قالت تقديرات جديدة للبنك المركزي الإسرائيلي إن التضخم "السلبي" أو البطيء سيستمر أيضا في العام المقبل 2017، ولربما أنه سيبدأ في تسجيل ارتفاعات محدودة في النصف الثاني من العام. في حين قال تقرير مكتب الإحصاء المركزي، إن التضخم في شهر تشرين الأول الماضي سجل ارتفاعا طفيفا بنسبة 2ر0%، ومنذ مطلع العام الجاري بنسبة 2ر0%. ومن ناحية أخرى أشارت عدة تقارير إلى مؤشرات أخرى للنمو الاقتصادي المتزايد، خلافا للتقديرات السابقة.
وحسب التقديرات، فإن التضخم المالي سيكون مع نهاية العام الجاري أقل بنسبة طفيفة عن صفر بالمئة، إذا لم تحصل مفاجآت، لأن وتيرة التضخم في الشهرين الاخيرين من كل عام، تلامس الصفر وأقل.
وكان تقرير سابق قد أشار إلى أن مبيعات المواد الغذائية تراجعت في شهر تشرين الأول الماضي بنسبة 4ر5%، على الرغم من أنه الشهر الذي تلاقت فيه ثلاثة أعياد يهودية، وامتدت المناسبات على مدى ثلاثة أسابيع. كما أعلنت شركات المواد الغذائية الأكبر في السوق الإسرائيلية عن تراجع حصتها من إجمالي المبيعات، إلى جانب تراجع المبيعات ككل. فقد بلغت نسبة مبيعات منتوجات شركة الألبان "تنوفا" من إجمالي المواد الغذائية 7ر15%، مقابل 4ر16% في ذات الشهر من العام الماضي. كما أعلنت شركة "أوسم" الغذائية الكبرى عن تراجع طفيف في نسبة مبيعاتها من إجمالي المبيعات الغذائية.
التضخم البطيء مستمر
وتقول تقديرات بنك إسرائيل المركزي إن وتيرة التضخم البطيء وحتى "السلبي" ستستمر حتى منتصف العام المقبل 2017 على الأقل، وأنه خلال السنوات الـ 12 المقبلة، سيرتفع التضخم بنسبة 7ر0% (أقل من 1%). وهذا يعني من ناحية البنك، أن الفائدة البنكية التي تلامس الصفر 1ر0%، قد تستمر لأمد أطول. وكان التعبير الأكبر عن هذه التوقعات، هو قرار البنك تخفيض عدد التقارير التي يصدرها سنويا حول الفائدة البنكية، من 12 تقريرا، بمعنى تقرير شهري ثابت، إلى ثمانية تقارير، نظرا لعدم توقع حدوث اهتزازات اقتصادية تقود إلى تعديل نسبة الفائدة. وكان بنك إسرائيل قد حدد منذ مطلع سنوات الألفين، أن التضخم في إسرائيل عليه أن يتراوح سنويا ما بين 1% إلى 3%، بينما المعدل في الدول المتطورة حول 2%.
والانخفاض في التضخم الحاصل في السنوات الثلاث الأخيرة، جاء بعد سنوات من التضخم العالي، الذي تسجل بشكل خاص من العام 2007 إلى العام 2013، إذ ارتفع التضخم في السنوات السبع هذه بنسبة إجمالية بلغت 21%، بعد أن سجل التضخم في العام 2006 تراجعا، بفعل الازدهار الاقتصادي الذي كان حاصلا في ذلك العام، خلافا لتراجع التضخم الذي كان في العام 2003، والناجم عن حالة ركود اقتصادي.
وحسب تقديرات صحيفة "كالكاليست"، فإن التضخم في العام الجاري 2016 سينتهي إما بنسبة صفر بالمئة، أو أن يتراجع بنسبة 2ر0%، بذات نسبة التراجع في العام الماضي 2015، في حين أن التضخم كان قد تراجع في العام 2014 بنسبة 1%. ويرى المحللون في الصحيفة أنه خلافا للاعتقاد بأن استمرار التضخم السلبي جيد للمواطنين، من ناحية أنه يقلل من كلفة المعيشة، إلا أن استمراره لفترة أطوال يعكس حالة تباطؤ اقتصادي، قد تقود إلى تراجع في معدلات الرواتب ومداخيل العائلة.
ورغم هذا، فقد ادعى تقرير الصحيفة ذاتها أن الشرائح الأكثر فقرا تحسنت القيمة الشرائية لمداخيلها بنسبة 9ر1%، خلال العامين الأخيرين، بينما النسبة لدى الشرائح المتوسط بلغت 2ر1%. ويعود هذا التقدير إلى تراجع أسعار المواد الأساسية، التي تشكل مصروف النسبة الأعظم من مداخيل الفقراء، وتتراجع النسبة كلما زادت المداخيل. وحسب التقرير ذاته، فإن أسعار المواد الغذائية الأساسية وحدها، انخفضت كلفتها للعائلات الفقيرة بنسبة 3ر2%، مقابل 6ر2% للعائلات المتوسطة، و6ر1% للعائلات الميسورة.
وهذه الحال انعكست أيضا في مجال السكن، بحسب تقرير "كالكاليست"، إذ أن أسعار السكن وايجار البيوت ارتفع على العائلات الفقيرة بنسبة 3ر6%، بينما لدى الشرائح المتوسطة بنسبة 1ر7% والشرائح الميسورة 5ر7%. وحسب تحليلات مكتب الإحصاء المركزي، فإن هذا يعود إلى حقيقة أن أسعار البيوت في أحياء وبلدات الفقراء تبقى أقل بكثير مما هي في أحياء وبلدات الميسورين.
مؤشرات ارتفاع النمو اقتصادي
من جهة أخرى وعلى صعيد مؤشرات ارتفاع النمو الاقتصادي في الاشهر الاخيرة، فقد قال تقرير جديد لسلطة الضرائب الإسرائيلية إن الارتفاع في الجباية مستمر. وقد ارتفعت مداخيل شهر تشرين الأول الماضي بنسبة 4ر6% عن مداخيل ذات الشهر من العام الماضي. وبلغت مداخيل الشهر الماضي قرابة 22 مليار شيكل، ومنذ مطلع العام ما يقارب 239 مليار شيكل، وهو ما يعادل 63 مليار دولار تقريبا.
وكانت وزارة المالية قد رفعت في شهر تموز الماضي تقديراتها لجباية الضرائب في العام الجاري إلى ما يزيد عن 282 مليار شيكل، بزيادة 6 مليارات شيكل عن التقدير الأول، إلا أنه حسب التقديرات، فإن جباية الضرائب في نهاية العام الجاري ستسجل فائضا بـ 6 مليارات شيكل عن التقدير الجديد، بمعنى 12 مليار شيكل عن التقديرات الأولى.
كذلك، وخلافا لكل التقديرات السابقة، فإن الصادرات واصلت ارتفاعها في الربع الثالث من العام الجاري، استمرارا للارتفاع الذي حصل في الربع الثاني، وبشكل خاص صادرات البضائع الصناعية، التي سجلت على مدى عامين تراجعات حادة نسبيا، إلا أن ارتفاع صادرات الخدمات كان يرفع إجمالي الصادرات إلى نسب ما بين 4% وحتى 5%.
ويقول تقرير أخير صادر عن مكتب الإحصاء المركزي إن إجمالي الصادرات سجل في الربع الثالث ارتفاعا بنسبة 1ر7% بمعدل سنوي. وكان واضحا في التقرير ارتفاع صادرات الصناعات بنسبة 1ر6%. بينما صادرات التقنية العالية وحدها سجلت ارتفاعا بنسبة 7ر9%.
كذلك دلت مؤشرات السياحة على ارتفاع محدود في الربع الثالث من العام الجاري، رغم التراجع الملحوظ في السياحة منذ مطلع العام. وقد قال تقرير لاتحاد الفنادق إن شهر أيلول، ورغم أنه لم تصدف فيه هذا العام أعياد يهودية، سجل ارتفاعا بنسبة 5% في عدد ليالي المبيت في الفنادق، وبلغ 9ر1 مليون ليلة، من بينها 681 ألف ليلة للسياح الأجانب، وهذا يعد 36% من إجمالي ليالي المبيت. كما أن عدد ليالي مبيت السياحة الأجنبية سجل ارتفاعا بنسبة 33%، مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي 2015، رغم أن كل الأعياد اليهودية كانت في شهر أيلول من العام الماضي (التقويم العبري القمري يؤدي إلى تغيرات في تواريخ الأعياد سنويا).
وحسب تقارير الصحافة الاقتصادية، فإن الارتفاع الحاد في ليالي المبيت في الفنادق الإسرائيلية في شهر أيلول، كان ناجما عن حملات خاصة أعلنتها الفنادق، ما دفع بالمزيد من السياح الأجانب للوصول إلى البلاد، وبشكل خاص السياحة الدينية.
ورغم ذلك، فإن البطالة سجلت في شهر أيلول الماضي ارتفاعا طفيفا، وبلغت 9ر4%، مقابل 7ر4% في الشهر الذي سبق- آب، وحسب تقديرات مختصين فإن هذا الارتفاع ناجم عن بطالة "موسمية"، بعد انتهاء موسم الصيف.