رام الله: صدرت حديثا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" الورقة 68 من سلسلة "أوراق إسرائيلية"، تحت عنوان "التعليم العالي وتشغيل الأكاديميين في أوساط الفلسطينيين في إسرائيل"، وتقع في 72 صفحة.
تقدم الورقة قراءة مدعمة بأحدث الاحصائيات لواقع التعليم في أوساط فلسطينيي الداخل، تتضمن ايجازا للتطور التاريخي لهذا الواقع ابتداء من النكبة، وما شهده من تحولات رافت التغيرات المفصلية التي شهدتها المنطقة، مع التركيز على المشكلات البنيوية والثقافية التي تقيّد تطور هذا القطاع.
وتركز الورقة على تأثر الواقع التعليمي بالواقع التمييزي العميق، وانعكاس التمييز على فرص الفلسطينيين وخياراتهم، وكيفية الاستفادة من نوافذ الفرص القليلة المتاحة، الناتجة احيانا عن الاعتبارات الاسرائيلية، اكثر مما هي ناجمة عن مراعاة احتياجات الأقلية الفلسطينية الاصلانية.
وتقدم الورقة معطيات كثيرة حول نسب الطلبة في الجامعات الاسرائيلية وما شهدته من تغيرات، والواقع الجندري، ونوع التخصصات وارتباطها بسوق العمل، إلى جانب التوجه للدراسة في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، وفي الاردن ايضا، وما تقدمه الجامعات هناك من خيارات وما تضيفه من تجربة.
وجاء في مقدمة الورقة:
"يتطور التعليم العالي الفلسطيني في إسرائيل في ظل غياب جامعة فلسطينية عربية، ومن خلال الجامعات الإسرائيلية، وبطبيعة الحال تساهم الجامعة في تنمية المجتمع الإسرائيلي وفق المنظور الصهيوني للتنمية، والذي يتعاطى مع الرواية الرسمية للدولة وللمجموعة اليهودية. فالجامعة الإسرائيلية لا تزرع داخل الطالب الفلسطيني القيم الوطنية، وحب الأرض، وحتى قيم المواطنة الصحيحة، فالطالب الفلسطيني يعيش حالة من الغربة في الجامعة، وفي صدام معها في أغلب الأحيان، الجامعة بما تمثله كمؤسسة وكمجتمع ثقافي، يتكون من الأساتذة والطلاب اليهود، والمساقات التدريسية، والرحلات التعليمية، والأبحاث العلمية، وبذلك تشكل الجامعة بالنسبة للطالب العربي محطة، ونقطة انطلاق في مسيرة الحراك الاجتماعي، ووكيلا للتحديث الفردي الذي لا ينعكس بالضرورة على تحديث المجتمع العربي فيما بعد، فالتحديث ينحصر في المجال الفردي، لذلك لم تتحول الطاقات الأكاديمية والعلمية العربية في إسرائيل إلى مقدرات جماعية، بل إن هنالك الكثير من الأكاديميين الذين انخرطوا في البنى الاجتماعية القائمة وتماهوا معها.
يشعر الطلاب الفلسطينيون في اسرائيل في علاقاتهم مع الجامعة بالاغتراب، لأن الجامعة تمثل حلقة من حلقات التمييز ضدهم، وقد لمسوا ذلك من خلال قضايا: القبول للجامعات، سكن الطلبة، محاكم الطاعة، وطرد طلاب فلسطينيين، كما في مجال المنح والتسهيلات المختلفة، والسلوك المعادي للفلسطينيين في مختلف المنظمات الطلابية، تقييد حرية التعبير، وأخيرا وضع عقبات بنيوية أمام انخراطهم في الجامعات وفي السلك الأكاديمي والبحث العلمي. ولا يشعر الطلاب الفلسطينيون في إسرائيل بأي حالة من الانسجام مع الجامعة سوى في نقطة التقاء واحدة، وهي التخرج، والحصول على اللقب الجامعي. لقد أثرت ثقافة الطلاب والبيئة التي أتوا منها، على تعامل الطلاب مع المشهد الثقافي داخل الجامعة، وتوجهاتهم التعليمية، فقد طبعت هذه الثقافة والبيئة الطلابية "بالفردانية" والتشديد على الإنجاز الشخصي، والتطور والتقدم الفردي.