تقرير "مدار" الإستراتيجي

تقرير سنوي يرصد ويحلل أهم المتغيرات والأحداث في المشهد الإسرائيلي خلال عام كامل، ويحاول استشراف اتجاهاتها المستقبلية وآثارها على القضية الفلسطينية.
المشهد الإسرائيلي في العام 2018
  • تقرير مدار الإستراتيجي
  • هنيدة غانم
  • رائف زريق، مهند مصطفى، انطوان شلحت، عاطف ابو سيف، عاص أطرش، نبيل الصالح، فادي نحاس
  • 260
  • 978-9950-03--023-7

رام الله: أصدر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" تقريره الإستراتيجي للعام 2019، والذي يتناول مستجدات المشهد الإسرائيلي في العام 2018.

وخلص التقرير إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة في الدفع باتجاه ضم المستوطنات وإلحاقها بالسيادة الإسرائيلية، وتسريع التوسع الاستيطاني، بما يحبط إمكانية إقامة دولة فلسطينية، ويحصر الحل مع الفلسطينيين فيما يتبقى خلف الوقائع الإسرائيلية على الأرض، كما ستشهد المرحلة المقبلة وفق التقرير تسريعا لخطوات ترسيخ الهوية القومية اليهودية للدولة على حساب هامش القيم الديمقراطية الهشة أصلا، ما سينعكس سلبا على واقع الفلسطينيين في أراضي 48.

وقال التقرير إن خطورة نتائج الانتخابات الأخيرة، تكتسب زخمها من توفر بيئة دولية صديقة لليمين الإسرائيلي، ممثلة بتبني إدارة ترامب التام للرؤية الإسرائيلية، ومن صعود اليمين الفاشي على الساحة الدولية، إلى جانب تآكل الحاضنة العربية للفلسطينيين، ودخول إسرائيل من خلال شق الصراع السني الشيعي إلى العالم العربي، وتحوّل إيران إلى محور العداء لدول عربية عدة.

وقال التقرير إن تركيبة حكومة نتنياهو الخامسة من المتوقع أن تكون شبيهة إلى حد بعيد بحكومته الرابعة التي شكلها في 2015، بعد حصول كتلة أحزاب اليمين على 65 مقعدا مقابل 45 مقعدا لكتلة الوسط واليسار، و10 مقاعد للقوائم العربية، إلا إذا حصلت مفاجأة بإقامة وحدة وطنية، رغم وجود إمكانية متدنية لذلك.

وأضاف التقرير إن نجاح الليكود بقيادة نتنياهو جاء مغايرا للتوقعات والاستطلاعات التي تنبأت غالبيتها بتجاوز "أبيض أزرق" لليكود بفارق عدة مقاعد، كما جاء على الرغم من تجند وتحالف غير مسبوق لشخصيات وقوى مختلفة ومتنافرة في قائمة واحدة من أجل إسقاطه، والأهم، أن فوز نتنياهو جاء في لحظة حرجة في مسيرته السياسية، في ظل نشر المستشار القضائي للحكومة افيحاي مندلبليت، في حمى المعركة الانتخابية توصيته بتقديمه للمحاكمة في ثلاثة ملفات فساد.

ونبه التقرير إلى أن النتائج أظهرت أن كتلة اليمين تحظى بدعم شبه ثابت من قواعدها، وأن الحراك يتم بين الأحزاب في اليمين، وليس بين كتل اليسار واليمين.

ونوه التقرير إلى أن نسبة التصويت بين فلسطينيي 48 انخفضت وسط دعوات للمقاطعة، وشعور الإحباط من تفكك المشتركة إلى حوالى50 -52 % مقابل 64.2% في الانتخابات السابقة، فيما صوت ما يقارب 30% من العرب لأحزاب صهيونية، مقابل 18% في الانتخابات السابقة، خاصة لميرتس التي حصلت على مقعد من الأصوات العربية.

وعكست الانتخابات الإسرائيلية، وفق التقرير، عدة ظواهر مهمة مرتبطة بصعود "إسرائيل الثالثة" (المتركزة على الهوية الدينية وعلى الاستيطان)، والصراع الداخلي المرتبط بذلك بين تيارات سياسية ومجتمعية على هويتها ومستقبلها، حيث ركز تحالف "أزرق أبيض" حملته على قضية استعادة هيبة مؤسسات الدولة القضائية، وضرورة استعادة فكرة "الدولاتية" و"الرسمية" وترميم العلاقات الداخلية التي تضررت حسب رأيهم بسبب تغذية نتنياهو لحالة الاستقطاب الداخلي.

وأوضح التقرير أن صيرورة الانتخابات تدل على اعتبار قسم من النخب الإسرائيلية التقليدية لنتنياهو خطراً على مستقبل دولتهم، وانقلابا على قيمها الأساسية وروحها كما يتخيلونها، ودلت على أن حزب العمل كفكرة لم ينهر، وإن حصل على ستة مقاعد، بل تمت إعادة تدوير توجهه من خلال حزب أزرق أبيض؛ "مباي" بحلة جديدة، في حين كشفت النتائج أن مخزون أصوات اليسار الوسط محدود، وأنه صار أقلية مقابل ترسخ كتلة اليمين.

إذ تظهر تركيبة كتلة اليمين الحزبية التي تم انتخابها مؤخراً أن اليمين يمثل طيفا مجتمعيا متعددا وواسعا، ويضم فئات من خلفيات مختلفة منها العلمانية، الدينية المتزمتة، والدينية القومية والشرقية، إضافة طبعا إلى الاشكنازية، ما يعني أن اليمين كما يبدو نجح في تحويل الاختلافات إلى أداة استقطاب تعتمد سياسات الهوية، وتسمح له باستقطاب فئات متمايزة من خلال مخاطبة هوياتها، في مقابل انحصار جمهور المصوتين لتيار الوسط واليسار في الفئة العلمانية الاشكنازية أساسا.

ولفت التقرير إلى تحول النجومية السياسية إلى ظاهرة مركزية في تشكيل المشهد الحزبي في إسرائيل، عكستها حالة "أزرق أبيض" (كحول لفان)، وقد تحولت الضبابية في المواقف إلى جزء من التكتيك الترويجي للنجم وقائمته من أجل كسب الأصوات من اليمين والوسط واليسار، والامتناع عن اتخاذ مواقف واضحة من قضايا إشكالية كالاحتلال والحل السياسي، ما أدى إلى إظهار أحزاب اليمين على أنها الوحيدة فعليا ذات المصداقية، وهو ما ساعد نتنياهو وحزبه في الظهور لاحقا بمظهر من يملكون برنامجا سياسيا واضحا، بعد أن أعلن نتنياهو أنه سيقوم بضم المستوطنات للسيادة الإسرائيلية.

ولخص التقرير استنتاجاته بأنه من غير المرجح أن يكون نتنياهو طرح مسألة الضم خلال الانتخابات من دون التشاور مع إدارة ترامب، ومن دون وجود تفاهمات ما على الموضوع، وأنه سيراهن على رفض الفلسطينيين لصفقة القرن من أجل إلقاء اللوم عليهم للبدء بتنفيذ مسألة الضم.

وعلى مستوى التركيبة الحكومية سيسعى نتنياهو إلى إرضاء أطرافها بفرض السيادة على مناطق من الضفة الغربية، إذ إن بقاء حكومته مشروط ببقاء أصغر حزب من الأحزاب اليمينية، فيما لم تحدث مفاجأة بتشكيل حكومة وحدة.

ونبه التقرير إلى أن مستقبل نتنياهو الشخصي مرتبط بتجنيد أحزاب اليمين لصالح بقائه، ومن الممكن أن تتم عملية مقايضة الضم بسن "القانون الفرنسي" الذي يمنع تقديم رئيس حكومة للمحاكمة وهو على رأس عمله.

واعتبر التقرير أن الانقسام الفلسطيني سيسمح لنتنياهو بالمناورة، واستخدام سياسة العصا مع طرف والجزرة مع طرف آخر، لإدارة الانقسام، والاستفراد بكل جهة على حدة لفرض الأجندة اليمينية للضم، وتحويل الضفة إلى منطقة معازل رسمية تدار على نمط غزة.

وختم التقرير بملخص حول نافذة الفرص الفلسطينية، في وسط المعطيات القاتمة، تضمن إمكانية تغير الإدارة الأميركية بقيادة ترامب، وتزايد النقد الموجه إلى نتنياهو في صفوف قيادات ديمقراطية أميركية ويهودية أميركية، وهذا ما يمكن محاولة العمل على استثماره، ناهيك عن أن التحالف بين نتنياهو وقيادات اليمين الفاشي في العالم، واصطفافه إلى جانب شخصيات من اليمين المتطرف، يمكن أن يفسح المجال أمام الفلسطينيين لتعميق تحالفهم مع فئات ديمقراطية في العالم، والاستثمار بشكل خاص في الدبلوماسية الشعبية.

وقد شارك في إعداد فصول التقرير الذي تحرره المديرة العامة لـ "مدار"، هنيدة غانم، كل من: عاطف أبو سيف (إسرائيل والمسألة الفلسطينية)، أنطوان شلحت (المشهد السياسي- الحزبي الداخلي)، مهند مصطفى (مشهد العلاقات الخارجية)، فادي نحاس (المشهد الأمني العسكري)، عاص أطرش (المشهد الاقتصادي)، نبيل الصالح (المشهد الاجتماعي)، رائف زريق (الفلسطينيون في إسرائيل).

المصطلحات المستخدمة:

الليكود

التقرير الإستراتيجي

أحدث التقارير