المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
نتنياهو في فعالية لـ "منتدى شيلو". (صحف)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 684
  • عبد القادر بدوي

أقيم "فوروم شيلو لمدينيوت" ("منتدى شيلو للسياسات") في العام 2019، وقد تم تسجيله كجمعية رسمية لدى مسجّل الشركات الإسرائيلي التابع لوزارة العدل كمعهد بحثي لتشجيع الاستيطان. وتُشير المعطيات إلى أن مقرّ المعهد يقع في مستوطنة "إفرات" في التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" جنوبي مدينة بيت لحم. وقد أقيم في أعقاب نشر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لـ "صفقة القرن" التي تضمّنت تقسيماً للأرض في المنطقة المصنّفة "ج" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويسعى لتأسيس حقبة جديدة في مشروع الاستيطان اليهودي استناداً إلى الاعتراف الأميركي بشرعية الاستيطان في الضفة الغربية، كما ورد في تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال فترة الإدارة الأميركية السابقة، وكذلك استناداً إلى مشروع التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية وفي مقدّمتها الإمارات والبحرين.

ينشغل "منتدى شيلو للسياسات" في إعداد الخطط والمشاريع الاستيطانية الهادفة لتشجيع الاستيطان اليهودي في "كامل أرض إسرائيل وتحديداً في الضفة الغربية"، وتعزيز مكانة "إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي"، من خلال "إثراء المعرفة حول الاستيطان اليهودي وتحدّياته واحتياجاته ومبرّراته الأخلاقية وتوفير الأدوات والبيانات لتعزيزه وتطويره وتوسيعه". يترأس المنتدى المحامي اليميني بنتسي ليبرمان الذي شغل في السابق رئيس سلطة أراضي إسرائيل، رئيس شركة تنوفا، ورئيس المجلس الاستيطاني "شومرون" (1998-2007)، وكذلك رئيس مجلس المستوطنات "ييشع" (2001-2006). من الناحية التنفيذية، تترأس المنتدى الباحثة في مجال الاستيطان في الضفة الغربية عنات روت، وقد أصدرت عدّة كتب في هذا المجال مثل: "مجلس مستوطنات ييشع وصراعه مع جدار الفصل وخطة الانفصال 2005"، و"ليس بأي ثمن- من غوش قطيف وحتى عمونا: قصة النضال من أجل أرض إسرائيل" في العام 2014، وكانت روت قد شغلت في السابق منصب رئيس معهد "ميجاليم- المعهد العالي لدراسات القدس"، وهي مستشارة سابقة لثلاثة أعضاء كنيست في حزب العمل وهم عميرام متسناع، إيهود باراك ومتان فيلناي. في عضوية المنتدى أيضاً يغئال لايتر رئيساً للدائرة الدولية، والذي شغل مناصب أكاديمية عديدة في الفلسفة السياسية ومستشاراً سابقاً لعدّة رؤساء في بعض دول أميركا اللاتينية.

تُشير المعطيات إلى أن المنتدى يعمل على كشف "الحقائق الواقعية والتاريخية" حول الاستيطان اليهودي، وتزويد حلفاء إسرائيل بكافة المعطيات التي يحتاجونها حول الاستيطان وأهميته، في إطار محاربة "كل من يعمل على تشويه الاستيطان وإنكار شرعيته". تتخصّص غالبية الأوراق والأبحاث التي يُقدّمها المنتدى في المناطق المصنّفة "ج" بحسب اتفاقية أوسلو. على سبيل المثال، يفرد المنتدى مساحة كبيرة في موقعه الرسمي لخطة رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض حول الدولة الفلسطينية، ويُشير المنتدى إلى أنه في العام 2009، "نشر رئيس الوزراء الفلسطيني آنذاك سلام فياض خطة استراتيجية لإقامة البنية التحتية للدولة الفلسطينية بعنوان "إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"". يعتبر المنتدى أن هذه الخطة التي خرجت لحيز التنفيذ خلال العقد الماضي تهدف إلى عزل المستوطنات اليهودية والسيطرة على المناطق المصنّفة "ج" على النحو التالي: "الغرض منها: السيطرة على المنطقة "ج" - إنشاء دولة فلسطينية، وتحقيق تواصل جغرافي بين المنطقتين (أ) و(ب)، وبينهما وبين الخط الأخضر، وعزل المستوطنات اليهودية وقطع التواصل بين المستوطنات، والاستيلاء على طرق المرور الرئيسة، والاستيلاء على الموارد الطبيعية وتدمير مواقع التراث اليهودي في محاولة لإخفاء ارتباط الشعب اليهودي بأرضه، وفي وقت قصير انتقلت الخطة إلى مرحلة التنفيذ، وخلال العقد الماضي تغيرت المنطقة فوق الأرض بشكلٍ كامل".

يُشير المنتدى إلى أن الفلسطينيين قدمّوا خلال العقد الماضي أكثر من 120 دعوى قضائية في المحاكم الإسرائيلية لممارسة أنشطة في المناطق المصنّفة "ج" (قد تكون هذه الأنشطة بناء سكنياً أو أنشطة زراعية... إلخ)، وبحسب المنتدى، فقد تم بالفعل تنفيذ العديد من هذه الأنشطة بتمويل من البرامج الدولية المختلفة بتكلفة بلغت قرابة 60 مليون يورو، كما أن تكلفة تنفيذ هذه المشاريع تبلغ قرابة 170 مليون يورو، هذه الأنشطة لتغيير الواقع في هذه المناطق يرافقها بحسب المنتدى جهد فلسطيني لتغيير الواقع القانوني لهذه المناطق لصالح السلطة الفلسطينية، حيث أقامت الأخيرة سلطة خاصة وبتمويل دولي لغرض مسح وتسجيل الأراضي في هذه المنطقة نيابةً عنها، وكل ذلك يترافق مع محاولة "تغيير الوقائع" بشكل سريع على الأرض والزيادة الديمغرافية في هذه المنطقة لصالح الفلسطينيين وتحديداً في أعقاب الحديث عن "قانون الضم" ونشر "صفقة القرن" لصالح تثبيت وجود فلسطيني يؤسس لدولة فلسطينية.

وفي ضوء خشية المستوطنين من "خطر" الزيادة والتوسّع الفلسطينيين في مناطق "ج"، والخشية من السيطرة المستقبلية عليها لتصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية، يسعى المنتدى إلى البحث في الوسائل الأنجع وتقديم المشورة القانونية والعلمية لدولة إسرائيل للحدّ من "السيطرة الفلسطينية على مناطق ج" بحسب ما ورد في اتفاق أوسلو و"صفقة القرن"- خطة ترامب، ولتحقيق ذلك، يقوم المنتدى منذ العام 2019، من بين أمور أخرى، بإعداد دراسات بحثية معمّقة وتقديمها للسياسيين وعرضها في اللجان المختلفة في الكنيست والتي تستند إلى إجراء مسح لهذه المنطقة بوسائل مختلفة منها طائرات التصوير لمراقبة النشاط الفلسطيني في هذه المناطق في مجالات: "البناء، الأنشطة الزراعية، المحاجر، شقّ الطرق وتدمير المناطق الأثرية"، وقد كان من بين المعطيات التي نشرت في تقرير المنتدى أن البناء الفلسطيني في المنطقة المصنّفة "ج" والتي تشكّل مساحتها 62.4% من الضفة الغربية ازداد منذ العام 2008 من 29783 مبنى إلى 58437 في العام 2017 وصولاً إلى 65572 (أي 2.34% من مساحة مناطق "ج") في العام 2019. من ناحية أخرى، يُشير التقرير إلى أنه قد تم تعبيد قرابة 700.000 دونم (ما نسبته 19% من هذه المنطقة) بحلول العام 2019، كما بلغت مساحة المحاجر البالغ عددها (49 محجراً) 22.500 دونم (0.62% من مساحة هذه المنطقة)، بالإضافة إلى 3595 كيلومتراً من الطرق التي يستخدمها الفلسطينيون فقط، وهو ما يعني أن الفلسطينيين باتوا يسيطرون على ما نسبته 22% من المناطق المصنّفة "ج" بحسب اتفاق أوسلو، في المقابل، بلغت السيطرة الإسرائيلية في هذه المناطق 7% فقط (بما في ذلك الاستيطان والبناء والمعسكرات والمناطق الصناعية)، ويُشير المنتدى إلى أن مساحة البناء الفلسطيني في المناطق هذه تعادل تقريباً مساحة المستوطنات اليهودية بأكملها التي تعادل 10% فقط من المساحة التي يسيطر عليها الفلسطينيون في منطقة "ج"، هذا كله بحسب المنتدى، يؤشّر إلى "الأخطار المحدّقة بمشروع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية في المستقبل القريب".

منذ ذلك الحين، ينشغل المنتدى في مراقبة النشاط الفلسطيني في المناطق المصنّفة "ج" في مجالات "البناء، الأنشطة الزراعية، تعبيد الطرق وتسوية الأراضي، وتدمير المواقع الأثرية"، وقد قام بإجراء العديد من اللقاءات بأعضاء الكنيست وشارك في اجتماعات اللجان المختلفة بهدف الضغط من أجل تغيير الواقع في هذه المنطقة لصالح الاستيطان اليهودي. في السنوات الثلاث الماضية، قدّم المنتدى العديد من التصورات والأوراق السياساتية للمستويات السياسية بهدف تعزيز الاستيطان، نذكر منها: "مسح التراث القومي ومواقع التراث التاريخي في يهودا والسامرة وغور الأردن وأساليب العمل"، "بسط السيادة الإسرائيلية على المناطق "ج"، "تطبيق القانون الإسرائيلي على غور الأردن ومناطق معينة في يهودا والسامرة: الجوانب القانونية" وكان من بين أهم الإصدارات هو الكتيب الذي أصدره في العام 2020 تحت عنوان "السيادة الإسرائيلية في يهودا والسامرة: الأهمية، الطريقة، والأساس القانوني" من إعداد لبيرمان ولايتر وروت.

يبني المنتدى علاقة شراكة كاملة مع "منتدى كوهيلت" الذي تناولناه بشكل موسّع في تقارير سابقة، ويستند في جزء من رؤيته إلى ما يُطلقان عليها "عقيدة بومبيو" حول "شرعية الاستيطان"، حيث يجب التأسيس على هذه الخطوة للمضي قدماً في مشروع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية. ويؤكّد المنتدى أن إسرائيل بعد توقيع اتفاقيات التطبيع ("اتفاقيات أبراهام") تقف أمام مفترق طرق تاريخي، حيث تعترف الولايات المتحدة الأميركية بـ "الحقوق التاريخية والدينية والثقافية للشعب اليهودي في يهودا والسامرة، وتعترف بشرعية الاستيطان اليهودي فيها، وتدعم تطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق واسعة"، وأن هذا الأمر يجب أن يقود إسرائيل إلى "تطبيق السيادة وصناعة التاريخ"، حيث أن تطبيق "القانون الإسرائيلي وضم المستوطنات في يهودا والسامرة وغور الأردن إلى إسرائيل سيحسّن من مكانة إسرائيل في العالم ويزيل علامات الاستفهام التي تخيّم على الاستيطان في الساحة الدولية"، وهذا من شأنه أن ينعكس على شكل "طفرة في البناء والتنمية والازدهار الاقتصادي الذي سيستفيد منه اليهود والعرب وكذلك إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية".

أخيراً، أقام المنتدى قبل عامين مؤتمراً كبيراً ناقش فيه التحول في العلاقة بين إسرائيل ودول الخليج في أعقاب توقيع اتفاقات التطبيع بالتعاون مع "منتدى كوهيلت" وصحيفة "يسرائيل هيوم" حضره كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وديفيد فريدمان (سفير الولايات المتحدة في إسرائيل) ومجموعة من الباحثين ورجال الأعمال والباحثين والإعلاميين من المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والبحرين والأردن والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.[1]

 

[1] للمزيد حول المؤتمر والمشاركين فيه، يُمكن العودة إلى الرابط: https://www.shiloh.org.il/the-abraham-accords

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات