المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 733

لم يتوقع رئيس الحكومة الإسرائيلية الانتقالية بنيامين نتنياهو الضربة التي حملها له تقرير مراقب الدولة، وهو تقريره الأول، والذي كان عيّنه وسط انتقادات وتخوّفات من نوايا لتقليص وتسطيح مساءلة السياسيين في مسائل الفساد. هذا المراقب نشر الجزء الأوّل من التقرير السنويّ للعام 2019 والذي يعرض نتائج الرقابة على الأجسام التي تُخْضع للرقابة، في أسوأ توقيت بالنسبة للزعيم اليميني الاسرائيلي: انتشار وباء الكورونا. وذلك لأنه يتضمن فصلا خاصا عن القصور المتأصل لدى جهاز الحكم الإسرائيلي فيما يتعلق بالاستعداد لمواجهة أوبئة.

 


خلفية
في الصيف الماضي ثارت ضجّة في الإعلام بعد تصريح للمراقب متنياهو أنغلمان، أنه لن تكون هناك تحقيقات فساد تحت قيادته، مثل التحقيق الذي انتهى بإدانة زوجة رئيس الحكومة سارة نتنياهو في حزيران 2019، بتهمة استغلال خاطئ على نحو غير نزيه للسلطة إذ اعترفت ضمن صفقة ادعاء بأنها قامت بطلب خدمات طعام بشكل غير قانوني في مقر الإقامة الرسمي لرئيس الحكومة، خلافاً للأنظمة المتبعة. كان قد مضى حينذاك 4 أشهر على تعيين المراقب، وسط تنبؤات ومعلومات متفرّقة مفادها أنه يخطط لتقليص تحقيقات مكتبه بشؤون الفساد العام، والتركيز على دور المنصب التقليدي وغير الخلافي كمن يوجه فقط نقداً داخلياً مهذباً للجهاز البيروقراطي في الدولة، على حد وصف إحدى القنوات التلفزيونية. وجرى التركيز على أن أنغلمان، وهو أول مراقب دولة منذ ثلاثة عقود لم يشغل منصب قاضٍ في السابق، وجاء تعيينه بدعم من ائتلاف بنيامين نتنياهو اليميني، بعد مراقبين اثنين هما ميخائيل ليندنشتراوس ويوسف شابيرا، اللذين ركّزا على مراقبة فساد شخصيات الحُكم وسط دعم من جهات إعلامية ومنظمات غير حكومية مهتمة بالقانون وسلامة الحكم.

لتقرير الرسمي الإسرائيلي الموقّع من المراقب كشف عن سلسلة من حالات الإخفاق في استعداد وزارة الصحة للتأهب ومعالجة وتشغيل النظام الصحي في حال تفشي الأوبئة، وهي تعرض حياة المواطنين للخطر. أُجري التقرير في الفترة بين شباط وتشرين الأول 2019، قبل تفشي الفيروس، وتطرق الى أمراض معدية وخطيرة مثل الحصبة والإنفلونزا والإيبولا. خلاصة قول المراقب أثارت الغضب في مكتب رئيس الحكومة المؤقتة الذي أصدر بياناً حادّاً قال فيه:


"التقرير لا يمتّ بصلة لقضية فيروس كورونا فالعالم لم يشهد مثيلا لهذا الحدث خلال المئة عام الأخيرة بل لا توجد ولو دولة واحدة حول العالم كان بمقدورها التنبؤ أو الاستعداد لتفشي هذا الوباء. فيما يتعلق بجهاز الصحة، فرئيس الحكومة نتنياهو قد ساهم في تحقيق قفزة نوعية في أداء جهاز الصحة الإسرائيلي ليتربع ضمن قائمة أجهزة الصحة العشرة الأفضل عالمياً. وقد حسنت مضاعفة ميزانيات الصحة خلال السنوات العشر الماضية إلى حد كبير وضع جهاز الصحة الإسرائيلي". هذه المزاعم لا تصمد كثيراً أمام ما ورد في التقرير من تفاصيل، تُستعرض هنا.

خلل في استعداد وزارة الصحة وصناديق المرضى والمستشفيات لمواجهة الأمراض

مكتب مراقب الدولة أعلن على موقعه بيان نشر التقرير، وقال فيه إنه يولي "أهمّيّة خاصّة لتنفيذ الرقابة على مواضيع هيكليّة (بنيويّة) ذات استحقاقات وتأثيرات قوميّة واسعة. هذا التقرير يورد بالتفصيل عدداً من الأنشطة الرقابيّة البنيويّة". ويتابع: "في العام 2019، بدأ مكتب مراقب الدولة في إجراء فحص شامل حول كيفية استعداد جهاز الرعاية الصحية للتعامل مع الأمراض التي قد تسبب قدراً كبيراً من انتشار المرض وتسبب الضرر الشديد للصحة العامة، بما في ذلك وباء الإنفلونزا والحصبة والإيبولا. في تشرين الثاني 2019 تمت إحالة التقرير إلى الجهات الخاضعة للرقابة لتلقي ردها على ما ورد فيه وفي تاريخ 14.2.20 تم تقديمه إلى رئيس الحكومة. يوضح الوضع الذي ساد في الصين في كانون الأول 2019، قبل موعد نهاية أعمال المراجعة، الخطر الكبير الذي ينطوي عليه انتشار وباء الكورونا، وحتى موعد تقديم التقرير إلى رئيس الحكومة، لم يتم اكتشاف الفيروس في البلاد بعد".
وهو يؤكد أن "نتائج أعمال المراجعة أظهرت خللا في استعداد وزارة الصحة وصناديق المرضى والمستشفيات للتعامل مع الأمراض المتفشية والمستجدة. أظهرت أعمال المراجعة أنه وفقاً للسيناريو الذي توقعته وزارة الصحة، سيتسبب تفشي وباء الإنفلونزا في مرض 25ر2 مليون نسمة في إسرائيل (حوالي 25% من السكان)؛ ستكون الزيادة في المرض على مدى ثمانية أسابيع تقريباً، لتضيف حوالي 150 ألف مريض آخر وهم يحتاجون الى خدمات الاستشفاء في المستشفى، أضف الى ذلك حوالي 25 ألف مريض آخر وهم سيحتاجون إلى خدمات الاستشفاء في وحدات العناية المكثفة، وحوالي 12500 مريض سيحتاجون إلى التنفس الاصطناعي. حسب اللوائح والإرشادات للاستعداد للعمليات التي يجب أن تتخذ، لا توجد أية إشارة إلى عدد غرف العزل المطلوبة، وتجدر الإشارة إلى أن نظام الاستشفاء يرضخ تحت عبء كبير على مدار العام، وأقسام عديدة في المستشفيات العامة تعمل فوق طاقتها، وهناك نقص في أسرّة العناية المركزة".
ويتابع التقرير قائلا: "اتضح في أعمال المراجعة أنه لا توجد لدى وزارة الصحة خطة لسد النقص في الأسرّة في المشافي وفي الطواقم الطبية وفي المعدات في حالة تفشي إنفلونزا وبائية لضمان علاج مناسب للمرضى الكثيرين الذين سيحتاجون للمكوث في المستشفى في حالة تفشي هذا المرض. تنص خطة الاستعداد على أن كمية الأدوية المضادة للفيروسات يجب أن تكفي لـ 25% من السكان، لكن تبين في الفحص أن مخزون الأدوية يكفي فقط لـ 16% من السكان".

معارك صلاحيات ومسؤوليات
بين وزارتي الصحة والدفاع

أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى "تردد صدى المعركة الأخيرة بين وزارة الصحة ووزارة الدفاع" على حد وصف جريدة "غلوبس"، ودارت المعركة حول دور كل هيئة في إدارة الأزمة. تقرير المراقب أشار الى ضعف التعاون بين الوزارات الحكومية، وبينها وبين السلطات الأخرى فيما يتعلق بمعالجة الأوبئة. فقد كان ينبغي أن تسمح الاستعدادات لوباء الإنفلونزا، وهو حدث كان من المتوقع أن يتكشف بشكل مشابه تماماً لوباء كورونا، للوزارات الحكومية بتقسيم الصلاحيات مسبقاً. في حالات الأزمات والطوارئ في المجال المدني، عندما يكون هناك العديد من الضحايا ويقع ضرر فعلي للاقتصاد، فإن المسؤولية العامة عن تعزيز عمل مختلف الهيئات في الاقتصاد تقع على عاتق وزارة الدفاع.

وفقا للتقرير: تحضيرا لتفشي الوباء تقوم وزارة الصحة بالتنسيق مع مقر وزير الدفاع، وتحدد وزارة الدفاع سيناريو مرجعياً لتفشي الإنفلونزا في إسرائيل وتضع خططاً لنظام استجابة مثالي. في أوائل عام 2019، أرسلت وزارة الصحة سيناريو مرجعياً محدّثاً إلى وزارة الدفاع لفحصه واعتماده من قبل وزير الدفاع، ولكن بحلول تشرين الثاني 2019، لم يكن قد وافق عليه بعد. كذلك يشير التقرير إلى انعدام التعاون بين وزارة الصحة وهيئة الطبيعة والمتنزهات فيما يتعلق بالأمراض المنقولة عن طريق الحيوانات. فتفاصيل تفشي مرض الليشمانيا مثلا لم يتم الإبلاغ عنها بشكل كامل. وزارة الصحة لم تبلغ وزارة البيئة بتفاصيل الموقع الدقيق لتفشي المرض ولم يبلغ الجيش وزارة الصحة عن معظم حالات الإصابة بهذا المرض.

الصراع بين الجهات الحكومية تجسّده رسالة رسمية من وزارة الصحة، اختارت التأكيد على دور جهة أمنية محددة، ولكن ليس وزارة الدفاع ولا الجيش.

في التاسع عشر من آذار الأخير أصدر مدير عام وزارة الصحة موشيه بار سيمان طوف رسالة رسمية جاء فيها: "أتقدم بالشكر لكافة قوات الأمن الإسرائيلية: الشاباك، الموساد والجبهة الداخلية على المساعدة التي يقدمونها في أزمة الكورونا. وكل ذلك يجري بإشراف مجلس الأمن القومي الذي يركز ويتابع الأحداث من خلال مكتب رئيس الحكومة. لقد تسلمنا هذا الصباح أجهزة ومجموعات فحص مهمة وسليمة للاستعمال تتيح لنا إجراء فحوصات الكورونا اللازمة. أتقدم بجزيل الشكر للموساد ورئيسه، يوسي كوهين، على المساعدات التي يقدمونها لنا. نحن مستمرون في البقاء على تواصل مع الموساد من أجل الحصول على المزيد من المعدّات الضرورية. إننا نخوض حرباً، وفي الحرب علينا أن نتكاتف ونوحّد قوانا من أجل الانتصار.
دولة إسرائيل تستخدم كافة إمكانياتها ووسائلها المتاحة، وكل قواها وأدمغتها من أجل التعاون ومجابهة هذا التحدي الخطير والعظيم الذي يواجهنا. كلي ثقة بأن تجندنا وتكاتفنا جميعاً سيثمر ويمكّن الدولة من مجابهة تحدي الكورونا".

للتذكير، فقد كانت ترددت أخبار عن أن جهاز المخابرات "الخارجية" الإسرائيلي "الموساد"، قام بعمليات سرية لجلب كميات كبيرة من المستلزمات الطبية لمواجهة فيروس كورونا. وقالت وسائل الإعلام إن "الموساد" أحضر شحنة من المستلزمات الطبية من إحدى الدول الأجنبية، دون ذكر اسم الدولة. تلك الشحنة اشتملت على "27 جهاز تنفس صناعي و10 ملايين كمامة طبية وعشرات آلاف الأطقم لفحص فيروس كورونا". وقبل ذلك كان قد كشف عن قيام "الموساد" بشراء مستلزمات طبية من الخارج. والجدير بالذكر أن نتنياهو كان قد كلّف لجنة يترأسها رئيس "الموساد" يوسي كوهين بشراء المعدات من دول العالم.

النقص الشديد في ميزانية الصحة هو
سبب عدم الاستعداد لمواجهة الوباء

 

تقرير مراقب الدولة يشير أخيراً إلى أن النقص الشديد في ميزانية الرعاية الصحية هو السبب في عدم الاستعداد لمواجهة الوباء. فوزارة الصحة ووزارة المالية لم تضعا آلية متفقاً عليها لتحديث ميزانية سلة الصحة العامة لوزارة الصحة، بما في ذلك الطب الوقائي. ويتابع: آمل أن يكون هذا الفصل من التقرير، الذي كما ذكر قد وُضع قبل اندلاع انتشار الكورونا في إسرائيل، قد ساعد على اتخاذ أفضل القرارات وساهم في إعداد وزارة الصحة والحكومة الإسرائيلية لمنع انتشار الفيروس في إسرائيل، وأنه الآن، مع نشره، سيزيد الوعي العام بضرورة الامتثال للمبادئ التوجيهية المسموح لك بها، كتب مراقب الدولة.

وفي حين تتفاخر صناديق المرضى (العيادات الطبية) بالاستجابة عبر الإنترنت للتوجهات التي يقدمها المرضى الذين يرغبون في تجنب الحضور الى العيادات، خوفاً من الإصابة بالكورونا أو لأنهم في عزلة، فإن تقرير مراقب الدولة يتناول هذه القضية ويذكر أن العيادات ليست جاهزة لتقديم رد رقمي بالقدر الذي قد يكون مطلوباً خلال تفشي وباء، والذي يقدر بـ 12000 استفسار يومياً. في هذه المرحلة، يبدو أن الأموال المخصصة توفر استجابة رقمية جيدة للوباء، ولكن المزيد من الأعباء في المستقبل قد تشكل تحدياً قاسياً.

فيما يتعلق بالإنفاق القومي المتدني على الصحة يبرز التقرير عدم كفاية أجهزة الاستنشاق التي تحتوي على الأدوية وعدم وجود سياسة راسخة للتطعيم، وأنه لم يكن لدى الدولة ما يكفي من الأدوية المضادة للفيروسات. وفي حين أن بعض الاستعدادات للإنفلونزا ليست ذات صلة بالكورونا، نظراً لأن الأدوية واللقاحات لم تكن متاحة مسبقاً، فإن الإنفلونزا الوبائية لا تزال تشكل تهديداً يمكن أن يفاجئنا بعد أزمة الكورونا، يقول المراقب، أو حتى في هذه الأثناء. تنص الخطة المرحلية على أن الأدوية المضادة للفيروسات يجب أن تكون متاحة لـ 25% من السكان. في الواقع، خلال كتابة التقرير، كان لدى الدولة احتياطيّات كافية لـ 16% فقط من السكان. وفي ردها على مراقب الدولة، زعمت وزارة الصحة أن النقص كان بسبب نقص الميزانية.

أما بالنسبة لأجهزة الاستنشاق التي تحتوي على الأدوية المضادة للفيروسات، فقد قدمت وزارة الصحة أجهزة الاستنشاق للنساء الحوامل، ولكن وفقاً لتقرير المراقب، فقد انتهت صلاحية الدواء قبل بضع سنوات. في إجراء خاضع للرقابة أجرته الوزارة، وبعد اختبار المادة الفعالة في أجهزة الاستنشاق، مددت صلاحية الدواء من وقت لآخر، ولكن وفقاً للتقرير، لم يتم اختبار سلامة وصلاحية أجهزة الاستنشاق نفسها. وزارة الصحة زعمت أنها لا تملك من الناحية الفنية القدرة على اختبار البلاستيك على هذه الأجهزة، ولكن اختبار تشتت المواد يشير بشكل غير مباشر إلى التشغيل الصحيح لجهاز الاستنشاق.

فيما يتعلق باللقاحات، تنص تعليمات المدير العام لوزارة الصحة، بشأن الاستعداد للإنفلونزا الوبائية، على أنه بمجرد توفر اللقاح المحدد لسلالة الوباء، ستقوم شركة "سرئيل" وصناديق المرضى بعملية شراء مركزة. وبالتالي يجب تطعيم السكان حسب الأولوية المحددة في التعميم. عين المدير العام للوزارة لجنة توجيهية في عام 2018 لاختبار إنشاء مصنع لقاح ضد الإنفلونزا، وتقرر أن إنشاء مصنع سيكون أفضل من الشراء وأن الأمر سيستغرق ست سنوات. وفي مناقشة اللجنة التوجيهية في كانون الثاني 2019، تم تناول الحصول على بدائل من مؤسسة حكومية أو خاصة، لكن لم يتم التوصل إلى قرار. تم الاتفاق على أنه يجب دفع الأمر أمام وزارة المالية ووزارة الاقتصاد، وبدأت وزارة الصحة في دفع فكرة إمكانية إنشاء مصنع في إسرائيل مع مجلس الأمن القومي في أيلول 2019، ولكن لم يتم وضع خطة منتظمة - لا حول كيفية التطعيم في غياب مصنع مستقل، ولا حول أولويات السكان للتطعيم.

لقد عنونت صحيفة "هآرتس" عددها الصادر يوم الأحد الأخير كالتالي: "انخفاض في عدد فحوصات الكورونا بسبب النقص. الجهات المهنيّة: لن ننجح فيما وضعناه من أهداف"، وهو ما يؤكد القصور الكبير في الاستعدادات الحكومية كما يقول تقرير الرقابة، ومدى الخواء في تعقيب بنيامين نتنياهو الوارد أعلاه في مطلع المقال.

الإخفاق في علاج مرض الحصبة: 4000 مريض و3 قتلى واكتشاف متأخّر للمرضى!

يقول تقرير مراقب الدولة في إسرائيل إن وزارة الصحة لم تضع "نظرية قتالية" مرتبة بشكل كافٍ لعلاج الحصبة والأمراض الوبائية الأخرى. وأضاف أن "وزارة الصحة وضعت تعليمات فقط لبعض الأمراض مثل وباء الإيبولا والجمرة الخبيثة والجدري". جميع الأمراض الأخرى كان لها استعداد عام مشترك وتم إصدار التعليمات في منشور الرئيس التنفيذي، ولكن ليس "نظرية قتالية" المخصوصة.

فيما يتعلق بعلاج الحصبة، وهو مرض بدأ في الارتفاع في إسرائيل في السنوات الأخيرة بعد أن كان قد اختفى تقريباً، تم العثور على تحقيقات وبائية ضعيفة في التقرير. وقال: في 57% فقط من الحالات بدأت التحقيقات في غضون 48 ساعة. هذا ليس مجرد إخفاق إجرائي، بل إخفاق له آثار صحية حقيقية. و"مع تأخر التحقيق، فإن النظام الصحي يتأخر في الوصول إلى من يتعرض له، وهناك قلق من أنه سيصيب الآخرين".

وهو يؤكد أن الحصبة، وهي مرض لا يذكر نسبياً (9 مرضى فقط في عام 2016)، أصبحت خطراً كبيراً في السنوات الأخيرة. أصيب أكثر من 4000 شخص في 2018-2019، ذهب حوالي 10% منهم إلى المستشفى وحوالي 4% كانوا يعانون من مضاعفات تتعلق بالالتهاب الرئوي والتهاب السحايا. وتوفي ثلاثة من المرضى.

إسرائيل تحتل المرتبة السابعة في العالم بإصابات الحصبة

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تحتل إسرائيل المرتبة السابعة في العالم من حيث نصيب الفرد من الحصبة. وكان ورد في بيان رسمي للمنظمة في نيسان 2019 أنه "على مدار الأشهر الأخيرة حدثت أيضاً ارتفاعات مفاجئة في أعداد الحالات في البلدان التي ترتفع بها معدلات التغطية بالتطعيم بوجه عام، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية علاوةً على إسرائيل وتايلاند وتونس، حيث انتشر المرض بسرعة في صفوف مجموعات المواطنين غير الحاصلين على تطعيم". وارتباطاً بتقرير المراقب الإسرائيلي يجدر التنويه إلى ما جاء في البيان المذكور إذ "توصي المنظمة باتباع نهوج مصممة خصيصاً تضمن أن تلبي خدمات التطعيم احتياجات الجميع – مع التأكد من إتاحة الوصول للعيادات في جميع المناطق، وفي الأوقات المناسبة، ولكل فئات السكان، ولا سيما من يواجهون تمييزاً وحرماناً منهجيين".

للمقارنة مع مواقع أخرى ولفهم الصورة الراهنة للمرض وجهود الدول للوقاية منه، فوفق منظمة الصحة العالمية في تقرير لها عام 2018 ارتفع عدد المصابين بالحصبة في "منطقة أوروبا" المكونة من 53 دولة بينها إسرائيل وروسيا وتركيا أيضاً، خلال العقد المنصرم. وبحسب أرقام المنظمة تضاعف عدد الإصابات إلى ثلاثة أضعاف خلال عام واحد. ومقارنة بعام 2016، الذي سجل أقل حالات إصابة، يرتفع العدد إلى 15 ضعفاً. هناك أكثر من 100 ألف شخص يموتون كل عام بسبب أمراض الحصبة، إذ يمكن لهذا الفيروس أن يهاجم الدماغ ما يجعله خطراً على حياة البشر. غالباً ما يهاجم الفيروس الأطفال تحت سن الخامسة والبالغين فوق 20 عاماً.

أكثر عدد من الإصابات سُجل في أوكرانيا، إذ بلغ 53 ألف إصابة، و2000 بصربيا، و2919 بإسرائيل، 2913 بفرنسا، 2256 بروسيا، 2517 بإيطاليا، 2203 بجورجيا، 2193 باليونان. وعلى الرغم من الارتفاع غير المسبوق في عدد التطعيمات ضد الحصبة خلال العام الماضي، لكن الأمر ليس كافياً، كما تقول مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية سوزانا ياكاب. وتضيف بالقول: "يجب أن نبذل المزيد من الجهود لحماية كل فرد في المجتمع من هذه الأمراض التي يمكن تجنبها بسهولة".

أشار تقرير مراقب الدولة بشكل إيجابي إلى معدلات التطعيم ضد الحصبة في إسرائيل، ولكنه يشير أيضاً إلى "جيوب غير مطعّمة" يمكن أن تسبب الوباء. كان حوالي نصف مرضى الحصبة معارضين لتلقي لقاحات لهم ولأطفالهم. أي أن حوالي نصف المرضى لم يكونوا معارضين لتلقي اللقاحات، ولكن تم تطعيمهم بأنظمة المناعة الضعيفة. بين السكان الذين لم يتم تطعيمهم بالحصبة، سيصيب الشخص المريض في المتوسط 18 شخصاً آخر. فعالية اللقاح هي 93% بعد جرعة لقاح واحدة و97% بعد جرعتين. حتى لو لم يمنع اللقاح المرض، فإن شدته أقل. لا يوجد علاج حالياً للحصبة، و30% من المصابين بالمرض ستكون لديهم مضاعفات، عادةً عند الأطفال الصغار. يعاني طفل واحد من بين 600 طفل، وطفل واحد من بين 1400 من الأطفال الأكبر سناً، من انهيار في الدماغ والجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى الإعاقة التراكمية والوفاة في نهاية المطاف. يبدأ التدهور بعد سنوات من شفاء الطفل من المرض.

وفقا للمراقب، فإنه على الرغم من زيادة الإصابة المرض، فإن الطريقة التي يعالج بها المرضى لم تتطور- على سبيل المثال، لم يتم تحديد ظروف المستشفى والعزلة بشكل منتظم، ولم يتم اتخاذ أي خطوات ضد جيوب عدم التطعيم. بالإضافة إلى ذلك، لم يتم تحديد العوامل المسؤولة عن الاستجابة لتفشي الحصبة وواجهاتها. ولم يتم تحديد طريقة الإبلاغ عن تفشي المرض، ولم تتم كتابة أية إرشادات عامة لمنع انتشار المرض عند الضرورة. والنتائج واضحة في الميدان. على سبيل المثال، لم يتم إجراء تحقيقات وبائية بشكل صحيح بسبب عبء العمل أثناء تفشي المرض. لم تتم زيادة القوى العاملة في منطقة القدس حيث تفشى المرض، ولم يكن هناك معيار لعدد الممرضين الوبائيين في المنطقة. على سبيل المثال، هناك نقص في ممرضات رعاية الأم والطفل مقارنة بالمعدل العام في 13 من أصل 15 منطقة وضاحية. وتقول جمعية أطباء الصحة العامة إن "التوظيف الفعلي لمعايير التمريض في مراكز رعاية الأم والطفل هو 77%، وفي بعض المناطق، مثل منطقة القدس، انخفض إلى نسبة 44%! أما خدمات صحة الطلاب، التي تمت خصخصتها وخفضها، فهي أسوأ من ذلك كثيراً".

 

 

 

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات