أكدت تحليلات إسرائيلية متطابقة أن مسارعة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للبدء بإجراءات ضم مناطق من الضفة الغربية إلى ما تسمى "السيادة الإسرائيلية"، لم تكن منذ البداية نابعة فقط من رغبته في تحقيق ما يعدّه إنجازا سياسيا له قبل الغوص في محاكمته في قضايا الفساد، بل أيضا من حاجته إلى تحقيق هذا "الإنجاز" قبل أن تغرق الحلبة الأميركية في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
يحلّ بعد ثمانية أيام، في الأول من تموز، الموعد الذي أعلنه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للبدء بإجراءات فرض ما تسمى "السيادة الإسرائيلية" على المستوطنات ومناطق أخرى في الضفة المحتلة. وبالرغم من اقتراب الموعد، إلا أن المشهد لا يزال ضبابيا، وليس واضحا متى ستبدأ الإجراءات، وبأي نطاق. وإلى جانب تعقيدات افتراضية في أروقة الكنيست، فإن الموقف في البيت الأبيض ما زال ضبابيا، تضاف له المعارضة الواسعة في الحزب الديمقراطي الأميركي، والتي بدأت تجد لها مكانا أيضا في الحزب الجمهوري الذي يترأسه دونالد ترامب.
القرار الذي أبطل قانون التسوية كان يمكنه أن يقتصر فقط على المسألة المحدّدة التي طُرحت أمام المحكمة أي على المصادقة بأثر رجعيّ لمنازل بُنيت في المستوطنات على أراضٍ بملكيّة فلسطينيّة خاصّة أو على أراضٍ خارج التنظيم وبدون ترخيص. لكنّ رئيسة المحكمة القاضية حيوت ارتأت عرض صورة أوسع فشرعت منذ بداية نصّ القرار تصف كيف جمّدت إسرائيل سِجلّ الأراضي في الضفة الغربيّة وكيف أعلنت ما يقارب مليون دونم "أراضي دولة" وخصّصتها كلّها تقريباً للمستوطنات.
المقال المترجم المنشور هنا ليونتان هيرشفيلد بعنوان "لماذا ينجح اليمين في اختطاف أفكار اليسار؟" يشكل مثلاً على أزمة عميقة – هي واحدة من كثيرات - في السياسة الإسرائيلية من حيث المفاهيم وتعريفها. أو لنقُل على الأقل من ناحية المعنى الذي يتم إسقاطه عليها، مقارنة بتاريخ المفاهيم وسياقاتها الفكرية والاقتصادية والاجتماعية في العالم. الادعاء هناك بشأن قيام اليمين السياسي والعقائدي في إسرائيل، مثلما في مواقع أخرى، بما يشبه السطو على مفاهيم ما انفكت تشكل جزءا من الحمولة السياسية لليساريين، هو ادعاء يتخذ هنا لوناً أكثر سطوعاً.
الصفحة 278 من 859