تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1652
  • برهوم جرايسي

*فشل توحيد كافة أحزاب المستوطنين في قائمة واحدة، سيقود لحرق عشرات آلاف الأصوات وهذا ما سيقلق نتنياهو *إعادة تشكيل القائمة المشتركة لفلسطينيي الداخل، يشجع على رفع نسبة التصويت بين العرب*

تقدمت 32 قائمة مرشحين للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، مع إغلاق باب التشريحات مساء يوم الخميس من الأسبوع الماضي، وهو أقل عدد للقوائم المرشحة منذ سنين طويلة، بفعل إعادة الانتخابات بعد خمسة أشهر من انتخابات نيسان، وعدم قدرة قوائم منافسة صغيرة، على تمويل حملة ثانية خلال بضعة أشهر، مع معرفتها المسبقة بعدم اجتيازها نسبة الحسم. كذلك فإن عدد الكتل المرشحة للفوز بمقاعد برلمانية، سيهبط إلى 9 كتل، بدلا من 11 كتلة في انتخابات نيسان، بفعل التحالفات.

وقد ترشحت لانتخابات نيسان 47 قائمة، عند إغلاق باب التشريحات، ولاحقا انسحبت 6 قوائم، لتتنافس في يوم الانتخابات 41 قائمة، فازت منها 11 قائمة، تراوح تمثيلها، من 4 مقاعد كأدنى حد، إلى 35 مقعدا، كأعلى حدّ، وهو التمثيل الأعلى الذي حظي به حزب "الليكود، ومثله تحالف "أزرق أبيض".

وفي تلك الانتخابات، كانت قائمة "اليمين الجديد" الاستيطانية، قد ابتعدت عن أصوات نسبة الحسم (3,25%) بنحو 1400 صوت، ولم تدخل الكنيست. وكانت برئاسة وزير التعليم في حينه نفتالي بينيت، ووزيرة القضاء في حينه أييليت شكيد.

كما من أبرز القوائم التي لم تدخل الكنيست كانت قائمة زهوت، التي حصلت على 118 ألف صوت، أقل بنحو 22 ألف صوت مما احتاجته نسبة الحسم. وقائمة برئاسة النائبة أورلي ليفي، التي حصلت على ما يعادل أكثر من مقعدين، حوالي 75 ألف صوت.

وتمهيدا للانتخابات، جرت تحالفات جديدة، وأولها، انخراط حزب "كولانو" بزعامة وزير المالية موشيه كحلون، الذي حصل على 4 مقاعد، بحزب الليكود، ولاحقا تم حل الحزب كليا، وانخرط النواب الأربعة في القائمة، 3 منهم باتوا في المقاعد المضمونة.

انقسام طائفي في "اليسار الصهيوني"

وكان التحالف الثاني، بين حزب "العمل" برئاسة عمير بيرتس، مع النائبة أورلي ليفي. ليعلن بيرتس فورا عن إغلاق باب المفاوضات مع حزب "ميرتس"، بعد أن طلب الأخير من حزب "العمل" التعهد بعدم الانضمام إلى حكومة بنيامين نتنياهو، وهو ما رفضه بيرتس. الذي أعلن لاحقا، أنه لن ينضم إلى حكومة نتنياهو في حال تم توجيه لائحة اتهام بالفساد ضده.

وكان التحالف الثالث، قد أبرم بين حزب "ميرتس" وحزب "إسرائيل ديمقراطية" الذي أسسه رئيسة الحكومة الأسبق إيهود باراك، وانضمت لهذا التحالف، النائبة المنشقة عن حزب "العمل" ستاف شافير، في أعقاب صد الباب في وجه ميرتس. وبشكل مفاجئ اختار باراك لنفسه المقعد العاشر، ليترك رئاسة القائمة لحزب ميرتس، برئيسه الجديد نيستان هوروفيتس، تليه النائبة شافير. واحتل المقعد الثالث، نائب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق يائير غولان، ممثلا عن حزب باراك. وكان غولان قد خلع البزّة العسكرية في العام الماضي 2018.

وخلق هذا الاصطفاف بين القائمتين، المحسوبتين على ما يسمى "اليسار الصهيوني"، طابع الانشقاق الطائفي اليهودي: الشرقي بقيادة عمير بيرتس المولود في المغرب، وكذا أورلي ليفي، ابنة الوزير الأسبق دافيد ليفي المولود هو أيضا في المغرب. كما في مقدمة القائمة، النائب عن حزب "العمل" ايتسيك شمولي، من أصول عراقية. في حين أن من يتقدم قائمة ميرتس وحزب باراك، هم من أصول يهودية غربية أشكنازية. وحسب التقديرات، فإن هذا الاصطفاف سيلعب دورا في الانتخابات المقبلة.

فشل وحدة أحزاب المستوطنين

رغم أن أحزاب المستوطنين الأكبر قد تحالفت في قائمة واحدة، إلا أن كل الضغوط من أجل توسيع الائتلاف، ومنع حرق عشرات آلاف الأصوات من أحزاب اليمين الاستيطاني قد باءت بالفشل، وهذا من شأنه أن يقلق بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى تحقيق أغلبية 61 مقعدا من دون حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة أفيغدور ليبرمان.

وقد بذل نتنياهو، كما في مطلع العام الجاري، جهودا جمّة، لضمان تمثيل حركة "عوتسما يهوديت" المنبثقة عن حركة "كاخ" الإرهابية، المحظورة صوريا في إسرائيل، ومحظورة في عدد من دول العالم.

فقد تشكل تحالف "اليمين الموحد"، الذي ترأسه حاليا وزيرة القضاء السابقة أييليت شكيد، التي حلت ثانية في قائمة "اليمين الجديد" برئاسة نفتالي بينيت، في انتخابات نيسان، ولامس نسبة الحسم ولم تجتزها.

كما يضم التحالف، حزبي "البيت اليهودي" (المفدال سابقا) و"هئيحود هليئومي" اللذين تحالفا في انتخابات نيسان تحت اسم "اتحاد أحزاب اليمين" وكانت معهم حركة "عوتسما يهوديت" التي انشقت عن التحالف، بسبب عدم تمثيلها في الكنيست في انتخابات نيسان.

وقد طالبت عوتسما يهوديت بالمقعدين الـ 5 و11 في التحالف الناشئ، إلا أن التحالف منح الحركة المقعد الثامن فقط، وهو ما رفضه الشخص الأبرز من الحركة الكهانية، العنصري الشرس ايتمار بن غفير. وتقدر قوة هذه الحركة بنحو 70 ألف صوت، أو ما يقارب مقعدين.

ورئاسة شكيد لهذا التحالف، تُعد سابقة في إسرائيل، بحيث أن القائمة الأساسية للتيار الديني الصهيوني، المسيطر على الأجواء السياسية في المستوطنات، تكون للمرة الأولى برئاسة امرأة "علمانية"، ويلقى هذا معارضة عند عدد كبير من حاخامات المستوطنين المتطرفين سياسيا ودينيا.

وتقدمت "عوتسما يهوديت" بقائمة مرشحين مستقلة، ما يعني أنها ستحرق عشرات آلاف الأصوات. والقائمة الثانية المرشحة لحرق الأصوات، من معسكر اليمين الاستيطاني، هي قائمة "زهوت" برئاسة المتطرف موشيه فيغلين، التي حسمت موقفها مبكرا بخوض الانتخابات بقائمة مستقلة، على الرغم من أنها حصلت على 118 ألف صوت، في انتخابات نيسان، وهذا أقل بـ 22 ألف صوت مما احتاجته نسبة الحسم. وقد وصل فيغلين إلى هذا الكم من الأصوات، بعد إعلانه بقبوله تشريع استخدام القنب. ولكن من المشكوك أن يحصل مجددا على هذا الكم من الأصوات في انتخابات أيلول.

والقائمة الرابعة الاستيطانية، هي قائمة "نوعم"، وهي من اليمين الكهاني الشرس، ومن أبرز شعاراتها محاربة مثليي الجنس، وكل المرشحين من التيار الديني الصهيوني، المتطرف سياسيا ودينيا. ورفضت هذه القائمة التحالف مع "عوتسما يهوديت"، لأن في الأخيرة مرشحين خارج التيار الديني الصهيوني. ولكن قائمة "نوعم"، قد تحصد بضعة آلاف من الأصوات، حسب التقديرات.

وأمام هذا المشهد، فمن المتوقع أن تمارس ضغوط على قوائم استيطانية ضعيفة، لتنسحب من المنافسة كي لا تحرق عشرات آلاف الأصوات. إذ تم في الانتخابات السابقة حرق أكثر من 260 ألف صوت من معسكر اليمين الاستيطاني، وهي تعادل ما بين 7 إلى 8 مقاعد.

إعادة بناء القائمة المشتركة

وتمت قبل أيام قليلة من تقديم القوائم، إعادة بناء "القائمة المشتركة"، بعد مفاوضات مكثفة دامت قرابة الشهرين، تخللتها تعثرات، ولكن إعادة تشكيلها بعث بالارتياح لدى الجماهير العربية الواسعة. وتضم القائمة الأحزاب الأربعة: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، و"القائمة العربية الموحدة" (الحزب السياسي للحركة الإسلامية- التيار الجنوبي)، والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير.

ومع تشكيل القائمة، بدأت الاستطلاعات تتنبأ بحصولها على ما بين 11 إلى 12 مقعدا، في حين أن القائمتين اللتين خاضتا الانتخابات في نيسان الماضي حصلتا مجتمعتين على 10 مقاعد، بمعنى خسارة 3 مقاعد مما حققته القائمة المشتركة في العام 2015. وتعد نتيجة الاستطلاعات مشجعة، كونها نتيجة قبل بدء الحملة الانتخابية، التي سيكون في مركزها رفع نسبة التصويت، واسترداد عشرات آلاف الأصوات التي تدفقت على الأحزاب الصهيونية في الانتخابات الماضية.

كذلك تخوض الانتخابات قائمة باسم "حزب الوحدة الشعبية" الذي أسسه بروفسور أسعد غانم، إلا أن هذه المبادرة لم تستقطب شخصيات فاعلة وبارزة على مستوى الجماهير العربية. وقبل 24 ساعة من تقديم القوائم، قرر المرشح الأول في القائمة، رئيس بلدية شفاعمرو الأسبق ناهض خازم الانسحاب من القائمة.