تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 3761
  • انطوان شلحت

 أعلن في إسرائيل، في نهاية الأسبوع الفائت، أن الولايات المتحدة دخلت على خطّ الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين إسرائيل وباراغواي، ودعت هذه الأخيرة إلى العدول عن قرار إعادة سفارتها من القدس إلى تل أبيب، الذي تسبّب بهذه الأزمة.

وجاء هذا الدخول من جانب واشنطن خلال مكالمة هاتفية جرت بين نائب الرئيس الأميركي مايك بينس، ورئيس باراغواي ماريو عبده بينيتز (من أصول لبنانية).

وأوضح البيت الأبيض، في بيان صادر عنه، أن الرئيس بينيتز أكد خلال هذه المكالمة الشراكة المستمرة مع إسرائيل، وأضاف أن الزعيمين اتفقا على العمل بهدف التوصل إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين.

ولم يشر بيان البيت الأبيض إلى طريقة رد رئيس باراغواي على الطلب الأميركي إبقاء سفارة بلاده في القدس.

وكانت هذه الخطوة الشجاعة من طرف باراغواي أثارت ردات فعل غاضبة في إسرائيل، وفور إعلانها قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الخارجية، إنه سيغلق السفارة الإسرائيلية في بارغواي وقام باستدعاء السفير زئيف هرئيل، ووصف قرار أسونسيون بأنه استثنائي، وسيعكر صفو العلاقات الثنائية بين البلدين.

وأكدت عدة تحليلات إسرائيلية أن قرار باراغواي هو ضربة مزدوجة موجعة لكل من نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن نتنياهو كان يدفع قدماً بخطة ترمي إلى الاعتراف الدولي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإلى أن باراغواي كانت واحدة من دولتين نقلتا سفارتيهما إلى القدس في إثر القرار الأميركي الاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها اليها في أيار الماضي، وكانت الدولة الثانية هي غواتيمالا.

وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أنه في سياق ملف لوزارة الخارجية الإسرائيلية حول مخططاتها للعام 2019، تم تسجيل نقل سفارة باراغواي إلى القدس كنجاح يمكن للخارجية الإسرائيلية البناء عليه.

وأتى قرار الحكومة الجديدة في بارغواي إعادة سفارتها إلى تل أبيب أيضاً عقب قرار كولومبيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما أثار غضب إسرائيل.

في المقابل أبرزت وسائل الإعلام الإسرائيلية إعلان السلطة الفلسطينية أنها سوف تفتح فوراً سفارة لها في باراغواي، بحسب ما قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي.
كما أبرزت تصريحات المالكي التي ورد فيها أن الاعلان المفاجئ من طرف باراغواي جاء نتيجة ضغوط مارستها السلطة الفلسطينية لإلغاء قرار نقل السفارة إلى القدس.

وأشاد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالخطوة، وقال إنها شجاعة وتشكل نموذجاً يحتذى به لكل الدول في مواجهة الاطماع الإسرائيلية، ولمحاولات الادارة الأميركية أن تفرضها على العالم عندما نقلت سفارتها إلى القدس ضمن ما يسمى بـ"صفقة القرن".

وأكد عباس أن خطوة باراغواي جاءت ثمرة للجهود الدبلوماسية الفلسطينية الحكيمة والحثيثة في إظهار خطر نقل السفارات إلى القدس.

ووفقاً لتقارير فلسطينية، هدد المالكي أسونسيون بملاحقة باراغواي في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كما يتم التخطيط للقيام به حيال كل من الولايات المتحدة وغواتيمالا، اللتين سبق أن نقلتا سفارتيها إلى القدس.

موقف باراغواي

يُشار إلى أن قرار نقل سفارة بارغواي إلى القدس اتخذ من طرف الرئيس السابق هوراسيو كارتيز، ولم يتم استشارة الرئيس المنتخب حينها ماريو عبده بينيتز.
وفي يوم 21 أيار 2018 انضم كارتيز إلى نتنياهو في مراسم افتتاح السفارة في القدس.

وقال نتنياهو في سياق كلمة ألقاها في هذه المراسم إن هذا اليوم هو يوم عظيم لإسرائيل ولباراغواي وللصداقة بين البلدين. وأضاف مخاطباً كارتيز: "لا يوجد لدينا أصدقاء أفضل منكم". ووصف كارتيز افتتاح السفارة بأنه حدث تاريخي، وأضاف أن هذه المناسبة لديها أهمية خاصة لأنها تعبر عن الصداقة الصادقة والتكاتف الشجاع بين باراغواي وإسرائيل.

وفي معرض تفسير قرار إعادة السفارة إلى تل أبيب قال وزير خارجية باراغواي الجديد لويس ألبرتو كاستيليوني إن بلاده تريد المساهمة بتعزيز المبادرات الدبلوماسية الإقليمية لتحقيق سلام واسع، عادل ودائم، في الشرق الأوسط. وأضاف أنه يعتقد أن ذلك يجب ألا يزعج الإسرائيليين.

وقال إن هناك أكثر من 85 دولة أبقت سفاراتها في تل أبيب، وأشار إلى أن باراغواي تعتبر من الحلفاء التاريخيين لإسرائيل، وكانت واحدة من 33 دولة صوتت لصالح قرار تقسيم فلسطين عام 1947.

وقال كاستيليوني إن خطوة كارتيز كانت تحريفاً لتقليد احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، الذي اتبعته باراغواي.

من ناحية أخرى قالت باراغواي إن تركيا ستفتح سفارة في أسونسيون، وذلك بعد يوم واحد من قرار إعادة السفارة إلى تل أبيب.

وحالياً يعمل سفير تركيا لدى باراغواي من العاصمة الأرجنتينيّة بوينس أيرس، علماً أن لتركيا قنصليتين في باراغواي، إحداهما في أسونسيون، والأخرى في سيوداد دل إستي.
وقال وزير خارجية باراغواي للصحافيين إن تركيا من خلال قيامها بفتح سفارة تعرب عن دعمها لموقف بلاده إزاء إسرائيل.

تحليلات إسرائيلية

وصفت صحيفة "يسرائيل هيوم" قرار باراغواي بإعادة سفارتها من القدس إلى تل أبيب بـأنه ضربة قاسية للغاية ومباشرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.

وأضافت هذه الصحيفة، المقربة من نتنياهو ومن حزب الليكود الحاكم، أنه بينما يعمل رئيس الحكومة للحصول على اعترافات دول أخرى بالقدس عاصمة لإسرائيل، فإن ما يحدث هو عكس ذلك تماماً.

وأضافت أن كولومبيا اعترفت بدولة فلسطين، وباراغواي سحبت اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهذا الأمر يجب أن يشعل الضوء الأحمر في إسرائيل.

من ناحيتها قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الفلسطينيين كشفوا عن طبيعة جهودهم التي أدت إلى قرار باراغواي. ونوهت الصحيفة على وجه الخصوص بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إلى باراغواي قبل أسبوعين من إعلان قرار إعادة السفارة إلى تل أبيب، لإقناع الحكومة الجديدة بالتراجع عن قرار نقل السفارة إلى القدس.

ووفقاً لـ "يديعوت أحرونوت" فقد أبلغ رئيس باراغواي الجديد ماريو عبده بينيتز (من أصول لبنانية) ووزير الخارجية لويس ألبرتو كاستيليوني المالكي أن قرار إعادة السفارة إلى تل أبيب سينفذ بهدوء في بداية الشهر الحالي، لكنه طلب الحفاظ على سرية القرار حتى موعد الإعلان عنه.

وذكرت الصحيفة أيضاً أن باراغواي تعرضت لضغوط عربية مكثفة، وربما تلقت وعوداً عربية بالاستثمار فيها إذا ما تراجعت عن قرارها.

وقال مايكل أورن، عضو الكنيست عن حزب "كلنا"، والذي يعمل أيضاً بمنصب نائب وزير في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية، إن الإدارة الأميركية ستعاقب باراغواي على خطوتها.

ونقلت صحيفة "معاريف" عن أورن، الذي عمل أيضاً سفيراً لإسرائيل في واشنطن، قوله إن علاقات الولايات المتحدة وباراغواي ستتضرر بسبب قرار هذه الأخيرة، كما أنها ستمس العلاقات الثنائية مع إسرائيل.

في المقابل هاجمت عضو الكنيست أييلت نحمياس فربين من "المعسكر الصهيوني" المعارض رئيس الحكومة نتنياهو.

وقالت فربين إن ردة فعل نتنياهو على قرار باراغواي نابعة من دوافع شخصية، بالرغم من أن القرار نفسه مرفوض. وأضافت أن نتنياهو شعر بالإهانة الشخصية لتضرر العلاقات الدولية لإسرائيل، لكنها في الوقت عينه أكدت أن العلاقات الدبلوماسية ليست شأناً يتم التعامل معه بنوبات غضب.

ورأت أنه بالرغم من أن قرار نقل السفارة من القدس إلى تل أبيب مؤسف، إلا إنه لا يستحق قطع العلاقات مع هذه الدولة، التي تعتبر "حليفة تاريخية" لإسرائيل في أميركا اللاتينية.