صادقت حكومة إسرائيل، أمس الأحد - 9.9.2012، على الاعتراف بـ "المركز الجامعي" في مستوطنة "أريئيل" على أنه جامعة. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن جميع الوزراء أيدوا القرار، باستثناء وزير الدفاع إيهود باراك، ووزيرة الزراعة أوريت نوكيد، من حزب "عتسماؤوت" الذي يرأسه باراك.
ووفقا لصيغة قرار الحكومة فإن القرار سيصبح ساري المفعول بعد مصادقة المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، وذلك بعد أن تصدر المحكمة العليا قرارا في الموضوع.
وجاء في قرار حكومة إسرائيل أن "الحكومة تؤكد على أنها تنظر بأهمية وطنية إلى تحويل المركز الجامعي في أريئيل إلى جامعة، وتصدر توجيهات بتنفيذ الإجراءات المطلوبة من أجل اتخاذ قرار بشأن المصادقة على قرار مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة، بحيث يخضع لوجهة نظر المستشار القانوني للحكومة".
وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن الصيغة الضبابية لقرار الحكومة نابع من التعقيدات القضائية والسياسية التي تواجهها قضية "جامعة أريئيل". فقد قررت الحكومة المصادقة على قرار "مجلس التعليم العالي" الاستيطاني والذي يخضع للقائد العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية، قبل صدور قرار المحكمة العليا في التماس ضد قرار "مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة".
وقال رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع الحكومة إنه "من المهم أنه تكون هناك جامعة أخرى في دولة اسرائيل ومن المهم أن تكون هناك جامعة في أريئيل". وأضاف، مشيرا إلى معارضة رؤساء الجامعات الإسرائيلية الاعتراف بـ "جامعة أريئيل"، أنه يحب أن يكسر الاحتكارات والكارتيلات في كل المجالات وهذا واحد من هذه المجالات، وأنه لا يعتقد "أنه تكفينا سبع جامعات في اسرائيل، وبعد 40 عاما ستنضم إليها جامعة جديدة".
وتابع نتنياهو أن "أريئيل هي جزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل، وهي ستبقى هكذا في إطار أي تسوية يتم التوصل إليها في المستقبل مثلها مثل باقي الكتل الاستيطانية. والمصادقة على الجامعة في أريئيل تعتبر جزء من سلسلة العمليات التي نقوم بها من أجل تعزيز التعليم العالي في دولة اسرائيل وهذا القرار يعبر عن ثقتنا بالمستوى الأكاديمي في أريئيل".
"القرار سيؤدي إلى مقاطعة دولية ضد طلاب الجامعات"
وعقبت لجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية على قرار الحكومة بالقول "هذا قرار سياسي كان معروفا سلفا وتمت حياكته على مدار سنين. ولا توجد أية حاجة إلى جامعة أخرى في إسرائيل، والحديث يدور على خطوة جاءت لتخدم مصالح ائتلافية وسياسية وستكون نهايتها جلب كارثة على التعليم العالي في إسرائيل".
وقال مسؤولون في الجامعات الإسرائيلية لوسائل إعلام إن "المركز الجامعي" في مستوطنة "أريئيل" هو "كلية سياسية ولو لم يكن لديها أوصياء بين السياسيين لما فكر أحد بدفع فكرة سخيفة كهذه قدمًا".
بدورها حذرت رئيسة حزب ميرتس، عضو الكنيست زهافا غالئون، من أن القرار، ودعم نتنياهو له، سيلحقان ضررا بالأكاديميا الإسرائيلية كلها. ولفتت إلى أن "هذه الحكومة نجحت في التسبب بوضع إشارات على منتجات المستوطنات [في إطار حملات دولية لمقاطعتها]، والآن قد تتسبب بوضع إشارات على طلاب جامعيين".
من جانبه قال سكرتير حركة "السلام الآن" المناهضة للاحتلال والاستيطان، ياريف أوبنهايمر، إن "قرار الحكومة بخصوص أريئيل سيمس بمكانة التعليم العالي في إسرائيل وسيميز لصالح التعليم في المستوطنات". وأضاف أن حكومة نتنياهو مستمرة في رهن نفسها لصالح المستوطنات. وبدلا من المصادقة على جامعة أخرى في الجليل أو في سديروت [في جنوب إسرائيل]، يتم تحويل الميزانيات مرة أخرى إلى الجانب الآخر من الخط الأخضر.
هيئة حكومية: لا حاجة إلى جامعة جديدة
وكان "مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة" قد قرّر، بأغلبية كبيرة، في 17 آب الماضي، تحويل "المركز الجامعي" في "أريئيل" إلى جامعة. ورحب وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، غدعون ساعر، بهذا القرار. واعتبر ساعر أن "مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة قرر عدم الاستسلام للضغوط والجبن واتخذ قرارا صائبا وموضوعيا ومهنيا بالاستناد إلى تقرير لجنة فحص أكاديمية. والقرار هو بشرى هامة للمركز الجامعي أريئيل كما أنه يخدم مصلحة جهاز التعليم العالي في إسرائيل".
وعبر المسؤولون في "المركز الجامعي أريئيل" عن رضاهم من قرار مجلس التعليم الاستيطاني وادعوا أن هذه الكلية عملت خلال السنوات الماضية "كجامعة بكل ما يعني ذلك". وقال رئيس "المركز الجامعي أريئيل"، البروفسور دان مائيرشطاين، إن "هذا يوم عظيم للأكاديميا الإسرائيلية. وقد تم صنع تاريخ وطني هنا. لأول مرة منذ أربعين عاما، قامت جامعة جديدة في إسرائيل، التي تفتح أبوابها لكافة الشرائح السكانية، وتجند باحثين شبانا، وتعيد محاضرين وباحثين من خارج البلاد إلى صفوفها ليثروا الصناعة الأكاديمية في إسرائيل".
وقال رئيس "لجنة التخطيط والموازنة" والمستشار الاقتصادي لرئيس حكومة إسرائيل، البروفسور مانويل تراختنبرغ، بعد قرار مجلس التعليم العالي الاستيطاني، إنه بعد اتخاذ القرار ينتقل الحسم إلى القائد العسكري للضفة الغربية.
لكن توصية "لجنة التخطيط والموازنة" قضت بتمديد الاعتراف بـ "المركز الجامعي أريئيل" لمدة عام. وقال أعضاء في اللجنة إنه من خلال التدقيق في بنية جهاز التعليم العالي الإسرائيلي كله ومقارنته مع الوضع في الولايات المتحدة، وخصوصا ما يتعلق بالنقص في السلك الأكاديمي ونسبة الطلاب مقابل المحاضرين، وتوزيع البنى التحتية البحثية المركزية، فإنه "لا توجد اليوم حاجة إلى إقامة جامعة أخرى".
واضاف أعضاء اللجنة أن "هذا قرار سياسي معروف سلفا. ورئيس الحكومة هو الذي يتعين عليه الآن اتخاذ قرار قيادي من أجل منع كارثة لجهاز التعليم العالي في إسرائيل".
الجامعات الإسرائيلية تلتمس إلى المحكمة العليا ضد الاعتراف
قدمت الجامعات الإسرائيلية التماسا إلى المحكمة العليا ضد الاعتراف بتحويل "المركز الجامعي أريئيل" إلى جامعة، وشددت على أنه لا توجد أي حاجة لإقامة جامعة لغتها عبرية في الضفة الغربية.
وقدم الالتماس باسم رؤساء الجامعات في إسرائيل وهي، الجامعة العبرية في القدس، ومعهد الهندسة التطبيقية "التخنيون" في حيفا، وجامعة تل أبيب، ومعهد وايزمان للعلوم في مدينة رحوفوت، وجامعة بار إيلان، وجامعة بن غوريون في بئر السبع، والجامعة المفتوحة.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رؤساء الجامعات قولهم في الالتماس إن القرار بإقامة الجامعة في المستوطنة "مليء بالعيوب وغير معقول بصورة متطرفة ولا يقبله العقل"، وإنه لا توجد أية حاجة لإقامة جامعة لغتها الرسمية هي اللغة العبرية لأن 15% فقط من طلابها هم من المستوطنين الذين يسكنون في منطقة الجامعة.
وجاء تقديم هذا الالتماس في أعقاب قرار "مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة"، قبل أكثر من شهر تحويل "المركز الجامعي في أريئيل" إلى جامعة وذلك بدعم من حكومة إسرائيل اليمينية.
وحذر رؤساء الجامعات الإسرائيلية في الالتماس من أن إقامة جامعة في مستوطنة "أريئيل" وتمويلها من الخزينة الإسرائيلية سيؤثر سلبا على تمويل الجامعات في إسرائيل وخصوصا تمويل الأبحاث التي يجريها باحثون في هذه الجامعات. وأكد رؤساء الجامعات أن قرار إقامة هذه الجامعة لم يكن موضوعيا وإنما هو قرار سياسي، وأنه يشكل "مسا خطيرا بجهاز التعليم العالي في إسرائيل".
وأشار رؤساء الجامعات إلى أن رئيس الحكومة نتنياهو رفض طلبهم الاجتماع معه للبحث في إقامة الجامعة.
وأثار قرار إقامة الجامعة في مستوطنة "أريئيل" غضبا واستياء واسعين في صفوف رؤساء السلطات المحلية في الجليل والنقب، الذين يطالبون منذ سنوات طويلة بإقامة جامعة في هاتين المنطقتين من دون استجابة الحكومة لهذه المطالب.
وفي نهاية شهر آب الماضي قررت جامعة بار إيلان الانسحاب من الالتماس ضد قرار "مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة" الاعتراف بـ "المركز الجامعي أريئيل" كجامعة. وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن قرار جامعة بار إيلان جاء في أعقاب ضغوط مارسها اليمين الإسرائيلي.
وذكرت صحيفة "معاريف"، في 27 آب الماضي، أن حركة "إسرائيل خاصتي" اليمينية قادت حملة ضد جامعة بار إيلان من خلال موقع التواصل الاجتماعي على الانترنت "فيسبوك"، وطالبت الجامعة بوقف معارضتها لتحويل الكلية في "أريئيل" إلى جامعة. ورجحت الصحيفة بأن تكون الضغوط التي مارستها هذه الحركة اليمينية قد أدت في نهاية المطاف إلى أن تغير جامعة بار إيلان موقفها من الالتماس الذي قدمه رؤساء الجامعات إلى المحكمة العليا.
لكن رئيس جامعة بار إيلان، البروفسور موشيه كافيه، كان قد عبر منذ البداية عن تحفظه من التماس رؤساء الجامعات، إلا أنه قرر الانضمام إلى الالتماس. وعندما طلب رؤساء الجامعات إقرار تقديم الالتماس بشكل نهائي أعلن كافيه عن معارضته ذلك.
ورحبت رئيسة "اللوبي من أجل جامعة أريئيل" في الكنيست، عضو الكنيست تسيبي حوتوفيلي، من حزب الليكود، بقرار رئيس جامعة بار إيلان. وقالت حوتوفيلي في تصريح لوسائل الإعلام إن "جامعة بار إيلان أثبتت أنه يوجد في منتدى رؤساء الجامعات تفكير مستقل". وطالبت حوتوفيلي باراك "بإخراج قرار مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة إلى حيز التنفيذ ووضع حد لخطوات رؤساء الجامعات من أجل كسب الوقت".
تجدر الإشارة إلى أنه لم تكن هناك أية مشكلة لدى رؤساء الجامعات في إسرائيل بأن تعمل مؤسسة تعليم عالي استيطانية في الضفة الغربية والتعاون معها، لكن معارضتهم جاءت فقط بعد تحويلها إلى جامعة استيطانية والتخوف من رصد ميزانيات لها "كجامعة" على حساب جامعاتهم.
كلية لتجنيد الهجرة اليهودية إلى البلاد
عدد طلاب "المركز الجامعي أريئيل" ليس معروفا بدقة. وتشير بعض التقارير الإسرائيلية إلى أن عدد الطلاب 8500 تقريبا، فيما تشير تقارير أخرى إلى أن عددهم يقارب 13 ألفا. ويدرس في هذه الكلية ما بين 500 إلى 800 طالب عربي من داخل الخط الأخضر. وهذه الكلية لا تخضع لمجلس التعليم العالي في إسرائيل، بسبب موقعها في مستوطنة "أريئيل" القائمة جنوب مدينة نابلس في عمق الضفة الغربية، وإنما تخضع لهيئة استيطانية تسمى "مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة".
وأقيمت هذه الكلية في العام 1982 باسم "الكلية الأكاديمية يهودا والسامرة" تحت رعاية وإشراف أكاديميين من جامعة بار إيلان، التي يسيطر عليها اليمين والمتدينون - القوميون في إسرائيل. ومنذ العام 2005 أصبحت تعمل بشكل مستقل.
ويوجد في هذه الكلية 26 قسما تدرس للقبين الأول والثاني، ضمن ثلاث كليات، وثلاث مدارس. ويوجد في الكلية برنامج سنة تحضيرية للمواضيع الأدبية والاجتماعية والهندسية. وتأتي غالبية طلاب هذه الكلية من داخل الخط الأخضر، و15% من الطلاب هم من سكان المستوطنات. ويوجد في حرم الكلية نزل للطلبة، أدى إلى تسريع النمو السكاني في مستوطنة "أريئيل".
ووفقا للتقارير الإسرائيلية يعمل في هذه الكلية 260 باحثا بينهم 70 يحملون درجة بروفسور، ويدمجون في عملهم بين التعليم والبحث.
وتستوعب "كلية أريئيل" عددا كبيرا من الشبان اليهود الذين يأتون من خارج البلاد للدراسة في إسرائيل. وتشير المعطيات إلى أن حوالي 30% من هؤلاء الطلاب الأجانب يقررون الهجرة إلى إسرائيل والاستقرار فيها لدى نهاية برنامجهم التعليمي.
ومنذ العام 2006 تجري في "كلية أريئيل" أولمبيادة رياضية، وفي العام 2008 تم فتح المجال أمام طلاب من عدة دول للمشاركة فيها. وفي العام 2010 جرت فيها أولمبيادة رياضيات افتراضية دولية.
ووقعت هذه الكلية على اتفاقيات تعاون مع أكثر من 50 مؤسسة تعليم عالية في أنحاء العالم. وتقيم الكلية تعاونا مع جامعة تورنتو في كندا لدراسة إدارة الأعمال للقب الماجستير.
وتدرس "كلية أريئيل" الطب العام للقب الجامعي المعتمد في الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع جامعة تل أبيب وجامعة UPJS السلوفاكية. وتجري الدراسة خلال السنتين الأوليين في الكلية، وفي كلية الطب التابعة لجامعة تل أبيب، وبعد ذلك يكمل الطالب الدراسة لمدة أربع سنوات في الجامعة السلوفاكية.
هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي
"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعكس آراء الاتحاد الاوروبي"
المصطلحات المستخدمة:
المستشار القانوني للحكومة, الخط الأخضر, التخنيون, هآرتس, باراك, دولة اسرائيل, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو