حركة يهودية للمتدينين المتزمتين. وهي في أساسها حركة عالمية، ولها فرع في إسرائيل ممثلاً بحزب يحمل اسم: (هستدروت اغودات يسرائيل في أرض اسرائيل) ويُشار إليه باختصار (اغودات يسرائيل).
وترى هذه الحركة أن التوراة والتراث اليهودي هما الأساس في وجود وديمومة شعب اسرائيل. ويتمثل فكرها الأساسي في أن الشعب اليهودي غير مشمول ضمن التركيبة السياسية للشعوب، وهو - أي الشعب اليهودي- متميز عن هذه الشعوب في جوهره. وسيد هذا الشعب هو الله (الوهيم أي الله بالعبرية) وتوراته هي الشريعة المُسيطرة على هذا الشعب، والارض المقدسة هي الارض الموعود بها الشعب اليهودي عبر العصور. لهذا فإن التوراة هي التي تحدد تحركات الحركة المذكورة.
وكانت انطلاقة (اغودات يسرائيل) من بين صفوف (الاتحاد الحرّ لشؤون اليهود المتدينين في المانيا)، الذي اظهر اهتماماً ملحوظاً في توحيد صفوف اليهود المتدينين لمواجهة المؤثرات العلمانية الزاحفة نحو حياة اليهود. وتم الاعلان رسمياً عن الحركة في ايار 1912 في مؤتمر عقد في كاتوفيتش في بولندا حضره مندوبون عن اليهود المتدينين من هنغاريا والمانيا ورؤساء المدارس الدينية (اليشيفوت) وحاخامات شرقي اوروبا، وذلك إثر القرار الصادر عن المؤتمر الصهيوني العاشر الذي انعقد في بازل- سويسرا، والداعي إلى إدراج الشؤون التربوية والتثقيفية ضمن المشروع الصهيوني وبرامجه المتعددة.
وتهدف إقامة حركة (اغودات يسرائيل) إلى الحفاظ على نمط الحياة المتدين التقليدي للصمود أمام الفكر الصهيوني وحركة (البوند) واليهودية الاصلاحية والاندماجية.
والواقع أن مجرد تأسيس هذه الحركة أثار ردود فعل وجدل في صفوف اليهود المتدينين. وتمحور هذا الجدل بين يعقوب روزنهايم الرئيس الاول للحركة الذي نادى الى تجمع اليهود حول اسرائيل دون الحاجة الخاصة لأرض اسرائيل، وبين اسحق برويال الذي نادى إلى إبراز الهدف الاسمى في إعداد شعب الله وارض الله لتوحيدهما من جديد في دولة تسير وفق شريعة الله. ولقد حُسم هذا الجدال بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ووقوع المحرقة (الهولوكوست) خلالها، وكل هذا بالرغم من أن التعاون بين الحركة والصهيونيين ظهر في الثلاثينيات من القرن العشرين.
ورغم الجدال القاسي في كثير من الاحيان بين بعض تيارات الحركة إلا أن هذه الحركة نجحت في إقامة شبكة معاهد دينية وتربوية كثيرة، أشهرها معاهد (بيت يعقوب).
وقامت الحركة بتأدية نشاط ملحوظ في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، حيث تبنت تمثيل الجاليات اليهودية المتدينة أمام سلطات دول كثيرة، وأيضاً أمام عُصبة الامم.
وأظهرت الحركة اهتماماً في تحضير وتسهيل هجرة يهود من اوروبا ليس على قاعدة الفكر الصهيوني بل الديني - التوراتي.
واحتفظت الحركة بمقرها المركزي في بولندا حتى الحرب العالمية الثانية، وبعد ذلك أقامت لها مقراً مركزياً في القدس وآخر في لندن وثالثاً في نيويورك.
ويقف على رأس الحركة (مجلس كبار حكماء التوراة)، بحيث أن قرارات هذا المجلس (وهي اشبه بالفتاوى) سارية المفعول على أعضاء الحركة واتباعها. أمّا الجسم الذي يأتي بعد هذا المجلس فهو عبارة عن (مجلس الكنيس الأكبر)، والذي يُنتخب مرة كل بضع سنوات دون تحديد المُدّة. وبعد هذا المجلس يوجد (المجلس العالمي) و (اللجنة التنفيذية)اللذان يُنتخبان من قِبل مجلس الكنيس الأكبر.
بدأت الحركة نشاطها في فلسطين العام 1912، وأخذ نشاطها يقوى ويزداد إثر الاحتلال البريطاني لفلسطين. وتزعم الحركة بين 1919 و1946 موشي بلوي والمرشد الأعلى الحاخام يوسف حاييم زوننفيلد، واهتم الاثنان بالتشديد على الابتعاد عن الاستيطان الصهيوني و(كنيست يسرائيل) (تجميع اسرائيل).
وشنت الحركة حرباً ضارية ضد الحاخامية العُليا وعلى الحاخام ابراهام اسحق هكوهين كوك، وكان للحركة سلسلة من المفاوضات مع جهات عربية فلسطينية في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، وكذلك مع الانكليز لمواجهة الانتشار الصهيوني. إلا أن هذا التوجه أخذ بالاضمحلال خلال الاربعينيات إثر وقوع المحرقة ضد اليهود وقوميات أخرى في المانيا وغيرها من الدول في أوروبا. وكذلك إثر وصول مجموعات من المهاجرين اليهود الى فلسطين. وازداد الهدوء في العلاقات بين الحركة والمستوطنات اليهودية (الييشوف) في اعقاب هجرة الزعيم الروحي للحركة الحاخام ميغور من بولندا إلى فلسطين، ونسيبه اسحق مئير لفين الذي اصبح فيما بعد الزعيم السياسي للحركة في فلسطين.
حصل من خلال هذا التحول تقارب بين المؤسسات الصهيونية واليهودية الأُخرى في فلسطين، وانضمت الحركة العام 1947 إلى المطالبين بإقامة دولة يهودية في فلسطين.
وجرى في أعقاب هذا الانضمام التوقيع على اتفاق (ستاتوس كفو) في الشؤون والقضايا الدينية بين الحركة وبين مؤسسات (الييشوف)، ولهذا تمثلت الحركة بعضوين في مجلس الشعب ومجلس الدولة المؤقت، وأصبح زعيمها لفين وزيراً للشؤون الاجتماعية منذ الاعلان عن إقامة اسرائيل وحتى تشرين الثاني 1952.
عملت (أغودات يسرائيل) منذ اقامة اسرائيل من أجل الحفاظ على أُسس حياة المجتمع اليهودي المتدين، وتستخدم الحركة قوتها السياسية لتحقيق هذا الهدف، وأحياناً بواسطة السعي من أجل إصدار قوانين دينية.
وعملت الحركة أيضاً من أجل منع تجنيد الفتيات اليهوديات والشبان اليهود المتدينين الذين يدرسون الدين اليهودي في المعاهد الدينية (اليشيفوت).
واهتمت الحركة في إقامة معاهد تعليمية مستقلة وخاصة بها، وعملت وما زالت، من أجل نيل مخصصات وميزانيات لدعم استمرار عمل هذه المعاهد الدينية. واعلنت الحركة في بياناتها ودعاياتها الانتخابية ما يلي: (الهدف الاساسي للحركة هو توحيد شعب إسرائيل في أرض اسرائيل تحت سلطة التوراة التي تُرشِد وتوجه اليهود في حياتهم الدينية والاقتصادية والسياسية في أرض اسرائيل ).
وبعد انتهاء عضوية لفين في الحكومة العام 1952 لم تُمثّل الحركة في الوزارات الاسرائيلية المتعاقبة بصفة وزير، إنما بصفة نائب وزير مع صلاحيات وزير. وكذلك اهتمت زعامة الحركة بأن يتولى أحد اعضائها في الكنيست رئاسة لجنة المالية التابعة للكنيست. وتهتم الحركة بالانضمام إلى كل ائتلاف حكومي سواء تم تشكيله على يد حزب العمل أو حزب الليكود.
أمّا على صعيد التركيبة الداخلية للحركة فهي عبارة عن مجموعة كُتل متنافسة فيما بينها، وأبرزها (الكتلة المركزية) (أي جماعة الحاخام غور) وكتلة (شلومي ايمونيم) بزعامة عائلة بوروش. وكتلة (فيجنيتس). وعملت لفترة طويلة كتلة هنغارية مثلت الشباب فيها بزعامة الحاخام اليعيزر مناحيم شاخ. انشقت العام 8981 إثر الاعلان عن إقامة حركة (ديجيل هتوراة)(علم التوراة). وانشقاق آخر سبق هذا الانشقاق حصل العام 1984 على خلفية طائفية بين اعضاء (اغودات يسرائيل)، نتج عنه إقامة حركة (شاس) للمتدينين اليهود الشرقيين (سفاراديم).
وظهرت حركة (اغودات يسرائيل) على الصعيد البرلماني في اسم آخر وهو (يهدوت هتوراة)(يهودية التوراة).
ويُبين الجدول التالي عدد المقاعد التي حصلت عليها الحركة في انتخابات الكنيست من الكنيست الثانية وحتى الحالية:
الكنيست
انتخابات عام
عدد الأعضاء
الثانية
1951
3
الثالثة
1955
4 (بالاشتراك جبهة التوراة و"عمال اغودات يسرائيل")
الرابعة
1959
4(بالاشتراك مع جبهة التوراة و(عمال اغودات)
الخامسة
1961
4
السادسة
1965
4
السابعة
1969
4
الثامنة
1973
4 (بالاشتراك جبهة التوراة و"عمال اغودات يسرائيل")
التاسعة
1977
4
العاشرة
1981
4
الحادية عشرة
1984
2
الثانية عشرة
1988
5
الثالثة عشرة
1992
3
الرابعة عشرة
1996
2
الخامسة عشرة
1999
3
السادسة عشرة
2003
2
وتلعب الحركة دوراً سياسياً مهماً في تشكيل الحكومات في اسرائيل، خاصة وأنها تشكّل الحاجة إلى اكتمال النصاب القانوني لتشكيل الحكومة الجديدة. وهذه الحاجة مقرونة بمخصصات مالية يُضطر الحزب الأكبر والذي كلّف زعيمه بتشكيل الحكومة إلى الالتزام بها.
وأقامت الحركة شبكة من الجمعيات النسائية تحت اسم (نساء اغودات يسرائيل)، وحركات شبيبة باسم (شبيبة اغودات يسرائيل) وغيرها من الجمعيات والحركات التابعة لها، لكسب مصوتين لانتخابات الكنيست، وأيضاً للضغط على الحكومة لأخذ الميزانيات والمخصصات.
المصطلحات المستخدمة:
الصهيونية, تجنيد الفتيات اليهوديات, بيت يعقوب, مجلس الشعب, دورا, الكتلة, الليكود, الكنيست, نائب وزير