يفتتح الكنيست الإسرائيلي اليوم (الرابع من تشرين الأول) دورته الشتوية، التي من المُفترض أن تستمرّ ستّة أشهر، وهي الدورة الأطول من بين دورتي البرلمان السنوية. وستكون هذه الدورة امتحاناً جدّياً لمدى تماسك الائتلاف الحكومي الحالي، وقدرته على تحدّي المعارضة غير المتماسكة، وأيضاً قدرته على عدم إحداث تشقّقات في الائتلاف، والمهمة الأكبر الماثلة أمام الحكومة هي تمرير الموازنة العامة للعامين الجاري والمقبل.
يكاد لا يخلو أيٌّ من التقارير السنوية التي يُصدرها مكتب "مراقب الدولة" في إسرائيل ويُلخّص فيها المشكلات الأساسية الأهمّ التي تُعاني منها إسرائيل في مختلف المجالات، سواءً الاستراتيجية أو الخدماتية الحياتية، وكذلك القصورات الأبرز والأخطر في عمل الأذرع السلطوية المختلفة ومنظوماتها المتعدّدة، من فصل يتكرّر في كل تقرير سنوي يُعالج مدى "جهوزية دولة إسرائيل لمواجهة هزّة أرضية قوية". حتى أنّ مُراقب الدولة السابق، القاضي (المتقاعد) يوسف شابيرا، أصدر في تموز 2018 "تقريراً استثنائياً خاصاً" حول الموضوع تحت عنوان "جهوزية الدولة لهزّة أرضية ـ البُنى التحتية القومية والأبنية"، وذلك على إثر تحذيرات كثيرة صدرت عن خبراء إسرائيليين أكّدوا أن "وقوع هزة أرضية قوية في إسرائيل هي مسألة وقت، لا غير"، وذلك عقب تعرّض إسرائيل يوم 4 تموز 2018 إلى سِت هزّات أرضية خفيفة واثنتين أُخريين، ارتداديتين، في غضون أقل من 24 ساعة.
لا ندلي بأي جديد لدى القول إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة، حكومة بينيت- لبيد، تبدو بعد مرور مئة يوم على إقامتها في حالة استقرار نسبية جيّدة، ومن المتوقع أن تواصل القيام بمهماتها في ظلّ ذلك، إلى حين ظهور أزمات قويّة من شأنها أن تهدّد هذا الاستقرار وقد تؤدي إلى انفراط عقدها.
وفي مناسبة مرور الأيام المئة الأولى صدرت تصريحات عن كل من رأسي الحكومة نفتالي بينيت ويائير لبيد. وفيما ركّز الأول بالأساس على التغيير الذي تقود لواءه الحكومة في كل ما يتعلق بمواجهة أزمة جائحة كورونا، والمفاصل الرئيسة للسياسة الخارجية المرتبطة بالعلاقات مع الولايات المتحدة والعالم ودول الإقليم بما في ذلك إيران، تكلم الثاني حصرياً حول السياسة الخارجية التي تنتهجها الحكومة واصفاً إياها بأنها مختلفة عن سياسة الحكومات السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو من ناحية كونها لا تستند فقط إلى المصالح الاقتصادية والأمنية إنما أيضاً إلى "قيم مشتركة".
وقد وردت أقوال لبيد هذه في سياق مقال ظهر في صحيفة "هآرتس" (19/9/2021) تحت عنوان "الأيام المئة الأولى من سياسة خارجية مختلفة"، ويثير انطباعاً عاماً آخذاً بالتعزّز بأن سياسة الحكومة الجديدة حيال القضية الفلسطينية هي نفس السياسة القديمة للحكومات السابقة، والتي هناك شبه إجماع داخل إسرائيل على أن من بات يُحدّدها هو اليمين وأن "معسكر الوسط - اليسار" يسير منقاداً وراءه بإرادته. وهذا ما أشارت إليه دراسة جديدة صادرة عن "مولاد- المركز لتجديد الديمقراطية في إسرائيل" قمنا بترجمتها ونشرها في مركز "مدار" ضمن العدد 73 من سلسلة "أوراق إسرائيلية"، وأكدت كذلك أن هذا الواقع صار إلى رسوخ من جرّاء تحوّلين شهدتهما المؤسسة السياسية في
عادت العلاقة المتوترة بين إسرائيل والحزب الديمقراطي الأميركي، التي ورثتها حكومة نفتالي بينيت عن حكومة بنيامين نتنياهو، إلى واجهة الأحداث الأسبوع الماضي. فعرقلة عدد من الأعضاء الديمقراطيين التقدميين في مجلس النواب الأميركي، مشروع قانون الموازنة العامة في الولايات المتحدة بسبب تضمنها بندا ينص على دعم إسرائيل بمليار دولار لتعزيز ترسانتها من صواريخ وبطاريات القبة الحديدية، شكلت ضربة غير متوقعة لإسرائيل.
الصفحة 205 من 883