أصبح في حكم المؤكد أن حكومة بنيامين نتنياهو السادسة، التي انطلق قطار تشكيلها بعد حصول نتنياهو على التكليف الرسمي من رئيس الدولة، سوف تضع في رأس سلم أولوياتها المهمة التي تحظى بإجماع أعضاء الائتلاف الحكومي الجديد، وهي: الحدّ من صلاحيات المحكمة الإسرائيلية العليا وإلغاء، أو تقليص حتى الحد الأدنى، قدرتها على ممارسة الرقابة القضائية على السلطتين التنفيذية (الحكومة) والتشريعية (الكنيست)، من خلال ما صار يُعرف على نطاق واسع بـ "فقرة التغلّب" التي يُصر جميع أعضاء الكنيست من الائتلاف الحكومي الجديد، وكذلك آخرون من خارجه، على "ضرورة تشريعها" قانوناً جديداً في إسرائيل وهو ما يثير، في الجهة المقابلة، نقداً شديداً وواسعاً وتخوفاً عميقاً من أن إجراء هذا التعديل القانوني قد يكون بمثابة "المسمار الأخير في نعش الديمقراطية الإسرائيلية"، لا سيما حيال تفشي مظاهر التغول العنصري والفاشي في إسرائيل، جماهيرياً ورسمياً، بما يثير قلقاً متزايداً من المس بحقوق الأقليات، القومية ـ العرقية والجندرية وغيرها، والتخلي الصريح عن حقوق الإنسان الأساسية والقيم الإنسانية التي تزعم إسرائيل بأنها تشكل "جوهرها" كـ"دولة يهودية وديمقراطية"!
1- لعل أول ما تثبته نتائج انتخابات الكنيست الـ25 التي جرت يوم 1 تشرين الثاني 2022، والتي تطالعون تحليلاً موسعاً ومعمقاً لها ولإسقاطاتها في معظم مواد العدد الحالي من "المشهد الإسرائيلي"، أن اليمين الإسرائيلي بات منذ فترة طويلة يحتل الأكثرية في الكنيست، فضلاً عن أن ما يسمى بـ" معسكر قوى الوسط- اليسار" لا يتبنى طروحات بعيدة جداً عن طروحات هذا اليمين، ولا سيما في ما يتعلق بالموقف من القضية الفلسطينية، وفي سائر مفاصل السياسة الخارجية الإقليمية والعالمية. وسبق أن تطرقنا إلى هذه المسألة بتفصيل أكبر يوم 22 آب 2022 لدى توقفنا عند جوهر المعسكرات السياسية المتنافسة في الانتخابات، بما يعفينا من عناء التكرار.
في انتخابات الكنيست الـ 25، التي جرت في الأول من تشرين الثاني 2022، حصلت قائمة "الصهيونية الدينية" على 14 مقعدا. هذا "إنجاز" غير مسبوق بالنسبة لتيار يعتبر يمينيا متطرفا واستيطانيا عقائديا. فقبل عام ونصف العام فقط، أي في انتخابات آذار 2021، حصلت الصهيونية الدينية على 6 مقاعد فقط (بالإضافة إلى مقعد سابع حصلت عليه من حزب الليكود). هذا يعني أن وزن قائمة "الصهيونية الدينية" ارتفع من 6 إلى 14 مقعدا. ويقف على رأس هذه القائمة كل من بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وكل واحد منهما يمثل تيارا يمينيا متطرفا، ولديه مشروع ترانسفير لطرد الفلسطينيين. تستعرض هذه المقالة قائمة "الصهيونية الدينية"، التي من المرشح أن تكون ثاني أكبر كتلة برلمانية في الائتلاف الحكومي الذي سيقوده بنيامين نتنياهو.
الصفحة 142 من 883