمّتها".