يمكن لكل من ينشط داخل المجتمعات اليهودية في الولايات المتحدة الأميركية اليوم، رؤية مدى غياب كلمة صهيونية من الخطاب الدائر. و"الصهيونية الأميركية" بوصفها رؤية بلورها أشخاص عظماء مثل لويس براندز، قاضي المحكمة العليا اليهودي الأول. وقد هدفت إلى الربط بين الهويات: اليهودية، الصهيونية والأميركية. هذه الرؤية تكاد تختفي. في عهد ما بعد الحقيقة والخطاب المتقاطب، تقلص معنى "أن تكون صهيونيا" بنظر كثيرين من اليهود الأميركيين إلى الدعم الأعمى لسياسة الحكومة الإسرائيلية. ولذلك فإن منظمات يهودية في قلب الاجماع فضّلت على مدى السنين التنازل عن التشديد الصهيوني بهدف تضييق التوترات في صفوف المجتمع، ومنع هرب الشباب الذين باتوا
أقل ارتباطا بإسرائيل. وأبراهام أينفلد، أول مدير لمنظمة "تجليت" وأحد النشطاء القدامى في صفوف يهود الشتات، يكرر مجددا في محاضراته أمام مبعوثي الوكالة اليهودية أن "إسرائيل باتت المصطلح الأكثر إثارة للانقسامات في صفوف المجتمع اليهودي".
"حب إسرائيل" بدلاً من الصهيونية
بدلا من مواجهة هذا الواقع بشكل مباشر، بحث العديد من التنظيمات اليهودية عن طريق غير مباشرة. وهو قرار منطقي لو أخذنا بالاعتبار هبوط عدد الأعضاء في الكُنس وعدد المتبرعين للفيدراليات اليهودية في صفوف الشباب، الذين يشعرون بأنهم أقل ارتباطا بإسرائيل قياساً بما شعر به جيل الأجداد والجدات. وفقا لاستطلاع نشر في أيار 2021، فإن 52% من اليهود فوق جيل 65 عاماً يقولون إن القلق على إسرائيل هو مركب مهم في هويتهم اليهودية، وذلك مقابل 35% فقط في صفوف أبناء 18-29. ففي غياب مركز مشترك وضمن خطاب جماهيري واجتماعي مشروخ وآخذ بالتطرف، نشأ تفضيل لقاسم مشترك متاح ومريح.
هكذا استُبدلت التربية على موقف صهيوني بالتربية على "حبّ إسرائيل". وما بدأ بسياحة تربوية ونظرة عاطفية إلى متسادا، الكيبوتس والحائط الغربي (البراق)، أبقى في كثير من الأحيان الشباب اليهودي- الأميركي مع تطبيق ويز وجال جادوت (نجمة سينمائية إسرائيلية).
ولكن لا يمكن للصورة الوردية لإسرائيل أن تواجه الواقع المركب والعنيف في الشرق الأوسط. بدأ العديد من الشباب اليهود "بالتيقظ" وفهم أن "التربية على إسرائيل" التي تلقوها كانت تقوم على حقيقة سطحية ومجتزأة، وذلك وسط حوار حول أسئلة مركبة وأولها الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وفي حين تشدد التربية الصهيونية على تحقيق الذات في الواقع انطلاقا من الوفاء لمُثُل، بما يشمل بالضرورة الفجوة ما بين الرؤية والواقع؛ فإن "التربية على إسرائيل" تميل إلى تناول النتيجة النهائية وحدها: "إسرائيل"، والتسويق العنيف لـ"زبون" هو الشباب الأميركي.
هذه الأزمة ولّدت عددا من الحركات، صحيح أنها صغيرة العدد لكنها تحظى بتأثير جدي على المزاج السائد لدي اليسار اليهودي الأميركي. وقد بدأت هذه الحركات بتنظيم الشباب والفتيان اليهود بهدف خلق خطاب سياسي آخر بخصوص الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وبخصوص إسرائيل. كان الجزء الأساس من الجهد الذي بذلوه لتكريس وتعميق مصطلح "احتلال" ونقله من الهوامش إلى مركز الجدل العام في المجتمع اليهودي الأميركي.
تجاوزٌ للصراع
لقد كان الهدف تجنيد المجتمع اليهودي للصراع ضد الاحتلال والتأثير على سياسة الإدارة الأميركية. كان أسلوب العمل مظاهرات أمام اجتماعات إيباك (اللوبي اليهودي)، إدخال مضامين بديلة إلى المخيمات الصيفية لليهود، تنظيم عرائض وحملات حادة وغيرها. وكمن كان مبعوثا في حركة شباب صهيونية أميركية، وأكثرَ من التجول في حلقات اليسار في الولايات المتحدة، شعرتُ أحيانا بأن مدى تمكني فيما يخص الصراع، أو التزامي بالسلام، يقاس فقط بعدد المرات التي أدمج فيها كلمة "احتلال" داخل المحادثة. لديّ نقد كثير على هذه السيرورات، ولكن واضح لي من أين تنبع. إنها لحقيقة بأن مكانة المناطق (المحتلة) هي مسألة خلافية، أي بين مواطني إسرائيل كذلك وحتى بين مواطني إسرائيل اليهود. إنها لحقيقة بأن إسرائيل تمارس سيطرة عسكرية على مجموعة سكانية تعارض ذلك. وإنها لحقيقة بأن دولة إسرائيل لم تقرر ضم يهودا والسامرة (الضفة الغربية). هذه حقائق لا جدال عليها، لا من اليمين ولا من اليسار، حتى لو نشأ جدال حول مسببات الوضع والحلول المرغوب بها له. ولذلك من الشرعي جدا بل الضروري إجراء جدل مفتوح حول علاقة إسرائيل بالمناطق الفلسطينية حتى حين يكون هذا الجدل صعبا وغير مريح. للأسف قرر الجزء الأكبر من المؤسسات المركزية ليهود الولايات المتحدة تجاوز الصهيونية، وهو ما اختاروه أيضا بالنسبة لمسألة الصراع. ولكن مثلما تكتشف على الدوام جهات في إسرائيل، فإن تجاهل المشكلة لا يؤدي إلى غيابها.
من الفشل إلى التطرف
جعلت جولة العنف الأخيرة بين إسرائيل وحماس حرب مصطلحات اليسار اليهودي الأميركي تتطرف أكثر فأكثر. تم ترك مصطلح "احتلال" لصالح مصطلحات أشد ومشحونة أكثر بكثير. خلال العملية الأخيرة كان هناك عدد أكبر من الشباب اليهود، معززين بواسطة شخصيات معروفة من كل العالم ونشطاء من أنصار الفلسطينيين، ممن تطرقوا إلى العملية العسكرية لإسرائيل في غزة على أنها "تطهير عرقي"، "واقع أبارتهايد" وحتى "إبادة شعب". لقد تم تجنيد أكثر المصطلحات خطورة في تاريخ الإنسانية لوصف أحد الصراعات المركبة والمأساوية في القرن الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، ازداد استخدام مصطلح "النكبة المستمرة" الذي تستعمله حركات الاحتجاج الفلسطينية في العالم. إن الاعتراف بوجود سردية مختلفة وتجربة فلسطينية بخصوص 1948 هي شيء، ولكن الادعاء بأن "النكبة" لم تنتهِ أبدا، وتبني موقف رؤية الفلسطيني كـ "لاجئ أبدي" إلى أن يعود إلى السكن في حيفا أو يافا، أي ألا تعود إسرائيل موجودة، هو ادعاء آخر تماما.
هناك عدد من الأسباب لتطرف الخطاب هذا، واختيار مفاهيم أقسى ومثيرة للمعارضة والقشعريرة في صفوف كل إسرائيلي يهودي. العامل الأول هو فشل منظمات اليسار الراديكالي تحديدا. تعرض قسم كبير من هذه المنظمات لضربات قاسية في السنوات الأخيرة. ونمو منظمات دخلت إلى الوعي اليهودي الأميركي بشكل عاصف قد توقف. مجالس التشريع الأميركية مررت قوانين ضد حركة المقاطعة، وعلى نحو عام يبدو أن حركة المقاطعة لا تنجح في تحقيق أهدافها. الاقتصاد الإسرائيلي يواصل النمو وتوسيع التعاون الدولي، واتفاقات أبراهام هي دليل إضافي على ذلك. وإلى هذا تنضم الخيبة من خسارة بيرني ساندرز (المتوقعة يجب القول) في برايمريز الحزب الديمقراطي. في حين ينظر كثيرون في اليسار الأميركي اليهودي وعموما، إلى ساندرز على أنه سيجلب مواقفهم إلى البيت الأبيض، فإن النظرة إلى جو بايدن هي أنه صيغة ملطفة من دونالد ترامب. تحوله إلى مرشح "اليسار" للرئاسة، وبعد ذلك انتصاره، شكلا أزمة بالنسبة إلى نفس الناشطين وأبقاهم بدون أهداف قابلة للتحقيق، ولا شخصيات يمكن التماهي معها بقناعة في السياسة القومية. في هذه الظروف نضجت الأرضية لتأثير حركات الاحتجاج الفلسطينية التي قدمت نظرة راديكالية تجاه واقع الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.
تقليص الصراع: كل شيء مرتبط بأقليات تتعرّض للملاحقة
انضمت إلى هذه النزعات قوى صاعدة وشعبية في الحزب الديمقراطي، وهي مستعدة لمهاجمة إسرائيل وتحدي السياسة الكلاسيكية للولايات المتحدة في الدعم غير المشروط لحليفتها الأهم في الشرق الأوسط. عضوتا الكونغرس رشيدة طليب وألكسندريا أوكسيو- كورتيز، وهما من أبرز منتقدي إسرائيل في الكونغرس الأميركي، تدّعيان بوضوح بأن إسرائيل هي نظام أبارتهايد وليست ديمقراطية، وطالبتا بتجميد الدعم الأمني الأميركي.
إنهما لا تقومان بذلك من أجل جرف أصوات عدد قليل من اليهود في اليسار الراديكالي بل تتوجهان إلى مجموعات مصوتين أخرى تدعم طروحاتهما. في منطقة تصويت أوكسيو-كورتيز، منطقة 14 في نيويورك، 4.5% فقط من أصحاب حق الاقتراع هم يهود، وذلك مقابل 11% من السود و50% من اللاتينيين. هؤلاء هم المصوتون الذين تحتاجهم عضوة الكونغرس مرة كل سنتين. ولكن ما شأن السود واللاتينيين في نيويورك، والسياسة الحازمة المعادية لإسرائيل؟
على الرغم من شعبية مقولة Free Palestine في الشبكات الاجتماعية، فإن النضال الفلسطيني لم يكن في مركز الأجندة الاجتماعية التي ألهبت أميركا في السنة الأخيرة. في الصيف الأخير حدث أكبر الاحتجاجات الشعبية في تاريخ الولايات المتحدة، وقد ألهبتها أحداث مثل قتل المواطن الأسود جورج فلويد برصاص شرطي أبيض. وفقا للعديد من الأبحاث فما بين 6%-10% من سكان الولايات المتحدة شاركوا في المظاهرات التي غيّرت الشكل الذي تعمل فيه الحركات التقدمية في الدولة وغيرت ميزان القوى.
اندلع النضال المهم لحراك Black lives matter (حياة السود م
همة) ضد واقع عنصري لا يطاق وجر خلفه جميع خلافات اليسار التقدمي. منذ هذه اللحظة باتت كل الصراعات مرتبطة بعضها ببعض وباتت كل الأقليات تتعرض للملاحقة. أكثر من أي وقت مضى تحولت كل مسألة متعلقة بالعدالة والأخلاق إلى مسألة أبيض وأسود، أقلية ملاحقة أمام أغلبية قامعة. كل أقلية محقة وكل أغلبية خطيرة.
كل أقلية يعني ما عدا الأقلية اليهودية. الخطيئة الأساسية لليهود بنظر اليسار الأميركي هي أن نضالهم كأقلية خلافا لسائر النضالات، نجح بشكل هائل. الحركة الصهيونية في أساسها حركة لتحرير اليهودي. وغالبية الحركات السوداء اليوم تحقق أهدافها في الشبكات الاجتماعية أساسا، ولا تنجح بالضرورة في مراكمة قوة جدية تغير قوانين اللعبة. أما الصهيونية في المقابل فقد نجحت. الأقلية المقموعة أقامت لنفسها دولة وفقدت بذلك من مكانتها كأقلية، وعلى نحو أوتوماتيكي فقدت مكانتها كـ"صاحبة حق".
إلى أين اختفى السلام؟
طمحت منظمات اليسار الراديكالي اليهودية في الماضي إلى قيادة خط يهودي متميز بالنسبة لإسرائيل داخل المؤسسات اليهودية. فشلها في إنشاء قوة تأثير دفعها إلى التعاون الآخذ بالتوسع مع حركات الاحتجاج الفلسطينية. يمكن رؤية ذلك في المشاركة البارزة ليهود في المظاهرات التي قادها فلسطينيون بشكل حصري خلال العملية الأخيرة، في الشبكات الاجتماعية، واستصعاب كثيرين التعبير عن تضامن أساس مع مواطنين إسرائيليين تحت رشقات الصواريخ.
إن أربع سنوات من "حكم التويتر" الذي مارسه دونالد ترامب قد قضمت من وظيفة هذه التوجهات. إن التطرف وتضييق حدود الخطاب الشرعي واللذين كانا بالنسبة للرئيس السابق ممارسة مركزية، أثرا على نحو هائل على السياسة العالمية. وثمة أفكار وأساليب عمل تم اعتبارها قبل سنوات قليلة مضت متطرفة تحوّلت من خلال تغريدات ترامب إلى معيارية.
نتيجة لذلك، خلصت جهات كثيرة في اليسار إلى أن الطريقة الوحيدة لمحاربة النار هي النار. مثلما دفع ترامب بالخطاب إلى التطرف فنحن يجب أن نفعل ذلك أيضا. لذلك لا تقولوا "إرهاب" بل "مقاومة"، لا تقولوا "صراع" بل "تطهير عرقي"، لا تقولوا "جدار أمني" بل قولوا "جدار أبارتهايد"، لا تقولوا "هجمات إسرائيلية في غزة"، بل قولوا "إبادة شعب".
ولكن، وهذه نقطة مهمة، كي تتغلغل هذه المصطلحات في صفوف اليسار اليهودي في الولايات المتحدة، كان يجب أن يغيب مصطلح آخر. وهو مصطلح تنازلت عنه أجزاء في اليسار الأميركي بما يخص فهمها للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي: مصطلح السلام.
قبل نحو سنة ونصف السنة ألغت أوكسيو- كورتيز مشاركتها في اجتماع منظمة "السلام الآن" الأميركية، حين فهمت أن الاجتماع يحيي ذكرى اغتيال إسحاق رابين. فرابين هو في النهاية رجل أبيض مسن، إرثه الأساس هو العنف ضد الفلسطينيين. أما كونه حائزاً على جائزة نوبل للسلام، وكونه اغتيل خلال محاولته تغيير الواقع في الشرق الأوسط فلم يسعفاه لتطهير اسمه.
المنظمات التي تبنت مصطلحات "تطهير عرقي" و"إبادة شعب"، اختارت بشكل واضح التنازل عن السلام كهدف سياسي أو كرؤية للعلاقات المطلوبة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحين يتم تقديم صراع مركب من خلال بنية مسطحة لقامعين ومقموعين فقط، لا تظل إمكانية للتحدث عن "سلام" بل فقط عن "نضال للتحرر".
أكبر الأخطار هو اللامبالاة
دفع اختيار اليسار اليهودي في الولايات المتحدة الجدل إلى التطرف، قد ينفجر في وجهه. بدلا من مراكمة إنجازات هامة وإنشاء تحالفات واسعة تتجاوز المعسكرات دعما لعملية سلام، فإنه يخاطر بإثارة ردود فعل عكسية خطيرة في صفوف اليمين، وفقدان "شركائه الطبيعيين" في اليسار الصهيوني في إسرائيل، وتعميق الفجوات بين اليهودي الإسرائيلي وبين يهود الولايات المتحدة، والمساهمة في تعزيز موجة اللاسامية العالمية. واللاسامية، كما هو معروف، حين تكتسب قوة تروح تجسّدها بأفعال وتميل إلى تجاهل المواقف السياسية لليهود.
على الرغم من التحليل القاتم أعلاه، فالواقع الراهن في صفوف يهود الولايات المتحدة يشكل أيضا فرصة كبيرة. لفهم ذلك يجب التذكّر بأن منظمات اليسار اليهودية ليست المشكلة المركزية لإسرائيل في صفوف يهود أميركا. مهما كانت مثيرة للغضب والسخط، وأحيانا حتى خطيرة، فإن الخطر الاستراتيجي على علاقة يهود الولايات المتحدة بإسرائيل هو بالذات لامبالاة معظم اليهود في الولايات المتحدة حيال الوضع المركب الذي تعيش إسرائيل فيه.
وفقا لبحث نشر قبل نحو سنة، فإن إسرائيل هي في أسفل سلم أولويات الناخب اليهودي الأميركي، وفي حين أن 90% من اليهود في الولايات المتحدة ينظرون إلى أنفسهم على أنهم "أنصار إسرائيل"، فإن نصفهم فقط يرون أن السياسة الأميركية نحو إسرائيل تشكل اعتبارا حاسما لشكل تصويتهم للرئاسة.
يعبّر نشطاء اليسار الراديكالي بطريقتهم عن انخراط أقل وفهم أقلّ لكون وجود إسرائيل يحمل تأثيرا كبيرا على حياتهم. وبالفعل فإن مواقفهم تنهل من الرغبة في العثور على موضع في حضن الحركة التقدمية في الولايات المتحدة التي تحظى بشعبية في الجامعات ولدى قادة الرأي العام في الثقافة الأميركية، وهذه الرغبة تعمي أعينهم أحيانا. ولكنهم على الأقل يعترفون بأن يهوديتهم ودولة إسرائيل غير قابلين للفكاك.
يوضح صعود اللاسامية فعلا أنه لا يمكن الفصل بين الهوية اليهودية وبين إسرائيل. سيكون هناك من سيحاولون ولكن هذه محاولات عقيمة. على الرغم من الألم والغضب يجب عدم إدانة الشباب الذين يجدون أنفسهم في حركات اليسار الراديكالي. يجب على دولة إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي مد يد العون لهم وتذكيرهم بأن إسرائيل رغم كل شيء ستظل بيتا لكل يهودي.
لوقف الدعاية والبدء بالإصلاح
هذا هو الوقت الملائم لنمو حركات جديدة وملهمة تتوجه إلى جماهير اليهود في أرجاء الولايات المتحدة، الذين ظلوا لا مبالين حيال الحاصل في إسرائيل. يجب التحدث مجددا عن الصهيونية كـ"مشروع تحرير"، يحمل أملا ويسعى للسلام. هذا هو الوقت لزيادة جهود الربط بين إسرائيل ويهود الولايات المتحدة والشتات عموما، وتقريب البعيدين وإحضار المزيد من اليهود وجعل العديد من اليهود يرون أن مصيرهم مرتبط بمصير دولة اليهود.
وكي يحدث هذا، يجب على اليهود الأميركيين الموافقة على كونهم "مختلفين" داخل الحركة التقدمية، والإصرار على الحفاظ على هويتهم المميزة كيهود وصهيونيين في واقع يتوقع منهم إنكار ذلك. لن يجدي المزيد من عمل "الدعاية". المطلوب هو العمل التربوي، الثقافي والسياسي، الذي يلائم المشروع الصهيوني مثلما بلوره بنيامين زئيف هرتسل، كمنارة قيميّة للعالم كله، وكمشروع تحرر قد نجح، بسبب أهدافه بعيدة المدى وبعيدة النظر بالذات.
من أجل دعم هذه العملية، يجب على اليهود الإسرائيليين وقف تسويق "عدالة درب" إسرائيل، والبدء بالعمل على نحو فعلي لتصحيح دربها – على مستوى الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني وفي مجالات الحياة الأخرى.
نعم، هذا يتطلّب تذكّر كلمة منسيّة – السلام. والتذكر بذلك أنه ما زالت هناك إمكانية لحل صهيوني للصراع، حل غير كامل لكنه قابل للتحقيق بصورة دولتين. لأنه مثلما قال إسحاق رابين "الحل الراديكالي الوحيد هو السلام".
******
(*) هذا المقال مترجم عن موقع جريدة الإنترنت "دفار". كاتب المقال باراك سيلع هو مدير برنامج "كهيلوت أحريوت" (مجتمعات مسؤولية) لمنظمة "هكهال" (الجمهور)، طالب للقب الثاني في برنامج رودرمان لدراسات يهود الولايات المتحدة في جامعة حيفا، عضو حركة "درور يسرائيل" (حرية إسرائيل)، والمبعوث المركزي، سابقاً، لحركة الشبيبة الصهيونية "هبونيم درور" (بناة الحرية) في شمال أميركا. ترجمة: هشام نفّـاع.
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, هبونيم, باراك, الوكالة اليهودية, دولة اليهود, اللاسامية