المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 682
  • هشام نفاع

يشهد كل يوم تطوّراً في إسرائيل أمام الخوف من فيروس كورونا، وهو الذي كان بدأ مع تبيّن وجود مسافرين إسرائيليين مصابين على متن السفينة اليابانية السياحية "دايموند برنسيس"، التي كانت فرضت عليها السلطات اليابانية حجراً صحياً. وقد وصل فجر الجمعة الماضي 11 إسرائيلياً كانوا على متن السفينة تم إخضاعهم للحجر الصحي لأسبوعين في وحدة خاصة أقيمت في مستشفى شيبا تل هشومير بالقرب من تل أبيب.

وتصاعد الخوف أكثر مع وصول التقرير من كوريا الجنوبية بشأن 9 سائحين من مجموعة سيّاح تواجدت في إسرائيل وقامت بجولة في بعض المواقع الشهيرة بالبلاد بين التواريخ 8 و15 شباط الحالي، والذين تم تشخيصهم كمرضى بالكورونا بعد عودتهم إلى سيئول. واتخذ الأمر صبغة الأزمة الدبلوماسية بهذه الدرجة أو تلك، حين قامت هيئة مطارات إسرائيل بإرجاع حوالي 180 كوريا جنوبيا إلى بلادهم بعد أن تقطعت بهم السبل في إسرائيل، عندما أوقفت الرحلات الجوية بين البلدين بسبب مخاوف من تفشي فيروس كورونا.

وكان موقع "واينت" الإخباري ذكر يوم الأحد أن إسرائيل فحصت إمكانية وضع نحو 200 زائر من كوريا الجنوبية في حجر صحي داخل قاعدة عسكرية، في إشارة إلى مجموعة مختلفة فيما يبدو، لكنها عادت وأرجعتهم الى بلادهم. سلطات إسرائيل صرّحت رسمياً أنها ستمنع السفر من كوريا الجنوبية وإليها بعد زيادة الإصابات بفيروس كورونا هناك.

في هذه الأثناء تم الإعلان عن مزيد من الدول التي سيُمنع السفر منها وإليها. وبعد أن كان وزير الداخلية الإسرائيلي آرييه درعي قد قال إنه أمر بإضافة كوريا الجنوبية واليابان إلى قائمة دول آسيوية تحظر إسرائيل السفر منها وإليها والتي تضم أيضا الصين وتايلاند، تمت إضافة دول جديدة الى القائمة هي هونغ كونغ، ماكاو، سنغافورة، اليابان وأستراليا. وذكرت إذاعة الجيش "غالي تساهل" صباح الاثنين أن السلطات تدرس فرض إجراءات استثنائية على السفر من وإلى إيطاليا، حيث تجاوز عدد حالات الإصابة الـ130، وأمرت السلطات في منطقتين شمالها بإغلاق المدارس والجامعات لمدة أسبوع على الأقل كما أغلقت المتاحف ودور السينما وألغت اليومين الأخيرين من مهرجان مدينة البندقية.

وزارة الصحة الاسرائيلية قالت في آخر بيان لها: بدءاً من يوم الإثنين صباحاً سيتم منع دخول أولئك الذين ليسوا مواطنين أو قاطنين في إسرائيل والذين تواجدوا في كوريا الجنوبية واليابان في الأيام الـ14 قبل وصولهم إلى إسرائيل. بالإضافة لذلك فمن تواجد في تايوان، إيطاليا أو أستراليا في الأيام الـ14 الأخيرة وتظهر لديه أعراض مرضية، عليه اتباع تعليمات الوزارة والخضوع للفحص.

الوزارة تؤكد أن تحري الوباء لتحديد الأماكن التي لامستها هذه المجموعة في إسرائيل ما زال مستمراً. وعند ظهور أعراض يجب التوجه لطلب المساعدة الطبية بحسب التعليمات التي في موقع الوزارة. يشار إلى أن وزارة الصحة كانت أعلنت أنها أمرت نحو مئتي تلميذ بملازمة منازلهم لمدة 14 يوما بعدما تبيّن أنهم كانوا على تواصل مباشر مع السيّاح الكوريين الجنوبيين.

الوزارة كانت قالت في أوّل تطرّق للقضية قبل أسبوعين: حالياً، لم يتم تشخيص فيروس الكورونا الجديد في إسرائيل! لذلك، فإن سياسة وزارة الصحة هي محاولة منع الفيروس من دخول إسرائيل، وإذا كانت هناك حالات مرضية - منع العدوى المحلية. لذلك، أوصت وزارة الصحة بإغلاق المعابر الحدودية لأولئك الذين مكثوا في الصين، تايلاند، هونغ كونغ، سنغافورة، ماكاو حتى 14 يوماً قبل وصولهم إلى إسرائيل، وأمرت بعزلٍ منزلي لأولئك الذين دخلوا إسرائيل وبقوا في الصين، تايلاند، هونغ كونغ، سنغافورة، ماكاو لمدة 14 يوماً قبل الدخول. تتابع وزارة الصحة هذا الحدث منذ بدايته، وكانت على اتصال بمنظمة الصحة العالمية ومع السلطات الصحية في جميع أنحاء العالم، وأصدرت توجيهات لنظام الصحة والجمهور الواسع للتعامل مع وصول الفيروس المحتمل إلى إسرائيل، وتحديثها وفقاً للمعلومات المجمعة عن المرض والفيروس. النظام الصحي جاهز لتحديد الحالات المشبوهة وعزلها وتشخيصها وعلاجها. يُسمح بالدخول إلى إسرائيل لأي مواطن أو مقيم إسرائيلي. يتم منع دخول غير المواطنين أو المقيمين في إسرائيل والذين مكثوا في الصين لمدة 14 يوماً قبل وصولهم.

وعود بالعمل على اختراع لقاح مضاد ومخاوف من "انتقامات" دبلوماسيّة

على المستوى السياسي أعلنت رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "أوعز للمعهد البيولوجي في إسرائيل بالعمل على انتاج لقاح ضد الفيروس وإنشاء شبكة تلقيح". وعقد نتنياهو، صباح الأحد، جلسة مشاورات إضافية حول إمكانية تفشي الوباء في إسرائيل بمشاركة وزراء ومديري مستشفيات ومدعوين آخرين، وذلك بدلا من الجلسة الأسبوعية للحكومة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت موقع "آي-24" الإخباري العبري أن وزارة الخارجية الإسرائيلية قدمت لوزارة الصحة رؤيتها بشأن السؤال: إلى أي حد من الممكن للقيود الحالية على دول آسيا بسبب كورونا أن تؤثر وأن تسبب ضررا ديبلوماسيا؟ لكن وزارة الصحة تجاهلت التوصية. وذكرت تقارير إسرائيلية أن المخاوف لدى وزارة الخارجية هي من أن تقوم الدول الآسيوية "بالانتقام" من إسرائيل دبلوماسيا بسبب تحذيرات وزارة الصحة- وهي تحذيرات لم تصدرها أية دولة أخرى.

وأشارت التقارير إلى أن وزارة الزراعة الإسرائيلية تحاول منع رحيل العمال في قطاع الزراعة من تايلاند والذين تنتهي عقودهم بالبلاد من أجل منع إلحاق ضرر في قطاع الزراعة. وتقول وزارة الصحة إن الهدف من تعليماتها هو تقليل عدد المسافرين حتى لا يتسبب بانتشار المرض في البلاد. ونقلت هيئة البث الرسمية "كان" عن مسؤولين من مجال السياحة يقدرون أن 1500 حتى 2000 شخص يصلون من الشرق الأقصى يوميا ويدخلون إلى العزل خشية من انتشار مرض كورونا في البلاد. وفي أعقاب تقليص وإلغاء الرحلات من الشرق الأقصى، فان شركة "إل عال" الإسرائيلية ستضطر الى فصل عمال.

صحيفة "هآرتس" كانت توقفت في افتتاحية لها عند شكل المواجهة المطلوبة مع المرض، قبل ظهور الحالات العينيّة ومخاطر التفشي. وذكّرت بأن "إسرائيل نجحت في الماضي في التصدي لأوبئة وأزمات مرضيّة. ففي العقد الأخير فقط كان الجهاز الصحي مطالبا بأن يتصدى لانتشار انفلونزا الطيور، شلل الأطفال، الحصبة وغيرها من الأمراض التي تعرض الصحة العامة للخطر. أما الآن فهي تقف قيد الاختبار امام فيروس الكورونا. السؤال فيما إذا كان الفزع لدى الجمهور حول انتشار الكورونا في إسرائيل وفي العالم مبالغا فيه لم يحسم بعد، كون فوارق المعلومات كبيرة والمسائل الطبية حول الفيروس لا تزال مفتوحة".

وخلصت الى أنه "بالذات بسبب انعدام اليقين فإن إسرائيل مطالبة بأن تستعد للسيناريو الأخطر". فقد قبلت وزارة الصحة استنتاج الخبراء الذين قرروا أن وصول الفيروس الى البلاد "هو أغلب الظن مسألة وقت فقط". وإضافة إلى ذلك، أعلنت الوزارة عن الكورونا كمرض معد وخطير، وأصدرت مراسيم تمنح الوزارة الصلاحيات لاتخاذ وسائل متنوعة لمنع انتشاره. وبالتوازي تعمل الوزارة على إرشاد الجمهور.

لكن الصحيفة ذهبت أبعد من الظرف الراهن مؤكدة أن "القسم الأهم من الاستعداد يعتمد على وجود بنى تحتية مناسبة، خطط مفصلة ومناورات لسيناريوهات الطوارئ في الجهاز الصحي وخارجه. وكلما مر الوقت ظهر النقد وانكشف الإهمال عديد السنين في جهاز الصحة العامة الى جانب مواضع خلل مختلفة ومقلقة". وبين مكامن الخلل التي أشارت إليها: الاستعدادات الناقصة في مطار بن غوريون، الذي تنقصه وفقاً لمصادر مهنية، البنى التحتية الحيوية لتنفيذ فحوصات للكورونا وإدخال المرضى المحتملين في العزل؛ غياب خطة عمل مرتبة في الموضوع بسبب نقص المعلومات ومخاوف أطباء العائلة في المجمعات الجماهيرية؛ الأداء غير المضمون لقطارات إسرائيل والمواصلات العامة بشكل عام؛ ضعف الخدمات الضرورية، جهاز التعليم، وانتهاء بجاهزية الاقتصاد لوضع تلزمه الكورونا بالعزل والإغلاق.

وزارة الصحة أعلنت تأسيس منظومة هاتفية للوشاية

الكاتبة سريت روزنبلوم أشارت في مقال لها بصحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى تصاعد حالة الهلع الناجمة عن قلّة المعلومات والنقص في المعرفة والتوعية. فكتبت أن "المزيد والمزيد من الأسئلة التي ليس لها جواب برزت في الأيام الأخيرة. في أي ظروف يتعين على المسافرين العائدين العيش؟ هل من المسموح لهم الاتصال بأبناء عائلاتهم، وماذا سيكون مصير العائلات التي سبق أن تعرضت لذلك؟ هل هي ملزمة أيضا بالعزل؟ إن انعدام اليقين حول كل هذه المسائل يولد ردود فعل متطرفة ولا تغتفر، مثل إبعاد الأطفال عن أهاليهم الذين عادوا من مثل هذه البلدان وعن مؤسسات التعليم التي يتعلمون فيها أو نبذهم كخطيرين".

ووجهت سهام النقد للحكومة قائلة: "بدلا من تهدئة الخواطر وتوفير تفسيرات مسؤولة وواعية عن الخطوات اللازمة لمنع انتشار المرض، بهدف تجنيد التزام جماهيري عام ضروري لمكافحة الفيروس، تشعل وزارة الصحة بنفسها حالة الهلع. هكذا مثلا عُلم عن تأسيس منظومة للوشاية، منظومة تبليغ هاتفية تستهدف المواطنين القلقين الخائفين من أن جيرانهم الذين عادوا للبلاد خرقوا شروط حظر التجول المفروض عليهم. كما علم أن ثمانية مراقبين خاصين سيتجولون بين مئات المحاصرين في محاولة للتأكد من احترام شروط عزلهم". وتضيف بسخرية سوداء: "إن جملة هذه المبادرات الإبداعية، التي لن توضع ابدا قيد الاختبار في الواقع، تثير الشك في أن هناك من يشجع الفزع لأسباب غير موضوعية. ليس هناك ما يماثل الخوف من الموت البيولوجي لصرف الاهتمام عن الواقع السياسي المأزوم وعن خطوات جنائية معلقة فوق رؤوس مسؤولين كبار مختلفين في الحكومة".

أما المحلل الاقتصادي نحميا شترسلر فقد انتقد ما سمي "خطة الليكود الاقتصادية" التي تم الإعلان عنها ضمن الحملة الانتخابية الراهنة. وأشار الى البند الثالث الذي يتناول الصحة وفيه جاء: "سنقوم ببناء أربع مستشفيات أخرى وسنضيف 700 سرير في كل سنة. وهكذا سنقلل الاكتظاظ ونقصر الطوابير". ويقول الكاتب ساخراً: فعلا، بكبسة زر. كم سيكلف هذا؟ إنهم لا يذكرون ذلك. وماذا سنقلص؟ لا شيء. وكيف سيتساوق هذا مع العجز الكبير الذي أورثنا إياه نتنياهو، الذي يقتضي تقليص 20 مليار شيكل في الميزانية؟ لا جواب.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات