المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • منوعات
  • 3087

أكد "مركز أدفا- معلومات حول المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل" في تقريره السنوي "صورة الوضع الاجتماعي في إسرائيل 2015" الصادر مؤخرا، أن معطيات الأوضاع الاقتصادية تنعكس في نهاية المطاف على المستوى الصحي.

 

وأشار المركز إلى أن المستوى الصحي للسكان في إسرائيل يعكس جودة الحياة، وعلى نحو أكثر شمولية يعكس الفروقات الاجتماعية العامة، جودة التغذية، جودة البيئة، جودة المسكن، درجة الوعي للمخاطر الصحية، جودة النقل، طبيعة التشغيل، البعد عن مراكز الخدمات الطبية وما إلى ذلك. وأضاف أن الفروقات في جودة الحياة تنعكس في مؤشّرين رئيسيين مستخدمين في جميع أنحاء العالم للدلالة على الفجوات في المستوى الصحي، وهما معدّل وفيات الرضّع ومتوسط العمر المأمول.

وبحسب معطيات المركز، بلغ معدل وفيات الرضّع في إسرائيل 1ر3 في العام 2013، وقد درّجها هذا المعدّل في المرتبة 14 من بين دولOECD وانخفضت النسبة بشكل كبير منذ العام 1970، لدى اليهود ولدى العرب. ومع ذلك، تزيد نسبة وفيات الأطفال اليوم (2010- 2014) لدى السكان العرب عن نسبة الوفيات لدى السكان اليهود بـ6ر2 مرة.

وينطبق الأمر كذلك على متوسط العمر المأمول عند الولادة، وهو مرتفع نسبيًا في إسرائيل، لكن مع ذلك، متوسط العمر المأمول لدى الرجال اليهود أعلى من متوسط عمر الرجال العرب، كما يزيد متوسط العمر المأمول لدى النساء اليهوديات عن نظيره لدى النساء العربيات.

وتابع التقرير أنه منذ انتهاء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، شهد الاقتصاد الإسرائيلي معدلات نمو جيدة جدًا، تفوق معدّلات النمو في أوروبا الغربية. ففي الفترة ما بين العام 2000 والعام 2014، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدّل 3ر3% في السنة، مقارنة بـ6ر1% فقط في دول منظّمة OECD وتبعًا لذلك كان من المتوقّع أن ينعكس هذا الأمر في الوضع الاقتصادي لجميع الإسرائيليين، إلا أن متوسّط الأجور تقريبًا لم يتغيّر.

والمعطيات المتوفرة على المدى الأطول، والتي زودّت بها مؤسّسة التأمين الوطني، تشير إلى أنّه منذ حوالي 25 عاما، خاصة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية، لم تصحب النمو في الناتج المحلي الإجمالي للفرد زيادة موازية في الأجر الحقيقي. وفي العام 2014 أصبحت الفجوة بينهما أكبر من أي وقت مضى.

وأشار التقرير إلى نتائج أخرى، منها:
1. ثمار النمو، وبدلا من أن تتغلغل نحو الأسفل كما يدّعي قادة السوق، تتغلغل، على نحو غير طبيعي، نحو الأعلى.
فحصة المشغّلين في "كعكة" الدخل القومي ارتفعت في العقد الأخير (2004-2014) من 14% إلى 17%، وذلك على حساب العمّال، الذين انخفضت حصتهم من 61% إلى 57%.

وأجر الموظّفين الكبار ارتفع بشكل ملحوظ، فقد بلغ متوسّط تكلفة أجر المدير العام في واحدة من الشركات الـ 100 المدرجة في مؤشّر تل أبيب 100، في عام 2014، 01ر5 مليون شيكل في السنة، أو 417 ألف شيكل في الشهر. ومتوسط تكلفة الأجر السنوية لأصحاب أكبر خمسة مناصب في هذه الشركات بلغ 64ر3 مليون شيكل، أو 303 آلاف شيكل في الشهر. وتشير هذه المبالغ إلى حدوث انخفاض ما، مقارنة بالعام 2013، ولكنها لا تزال خيالية بالنسبة للغالبية العظمى من الإسرائيليين.

وفي العام 2014، كان متوسط تكلفة أجور أصحاب أكبر خمسة مناصب في الشركات المذكورة أعلاه أكبر 32 مرة من متوسط الأجور في السوق (9373 شيكل للعمال الإسرائيليين فقط) وأكبر 70 مرة من الحد الأدنى للأجور في ذات السنة (4300 شيكل).

في المقابل، تلقى 3ر31% من الأجيرين في السوق (في العام 2013) الحد الأدنى من الأجور، وما دون ذلك. وتلقى 1ر22% أجرا تعتبره منظمةOECD منخفضًا ولا يزيد عن ثلثيّ متوسط الأجور في السوق، وهذه النسبة مرتفعة جدًا مقارنة بدول تلك المنظمة.

وفي المستويات المنخفضة في سلّم الأجور، كان تمثيل النساء أعلى من تمثيل الرجال: في العام 2013، 5ر32% من عامة النساء الأجيرات تلقين أجرًا لا يزيد عن الحد الأدنى للأجور، مقارنة بـ1ر18% من الرجال الأجيرين الرجال.

والتمثيل المُفرط في المستويات المنخفضة في سلّم الأجور يميّز الأجيرين العرب أيضًا. ففي العام 2014، كان متوسط أجرهم أقل بـ 29% من متوسط الأجور. في نفس الوقت، زاد متوسط الأجور الذي تلقاه الأجيرون من اليهود الشرقيين عن المعدّل بـ 12%، في حين زاد متوسّط الأجور الذي تلقاه الأجيرون من اليهود الغربيين عن المعدّل بـ38%.

2. كانت نسبة غير العاملين في إسرائيل في شهر تشرين الأول 2015 منخفضة، ولكن المعدّل القطري يخفي في طياته فجوات كبيرة جدًا بين البلدات والفئات السكانية. وفي التحليل المقارن بين البلدات يتضح أنّ البلدات العربية تتصدّر جدول البطالة، وخاصة البلدات البدوية في جنوب البلاد. وفي البلدة البدوية الأكبر، وهي رهط، بلغت نسبة طالبي العمل، في شهر آذار 2015- 4ر31%. وسجّلت نسبة مماثلة في بعض البلدات العربية الكبرى في شمال البلاد- مثل أم الفحم، عرابة، سخنين، طمرة والمغار. وفي غالبية البلدات اليهودية، كانت نسبة البطالة أقل من 5%، بينما سجّلت نسب أعلى في بلدات التطوير مثل ديمونا ويروحام.

3. الطريق الأمثل نحو مستقبل فردي واقتصادي- اجتماعي أفضل هو التعلّم والالتحاق بالتعليم العالي. ولكن، بحسب إحصائيات 2014، فقط 1ر29% من الفتيان/ الفتيات الذين كانوا في ربيعهم الـ 17 في العام 2006 بدأوا يدرسون حتى العام 2014 في مؤسّسة إسرائيلية للتعليم العالي. ونسبة الشبان والشابات اليهود الملتحقين بالتعليم العالي تساوي ضعفي نظرائهم العرب.

وخلال العام الدراسي 2013- 2014، كان 8ر13% من الشباب في الفئة العمرية 20- 29 عاما في إسرائيل ملتحقين بالجامعات والكليات الأكاديمية. غير أن توزيعهم بحسب البلدات لم يكن متكافئًا على الإطلاق، ففي البلدات المتينة اقتصاديًا بلغت النسبة 2ر22%، وفي بلدات التطوير 6ر12% وفي البلدات العربية 4ر8%.

والتفسير الأساسي للنسبة المنخفضة للملتحقين بالتعليم العالي هو النسبة المنخفضة للشباب/ الشابات الذين يحصلون على شهادة البجروت. والاستحقاق لشهادة البجروت شهد تقدمًا وتراجعًا من حيث النسب، ففي العام 2013، ارتفعت نسبة المؤهّلين لنيل شهادة بجروت إلى 4ر53%، ولكن في العام 2014 سجّل انخفاض طفيف. ونسبة الملتحقين بالدراسات الأكاديمية من بين خرّيجي المسار التعليمي النظري أعلى من نسبتهم من بين خرّيجي مسار التعليم المهني.
وقال التقرير إنه فيما يتعلّق بالقضايا الاجتماعية، تعوّل دولة إسرائيل على النمو الاقتصادي. ولكن ثمار النمو تغلغلت أساسًا نحو الأعلى بدلا من الأسفل. ومواجهة عدم التكافؤ تتطلّب تدخّلا سياسيًا جادًا. والمشكلة تكمن في أنّ حكومات إسرائيل قامت تدريجيًا بتقليص قدراتها على التحرّك، وعلى وجه الخصوص قدراتها المتعلقة بالميزانيات. وأدى ذلك إلى تراجع وتقلّص الخدمات الاجتماعية التي توفّرها الدولة، أي خدمات التربية والتعليم، الصحة، الرفاه والضمان الاجتماعي. والإنفاق الحكومي الشامل في العام 2014 (يشمل السلطات الحكومية)، والذي بلغ 2ر41% من الناتج المحلي الإجمالي، يضع إسرائيل في نفس الخانة مع دول شرق أوروبا والدول ذات الإنفاق الحكومي المنخفض مثل نيوزيلندا وكندا (والتي تخصّص تكاليف أقل للشؤون الأمنية مقارنة بإسرائيل).

بالإضافة إلى ذلك فإن اهتمامات الحكومات الإسرائيلية موجهة أساسًا نحو القضايا السياسية والأمنية، وعلى رأسها الصراع مع الفلسطينيين، والذي ينعكس في مواجهات عنيفة تندلع في فترات متقاربة. وحكومات إسرائيل غير متفرّغة لتطوير خطط طويلة الأمد لزيادة نسبة الاستحقاق لشهادة البجروت، زيادة عدد الطلاب الجامعيين أو توسيع حدود "أمة الستارت- أب" خارج "دولة تل أبيب".

المصطلحات المستخدمة:

التأمين الوطني, ديمونا

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات