من المتوقع أن يعلن الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، غداً الأربعاء، عن قراره بشأن هوية الشخص الذي سيكلفه بتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة. وسيكون قراره إما بنيامين نتنياهو، زعيم الليكود، الذي حصل خلال مشاورات الرئيس مع الكتل البرلمانية المختلفة أمس وأول أمس على تأييد 55 نائبا، أو بيني غانتس رئيس تحالف "أزرق أبيض"، الذي حصل على تأييد 54 نائبا؛ فيما رفض 11 نائبا تسمية مرشح باسمهم، وهم: 3 نواب التجمع الوطني في القائمة المشتركة، و8 نواب حزب "يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)" بزعامة أفيغدور ليبرمان.
وبموجب القانون، فإنه ستكون أمام المكلف مهلة 28 يوما، وبإمكانه الحصول على 14 يوما إضافيا. وفي حال فشل المكلف يجري رئيس الدولة مشاورات جديدة مع الكتل البرلمانية، لمعرفة ما إذا سيكون بالإمكان تكليف شخص آخر، وفي حال وجد، فإن المهلة الممنوحة له ستكون 28 يوما فقط دون تمديد (طالع تقريراً خاصاً ص 7).
غير أنه لأول مرّة خلال 70 عاما، ستقع مهلة الأيام الـ 28 في موسم الأعياد اليهودية، إذ ستكون ثلاثة أعياد هامة، يُحظر العمل في 8 أيام خلالها. وفي فحص للقانون الإسرائيلي، فإن هذه الحالة الاستثنائية لم يأخذها القانون بعين الاعتبار. وحسب القانون، فإن أيام السبت مشمولة ضمن الأيام الـ 28. كذلك فإنه في قسم كبير من الحكومات، كان يقع إبان فترة تشكيلها عيد الفصح العبري، الذي يحظر العمل فيه يومين فقط. إلا أن الحديث الآن هو حول 8 أيام، تضاف لها أيام السبت الـ 4 خلال الفترة ذاتها.
وقد حصل بنيامين نتنياهو على دعم 55 نائبا، وهم: الليكود- 31 نائبا، شاس- 9 نواب، يهدوت هتوراه- 8 نواب، تحالف الأحزاب الاستيطانية "يمينا"- 7 نواب. وحصل بيني غانتس على دعم 54 نائبا وهم: 33 نائبا لتحالف "أزرق أبيض"، و10 نواب من أصل 13 نائبا في القائمة المشتركة، و6 نواب تحالف العمل- "غيشر"، و5 نواب تحالف "المعسكر الديمقراطي".
وأعلن أفيغدور ليبرمان أنه سيكون مستعدا للانضمام فقط إلى حكومة موسعة تجمع تحالف "أزرق أبيض" والليكود، وحزبه "يسرائيل بيتينو" على الأقل، ولكنه أبدى رفضا كليا لضم كتلتي الحريديم، شاس ويهدوت هتوراه. كما أن بالإمكان تفسير تصريحات ليبرمان، الصادرة طوال الحملة الانتخابية وأيضا في المؤتمر الصحافي الذي عقده يوم الأحد الأخير، بأنه سيرفض إشراك تحالف "يمينا" بسبب التزمت الديني لدى بعض نوابه.
موقف القائمة المشتركة
وكما ذكر قررت القائمة المشتركة، التي تمثل الأحزاب الناشطة بين فلسطينيي الداخل وتشارك في الانتخابات، التوصية بتكليف بيني غانتس بتشكيل الحكومة، إلا أن التوصية اقتصرت على 10 نواب من أصل 13 نائبا، إذ عارض التوصية النواب الثلاثة الذين يمثلون حزب التجمع الوطني الديمقراطي، فيما كان النواب الـ 10 الذين أيدوا التوصية من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة الإسلامية (التيار الجنوبي)، والحركة العربية للتغيير.
وقالت القائمة في بيان لوسائل الإعلام إن قرارها جاء "استجابة للموقف الشعبي الواسع الداعم والداعي لهذا القرار، والذي تجلى في الدعم الكبير للقائمة المشتركة. وكذلك وفاء لموقفها الثابت خلال الانتخابات بإعطاء أولوية لإسقاط نتنياهو وحكومته، والذي بث خطاب الكراهية والتحريض ضدنا، وراكم سياسات سيئة تجاه مجتمعنا العربي وشعبنا الفلسطيني، ويتحمل مسؤولية أسوأ القوانين العنصرية تجاهنا، كقانون القومية وقانون كامينتس، ويسعى لتصفية القضية الفلسطينية، عبر تنفيذ صفقة القرن".
وجاء أيضا أن "القائمة المشتركة تؤكد أن موقفها في موضوع التوصية لا يعني بأي شكل دعم الحكومة القادمة، حيث أن هناك فرقاً بين التوصية والتكليف بتشكيل الحكومة، وبين الموقف من الحكومة المشكلة فعلا".
وأصدر التجمّع الوطني الديمقراطي بيانا أعلن فيه "رفضه للتوصية على الجنرال بيني غانتس كمرشّح لتشكيل الحكومة الإسرائيلية". وأضاف البيان أن عدم التوصية بغانتس "بسبب أيديولوجيته الصهيونية ومواقفه اليمينية، التي لا تختلف كثيرا عن مواقف حزب الليكود، وبسبب تاريخه العسكري الدموي والعدواني ولأنّه ينوي إقامة حكومة وحدة قومية، بمشاركة يسرائيل بيتينو والليكود، وهي أسوأ من حكومات اليمين".
وأشار بيان التجمع إلى أن غانتس وتحالفه "أزرق أبيض" رفضا التطرق لمطالب القائمة المشتركة منه.
من ناحية أخرى أنشأت صحيفة "هآرتس" أمس مقالاً افتتاحياً قالت فيه إن قرار القائمة المشتركة التوصية بغانتس كمرشح لرئاسة الحكومة لدى ريفلين هو قرار يستحق الثناء. ويجب عدم الاستخفاف بقرار ممثلي الجمهور العربي في إسرائيل التوصية برئيس أركان سابق كمرشح من قبلهم لرئاسة الحكومة، ويجب عدم التقليل من شهامة الروح السياسية التي أظهرتها القائمة المشتركة، التي اختارت ضبط النفس إزاء الأفلام التي بدأ بها غانتس حملته الانتخابية، والتي تباهى فيها بقتل 1364 من أبناء شعبهم في عملية "الجرف الصامد" في غزة، وتفاخر بصور دمار أحياء سكنية كاملة في غزة. وأشارت إلى أنه هذه هي أول توصية من جانب الأحزاب العربية لمرشح لرئاسة الحكومة منذ العام 1992، حين أوصى أعضاء الكنيست من الجبهة الديمقراطية والحزب الديمقراطي العربي بتكليف إسحاق رابين بتشكيل الحكومة.
وأضافت الصحيفة أنه ينبغي لغانتس ورفاقه القيام بتغيير جوهري في علاقة المجتمع الإسرائيلي بمواطني الدولة من العرب وشرعية تمثيلهم السياسي. كما أن وصمة "قانون القومية" التي ترسخ التفوق اليهودي والدونية العربية يجب إزالتها من كتاب القوانين في إسرائيل.
في المقابل دان نتنياهو دعم القائمة المشتركة لغانتس.
وقال نتنياهو في بيان صادر عنه: "كما حذرنا فإن الأحزاب العربية التي تعارض إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وتمجد الإرهابيين أوصت بغانتس رئيساً للحكومة. سيبذل الليكود كل جهد ممكن لتأليف حكومة مستقرة وقوية ملتزمة بالحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. لا يمكن أن تكون لدينا حكومة تعتمد على أحزاب عربية تعارض دولة إسرائيل".
وقال أفيغدور ليبرمان إن أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة أعداء، وأكد أنه سيكون في الجانب الآخر من الجانب الذي ستكون فيه هذه القائمة، ولكنه في الوقت عينه استبعد دعم نتنياهو.
خيار ريفلين مرتبك
ومن المفترض أن يكون ريفلين قد عقد مساء أمس الاثنين اجتماعا ثلاثيا مغلقا مع كل من غانتس ونتنياهو، في محاولة للاستماع منهما حول موقفهما من "حكومة وحدة موسعة" تجمع كتلتي الليكود و"أزرق أبيض"، كأساس، ثم تنضم إليها أحزاب أخرى. وهذا الاجتماع يعكس حالة الارتباك القائمة لدى ريفلين، إذ أنه يعرف مسبقا أن من سيتم تكليفه سيواجه تعقيدات ولن ينجح في تشكيل الحكومة.
وحسب التقديرات، فإن نتنياهو، وفي حال حصل على التكليف، وبقي أفيغدور ليبرمان عند موقفه، لن يكون بإمكانه أن يشكل حكومة ذات أغلبية. وهناك من يراهن على أن يستطيع نتنياهو إقناع حزب العمل بالانضمام للحكومة، وبهذا تكون لحكومته أغلبية 61 نائبا، إلا أنه من الصعب رؤية هذا السيناريو، خاصة بوجود نواب في العمل سيرفضون هذا العرض.
كذلك فإن نتنياهو لن يكون بمقدوره تشكيل حكومة وحدة برئاسته مع تناوب مع حزب "أزرق أبيض" كي يواجه قضايا لوائح الاتهام المفترضة ضده، وهو من موقعه العالي، فهذه النقطة بالضبط هي التي تجعل "أزرق أبيض" يرفض طلب نتنياهو.
وقال نتنياهو أمس إن "الطريقة الوحيدة هي الجلوس والتحدث، للوصول إلى الوحدة والتوصل إلى حل وسط بين المعسكر القومي والمعسكر اليساري". وأضاف أن "الوحدة هي ترتيب زمني واضح يتم السعي إليه من نتائج انتخاباتنا". ووفقا له "إذا تحدثنا بعقل وروح منفتحين، يمكننا تشكيل حكومة جيدة وواسعة لدولة إسرائيل".
التعقيد ذاته سيكون قائما أمام "أزرق أبيض"، الذي لن يكون أمامه سوى دعوة الليكود للانضمام إلى حكومة برئاسة بيني غانتس، ويبقى السؤال من هم باقي الشركاء، هل هم كتلتا الحريديم، مع إبقاء ليبرمان خارج الملعب، أو ليبرمان وحزب العمل، وفي هذه الحالة لن يقبل نتنياهو أن يكون وحيدا في الحكومة من دون شركائه الذين أوصوا بتكليفه بتشكيل الحكومة.
وهناك سيناريو آخر، لا أحد يتطرق إليه، وهو أن يستوعب حزب الليكود أن أزمته تعود أيضا لكون نتنياهو يقف على رأس الحزب، وأن يقرر نتنياهو التنحي، وإفساح المجال أمام انتخاب رئيس للحزب. ولكن هذا السيناريو يبدو بعيداً حاليا عن الواقع، وفي حال حدوثه فإن الليكود سيدخل في دوامة أشد لدى اختياره خليفة نتنياهو، الذي لن يكون بمستوى قوة هذا الأخير في سيطرته على الحزب.
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, هآرتس, الليكود, غيشر, الكنيست, بنيامين نتنياهو, أفيغدور ليبرمان