تقدير موقف

تقرأ وتحلل قضايا مستجدة وتستشرف آثارها وتداعياتها سواء على المشهد الإسرائيلي او على القضية الفلسطينية.
  • تقدير موقف
  • 3229
  • انطوان شلحت

من الصعب أن نتكهن من النقطة الزمنية الراهنة بالنتائج التي قد تسفر عنها الانتخابات الإسرائيلية القريبة للكنيست الـ22، التي ستجري يوم 17 أيلول المقبل. وما يزال هذا الأمر مرتبطاً بعوامل كثيرة لعل أهمها تشكيل تحالفات جديدة أو إعادة تشكيل تحالفات سابقة، كما هي الحال مثلاً بين أحزاب اليمين الاستيطاني، والأحزاب العربية، وحزبي العمل وميرتس، وحتى في وسط تحالف "أزرق أبيض". بموازاة ذلك ليس من الصعب الإشارة إلى عدة أمور في سياق هذه الانتخابات تبدو واضحة أكثر وفيها ما يشير إلى منحى واحد أو أكثر قد تتجّه نحوه هذه الانتخابات.

مهما تكن هذه الأمور، ستتوقف هذه الورقة عند ما يلي:
أولاً، الغاية الرئيسية من هذه الانتخابات بالنسبة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحزب الليكود، باعتبارهما مَن تسبّبا بصورة رئيسة بهذه الانتخابات؛
ثانياً، جوهر الأجندة الأساس التي من المتوقع أن تتمحور الانتخابات من حولها؛
ثالثاً، السمات الأبرز التي يمكن استشفافها من الانتخابات التي جرت في نيسان الفائت، وكيف تؤثر في الحراكات الجارية استعداداً للانتخابات في أيلول 2019.

تقديم الانتخابات- الأزمة والوقائع

كما ذكرنا في تقرير سابق،  صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءتين الثانية والثالثة ليلة 30 أيار الماضي على مشروع قانون حلّه وإجراء انتخابات عامة مبكرة، وذلك قبل دقائق من انقضاء المهلة التي منحها رئيس الدولة إلى بنيامين نتنياهو من أجل تأليف حكومة جديدة، وبعد أقل من شهرين على إجراء الانتخابات العامة الأخيرة يوم 9 نيسان الفائت، وهي خطوة غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل.

وجاءت المصادقة على مشروع قانون حلّ الكنيست الـ21 بعد أن وصلت مفاوضات اللحظة الأخيرة بين رئيس الحكومة ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان إلى طريق مسدود، حيث رفض هذا الأخير قبول اقتراحات حل وسط مختلفة وأكد أنها لا تختلف عما تم اقتراحه سابقاً. وحاول نتنياهو التوفيق بين مطلب "إسرائيل بيتنا" تمرير "قانون التجنيد" الذي لا يستثني الشبان اليهود الحريديم (المتشددون دينياً) من الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي، وبين مطلب حزب يهدوت هتوراه الحريدي الذي يصر على إعفائهم.

ورافقت عملية تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة وإخفاقها أزمات تتعلق بقانون تجنيد الشبان اليهود الحريديم، وقانون الحصانة، وقانون الحدّ من صلاحيات السلطة القضائية.
وبناء على ذلك من المرتقب أن تكون هذه الأزمات ملازمة للمعركة الانتخابية، ولا سيما في أوساط أحزاب اليمين.

وبينما أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان أنه ينوي تركيز المعركة على قانون التجنيد، وأنه يجب اعتماد صيغة لهذا القانون استناداً إلى توصية الجيش الإسرائيلي وليس إلى توصية الأحزاب الحريدية، فإن نتنياهو ما يزال يركز المعركة على المسألتين الأخريين: قانون الحصانة، وقانون الحدّ من صلاحيات السلطة القضائية.

ويهدف نتنياهو من وراء ذلك إلى تجنّب احتمال تقديم لوائح اتهام ضده في إثر مرحلة الردّ الأولي خلال المساءلة التي ستُجرى له أمام المستشار القانوني للحكومة بشأن شبهات حائمة حوله في ثلاث قضايا فساد: الأولى القضية رقم 1000 وهي شبهة تلقيه "هدايا" أو "عطايا" من رجل الأعمال اليهودي أرنون ميلتشين وغيره، والثانية القضية رقم 2000 والتي تدور حول جلسات عقدت بين نتنياهو ومالك صحيفة "يديعوت أحرونوت" أرنون موزيس وإمكانية وجود شبهة تلقي رشوة بين الطرفين، والقضية رقم 4000 وهي قضية فساد تتعلق بموقع "واللا" الإخباري.

وتؤكد مزيد من التحليلات الإسرائيلية في هذا الصدد أن نتنياهو هو من بادر بالذات إلى تقديم موعد الانتخابات من أجل هذه الغاية، في حين كانت هناك إمكانية أخرى ماثلة أمامه. فوفقاً لـ"قانون أساس: الحكومة" إذا مرت الفترة القانونية ولم يبلّغ عضو الكنيست المكلّف بتأليف حكومة رئيس الدولة بأنه ألّف حكومة، أو بلّغه بأنه لم ينجح في التأليف، يكلّف رئيس الدولة مهمة تأليفها إلى عضو كنيست آخر يعلن أمام رئيس الدولة استعداده للقيام بهذه المهمة. لكن نتنياهو استبق هذه الخطوة بتقديم قانون حلّ الكنيست وتجنيد أغلبية لإقراره كي يحول دون تكليف شخص آخر غيره بهذه المهمة. 

وبموجب ما أكد أيضاً وزير العدل الإسرائيلي السابق دان مريدور، الذي كان أحد أبرز قادة الليكود، فإن القانون يتيح إمكان حلّ الكنيست في حال الإخفاق في تأليف حكومة جديدة، لكن ما حصل هنا وفي هذه الحالة هو سطو في عتمة الليل، في اللحظة الأخيرة، قبل أن ينتهي موعد الـ 42 يوما المتاحة لنتنياهو لتأليف حكومته الجديدة، بحسب القانون. ومعنى هذا أن نتنياهو أوصل الدولة إلى نقطة يقول فيها: "إما أكون أنا رئيس الحكومة وإما لا تكون حكومة". وهذا أمر لم يكن يقصده القانون مطلقاً. وربما كان شخص آخر من الليكود، غير نتنياهو، يستطيع تأليف حكومة جديدة وربما شخص ثالث من خارج الليكود أيضا، وعندئذ ما كنا لنصل إلى هذه الأزمة السياسية العميقة. دان مريدور: بيغن كان زعيماً تاريخياً ونتنياهو ليس من صنفه، مقابلة. دي ماركر 7/6/2019.

وفي خضم توليه مهمات رئاسة الحكومة الانتقالية التي ستستمر حتى انتخاب الكنيست الـ 22 ثم تأليف الحكومة المقبلة، قام نتنياهو بتعيين عضو كنيست من الليكود مُقرّب منه هو أمير أوحانا وزيراً للعدل. وفور تعيين هذا الأخير أدلى بتصريحات هاجم فيها الجهاز القضائي والمحكمة العليا أثارت موجة عارمة من النقد الشديد، إلى حدّ أنها أخرجت كلاً من رئيسة المحكمة العليا، القاضية إستير حيوت، والمستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، عن صمتهما، وهما المنصبان اللذان يمتنع من يشغلهما، في العادة وفي الغالب، عن الخوض في أي نقاشات سياسية أو أي سجال سياسي مع أي من المسؤولين السياسيين. 

وافتتح أوحانا سلسلة تصريحاته هذه في كلمة ألقاها خلال حفل نظمته "نقابة المحامين" لتأهيل فوج جديد من المحامين في إسرائيل (يوم 10 حزيران 2019)، فقال إن "من يريد مصلحة الجهاز القضائي في إسرائيل ينبغي أن يكون مستعداً لتوجيه النقد له، وهو ما يعني أيضاً إجراء تغييرات فيه". وأضاف: "إن التغيير يعني الإصلاح، والإصلاح لن يتحقق إذا ما رضخنا أمام صرخات بالية تدعي وتحذر من نهاية الديمقراطية وتدمير سلطة القانون حيال أي تحرك عن الوضع القائم". وأضاف أنه "لا مناص من الاستنتاج بأن السلطة القضائية هي الأقل ديمقراطية من بين السلطات الثلاث" (إضافة إلى التشريعية/ الكنيست والتنفيذية/ الحكومة) لأن "قضاة المحاكم لا يتحملون أي مسؤولية عن نتائج قراراتهم ولا يخضعون لانتخاب الجمهور كل أربع سنوات ليحصلوا على ثقته"!! ولأن "القضاة لا يتخذون قراراتهم بناء على اعتبارات مهنية فقط، بالضرورة"!!

ولم يتوقف أوحانا عند ذلك، بل توغل أكثر في الهجمة ضد الجهاز القضائي والمحاكم، وخاصة المحكمة العليا، وذلك خلال المقابلة التي أجريت معه في النشرة الإخبارية في قناة التلفزة 12-الثانية سابقاً (يوم 12 حزيران 2019) إذ كرّر تصريحاً كان أدلى به قبل عدة أعوام وقال فيه إنه "ليس إلزامياً تنفيذ جميع قرارات الحكم القضائية التي تصدرها المحكمة العليا الإسرائيلية" لأن "الاعتبار الأعلى والأكثر أهمية يجب أن يكون المحافظة على حياة المواطنين"!! وهو تصريح غير مسبوق في الساحة السياسية والقضائية الإسرائيلية.

وبالرغم من أن أوحانا كان أطلق في السابق تصريحات كثيرة ضد المحكمة العليا وقضاتها خصوصا (وصفهم بأنهم "عصابة سلطة القانون"، في تغريدة على حسابه في "تويتر") والجهاز القضائي عموما وشارك في مبادرات تشريعية، أو كان المبادر في بعضها، للتضييق على المحكمة العليا وتقليص صلاحياتها، إلا إن جميع تلك التصريحات والمبادرات كانت ضمن نشاطه السياسي ـ الحزبي كعضو في الكنيست مندوباً عن اليمين وحزبه الأكبر الليكود، بينما تأتي تصريحاته الجديدة الآن وهو يشغل منصب وزير العدل، المسؤول المباشر عن الجهاز القضائي ومحاكمه ورئيس "لجنة تعيين القضاة" فيها. وهذا، تحديدا، هو ما جعل هذه التصريحات في غاية الخطورة، حسبما أكد عدد كبير من أساتذة الحقوق الجامعيين والمعلقين القضائيين والصحافيين وكذلك السياسيين. 

وكان من أبرز هؤلاء أستاذ القانون في "الجامعة العبرية" في القدس سابقا والمحلل القانوني في صحيفة "هآرتس" حاليا، البروفسور مردخاي كريمنتسر، الذي اعتبر أن تعيين أوحانا لمنصب وزير العدل في إسرائيل هو "خطوة في غاية الخطورة"، لأن "الاعتبار الوحيد الذي يشغل بال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ويدفعه إلى هذا التعيين هو: من هو الشخص الأكثر ملاءمة لتخليصه من ورطة المثول أمام القضاء في شبهات الفساد الخطرة المنسوبة إليه رسميا؟". وكتب كريمنتسر أن "مصلحة من قرر هذا التعيين تلقي بظلال كثيفة على من فاز بالتعيين. فرئيس الحكومة يتوقع وينتظر المقابل على هذا التعيين من خلال خدمة شؤونه وغاياته الشخصية. وكون التعيين مؤقتا حتى الانتخابات يضع أوحانا في اختبار: إذا لم يلب رغبة سيده بالتمام والكمال في مسألة تخليصه من الإجراءات القضائية، فلن يفوز بهذا المنصب ثانية بعد الانتخابات المقبلة في حال فاز فيها نتنياهو وقام بتأليف الحكومة الجديدة". 

ويتفق كبير المحللين السياسيين في قناة التلفزة 12 أمنون أبراموفيتش مع هذه الاستنتاجات فيقول: لا تقعوا فريسة الارتباك ولا تدعوا البلاغة تخدعكم؛ لا تشتروا البضاعة القديمة المستعمَلة؛ الانتخابات المقبلة ليست صراعاً بين اليمين واليسار، بين الحمائم والصقور، بين الرأسماليين والاشتراكيين ـ الديمقراطيين. الانتخابات هي معركة على الحصانة. نقطة. ولذا يبذل نتنياهو كل ما في وسعه من جهود جبارة من أجل توحيد المتدينين والحريديم، القومجيين المتعصبين والمخبولين، ورصّهم في بلورات كبيرة. فهو يعلم أن شرخاً قد حدث لدى كثيرين من مصوتي الليكود، وأن أشخاصاً كثيرين أدركوا أنه يطلب أصواتهم من أجله هو لا من أجلهم هم، ولغايات شخصية لا قومية، وكي ينجو من أفعاله لا كي ينفذ أعمالاً. وبرأيه، سيدور السجال السياسي في الانتخابات المقبلة بأصوات خفيضة لا بل بالهمس، هذا إن جرى أصلاً. ولن يتحدثوا فيها لا عن السلام، ولا عن التسوية، ولا عن إنهاء الاحتلال أو تقليصه. وقد تكون النتيجة الأفضل تشكيل حكومة يمين ـ وسط، أي حكومة "أزرق أبيض" مع الليكود بدون نتنياهو، أما اليسار فسيضطر إلى انتظار فرصة أخرى.  
مشهد التحالفات

كان من أحد أبرز نتائج انتخابات نيسان الماضي تراجع قوى حزبية وسياسية فككت تحالفات قائمة بينها، وهو ما ينطبق على التحالفات التالية:

أولاً، تحالف "المعسكر الصهيوني" بين حزبي العمل و"الحركة" بزعامة تسيبي ليفني، والذي أدّى تفكيكه إلى انسحاب الأخيرة من المنافسة الانتخابية، في حين هبط تمثيل حزب العمل من 19 عضو كنيست في انتخابات 2015 إلى 6 أعضاء في انتخابات 2019؛

ثانياً، تحالف "البيت اليهودي" الذي تشكل قبيل انتخابات 2013 وخاض انتخابات 2015 أيضاً، وقام بتفكيكه وزير التربية والتعليم السابق نفتالي بينيت ووزيرة العدل السابقة أييلت شاكيد وأسسا حزب "اليمين الجديد" الذي خسر الانتخابات، وانخفض تمثيل تحالف أحزاب المستوطنين ("اتحاد أحزاب اليمين") من 8 إلى 5 مقاعد؛
ثالثاً، تحالف "القائمة المشتركة" التي تمثل أحزاب الفلسطينيين في الداخل، والذي تمّ تفكيكه وخاضت الأحزاب الأربعة الانتخابات بقائمتين (قامة الجبهة والعربية للتغيير وقائمة التجمع الوطني والقائمة العربية الموحدة) فحصلتا على 10 مقاعد، بدلاً من 13 مقعدا حصلت عليها القائمة المشتركة، كما تسبّب هذا التفكيك بانخفاض نسبة التصويت بين العرب من 62 بالمئة في انتخابات 2015 إلى 53 بالمئة في انتخابات 2019.

وفي ضوء ذلك تجري حراكات في صفوف قوى كل هذا التحالفات السابقة لم يُنجز منها شيء باستثناء إعلان نوايا عامة حيال "إعادة التوحيد".

وأعلنت الأحزاب العربية الأربعة عزمها خوض الانتخابات للكنيست الـ22 في قائمة واحدة. وجاء هذا الإعلان في سياق بيان صادر عن الأحزاب الأربعة في ختام الاجتماع الذي عقدوه يوم 20 حزيران الجاري وأكدوا فيه التزامهم الكامل بالقائمة المشتركة كخيار وحيد لخوض الانتخابات وضرورة الإسراع في إتمام تشكيلها للانطلاق في حملة انتخابية قوية لتقوية التمثيل السياسي للجماهير العربية. كما أكدوا أن الأسباب والدوافع لإقامة القائمة المشتركة في العام 2015 لم تقل بل زادت، وأن التحديات السياسية المقبلة تُحتّم الوحدة.

وأوضح البيان أن المجتمعين ناقشوا آليات صياغة برنامج سياسي للقائمة المشتركة وكذلك برنامج مفصّل للعمل البرلماني وخطة استراتيجية وإدارية، كما بحثوا سبل زيادة المشاركة الشعبية والجماهيرية في عمل القائمة المشتركة وذلك عبر تشكيل طواقم عمل وطواقم استشارية تساهم في دعم العمل البرلماني.

وأكد المجتمعون أن نتائج الانتخابات الأخيرة شكلت ضربة قوية للعمل السياسي العربي عموماً، وأن هناك ضرورة لاستخلاص العبر منها والعمل على العودة إلى القائمة المشتركة والالتزام بها ليس كخيار للأحزاب فقط بل تلبية لمطلب المجتمع العربي.

وقرر المشاركون في الاجتماع تكثيف جلسات التفاوض للتوصل إلى اتفاق نهائي يشمل البرنامج السياسي وخطة العمل وتركيبة القائمة وهيكليتها التنظيمية. وأكّدوا جميعاً أنهم متفقون على إقامة القائمة المشتركة وأن الحوار والنقاش هو حول التفاصيل لضمان نجاح القائمة وتحقيق الأهداف المرجوة منها.

كذلك هناك شبه إجماع داخل حزب العمل على أنه لا يمكنه خوض الانتخابات بقائمة منفردة، وكان تلقى عرضا من حزب ميرتس لخوض الانتخابات بقائمة مشتركة. في الوقت نفسه عاد إيهود باراك ليطرح نفسه في الانتخابات المقبلة. وهناك أنباء تفيد أنه ينوي تشكيل حزب جديد لخوض الانتخابات.

كما ظهرت مؤشرات أولية إلى احتمال إعادة تشكيل تحالف "البيت اليهودي".

وقبل حلّ الكنيست الـ21 في أيار الماضي بادر نتنياهو إلى دمج حزب "كلنا" برئاسة وزير المالية موشيه كحلون ضمن قائمة الليكود لخوض الانتخابات بقائمة مشتركة تحت اسم الليكود، وهو الحزب الذي سبق لكحلون أن انسحب منه.

إجمال

ما يزال من الصعب التكهن من النقطة الزمنية الحالية بالنتائج التي قد تسفر عنها الانتخابات الإسرائيلية القريبة للكنيست الـ22، التي ستجري يوم 17 أيلول المقبل. فهذا الأمر يبقى مرتبطاً بعوامل كثيرة لعل أهمها تشكيل تحالفات جديدة أو إعادة تشكيل تحالفات سابقة، كما هي الحال مثلاً بين أحزاب اليمين الاستيطاني، والأحزاب العربية، وحزبي العمل وميرتس، وحتى في وسط تحالف "أزرق أبيض".

بموازاة ذلك ليس من الصعب الإشارة إلى عدة أمور في سياق هذه الانتخابات تبدو واضحة أكثر وفيها ما يشير إلى منحى واحد أو أكثر قد تتجّه نحوه هذه الانتخابات.

وما يمكن قوله هو أن الأزمات التي رافقت عملية تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة وإخفاقها عقب انتخابات نيسان الماضي، والتي كانت متعلقة بقانون تجنيد الشبان اليهود الحريديم، وقانون الحصانة، وقانون الحدّ من صلاحيات السلطة القضائية ستكون ملازمة للمعركة الانتخابية، ولا سيما في أوساط أحزاب اليمين.

وبينما أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان أنه ينوي تركيز المعركة على قانون التجنيد وأنه يجب اعتماد صيغة لهذا القانون استناداً إلى توصية الجيش الإسرائيلي وليس إلى توصية الأحزاب الحريدية، فإن نتنياهو ما يزال يركز المعركة على المسألتين الأخريين: قانون الحصانة، وقانون الحدّ من صلاحيات السلطة القضائية.

ويهدف نتنياهو من وراء ذلك إلى تجنّب احتمال تقديم لوائح اتهام ضده في إثر مرحلة الرد الأولي خلال المساءلة التي ستُجرى له أمام المستشار القانوني للحكومة بشأن شبهات حائمة حوله في ثلاث قضايا فساد.

وتؤكد تحليلات كثيرة أن الانتخابات المقبلة ستكون معركة على هذا الهدف وليست صراعاً بين اليمين واليسار، ولا على السلام، أو التسوية، ولا على إنهاء الاحتلال أو تقليصه.