وتعرف ايضا بـ (الهولوكوست) اي الابادة أو المحرقة. والهولوكوست كلمة يونانية الاصل وتعني
(حرق القربان بالكامل) وبالعبرية (شوأه) (اي كارثة). وهناك من يترجمها الى العربية بـ (المحرقة). اما مصطلح الهولوكوست فيشير في العصر الحديث الى عمليات ابادة اليهود على يد النازية في المانيا. وتمكن المؤرخون ورجال السياسة من اليهود داخل وخارج اسرائيل من جعل مصطلح الهولوكوست حكرا على ابادة اليهود، علما ان ملايين كثيرة قد أُبيدت على يد النازيين من بين الشعوب الاخرى في اوروبا. ولهذا فإن (الهولوكوست) هي في مستوى اعلى مقارنة بما جرى للشعوب او المجموعات العرقية الاخرى في اوروبا في نفس الوقت وعلى يد نفس المجرم - النازي.
ولقد وضع النازيون مشروعاً عُرف باسم (الحل النهائي)، وهدف الى تصفية اليهود في عدة مراحل تمويها لهم وللعالم.
بدأت الكارثة، كما يراها مؤرخو اليهود، مباشرة عندما وصل الحزب النازي الى السلطة في المانيا العام 1933، واعلن النازيون عن مبادئهم (والتي كانت معروفة قبلاً)، وخاصة النظرية العرقية. ووصف النازيون اليهود بأنهم هم الذين صمموا هزيمة المانيا في الحرب العالمية الاولى، وما حل بألمانيا من دمار في كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والسكانية. وان اليهود يسعون الى السيطرة على مقاليد الحكم في المانيا ودول اوروبية اخرى، وبهذا يتسلطون على شعوب هذه الدول وبالتالي ينجح اليهود في توسيع رأسمالهم.
وسعت النازية الى طرد وابعاد اليهود من وظائفهم الحكومية والرسمية والتعليمية والاقتصادية، واخذت الدعاية النازية ضد اليهود شكلاً رسميا مع صدور قوانين نيرنبرغ العام 1935. وجرت بعد ذلك عملية طرد عدة آلاف من يهود المانيا الذين يحملون جنسية بولندية (اي غير المانية ومقيمون على الاراضي الالمانية). ومن ثم جاءت مرحلة الاعتداء على ممتلكات يهودية في بعض المدن الالمانية والتي وصلت الى قمتها في ( ليل البلور) العام 1938، وقتل من جرائها مئات اليهود وجرح كثيرون وتم اعتقال الالاف منهم وارسلوا الى معسكرات التجميع، اضافة الى تدمير شبه كلي للمحلات التجارية والكنس اليهودية التي لم تسلم من اعتداء الغوغاء.
وهذه التي تم وصفها اعلاه عُرفت بإسم المرحلة الاولى من الكارثة.
اما المرحلة الثانية من الكارثة فبدأت مع اندلاع الحرب العالمية الثانية في ايلول 1939 عندما احتل الالمان بولندا، حيث تم تجميع اليهود في غيتوات ومعسكرات من اجل تنفيذ الحل النهائي، الا وهو تصفية اليهود. وفرضت السلطات النازية على كل يهودي يتراوح عمره بين 14 و 60 عاماً العمل في المعسكرات، حيث مات الالاف منهم جراء القسوة والفظاظة التي استعملها الجنود الالمان ضد اليهود ، بالاضافة الى الظروف اللاانسانية التي سادت المعسكرات والنقص في المواد الغذائية وتردي الاحوال الصحية للمعتقلين. ومنعت السلطات الالمانية من اليهود حرية التنقل او السفر بالقطارات، وصودرت محلاتهم التجارية وممتلكاتهم كالبيوت والاراضي، ونهجت السلطات الالمانية نفس الاسلوب مع اليهود في بلجيكا وهولندا والنرويج وفرنسا وغيرها بعد وقوع هذه البلاد تحت احتلالها، فتمت عمليات نقل يهود الى معسكرات تجميع، ومن ثم الى معسكرات ابادة.
اما المرحلة الثالثة من الكارثة فكانت في تموز العام 1944 عندما احتلت الجيوش النازية دول البلطيق واوكرانيا وروسيا البيضاء، حيث تمت عمليات ابادة عشرات الالاف من السكان بما فيهم مجموعات من اليهود القاطنين فيها. واستعمل النازيون افران الغاز من اجل تنشيط وتسريع عملية الابادة والتخلص من المعتقلين. والواقع ان النازيين استعملوا اساليب الابادة في معظم البلدان التي وصلوا اليها وبشكل سريع.
وتفيدنا المصادر التاريخية الى ان المساقين الى معسكرات الابادة لم يكونوا على علم بما سيحل بهم، لأنه قيل لهم انهم سيُنقلون الى اماكن افضل للعمل. ولكن عندما انتشرت الاخبار حول ذلك، وكان الوقت قد مر حاولت مجموعات من اليهود التمرد والثورة وتنظيم عمليات سرية، ولكن بدون جدوى. واشهر تلك التمردات والثورات ثورة غيتو وارسو في مدينة وارسو (في بولندا) في 19 نيسان 1943.
ومن نتائج الكارثة ابادة جاليات يهودية بأكملها في عدة مدن اوروبية، وكذلك تدمير كنس ومقابر ومدارس ومكتبات ومؤسسات ومعاهد تعليمية ودينية يهودية. ووظفت الكارثة على نطاق واسع في تنشيط حركة هجرة اليهود من اوروبا الى فلسطين، والتعجيل في الاعلان عن اقامة دولة اسرائيل على الارض الفلسطينية وعلى انقاض المجتمع الفلسطيني، ما سبب النكبة الفلسطينية.