المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1212

قال اللواء احتياط يعقوب عميدرور، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي في إسرائيل وأحد أقرب المستشارين الأمنيين لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إن إيران هي الدولة الوحيدة التي من المحتمل أن تمتلك القدرة على تهديد وجود إسرائيل. وأكد أنه يتعين على إسرائيل الاستعداد لإزالة هذا الخطر بنفسها لو تحقق هذا الاحتمال، وفي الوقت عينه تجنيد الولايات المتحدة للانضمام إلى هذا الجهد الكبير.

وجاءت أقول عميدرور في سياق مقال نشره في نهاية الأسبوع الفائت بمناسبة مرور سنة على الاتفاق النووي بين الدول الست الكبرى وإيران حول البرنامج النووي الإيراني.

وكتب عميدرور: قبل سنة وُقع الاتفاق النووي مع إيران. ومن المفيد تقويمه بعد سنة، وبالتأكيد بعد أن اتضح خلالها أن الإيرانيين يلتزمون بما اتفق عليه الأطراف. لقد اعتقدت يوم توقيع الاتفاق أن الولايات المتحدة ضيّعت فرصة تاريخية بتنازلاتها، وأنها لم تستغل تفوقها الواضح منذ بداية المفاوضات من أجل التوصل إلى إنجازات أكثر أهمية. لقد كان في الإمكان التوصل إلى اتفاق أفضل بكثير في كل ما يتعلق بتفكيك قدرات إيران النووية، وكذلك في الكفاح من أجل منع تحول دول أخرى إلى دول نووية في المستقبل. كانت إيران هي الطرف الضعيف الذي يحتاج إلى اتفاق، لكن الولايات المتحدة لم تستغل بصورة صحيحة الأوراق التي كانت لديها. لا جدوى من الدخول في تحليل أخطاء الولايات المتحدة التي أدت إلى شعورها بضرورة التوصل إلى اتفاق. وفي المقابل أدرك الإيرانيون أن الولايات المتحدة لا تملك خياراً آخر غير الاتفاق. وهكذا تحولت موازين القوى في المفاوضات الى جانب إيران، وعرف مندوبوها كيف يستغلوا ذلك بصورة مثيرة للاعجاب.

ومضى قائلا: في الاتفاق حققت الولايات المتحدة هدفاً كبيراً مباشراً: تعهدت إيران بإخراج معظم اليورانيوم المخصب الذي لديها (كميات تكفي لصنع 4 قنابل). وقد فعلت ذلك وأبقت لديها كميات صغيرة من المواد المخصبة، من الآن وحتى نهاية فترة الاتفاق (أو حتى يجري خرقه قبل ذلك). بالإضافة إلى ذلك، الاتفاق قضى في الوقت الراهن حتى الآن على القدرة الإيرانية لإنتاج البلوتنيوم وتطوير مسار بديل لصنع السلاح النووي.

إن التنازل الأميركي في المفاوضات كان جوهرياً. فبدلاً من المطالبة بتفكيك القدرة الإيرانية، غيّر الأميركيون توجههم بصورة مطلقة، وأبقوا في يد الإيرانيين كل القدرات التي كانت لديهم في مسار تخصيب اليورانيوم ولكن بحجم أصغر، وأعلنوا أنهم سيراقبونه مراقبة شديدة. في هذه الأثناء لا يبدو أن الرقابة شديدة بل بالعكس. والأخطر من ذلك أن الاتفاق سمح للإيرانيين بالتقدم في مجالين مهمين لهما علاقة بالمستقبل النووي: يستطيعون مواصلة تطوير الجيل الجديد من أجهزة الطرد المركزي للتخصيب، وهذا الجيل الجديد الذي في نهاية فترة البحث والتجربة (التي ستستغرق تقريباً الوقت الذي يستغرقه الاتفاق) سيتيح لهم التخصيب بحجم يفوق بـ 10 إلى 20 مرة ما يستطيعه الجيل الحالي، وهم يستطيعون مواصلة تطوير الصواريخ الثقيلة والبعيدة المدى.

وبرأي هذا الخبير الأمني، لا تستطيع إسرائيل أن تبقى لامبالية حيال نتائج الاتفاق. وقد اتضح في وقت لاحق أن الولايات المتحدة مصرة على عدم استخدام الخيار العسكري بخلاف تعهداتها، ولذا يتعين على إسرائيل أن تكون مستعدة للقيام بنفسها بما هو مطلوب - إذا توجهت إيران نحو القنبلة. إن إخفاء مجريات المفاوضات عن إسرائيل، والتراجع عن التعهدات التي قُدمت لها، والنتائج في نهاية المفاوضات، تبرر تشاؤم المتشائمين في القدس. ومن المحتمل أن تكون هناك الآن فرصة لتغيير نظرة واشنطن. ومن أجل ذلك، يجب على إسرائيل أن تقيم منظومة عمل وثيقة مع الإدارة الجديدة التي ستبدأ العمل بعد نصف سنة في الولايات المتحدة. ومن المفيد تشكيل مجموعات عمل مشتركة، مهمتها الكشف عن أي خرق للاتفاق ووضع قوانين اللعبة الملائمة عند حدوث ذلك، أو عندما تبدأ إيران في بناء قوة نووية بعد انقضاء فترة الاتفاق.

بموازاة ذلك قال إفرايم كام، وهو باحث في معهد "دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، إنه بالنسبة لإسرائيل لا توجد أخبار جيدة بعد مرور سنة على الاتفاق النووي مع إيران. وأضاف: صحيح أن التهديد النووي تأجل لبضع سنوات، وذلك على افتراض أن إيران ستلتزم بالاتفاق، لكنه سيعود إلى جدول الأعمال بخطورة أكبر عندما سترفع القيود عن البرنامج النووي الإيراني.
وكتب كام:

اليوم يكون قد مرّ عام على الاتفاق النووي مع إيران، ويبدو أنه لن يجري الاحتفال بهذه المناسبة. في الولايات المتحدة الإدارة الأميركية مقتنعة بالاتفاق لكنه يثير انتقادات واسعة خاصة في الحزب الجمهوري، ومن جانب خبراء كثر. وفي إسرائيل والسعودية الرأي السائد هو أن الاتفاق سيئ برغم احتوائه على بنود ايجابية، لأنه لا يضمن أن إيران لن تصل إلى سلاح نووي.

في نظر الإدارة الأميركية، الاتفاق سيختبر مع تطورات المشروع النووي. في هذه الأثناء تلتزم إيران بشروط الاتفاق، وقد نفذت المطلوب منها بتقليص برنامج تخصيب اليوارنيوم، وإحداث تغيير جوهري في مفاعل المياه الثقيلة، وتشديد الرقابة على المنشآت. وهذا السلوك كان متوقعاً. والرأي السائد أن إيران لن تسارع إلى خرق الاتفاق، لأن خرقاً كبيراً له سيؤدي إلى عودة العقوبات. والمشكلة ستبرز بعد مرور 15 عاماً عندما سيسمح لإيران وفقاً للاتفاق بتطوير برنامج كبير لتخصيب اليوارنيوم من دون قيود، وحتى تخصيب يورانيوم من نوعية عسكرية. لقد اعترف الرئيس أوباما أنه في مثل هذا الوضع فإن زمن القفزة نحو السلاح النووي من لحظة اتخاذ القرار سيكون صفراً. وهذا لا يمنع احتمال أن تحاول إيران القفز نحو سلاح نووي قبل رفع القيود.

وتابع: ما تزال إدارة أوباما تريد الاقتناع بأن الاتفاق انجاز تاريخي سواء بتقليصه للخطر النووي الإيراني أم بتشجيع القوات المعتدلة في إيران. لكن الإيرانيين لا يساعدونها في ذلك، إذ تواصل إيران علناً تطوير برامج للصواريخ هي الأكبر في الشرق الأوسط، وتخرق قرار مجلس الأمن. وتواصل أجهزة الاستخبارات الأميركية تعريف إيران على انها الدولة الأكثر تورطاً في الارهاب من خلال الاستعانة بحزب الله وبتنظيمات أخرى. وإيران متورطة بعمق في الحرب الأهلية في سورية وفي صراع القوى في العراق بخلاف مصالح الولايات المتحدة الأميركية. كما أن الجناح الراديكالي في النظام برئاسة الزعيم خامنئي والحرس الثوري، هو الذي يسيطر على إيران ويعمل على منع ازدياد قوة القوى الأكثر اعتدالاً فيها. وهو الذي يمنع بدء حوار بين إيران والإدارة الأميركية ويعمل على حصره بالمسألة النووية. وفي هذه الأثناء توطد إيران علاقاتها مع روسيا- عبر تنسيق التورط في القتال في سورية، وعبر اتصالات تتعلق بصفقات كبيرة للسلاح، ومن أجل الاستعانة بروسيا لتطوير بنية تحتية نووية مدنية.

لكن إيران لا تحتفل. فالسبب الأساس الذي دفع إيران إلى الاتفاق هو الحاجة الملحة إلى التخلص من العقوبات الاقتصادية كمفتاح للتخفيف من الضائقة الاقتصادية. وبالفعل، أدى رفع العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي إلى تسهيلات مهمة: زيادة استخراج النفط وتصديره، توقيع اتفاقات مع شركات أجنبية من أجل بدء عملها، زيادة الاستثمارات الأجنبية في إيران إلى أكثر من 3 مليارات دولار، المصارف الإيرانية وسعت نشاطها الدولي، شراء إيران نحو 230 طائرة ركاب- لكن هذا لا يكفي، إذ توقعت إيران أن تكون الحصيلة الاقتصادية أسرع وأكثر أهمية- وهذا الأمر لم يحدث.

هناك عدة أسباب لذلك: جزء من الضائقة الاقتصادية ليس سببه العقوبات بل تخلف النظام الاقتصادي الإيراني والسياسات الاقتصادية الفاشلة والفاسدة. ومن أجل الانخراط من جديد في النظام العالمي فإن إيران مطالبة بتنفيذ تغييرات في جهازيها المالي والمصرفي وفي قطاع الأعمال لجعلها تتلاءم مع المعايير الغربية. وهذا لم يحدث حتى الآن، لأنه في اطار الاتفاق هناك بعض العقوبات- تلك المتعلقة بمنظومة الصواريخ، ومساعدة الارهاب وخرق حقوق الإنسان- لم تُرفع.

وختم هذا الخبير الأمني قائلا: بالنسبة لإسرائيل لا توجد أخبار جيدة. صحيح أن التهديد النووي تأجل لبضع سنوات، وذلك على افتراض أن إيران ستلتزم بالاتفاق، لكنه سيعود إلى جدول الأعمال بخطورة أكبر عندما سترفع القيود عن البرنامج النووي الإيراني. وفي هذه الأثناء ثمة حقيقة خطرة هي قبول الولايات المتحدة استمرار برنامج الصواريخ الإيرانية وقبولها استمرار إيران في بناء منظومة حزب الله الصاروخية وتجديد دعمها لحركة "حماس"، وكذلك حقيقة استعداد روسيا لتوقيع صفقة سلاح كبيرة مع ايران، وهذا منعه أيضاً مجلس الأمن حتى سنة 2020.

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات