المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقابلات
  • 10233
  • بلال ضاهر

فتحت الشرطة الإسرائيلية تحقيقا جنائيا ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، بإيعاز من المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، بعد تراكم أدلة تثير شبهات حول حصول نتنياهو على منافع شخصية، وربما خيانة الأمانة أيضا، بعد حصوله على "هدايا" من رجال أعمال إسرائيليين وأجانب، على شكل سيجار فاخر وزجاجات شمبانيا ثمينة.

وأجرى محققو الشرطة جلستي تحقيق مع نتنياهو يومي الاثنين والخميس من الأسبوع الماضي.

وقالت تسريبات من الشرطة إلى وسائل الإعلام إن التحقيق جار في ملفين: "الملف 1000" و"الملف 2000"، وإن الشبهات في الملف الثاني أخطر من الملف الأول. وحققت الشرطة، في إطار الملف الأول، مع رجل الأعمال والمنتج التلفزيوني، أرنون ميلتشين، الذي زود نتنياهو بكميات كبيرة من السيجار والشمبانيا بمبالغ تقدر بمئات آلاف الشواكل.

وفي إطار "الملف 2000"، أطلع محققو الشرطة نتنياهو على الشبهات ضده يوم الخميس الماضي، وتتعلق بمحادثات بينه وبين ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نوني موزيس، في العام 2014، عشية الإعلان عن تقديم موعد الانتخابات العامة. ووفقا لتسجيلات صوتية موجودة بحوزة الشرطة للمحادثات بين الاثنين، فإنهما سعيا لإبرام صفقة تقضي بأن يعمل نتنياهو على إضعاف صحيفة "يسرائيل هيوم" مقابل تغطية إيجابية من جانب "يديعوت" لنتنياهو. واعتبر مسؤولون في النيابة العامة أن هذه القضايا من شأنها أن تثير الرأي العام الإسرائيلي لكن ليس مؤكدا أنها تنطوي على مخالفات جنائية تصل إلى حد توجيه لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية.

من جهة أخرى، أدانت المحكمة العسكرية الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، الجندي القاتل، إليئور أزاريا، الذي أعدم الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل، في آذار 2016. وأدانت المحكمة أزاريا بالقتل غير العمد علما أنها أكدت أنه أقدم على ارتكاب جريمته بدافع الانتقام.

وأجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة حول هاتين القضيتين مع الناشط في حزب العمل الإسرائيلي والمحاضر في قسم "تاريخ إسرائيل" في جامعة حيفا، البروفسور داني غوطفاين.

(*) "المشهد الإسرائيلي": إلى أين سيفضي التحقيق الجنائي مع نتنياهو، وإلى أي مدى يهدد هذا التحقيق حكمه؟

غوطفاين: "يصعب معرفة ذلك، لأنه مما نشر حتى الآن يبدو أنه لا توجد لهذه التحقيقات أبعاد جنائية قوية. وفي المقابل، فإنه في المستوى العام توجد هنا أمور غير مقبولة، لكن ليس واضحا بعد إلى أي مدى ستكون هذه الأمور جنائية. ودعنا نفترض أن الجانب الجنائي لن يفضي إلى شيء، فإن السؤال هو هل الأخلاقية العامة ستحرك حركة شعبية أو احتجاجا سياسيا أو ضغوطا سياسية تؤدي إلى استقالته. وأنا لا أرى الآن أن أمرا كهذا سيحدث. وحسبما أرى الأمور حاليا، فإن من شأن التحقيقات أن تمس بصورة نتنياهو، وليس إلى انتهاء ولايته كرئيس للحكومة".

(*) في هذه الحالة، إذا لم تتم محاكمة نتنياهو، هل سيؤثر ذلك على سياسته، وهل سيكون أكثر قوة؟

غوطفاين: "لا أعرف بالضبط ما يختبئ في هذه التحقيقات أو الأدلة ضد نتنياهو. وقد كتب عدد من المحللين أن الجانب الجنائي ليس قويا جدا، وأنه توجد انتقادات لتصرف غير سليم. ويصعب جدا تقدير كيفية تأثير ذلك. لكن ينبغي الإشارة هنا إلى أنه توجد لنتنياهو معارضة داخل حزب الليكود أيضا وفي صفوف اليمين بشكل عام، من طرف أشخاص مثل (رئيس كتلة "البيت اليهودي" نفتالي) بينيت من جهة وأفيغدور ليبرمان من الجهة الأخرى. وواضح أنه لا يوجد تأييد مطلق لنتنياهو داخل صفوف اليمين. وإذا أردنا أن نفهم أين مكمن الخطر على حكم نتنياهو، فإنه من داخل اليمين، وأعتقد أن نتنياهو يدرك ذلك. وهذا يعني أنه من دون التحقيقات الجارية حاليا، توجد لنتنياهو مشكلة داخل اليمين. ومثال على ذلك أيضا، الأنباء التي تحدثت في نهاية الأسبوع الماضي، عن لقاء بين وزير المالية، موشيه كحلون، ورئيس حزب ’يش عتيد’، يائير لبيد، والحديث عن تشكيل حكومة بديلة. وسواء كانت هذه أنباء صحيحة أم لا، فإن لبيد يسعى إلى التقرب من اليمين والحصول على أصوات هناك. لذلك، فإن السؤال المطروح حاليا هو مدى تأثير هذه التحقيقات على معسكر اليمين. وأعتقد أنه ما زلنا في مرحلة ما قبل حدوث تطور كهذا. والحراك الذي يمكن أن يحدث هو أن قياديين في اليمين سيستغلون هذه التحقيقات من أجل تقويض حكم نتنياهو، ولم نصل إلى هذه المرحلة الآن".

(*) هل يتوقع انضمام شخصيات من خارج الحلبة السياسية، مثل رئيس أركان الجيش الأسبق غابي أشكنازي، أو عودة سياسيين إلى الحلبة السياسية، مثل موشيه يعلون وغدعون ساعر، أو حتى إيهود باراك النشط جدا في انتقاد نتنياهو في الآونة الأخيرة؟

غوطفاين: "لقد أعلن يعلون أنه عائد إلى الحياة السياسية وأنه سيرشح نفسه، لكن ليس واضحا بعد إلى أي إطار سياسي سيعود. وفيما يتعلق بغدعون ساعر وغابي أشكنازي فإن الأمور ليست واضحة، وأعتقد أنهما يبحثان عن الموقع الذي يمكن أن يدخلا من خلاله إلى الحلبة السياسية. وأشكنازي أدلى بأقوال وتلميحات بأنه معني بدخول المعترك السياسي. وبالنسبة لباراك، فهو نشط في تويتر، وقد سمعت أنه يعدّ لمهرجان تأييد له. وباراك ليس مستعدا لأن ينافس على رئاسة حزب، لكن في حال اقترحوا عليه رئاسة معسكر لديه احتمالات بالنجاح والوصول إلى رئاسة الحكومة فإنه قد يعود إلى الحياة السياسية بشكل كامل. لكن جميع هؤلاء ينتظرون أن تتضح الأمور بخصوص نتنياهو وبعد ذلك يقررون خطواتهم، وخاصة أشكنازي وباراك".

(*) فيما يتعلق بالجندي القاتل أزاريا، فإن الاستطلاعات أظهرت أن أغلبية الإسرائيليين يؤيدون إصدار عفو عنه. على ماذا يدل هذا الموقف؟

غوطفاين: "توجد هنا عدة أمور. أولا أنا لا أعتقد أن معظم الإسرائيليين، وبينهم أولئك الذين يؤيدون إصدار عفو عنه، يؤيدون العمل الذي قام به. وهذا يعني أنه ينبغي التمييز بين أزاريا وبين الذين يؤيدون منحه العفو. إضافة إلى ذلك، فإن إصدار عفو لا ينفي ارتكاب الجرم. ولذلك يعتقد الجمهور أنه إذا كانت المحكمة قد أدانت هذا الجندي، فإن ثمة مكانا أيضا لأن يتم أخذ ظروف الحدث بعين الاعتبار، مثل أنه جندي متفوق وحصل على وسام، وأن الحدث وقع في الخليل وهي مدينة صعبة وما إلى ذلك".

(*) جريمة الإعدام التي ارتكبها أزاريا لم تكن الأولى من نوعها التي ارتكبها جنود إسرائيليون بحق فلسطينيين. لماذا يحاكمونه هو بالذات؟

غوطفاين: "هذا واضح جدا. لأنه تم تصوير الحدث. وأنا أعتقد أنه على الرغم من كل العداء بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أنه ينبغي الحفاظ على قواعد إنسانية أساسية. وطالما أن الأمور، في الحالات الأخرى، لم تكن واضحة، فإنه لم يكن بالإمكان إجراء محاكمات. لكن قضية أزاريا كانت واضحة جدا. والشريط المصور هو الذي أوجد الفرق بين هذه الحالة والحالات الأخرى".

(*) هناك اعتقاد بأن الحكم على أزاريا سيكون مخففا...

غوطفاين: "لا أعرف. لكن يجب أن أقول إن قرار الحكم والإدانة (بالقتل غير العمد) واضح جدا ولا لبس فيه. لكنني لا أعرف الاعتبارات التي سيتم اتخاذها في قرار العقوبة. وأعتقد أنه بعد أن أدانته المحكمة بوضوح بالغ، قد يأخذون اعتبارات، مثل ظروف الحدث، لدى إصدار الحكم بالعقوبة".

(*) الانطباع السائد هو أنه سيصدر عفو عنه، خاصة بوجود رأي عام واسع يؤيد ذلك.

غوطفاين: "دعنا نتفق أن الرأي العام لا يصدر عفوا. الأمر الثاني هو أن قيادة الجيش تنظر إلى الجرم الذي ارتكبه أزاريا بشكل أخطر من نظرة المحكمة نفسها. ولذلك لا أعرف ما إذا كانت قيادة الجيش، التي تنظر إلى هذه الحالة على أنها مرفوضة وغير مقبولة أبدا، ستمنحه عفوا. ويتعين على رئيس أركان الجيش أن يقرر ذلك".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات