المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
رجال أمن في قمع تظاهرة في أم الفحم يوم 19 أيار الجاري.  (أ.ف.ب)
رجال أمن في قمع تظاهرة في أم الفحم يوم 19 أيار الجاري. (أ.ف.ب)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1514
  • ميخائيل شاليف *
  • ترجمة خاصة بـ"المشهد الإسرائيلي".

تشكّل المواجهات العنيفة في شوارع إسرائيل بين يهود وعرب ما يشبه التذكير الموجع بشدة الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني المستمر في الحياة الاجتماعية، السياسية والدينية لدينا. ولكن في هذا الوقت بالذات يجدر التفكير في الوظيفة التي تلعبها العلاقات الاقتصادية كوسيط وحتى كمحرّك لعلاقات الصراع والتعاون بين المواطنين اليهود والفلسطينيين. من ناحية تاريخية، دفع التنافس على أماكن العمل بمستوطني الهجرة اليهودية الثانية إلى إقامة الهستدروت كوسيلة لتحقيق مبدأ الفصل القومي على المستوى الاقتصادي والتنظيمي. ولكن في العقود الأخيرة، قامت قوى اقتصادية تعود أصولها إلى السوق وكذلك سياسة الحكومة بتوسيع نسيج العلاقات بين المجموعتين القوميتين، حيث تلتقيان أكثر فأكثر في مواقع التشغيل، إعطاء الخدمات والاستهلاك. والسؤال: أي ضوء يمكن أن تلقي به سيرورات الدمج الاقتصادي هذه على مستقبل العلاقات بين الأغلبية والأقلية؟

علينا ان نبدأ بعدد من المعطيات الأساسية. يعيش ما يزيد من 90% من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل في بلدات متجانسة يقطنها سكان عرب فقط، لكنهم مرتبطون بأشكال مختلفة بجهات اقتصادية خارج "المعزل" العربي. وكشف استطلاع تم إجراؤه العام 2017 عدداً من أحجام هذه التبعية. من بين من يعملون، ثلث المشغَّلين مباشرة يعملون لدى مشغل يهودي خاص. ربع العاملين في القطاع العام، يما يشمل المدارس وخدمات الصحة، معظمهم يخدمون المجتمع العربي، لكن قسما منهم يعملون في بلدات يهودية. أما سائر المجموعة السكانية العربية العاملة، فأكثر من 40% يعملون كمستقلين أو لدى مشغلين عرب. يمكن الافتراض بأن غالبية هذه المصالح ومحلات العمل تنشط في اقتصاد "المعزل"، ولكن في بعض الفروع المعينة (مثل البناء، المواصلات، التنظيف وإنتاج الغذاء) تعتمد أيضا أو بالأساس على زبائن يهود.

نشأ الدمج الاقتصادي الأساس بفضل مبادرات لعرب ويهود يعملون بدافع المصلحة الذاتية كمشترين أو بائعين لعمل أو لخدمات. وازدياد شدة السياسة الحكومية النيو ليبرالية منذ سنوات الثمانينيات، والتي أدت إلى عمليات الخصخصة، إزالة الرقابة (deregulation) وفتح السوق أمام الاستثمارات الأجنبية، وسّع من القدرة الكامنة على نشوء علاقات اقتصادية مباشرة بين المجموعتين القوميتين. بالإضافة إلى ذلك، نتيجة لتوسع الكليات وتوفر بدائل خارج إسرائيل، تحوّل التعليم العالي إلى مسار أقل ضيقا نحو الحراك الاجتماعي- الاقتصادي بالنسبة إلى العرب. ومع ذلك، ففي مجال السياسة العامة، كانت تلبية احتياجات المجتمع العربي هدفا هامشيا على الدوام. من ناحية ما يتم تعريفه في إسرائيل كـ"احتياجات قومية" مثل استيعاب الهجرة، زيادة القوة العسكرية وزيادة الحضور اليهودي في المناطق الطرفية، يعتبر العرب في أفضل الأحوال غير ذوي صلة وفي الحالات السيئة يشكلون أيضا عائقا. وقد اشتد الإهمال البنيوي لأسباب إضافية منها العزل الحيزي لغالبية العرب وهامشيتهم السياسية، وهو ما جعلهم غير مرئيين بالنسبة إلى متخذي السياسات الاقتصادية (وهذا عدا السياسة الموجهة نحوهم كمصدر قلق أمني أو تهديد لأهداف قومية)، أو عوضا عن ذلك جعلهم هدفاً سهلاً للتمييز في توزيع الثروات العامة.

توجّه جديد

برز خلال السنوات الـ15 الأخيرة توجّه جديد، على شاكلة سياسة موجهة على نحو صريح تهدف إلى رفع قيمة السكان العرب بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي. الخطوات النيو- ليبرالية التي تم اتخاذها في مطلع سنوات الألفين سعت إلى إجبار الفقراء (ومنهم الفقراء العرب) على الوصول إلى استقلال اقتصادي شخصي، بواسطة تقليص المخصصات واشتراط تلقيها بالاستعداد المثبت للعمل. التوجه الجديد، الذي لا يلغي التوجه السابق لكنه يعمل وفقا لمنطق آخر، وتم توجيهه عينياً نحو المواطنين الفلسطينيين، يستند على استثمار أموال عامة في مستقبلهم الاقتصادي وإلغاء التمييز في الميزانيات ضدهم. المحرك خلف هذا التوجه ليس إثراء مضمون المواطنة العربية بواسطة منح حقوق اقتصادية واجتماعية موسعة أو جديدة، مصدر الإلهام هو بالذات اقتصاديون كبار في المؤسسات الأكاديمية والوزارات الحكومية الذين لاحظوا مؤشرات على "حراكات من الأسفل" في التحصيل العلمي والدخل لدى أقسام من المجتمع العربي، واستوعبوا أهمية الإدراك الذي تطور منذ فترة طويلة في صفوف علماء اجتماع في إسرائيل: تمت إعاقة التقدم الاقتصادي للمجتمع العربي بالأساس بواسطة انعدام الفرص، وليس بسبب عوائق ثقافية وفقاً للزعم السائد. مع الأخذ بالاعتبار لمنالية التعليم العالي، أماكن العمل ذات الطابع القومي المحايد (مثل مجمع تجاري أو شركة هايتك دولية)، ومردود مالي كافٍ يبرر الخروج إلى العمل، فإن العرب - بما يشمل أمّهات في الحاضر والمستقبل - أظهروا استعداداً وحتى تحمساً للانضمام إلى قوة العمل وكذلك الدخول في وظائف خارج بلداتهم. في قسم من الحالات تبيّن الأمر على أنه بطاقة دخول إلى الطبقة الوسطى الآخذة بالاتساع في المجتمع العربي. في حالات أخرى كانت هذه عائلات عاشت تحت خط الفقر أو بمحاذاته، على الرغم من زيادة عدد العاملين فيها. فوفقاً للإحصاءات الرسمية العام 2018 (أكثر الإحصائيات تحديثاً إلى أن اندلع وباء كورونا) 45% من البيوت العربية معرّفة كفقيرة.

في شهر كانون الأول 2015، صادقت الحكومة بالإجماع على القرار الحكومي 922، وهو خطة خمسية تم إعدادها بمبادرة أمير ليفي، رئيس قسم الميزانيات في وزارة المالية، وأيمن سيف، رئيس سلطة التطوير الاقتصادي لـ"قطاع الأقليات". العلامة الفارقة الجديدة في القرار الحكومي 922، الذي تبنته حكومة إيهود أولمرت منذ العام 2007 ولكن لم يتم تطبيقه فعلياً، هو التشديد على مبدأ الدمج الاقتصادي. يختلف هذا المبدأ جوهريا عن روح الخطط ورزم الدعم التي تم توجيهها في السابق إلى المجتمع العربي. في السابق، كانت العناوين الرسمية هي تشجيع تطوير البلدات العربية وكان الهدف غير الرسمي هو زيادة حلاوة الحبة المرّة المتمثلة بانعدام المساواة الاقتصادية والمدنية. كان هناك عدد من العناصر الأساسية التي تم تشديدها في التوجه الجديد: (1) تحسين تحصيل وتأهيل العرب لكي يتحولوا إلى أكثر جاذبية من ناحية اقتصادية بالنسبة لمشغلين غير عرب، وخصوصا بواسطة منالية أفضل للتعليم العالي. (2) توفير وسائل مثل المواصلات العامة والحضانات النهارية العامة لتسهيل الوصول إلى أماكن عمل خارج البلدات. (2) وسائل لتحسين قدرة سوق العمل على الربط ما بين العرض والطلب، مثل ساعات عمل خاصة، تمويل خطط استشارة وتعزيز تفعّلها جمعيات لغايات غير ربحية، وكذلك تشجيع تجنيد العرب إلى قطاعات اقتصادية غير تقليدية مثل الهايتك.

إشكالية المجتمع العربي

من وجهة نظر وزارة المالية وقطاع الاقتصاد المهني المتخصص، إشكالية المجتمع العربي مماثلة لإشكالية المجتمع اليهودي الحريدي. زيادة المشاركة في العمل مقابل أجر، إلى جانب توجيه العمال إلى وظائف أكثر إثمارا وبأجور أفضل، اعتبرت حيوية لتفادي مستقبل يتحول فيه هذان الوسطان/ المجتمعان إلى عبء متزايد على النمو الاقتصادي والدين العام. ولكن الحريديم (والمقصود الكثير من الرجال) ليسوا هدفا واقعيا لخطط الإصلاح المطلوبة لأن رفضهم أعمق وقوتهم السياسية أكبر بكثير مما لدى العرب. من هنا فقد أملت الواقعية التمحور في المجتمع العربي. وباستيحاء نوع آخر من البراغماتية، حاول قسم الميزانيات في وزارة المالية (بنجاح جزئي فقط) وقف التمييز في الميزانيات بواسطة إدخال مبدأ مفاده أن على المجتمع العربي أن يتلقى جزءاً ثابتاً من مجمل الميزانية المخصصة لكل مجال، مثلا قياساً بحصتهم في مجمل السكان. لم يكن المحرك إحداث تفضيل إيجابي. ويمكن التخمين بأن المنظومة الجديدة كانت ضرورية بسبب الأهمية التي سادت في صفوف موظفي وزارة المالية لتحديد قواعد صرف صارمة لمنع محاولات مستقبلية من جهة حكومات أو وزارات حكومية لقضم خطوط هذه السياسة الاقتصادية المفضلة عليهم.

لشدة المفارقة، فحقيقة أن القرار الحكومي 922 لم يكن دافعه السعي إلى مساواة مدنية، شكل سرّ قوته. التوجه الذي ينص على أن التعامل النزيه والبنّاء مع المواطنين العرب ضروري لغرض استغلال قوتهم الكامنة للمساهمة في نمو الاقتصاد وخزينة الدولة، زرع بذورا لرؤية جديدة بخصوص الأقلية الفلسطينية في إسرائيل؛ ليس كمجموعة سكانية غريبة وخطيرة، بل كقطاع تم إهماله اقتصاديا وبات إشفاؤه حيويا لمستقبل الغالبية اليهودية. وما لا يقل أهمية عن ذلك، لأن وزارة المالية آمنت فعلا بهذا التفسير الاقتصادي لعلاقات الأغلبية والأقلية، فقد أخذت على عاتقها مسؤولية تجنيد متخذي القرارات الآخرين لهذا الهدف. تم تجنيد مناهل قوتها اللافتة للانطباع - التنظيمية، السياسية والمهنية –لإقناع الحكومة بالمصادقة على القرار 922 (والامتناع عن تحويله إلى مركز جدل وخصومات سياسية) ومن أجل الفوز بدعم كبار موظفي عدد أكبر من وزارات الحكومة. صحيح أنه لأسباب مختلفة (وأكثر تعقيدا مما ادعاه غالبية المؤيدين والمعارضين على حد سواء) فإن القرار الحكومي 922 أبقى عددا من المجالات الحاسمة خارج الإطار ولم يوفر الكثير مما تم التعهد به، غير أنه على الرغم من ذلك، هناك أهمية كبيرة لما وفره القرار من تعزيز لسيرورات عفوية من الاندماج الاقتصادي وكذلك كقوة مناقضة، وبالذات مؤسساتية، لفجوات القوة والمكانة المنغرسة عميقا في المجتمع الإسرائيلي ودولة إسرائيل.

لربما أن الأصداء القاسية داخل إسرائيل للتفاقم الأخير في الصراع مع الفلسطينيين تحت الاحتلال قد تمس بشكل بالغ بالخطاب الاقتصادي الأداتي الذي يبرر تحويل قسم أكبر من ثروات الدولة لمواطنيها الفلسطينيين. الأمر يتعلق إلى حد بعيد فيما إذا كانت حكومات اليمين المستقبلية ستوافق على الموقف - الذي سبق أن عبر عنه أيضا بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش- بأن الحراك الاقتصادي- الشخصي يشكل وسيلة هامة لصد معارضة المواطنين العرب لموقعهم الثانوي والخاضع في نظام الحكم والمجتمع في إسرائيل. وبنفس القدر، يتعلق الأمر أيضا بالدرجة التي يكون فيها المواطنون العرب مستعدين للتضحية في صراعات من أجل إحداث تغييرات في مكانتهم البنيوية. من السابق جدا لأوانه محاولة الإجابة على هذه الأسئلة الواسعة. مع ذلك، من شأن هذا أن يدفع قدماً بتفكيرنا إذا ما تذكرنا أنه أشبه بكل تغيير منهجي جديد في السياسة العامة، فإن بقاء القرار الحكومي 922 مشروط بصيانة ائتلاف من الداعمين، مثلاً هؤلاء اللاعبون الثلاثة:

سياسيون عرب. إن تجربة الماضي علمتهم الحذر من النوايا الكامنة خلف خطط اقتصادية فخمة، والتعامل بتشكيك مع التزام السلطات بتنفيذها فعلاً. وبالرغم من ذلك، فقد اقتنع النائب أيمن عودة في مرحلة مبكرة بمصداقية القرار الحكومي 922، ولاحقا معظم القيادة العربية – سياسيون، رؤساء سلطات محلية وبلديات، منظمات غير حكومية ومختصون – جميعهم انضموا لأنهم رأوا أن هناك شيئاً حقيقياً في الخطط ورغبوا في استغلال أفضلياتها. ولكن الأحداث التي شهدناها في الأسابيع الأخيرة نقلت على نحو طبيعي مركز الجدل لدى المواطنين العرب وقادتهم من الطموح إلى مساواة اقتصادية، نحو الطموح إلى عدالة سياسية، قومية ومدنية، وهذا وسط إبراز وتعزيز هويتهم الفلسطينية. وعلى نحو متوقع بما لا يقل عن ذلك، فإن المطالب القومية والسياسية التي طرحت وسوف تطرح يتم تفسيرها بسهولة من قبل يهود إسرائيليين كخيانة و"دعم إرهاب". هذا خليط قابل للانفجار على نحو محتمل.

مصالح تجارية يهودية. إن ما سيحدث لاحقا متعلق بتطورات تتجاوز الحلبة السياسية، بما يشمل المجال الاقتصادي. حين وصل التوتر بين اليهود والعرب في إسرائيل إلى ذروته السابقة في أكتوبر 2000، كان له بالتأكيد أثر أضعَفَ العلاقات الاقتصادية بين الطرفين. أما اليوم، هذه العلاقات غيرت ترتيبات واسعة، وهي أوسع وأكثر تفرعاً مما كان قبل عقدين. أكثر المؤشرات على ذلك هي ردود الفعل المختلطة على الإضراب ليوم واحد الذي أعلنته لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب، وشاركت فيه شريحة واسعة من المجتمع العربي بمن فيهم من يعملون لدى يهود. والانطباع أنه بدلاً من رؤية جدار صلب واحد من الرفض ونزع الشرعية، وصحيح أنه كان هناك مشغلون غضبوا على عمالهم وفصلوهم بشكل فوري، فإن آخرين ردوا بانضباط وحتى بتفهم، وسط الإقرار بالحقيقة البسيطة: إن مصالحهم التجارية لا يمكنها أن تصمد وتعيش بدون عمالهم العرب. (وبالطبع لا يعني هذا أن الأمر نفسه سيحدث مرة ثانية لو جرت إضرابات إضافية ليوم واحد أو صراعات متواصلة أكثر).

مؤشر آخر على المصلحة التجارية الاقتصادية للحفاظ على الدمج الاقتصادي، تمثل في التهنئة الثنائية، في عيد البواكير العبري وعيد الفطر الإسلامي، والتي نشرت باسم Business Roundtable Israel، وهي منظمة شاملة لطيف من المصالح التجارية الكبيرة في إسرائيل. وقد دعت في هذه التهنئة إلى الحفاظ على "النسيج المشترك ما بيننا على امتداد السنين".

وزارة المالية. إنها اللاعب الأخير بين اللاعبين الذين تتعلق بهم السياسة الاقتصادية أمام المجتمع العربي، والقائد الأساسي للقرار الحكومي 922. قبل نحو نصف سنة تم سلب صلاحية المستوى المهني في وزارة المالية بشكل علني وعلى نحو مهين من قبل رئيس الحكومة ووزير المالية، وهو ما أدى إلى استقالة ثلاثة من كبار مسؤولي الوزارة. إضافة إلى ذلك، وعلى خلفية التكاليف الكبيرة التي تكبدتها ميزانية الدولة بسبب فيروس كورونا والحرب في غزة، من شبه المؤكد أننا ندخل الآن إلى فترة من التقليصات الواسعة. على خلفية هذين التطورين، من المشكوك فيه ما إذا كانت لدى وزارة المالية رغبة أو قدرة على قيادة خطة خماسية جديدة حيث أن الخطة الحالية تنتهي في شهر تشرين الأول هذا العام.

وعلى خلفية مظاهر التضامن اليهودي- العربي الذي شهدناه في عدد من أماكن العمل والبلدات في إسرائيل في الأيام الأخيرة، هناك حاجة إلى تقديم ملاحظة أخيرة: إلى جانب مظاهر التآخي والفهم المتبادل، يبدو أن هناك إسرائيليين يهوداً كثراً يعتقدون أن المواطنين العرب قد "ذهبوا بعيدا". والمقصود ليس فقط إدانة من تصرف بشكل عنيف وزرع خراباً، بل بالذات من لم يفعلوا ذلك ولكنهم عبروا عن نقد شديد لممارسات القوات المسلحة والاستخباراتية المختلفة أمام الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر. وبكلمات أحد المشاركين في اللينش في بات يام والذي تم بث أقواله في التلفزيون: "العرب رفعوا أنفهم للأعلى أكثر من اللازم". يبدو أن مثل هذه المقولات مرتبط ليس فقط بالصراع القومي بمختلف جوانبه، وانما بالدمج الاقتصادي الذي أدى إلى ظهور المواطنين العرب في الفضاء اليهودي في أماكن غير متوقعة، مثلا: معلمون في المدارس أو جيران. وحدها الأيام القادمة ستدلنا فيما إذا كان هذا النوع من التجارب غير المخططة لمجتمع مشترك سيتبين كمنظومة تحسن الإنتاج التدريجي لمجتمع أكثر تعددية وأقل انغلاقا، أم أن ما سيحدث هو العكس، منظومة تحويلية تدفع بالتوتر اليهودي- العربي إلى ذروات جديدة.
______________________
(*) الكاتب هو بروفسور في علم الاجتماع والعلوم السياسية في الجامعة العبرية- القدس، ورئيس طاقم يبحث الحراك الاقتصادي- الاجتماعي لمواطني إسرائيل الفلسطينيين، في معهد فان لير وصندوق روزا لوكسمبورج. ترجمة خاصة بـ"المشهد الإسرائيلي".

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات