المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 871
  • برهوم جرايسي

أنهت محاكمة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بقضايا فساد، في الأسبوع الماضي، أحد فصولها المركزية، إلا أن خط النهاية في هذه المحاكمة يبدو أنه ما زال بعيدا سنوات، في قضايا حينما تفجرت في نهاية العام 2016، ظنّ المحللون والمراقبون والمختصون، أنها ستبعد نتنياهو عن الحلبة السياسية في غضون أشهر، أو في غضون عام على الأكثر، لكن المحكمة الفعلية بدأت بعد أكثر من 4 سنوات، وهي دائرة منذ عامين و5 أشهر، والتقديرات تقول إنه ينتظرها وقت أطول، وأن خيار التسوية ما زال معقدا، وزاد من تعقيداته تصريح مشترك للقضاة الثلاثة، غير مسبوق في قضايا حساسة كهذه، أكسب نتنياهو نقاطا، تبعده كما يبدو عن التهمة الأخطر في الملفات الثلاثة، وهي قضية الرشوة. ومن الضروري الإشارة، إلى أن كل هذه القضية ثبت أنها لا تؤثر على شعبية نتنياهو انتخابيا.

خلفية

تفجرت مسألة التحقيقات بشبهات الفساد مع بنيامين نتنياهو في الشهر الأخير من العام 2016، وكانت تدور بداية حول القضية الأولى، التي أطلق عليها اسم "الملف 1000"، وتتعلق بتلقي هدايا ثمينة جدا من أحد كبار المستثمرين، لتلحق بها قضيتان، فيما فلت نتنياهو من قضية رابعة، تتعلق بصفقة شراء غواصات حربية من ألمانيا، تبين أن فيها قضايا فساد ورشاوى، تورط فيها مقربون جدا من نتنياهو ذاته.

وكان المراقبون، وخبراء القانون والمحللون، يعتقدون أن هذه القضايا ستنهي الحياة السياسية لنتنياهو في غضون أشهر، مع ظهور التحقيقات على الملأ، مستندين لرد فعل رؤساء حكومات وقادة سياسيين سابقين، الذين قرروا التنحي عن مناصبهم قبل صدور قرار اتهام قاطع، مثل رئيس الحكومة الأسبق إسحق رابين في العام 1977، وبعده رئيس الحكومة الأسبق، إيهود أولمرت، في خريف العام 2008، وغيرهما.

إلا أن نتنياهو استغل القانون الذي يعفيه من الاستقالة من منصبه، إلا بعد صدور قرار إدانة نهائي، يمنعه من الاستمرار في الحياة السياسية. وصدرت قرارات الاتهام الأولية في نهاية العام 2019 ومطلع العام التالي، وقدمت لوائح الاتهام النهائية للمحكمة في مطلع العام 2021، لتبدأ محاكمته في شهر شباط من ذلك العام.

والقضايا الثلاث هي:

"ملف 1000": بموجبه فإن نتنياهو تلقى هدايا بمئات آلاف الدولارات من صديقه الثري الأميركي الإسرائيلي، أرنون ميلتشين، وفي المقابل ساعد نتنياهو الثري بالحصول على تسهيلات ضريبية. وفي هذه القضية، تتهم النيابة نتنياهو بخرق الأمانة.

"ملف 2000": بموجبه أجرى نتنياهو مفاوضات مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" أرنون موزس، كي تكون توجهات الصحيفة ودّية، لدى تغطيتها الأخبار عن نتنياهو، وفي المقابل يسعى نتنياهو لسن قانون يحد من انتشار صحيفة "يسرائيل هيوم" المجانية، رغم أنها المدافع الأكبر عن نتنياهو. وفي هذه القضية أيضاً اتهم بخرق الأمانة واستغلال المنصب، وقد أسقط المستشار القانوني للحكومة في هذه القضية بند تلقي الرشوة، رغم توصية الشرطة والنيابة بها.

"ملف 4000": وتعد التهمة الأضخم والأخطر على نتنياهو، تدور القضية حول تسهيلات ضريبية واقتصادية كبيرة، سعى لها نتنياهو لصالح الثري شاؤول ألوفيتش، الذي كان صاحب السيطرة بالأسهم على شركة الاتصالات الأرضية "بيزك"، مقابل أن يحصل نتنياهو على تغطية ودّية في موقع "واللا" الاخباري، الذي كان يملكه ألوفيتش. وفي هذا الملف يواجه نتنياهو تهمة تلقي الرشوة وخرق الأمانة.

تصريح القضاة وشهادة ميلتشين

شهد الأسبوعان الأخيران ثلاث قضايا ذات أهمية، وهي مترابطة. الأولى حسب التسلسل الزمني، تسريب تصريح للقضاة الثلاثة في جلسة مغلقة مع طاقمي النيابة والدفاع، يقولون فيه إنه سيكون من الصعب على النيابة إثبات تهمة الرشوة في الملف 4000، والقضية الثانية هي شهادة السابق ذكره، أرنون ميلتشين، ومن المفروض أنه شاهد من قبل النيابة، والقضية الثالثة هي استئناف الائتلاف الحاكم مسار تشريع قوانين تضرب مكانة الجهاز القضائي، وحتى نقابة المحامين.

وكما ذكر، قبل نحو أسبوعين، تسرّب إلى وسائل الإعلام تصريح للقضاة الثلاثة في محاكمة نتنياهو، خلال جلسة مغلقة جمعت القضاة بطاقمي النيابة والدفاع، بهدف محاولة تقصير فترة المحكمة، والتوصل إلى توافقات، وهذا مسار مألوف في قضايا معقدة، وجاء في التسريب أن القضاة نصحوا النيابة بإعادة النظر في تهمة الرشوة في الملف 4000، وهي التهمة الأخطر في الملفات الثلاثة، فقد ظهرت تهمة الرشوة بداية في الملف 1000، بتوصية من طاقم التحقيق في الشرطة، لكن المستشار القانوني للحكومة، في حينه، أفيحاي مندلبليت، أسقطها بإدعاء أنه من الصعب إثباتها، لكنه هو ذاته أصر على تهمة الرشوة في الملف 4000؛ وهو الذي كان مقربا من نتنياهو، وأصلا وصل إلى منصبه بضغط من نتنياهو.

لاحقا أصدر القضاة توضيحا بهدف الدقة في الاقتباس، لكنه لم يغير شيئا في ما نشر من قبل، إذ قال القضاة في بيان لوسائل الإعلام: "لقد قيل للجانبين في بدء الجلسة موقف، وبموجبه توجد صعوبات في إثبات مخالفة الرشوة في لائحة الاتهام، وعلى خلفية هذه الصعوبة، تم الاقتراح على الدولة (النيابة) أن تفحص إمكانية التراجع عن مخالفة الرشوة في لائحة الاتهام هذه. إن هذا الأمر، هو السبب الوحيد لاستدعاء الجانبين إلى الجلسة إياها".

وأضاف القضاة أن الجلسة كانت قصيرة، والهدف منها تقصير مدة المحاكمة، لكن هذه الأقوال قيلت دون علاقة بشكل إنهاء المحاكمة، حسب تعبير البيان.

مصادر النيابة سارعت إلى وسائل الإعلام لإعلان رفضها لتقييم القضاة، وقالت إن الاثباتات التي لديها على الرشوة لم يستكمل عرضها على المحكمة، وهي مُصرّة على هذا البند.

ووصف المدعي العام السابق، موشيه لادور، خلال ندوة، تصريح القضاة الثلاثة على أنه بالضبط "عملية تفجيرية" منتقدا بحدة القضاة، وقال: "إن القضاة تحدثوا مع الجانبين في جلسة استغرقت ربع ساعة، وقالوا للنيابة: اسمعي نحن نعتقد أنه في هذه المرحلة سيكون من الصعب إثبات مخالفة الرشوة في ملف 4000، هذا خطأ خطير جدا".

وتابع لادور "إن القضاة، على الأكثر استمعوا بشكل انتقائي لسلسلة من الشهود، بشكل خلق، كما يبدو عندهم انطباعا مرحليا، وإن الصورة المتكاملة لم يتم عرضها بعد. فما الذين فكر فيه القضاة لأنفسهم؟ إنهم يقولون إن الجلسة كانت مغلقة، وكأن الأمر لن يصل إلى نتنياهو ومحيطه خلال دقائق، ورأوا بهذا فرصة، لقد كان هذا بالنسبة لهم فرصة خارجة عن المألوف، ليقولوا إن هذا الملف انهار. لقد كان هذا بالضبط عملية تفجيرية، ولا يمكن إدارة ملف قضائي بهذا الشكل"، حسب تعبير لادور.

الأمر المركزي الثاني، هي إفادة المستثمر الثري أرنون ميلتشين للمحكمة، على مدى الأسبوعين الماضيين، من مكان تواجده في بريطانيا، إذ أنه غادر إليها ولم يعد إلى إسرائيل منذ سنوات، مع تقديم لوائح الاتهام، بزعم حالته الصحية، وقدم الإفادة من خلال الفيديو، وفي القاعة التي جرت فيها الإفادة تواجدت سارة نتنياهو، التي هي أيضا تواجه التهمة في هذا الملف، وقد حصلت على موافقة المحكمة للسفر إلى هناك.

إفادة ميلتشين كانت متقلبة، ففيها ما يؤكد ما ورد في لائحة الاتهام، لكنه نفى أن يكون قد تلقى ما يمكن وصفه بمقابل سياسي أو اقتصادي من نتنياهو، وأعلنت النيابة أنه ظهر في الإفادة تناقض واضح بين إفادة ميلتشين في تحقيقات الشرطة، وبين ما طرحه أمام المحكمة، وطلبت النيابة عرض محاضر جلسات التحقيق في الشرطة على المحكمة. ويشار إلى أن ميلتشين ليس الشاهد الأول الذي غيّر إفادته أمام المحكمة في العام الأخير.

المسار التشريعي

يقول البروفسور يوفال إلبشان، في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إن عمق الإصلاحات كعمق الملفات، ويقصد أن التوغل في التشريعات التي تستهدف جهاز القضاء، مرتبط بتقدم مسار المحكمة في التهم الموجهة إلى نتنياهو، وهو يتبنى هذه المقولة، وينسبها لآخرين، ويقول إن هناك من "يرى أن عمق الإصلاح القانوني، الذي يسعى إلى تحقيقه، هو كعمق الدعوى المرفوعة ضده". وبحسب معارضي الإصلاحات، فإن التغييرات التي يريد نتنياهو إجراءها في النظام القضائي هي نتيجة مباشرة للتهم الموجهة إليه. والحقيقة أن نتنياهو، الذي كان مدافعا عن النظام القضائي الذي وضعه الرئيس الأسبق للمحكمة العليا أهارون باراك، غيّر جلده في نفس الوقت الذي تم فيه تقديم لوائح الاتهام ضده.

ويتابع إلبشان أنه في الأيام الأخيرة، تلقى هذا الاستنتاج مزيدًا من التعزيز. بدأت قضايا نتنياهو ومقترحات الإصلاح القانوني تنهار جنباً إلى جنب. الأولى هي القضايا التي تعرضت لضربة شديدة بكلمات القضاة أن "هناك صعوبات في إثبات جريمة الرشوة. وعلى خلفية هذه الصعوبات، اقترحوا أن تعيد النيابة النظر في جرم الرشوة". إلا أن النيابة أعلنت أنها لم تستكمل بعد عرض الإثباتات على جرم الرشوة.

يجب أن نتذكر، حسب إلبشان، أن الرشوة هي الجوهرة في تاج التهم. بدونها ليس من المؤكد أن لوائح الاتهام الأخرى كانت ستقدم. هذه هي أخطر جريمة وهي تعزز التهم الأخرى.

وفي الأسبوع الماضي، أقرّت اللجنة البرلمانية لشؤون القانون والدستور والقضاء، صيغة أول تعديل قانوني في قانون القضاء، وهو تقليص بند المعقولية، من أجل عرضه على الهيئة العامة لإقراره بالقراءة الأولى، وهذا من أخطر التعديلات القانونية، بحسب الخبراء والسياسيين، والقصد منه، هو إلغاء "بند المعقولية" في تقديرات المحكمة العليا لدى إصدار قراراتها، والقصد منه هو تقدير تبعات القرارات والقوانين، والكثير من قرارات المحكمة العليا اعتمدت على هذا البند. وهذا التقدم في المسار التشريعي جاء على الرغم من أن المستشارة القانونية للحكومة، وجهاز النيابة العامة، والجهاز الحقوقي المهني يحذرون من خطورة تقليص مجال المعقولية في قرارات المحاكم، لأن هذا يقلص مجال حرية القضاة وتفسيرهم لحيثيات القضايا المطروحة أمامهم.

وثمة مشروع قانون ثان أقرته الهيئة العامة للكنيست، في الأسبوع الماضي، بالقراءة التمهيدية، يهدف إلى نزع المكانة الرسمية لنقابة المحامين، والتي يشكّل عضوان منها جزءًا من لجنة تعيين القضاة. 

وينص مشروع القانون، الذي بادر له عضو كنيست من حزب الليكود، على استبدال نقابة المحامين بهيئة سياسية تسمى "مجلس المحامين"، وأن وزير العدل سيعين رئيسًا "مؤهلًا" لتولي منصب رئيس للهيئة، ويكون قاضيا في محكمة مركزية. 

وفي انتخابات نقابة المحامين، التي جرت يوم 20 حزيران الماضي، تمكّن المحامي عميت بيخر، الذي يعارض خطة إضعاف الجهاز القضائي، من الفوز برئاسة نقابة المحامين، بحصوله على 73% من أصوات أعضائها، مقابل 19% من الأصوات التي حصل عليها اليميني إيفي نافيه، والذي يعد أحد حلفاء وزير العدل ياريف ليفين، رغم تجنّد كل أحزاب الائتلاف الحاكم لدعمه في الانتخابات.

وخلال جلسة التصويت في الهيئة العامة للكنيست، كشف الوزير السابق، جدعون ساعر، في خطابه، عن أن حزبه السابق، الليكود، بادر إلى مشروع القانون هذا، قبل 4 سنوات، حينما اعترض الليكود على تعيين المحامي محمد نعامنة، رئيس نقابة المحامين في منطقة الشمال، عضوا في لجنة تعيين القضاة.

وقال ساعر إن كتلة الليكود البرلمانية هددت، في حينه، بالدفع قدما بمشروع القانون، المطابق لمشروع القانون الذي أقرته الهيئة العامة للكنيست الأسبوع الماضي، في حال انتخبت نقابة المحامين المحامي نعامنة واحدا من مندوبيها الاثنين في لجنة تعيين القضاة، وأعلنت أنها ستسعى لحل نقابة المحامين.

وحسب كل المؤشرات، فإن نقابة المحامين الجديدة ستعيد انتخاب نعامنة لعضوية لجنة تعيين القضاة، إذ أن مشروع القانون في حال تم إقراره نهائيا، فإنه لن يسري إلا بعد انتهاء ولاية النقابة الجديدة، بحسب ما قاله خبراء قانون، إلا إذا دخلت تعديلات أخرى على القانون.

تقييم مرحلي

منذ أن اندلعت قضايا فساد نتنياهو، وبدأ الرأي العام في تداولها، كان يظهر من استطلاعات الرأي العام في تلك الأيام أن نتنياهو لم يتأثر انتخابيا من هذه القضايا، وقد ثبت الأمر في خمس جولات انتخابية برلمانية، جرت بدءا من شهر نيسان 2019، وحتى آخرها في الأول من تشرين الثاني، من العام الماضي 2022، والتي رست عند أغلبية مطلقة لصالح الفريق الذي جمعه نتنياهو، وفي حالة ما بضغط منه، كي يضمن الأغلبية.

ما يعني أن كل التهم المنسوبة لنتنياهو لم تلعب دورا في شعبية نتنياهو، التي يبدو أنها تراجعت في الأشهر الأخيرة، وفق استطلاعات الرأي العام، لكن ليس بسبب محاكمته، وإنما على خلفية مشاريع قوانين حكومته لضرب مكانة جهاز القضاء ووضعه تحت سطوة حكومته، وبتعبير أدق، تحت سطوة اليمين الاستيطاني.

إلى ذلك، فإن المحطة النهائية لهذه المحاكمة تبدو بعيدة، فعلى الرغم من مرور 29 شهرا على بدئها، إلا أن قائمة الشهود من الجانبين، النيابة والدفاع، ما تزال طويلة، وحتى لو صدر، على سبيل المثال، قرار محكمة خلال العامين المقبلين، فإن أي قرار سيصدر، ليس استنادا لصفقة بين النيابة والادعاء، سيتم الاستئناف عليه إلى المحكمة العليا، لتمتد المحكمة لفترة من غير الممكن تحديدها.

من حين إلى آخر، تصدر عناوين صارخة في وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن اتفاق على الشروع بمفاوضات لإبرام صفقة بين النيابة والدفاع لتنهي القضية، لكن النتيجة النهائية في صفقة كهذه ستكون هي الخلاف المركزي، فالنيابة من ناحيتها، والتي تخوض معركة على مصداقيتها أمام الرأي العام، لن تقبل بأقل من إدانة تبعد نتنياهو عن الحلبة السياسية وتتنازل، مثلا، عن حكم بالسجن، ومن ناحية أخرى فإن بنيامين نتنياهو والدفاع لن يقبلا بأي قرار يبعده عن الحلبة السياسية بقوة قرار محكمة، أو حتى بمبادرة منه، فهذا من ناحيته هو بمثابة اعتراف يرفضه بالقضايا التي نسبت إليه أو بعضها.

حسب ما ينشر من تحليلات، فإن عنصراً أساس في قائمة أهداف نتنياهو للسطوة على جهاز القضاء، يسري أيضا على جهاز النيابة العامة، بدءا من منصب المستشار القانوني للحكومة، فإذا نجح في تمرير هذا المخطط خلال حكومته الحالية، قد ينشأ، ولو نظريا، طاقم في قيادة النيابة العامة، يقود إلى صفقة مريحة لنتنياهو، ولكن كل هذه فرضيات من الصعب الاستناد عليها حاليا، رغم أنه ما زال أمام هذه الحكومة فترة عمل تزيد عن ثلاث سنوات، من الممكن إحداث الكثير من الانقلابات في جهاز الحكم الإسرائيلي خلالها.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات