المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
يهود أثيوبيون  يصلون مطار اللد في آب 2013.  (أرشيفية)
يهود أثيوبيون يصلون مطار اللد في آب 2013. (أرشيفية)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 995
  • برهوم جرايسي

قال التقرير السنوي لـ "معهد سياسة الشعب اليهودي" التابع للوكالة اليهودية (الصهيونية) إن حركة الهجرة اليهودية إلى إسرائيل ومنها، توقفت تقريبا في العام الجاري 2020، باستثناء الأشهر الثلاثة الأولى منه، وذلك بفعل جائحة كورونا. ويضع التقرير تقديرات بشأن الهجرة في عدة اتجاهات، وطالما استمر انتشار الفيروس فهذه الحال ستستمر.

ويظهر من التقرير أنه منذ العام 2000 وحتى العام 2018، هاجر إلى إسرائيل 209400 يهودي من دول العالم، بينما هاجر من إسرائيل في ذات الفترة حوالي 192 ألف شخص. كما يقول التقرير مجددا، إن عدد اليهود في دول العالم يتراجع، بفعل الاندماج، وأن الزيادة الوحيدة مصدرها إسرائيل، وهم يعدّون اليوم ما بين 14.5 مليون إلى 14.8 مليون نسمة في كل العالم بما فيها إسرائيل.

وكنا قد استعرضنا جوانب سياسية في التقرير ذاته في عدد "المشهد الإسرائيلي" الأسبوع الماضي.

تعداد اليهود في العالم

يقول تقرير "المعهد" إنه على ضوء الجائحة العالمية، كان من الصعب وضع تقديرات جديدة، عن تلك التي طرحها في تقريره في العام الماضي 2019، عن العام قبل الماضي 2018، باستثناء تعداد اليهود في إسرائيل، الذين عددهم واضح بموجب إحصائيات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، الذي يحتسب عدد اليهود في إسرائيل، من دون المهاجرين منها.

وحسب التقرير فإن عدد اليهود في العالم، بحسب التقديرات، 14.8 مليون نسمة، ولكن بضمن هذا العدد، وعلى أساس تقارير سابقة، حوالي 300 ألف مختلف بشأن يهوديتهم في الولايات المتحدة الأميركية.

ففي إسرائيل وحدها كان حتى نهاية العام الماضي 2019، حوالي 6.77 مليون يهودي، ولكن هناك 425 ألفا آخرين مسجلين من دون دين، والغالبية الساحقة من هؤلاء يعتبرون أنفسهم يهودا، إلا أن المؤسسة الدينية اليهودية الإسرائيلية لا تعترف بيهوديتهم، ومنهم من يكافح من أجل الحصول عليها، وبعضهم يقرر خوض مسار ديني ليتهوّد.

لكن استمرار تنامي هذا العدد ولو بوتيرة ضئيلة، يشير إلى أن غالبيتهم الساحقة ترفض مسار التهويد القاسي وتحافظ على وضعيتها، وهؤلاء يمارسون حياتهم كما لو كانوا يهودا معترفا بهم؛ إلا أنهم يصطدمون بالمؤسسة الدينية حينما يقررون الزواج، إذ يضطرون لعقد زواج مدني خارج إسرائيل، تعترف به المؤسسة الحاكمة كعقد زواج. ولكن لا يوجد في إسرائيل قانون يسمح بإبرام عقود زواد مدني داخل إسرائيل.

ويؤكد "المعهد" أن رافد الزيادة الوحيد لأبناء الديانة اليهودية في العالم هو إسرائيل، وحتى أن زيادة عدد اليهود بالتكاثر الطبيعي في إسرائيل، لم تعد تسد حجم التراجع في أعداد اليهود في دول العالم. ففي حين زاد عدد اليهود في إسرائيل، حتى نهاية العام 2019، بنحو 109 آلاف شخص، مقارنة بالعام 2018، فإن عدد اليهود في العالم بما فيه إسرائيل ارتفع بنحو مئة ألف، وفق التقديرات.

وتتراجع أعداد اليهود في العالم بسبب عدة عوامل؛ الأول هو الزواج المختلط مع الأديان الأخرى، فبحسب الديانة اليهودية، اليهودي هو فقط من أمه يهودية، حتى لو كان والده من ديانة أخرى. وفي هذه الحالة فإن غالبية الأبناء من الزواج المختلط يبتعدون عن اليهودية إما لديانات أخرى، أو يبقون من دون ديانة، لأن من والده ليس يهوديا فعلى الأغلب يتجه نحو ديانة الأب، حتى في المجتمعات الغربية. ومن والده يهوديا، وأمه ليست يهودية، فإن المؤسسة الدينية ترفض الاعتراف بيهوديته. وتتراوح نسبة الزواج المختلط في دول العالم، ما بين 25% وحتى 70%، مقابل أقل من 5% في إسرائيل، قسم من هذه النسبة الصغيرة في إسرائيل يعود لزواج من اليهود الذين لا تعترف المؤسسة الدينية بيهوديتهم.

وعن أعداد اليهود في العالم، ففي المرتبة الثانية بعد إسرائيل تحل الولايات المتحدة الأميركية، التي فيها حسب التقرير 5.7 مليون نسمة. ولكن هذا العدد ورد بموجب تقديرات معهد "بيو" الأميركي، قبل حوالي خمس سنوات، ونقض الإحصاء السابق وهو 5.25 مليون نسمة، ولكن الإحصاء الأكثر تداولا هو 5.4 مليون أميركي يهودي. وحينما يذكر المعهد أن عدد اليهود في العالم 14.8 مليون نسمة، فإن هذا يستند على الإحصاء الأعلى بالنسبة للأميركان اليهود.

وفي المرتبة الثالثة تحل فرنسا التي فيها قرابة 455 ألف نسمة، وحتى قبل عشر سنوات كان في فرنسا 580 ألف فرنسي يهودي، وهذا التراجع يعود إلى نسبة تكاثر ضئيلة وزواج مختلط بنسبة عالية.

وفي المرتبة الرابعة كندا التي فيها قرابة 391 ألف نسمة، ثم بريطانيا- 290 ألفا، والأرجنتين- قرابة 181 ألفا، وروسيا- 172 ألفا، وألمانيا- 116 ألفا، وأستراليا- 113 ألفا، والبرازيل- 93 ألفا، وجنوب أفريقيا- 69 ألفا، وأوكرانيا- 50 ألفا، وهنغاريا- 47 ألفا، والمكسيك- 40 ألفا، وهولندا- 30 ألفا، وبلجيكا- 29 ألفا، وإيطاليا- 27500، وسويسرا- 18600، وتشيلي- 18300، والأورغواي- 16700. وينتشر 194 ألفا في دول مختلفة، في الشرق الأقصى وأفريقيا.

التكاثر والولادات في إسرائيل

يقول التقرير إن التكاثر الأساس لليهود في العالم هو في إسرائيل، بينما في غالبية دول العالم تتراجع أعدادهم، للأسباب التي ذكرت سابقا. ويشير التقرير إلى أن الهجرة إلى إسرائيل لا تؤثر كثيرا على زيادة أعداد اليهود فيها، كما تدل الإحصائيات التي نعرض بعضها هنا لاحقا، ولكن هذه الهجرة تحاصر إمكانيات الخروج من اليهودية وفق تعريفها الديني، وهم في إسرائيل، بمعنى الزواج المختلط.

وحسب ما ورد، فإن معدل الولادات لدى الأم اليهودية في إسرائيل ارتفع من 3.09 ولادة في العام 2018 إلى 3.16 ولادة في العام الماضي 2019، وفق إحصائيات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي.

نشير إلى أن الارتفاع الذي يدل عليه مكتب الإحصاء، وتقرير "المعهد"، مستمر منذ سنوات، وبات يقلص بقدر كبير الفجوة مع معدل الولادات لدى العرب في إسرائيل بفعل تطور المجتمع، إذ أن معدل الولادات لدى الأم العربية في إسرائيل في حدود 3.4 ولادة، وهناك تباين كبير في معدل الولادات لدى العرب بحسب المناطق الجغرافية، إذ أن معدل الولادات لدى الأم العربية في صحراء النقب جنوبا، في حدود 5 ولادات.

وما يرفع معدل الولادات لدى الأم اليهودية، هو المعدل الحاد في أوساط المتدينين المتزمتين، الحريديم، الذين وفق التقديرات باتوا أقرب إلى نسبة 16% من إجمالي اليهود في إسرائيل. فمعدل الولادات لدى الأم من جمهور الحريديم 7 ولادات، ولدى الحريديم الغربيين الأشكناز، المعدل قد يتراوح ما بين 7 إلى 9 ولادات، بينما لدى الحريديم الشرقيين، السفاراديم، فإن المعدل يتراوح ما بين 5 إلى 7 ولادات.

ويلي الحريديم، جمهور التيار الديني الصهيوني، الذي يشكل نسبة مشابهة للحريديم من إجمالي اليهود الإسرائيليين، وحسب التقديرات، فإن معدل الولادات لديه في حدود 4.5 ولادة، والمعدل الأعلى في هذا التيار هو لدى المستوطنين. بينما معدل الولادات لدى الأم العلمانية اليهودية ارتفع هو أيضا في السنوات الأخيرة، وقفز بقليل عن ولادتين للأم الواحدة.

وحسب أبحاث وتقديرات إسرائيلية، حول المستقبل الديمغرافي، فإن الفجوة بين نسبة التكاثر بين اليهود (1.9%) والعرب (2.4%) ستنتهي تدريجيا خلال عقد من الزمن، في حال استمر التراجع في معدل الولادات لدى العرب، واستمر الارتفاع لدى اليهود.

الهجرة إلى إسرائيل ومنها

كما ذكر، فإن العام الجاري شهد انخفاضا حادا في أعداد المهاجرين إلى إسرائيل، وأيضا منها، على ضوء جائحة كورونا. ويضع "المعهد" عدة احتمالات لمستقبل الهجرة إلى إسرائيل ومنها، ويقول إنه في ظل استمرار الجائحة من الصعب وضع تقديرات تكون الأقرب للتطبيق.

والاحتمالات التي يضعها "المعهد" أن تشهد إسرائيل في السنوات اللاحقة موجات هجرة أكبر، تشمل أولئك الذين كانوا يخططون الهجرة في هذا العام. وفي ذات الوقت يطرح احتمال أن يكون قسم من أولئك قد قرروا إلغاء الهجرة كليا، على ضوء حالة عدم الاستقرار في إسرائيل، ولهذا فيكون أفضل لهم البقاء في أوطانهم وأشغالهم، بدلا من الهجرة إلى واقع ليس واضحا بالنسبة لهم.

كذلك يرى التقرير احتمال حدوث ارتفاع في وتيرة العائدين إلى إسرائيل بعد أن هجروها منذ سنوات، من أجل الاستفادة من التأمين الصحي، الذي يكون بإمكانهم استعادته بعد مكوثهم 6 أشهر في إسرائيل، أو بعد مدة أقل مقابل دفع مبلغ ما.
وفي ما يتعلق بالهجرة من إسرائيل، فإن التوقعات في ذات الاتجاه، وهذا لأن الدول المفضلة على حملة الجنسية الإسرائيلية تواجه هي أيضا أزمات صحية واقتصادية، وبضمنها تقلص فرص العمل، لذا ففي الفترة المقبلة، حسب استنتاجات "المعهد"، لن يكون تحرك كبير في الهجرة في كلا الاتجاهين.

ويعرض التقرير ميزان الهجرة من العام 2000 إلى العام 2018، بمعنى عدد الذين هاجروا إلى إسرائيل ومنها في كل واحد من الأعوام الـ 19. ويذكر التقرير العام 2019، فقط بعدد الذين هاجروا الى إسرائيل، لأنه بموجب التعريف الإسرائيلي للهجرة من إسرائيل، فهو كل شخص غادر البلاد ولم يعد إليها ولو لزيارة شهر، خلال عام كامل. ولهذا، فإن عدد المهاجرين من إسرائيل في العام الماضي، سيصدر في العام المقبل.

واللافت أنه في مدى السنوات الـ 19، بمعنى بين العامين 2000 و2018، كانت موجات هجرة ضخمة نسبيا من إسرائيل، فاقت في بعضها عدد الذين هاجروا إليها، وبرز هذا الأمر في سنوات الألفين الأولى، خلال سنوات عدم الاستقرار الأمني، كانعكاس للعدوان الإسرائيلي على أنحاء الضفة وقطاع غزة.

ونرى في الرسم البياني الذي نشره تقرير "معهد سياسة الشعب اليهودي"، أنه من العام 2001 وحتى العام 2004 كان هناك انهيار ملفت في عدد المهاجرين إلى إسرائيل، من 47.4 ألف في العام 2000، إلى أقل من 24 ألفا في 2001، وفي كل سنة هبط العدد، وفي 2004 بلغ عدد المهاجرين إلى إسرائيل 6700 مهاجر.

وفي المقابل رأينا قفزة هائلة في عدد المهاجرين من إسرائيل، في العامين 2001 و2002 حوالي 19.5 ألف في كل واحد منهما، و16.3 ألف في العام 2003، و14.2 ألف في العام 2004، وفي هذين العامين الأخيرين فاق عدد المهاجرين من إسرائيل عدد الذين هاجروا إليها، وهذه سنوات الانتفاضة الثانية.

هناك عام آخر شهد ارتفاع عدد المهاجرين من إسرائيل عن عدد المهاجرين إليها، هو عام الأزمة الاقتصادية العالمية 2008، فقد وصل إلى إسرائيل 5200 مهاجر، وغادرها 8500 شخص.

وفي المجمل، منذ العام 2000 وحتى العام 2018، وصل إلى إسرائيل 290 ألف مهاجر، وهاجر منها قرابة 192 ألف شخص.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات