ثمة جملة حقائق مركزية تُبرزها وتؤكدها محاكمة الجندي الإسرائيلي إليئور أزاريا، قاتل الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل (يوم 24 آذار 2016)، وتحظى بإجماع عام، ليس على المستوى الإسرائيلي فحسب، أولها وأهمّها كونها محاكمة صورية اضطرارية لا علاقة لها، البتّة، بنهج الجيش الإسرائيلي وبسياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وأحزابها المختلفة ولا تعبّر عنها إطلاقاً، حتّمتها حقيقة واحدة فقط هي أن هذه الجريمة، خلافا لجرائم أخرى كثيرة مماثلة، بل أخطر بكثير حتى، تم توثيقها بالصوت والصورة. ولولا هذه الحقيقة، لما دخلت إسرائيل هذه "الدوامة" التي كشفت حقائق أخرى ترتبت عليها بُذلت وتُبذل جهود جبارة في محاولة طمسها وتغييبها، تكللت (هذه الجهود) حتى الآن بقدر كبير جدا من "النجاح" يضع محاكمة الجندي أزاريا هذه في حجمها الصحيح والطبيعي ـ استثناء نادراً جدا، كما تؤكد تقارير مختلفة صدرت عن منظمات حقوقية إسرائيلية تنشط في هذا المجال.
رفع اتحادا المطاعم والفنادق الإسرائيليان في الأيام الأخيرة التماسا جديدا إلى المحكمة العليا لكسر احتكار إصدار شهادات الحلال اليهودي، ما يعيد القضية من جديد إلى السطح؛ في حين تتمسك الحكومة الحالية بهذا الاحتكار، وحتى أنها تدعم قوانين تمنع كل ما من شأنه التحرر من هذا الاحتكار، الذي يكلف المطعم أو الفندق سنويا عشرات آلاف الدولارات، وفي حال الفنادق الكبيرة فإن الفاتورة قد تصل إلى مئات الآلاف سنويا. ويؤكد عاملون في قطاع الفندق والمطاعم وجود دوافع تجارية، وخدمة مصالح، وليست كلها دينية في الشروط التي يطرحها الحاخامون.
يمكن الاتفاق، تماماً، مع الرأي الذي سجله "الصندوق الجديد لإسرائيل" في تعقيبه على ما تعرضت له نائبة رئيسه، جينيفر غوروفيتش، من احتجاز واستجواب في مطار اللد (بن غوريون) الدولي، فقال إن "حادثة غوروفيتش" هذه تنضم إلى "قانون التسوية" غير الديمقراطي وإلى طلب نتنياهو من رئيس حكومة البريطانية، تيريزا ماي، خلال لقائهما في لندن الأسبوع الماضي، التوقف عن تمويل منظمة "لنكسر الصمت" الإسرائيلية (رغم أن الحكومة البريطانية قد توقفت عن تمويل هذه المنظمة منذ سنوات) وأن "هذه، جميعها، هي جزء من التوجه الذي نراه يتفاقم ويتخذ أشكالا خطيرة في الأشهر الأخيرة"، ضمن "مسعى منهجي ومتصاعد تقوم به حكومة نتنياهو لإخراس الإسرائيليين الذين يعارضون الاحتلال، العنصرية، التمييز بحق الأقليات والفساد المستشري في الدولة، لتخويفهم، لمحاصرتهم ولنزع الشرعية عنهم حدّ إخراجهم خارج القانون".
تفجرت في الأيام الأخيرة مرة أخرى المعركة الإسرائيلية الداخلية على الحق في فتح المحال التجارية، وبضمنها الغذائية، في أيام السبت. ويقف في مركز القضية الآن القانون البلدي الذي أقرته بلدية تل أبيب، قبل سنوات، ويسمح لقسم من المحال التجارية، وفي ظروف معينة، بفتح أبوابها في أيام السبت. إلا أن القانون يحتاج إلى مصادقة وزير الداخلية، المتدين المتزمت آرييه درعي، الذي أعادت له الحكومة صلاحية التحكم بالعمل أيام السبت. وهذه واحدة من أكثر القضايا الساخنة، إلى جانب قضية المواصلات، في المعركة ضد الإكراه الديني.
ليس من الواضح، اليوم، متى سيُطرح مشروع "قانون التسوية" لنهب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وشرعنة "المستوطنات غير القانونية"، على طاولة الكنيست الإسرائيلي للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة وإقراره نهائياً، إن كان سيصل إلى هذه المرحلة أصلاً، غير أن الواضح تماماً هو أن هذا القانون يثير إشكاليات سياسية ـ حزبية عديدة، داخلية محلية وخارجية دولية، وأكثر منها قضائية على صعيد القانون الدولي، بيد أن عدم إقراره حتى الآن لا يضع أية عقبة، ولو عثرة صغيرة، أمام استمرار البناء الاستيطاني، بل اتساعه يومياً، على الأراضي الفلسطينية في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وهو ما تجسد أخيراً في قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، المصادقة على بناء 2,500 وحدة سكنية استيطانية جديدة في مستوطنات مختلفة.
*عشرات القرى التي تضم حتى قرابة 100 ألف نسمة محرومة من الاعتراف الرسمي ومن فرص حياة طبيعية *40 ألف نسمة وأكثر مهددون بالاقتلاع من قراهم *نسبة البطالة بين عرب النقب تصل إلى 37% (النسبة العامة 4,6%) *نسبة الفقر بينهم حتى 70% وبين الأطفال 80% *مشاريع اقتلاع لغرض إقامة مستوطنات لليهود وتوزيع الأراضي المصادرة على اليهود مجانا*
الصفحة 19 من 61