أصدرت الحكومة الإسرائيلية، في شهر آذار الأخير، تقريرا رسميا بعنوان "مقاييس جودة الحياة، العيش والمناعة القومية 2013 – 2014" وفيه معطيات رسمية عن مجالات حياتية مختلفة في البلاد تحاول، كلها، تقديم إجابة على السؤال المركزي التالي: كيف هي الحياة في إسرائيل، حقا؟ وهو التقرير الأول من نوعه وفي شموليته الذي يصدر في إسرائيل منذ إقامتها.
ويعرض التقرير صورة واسعة وتفصيلية حول وضع الاقتصاد في إسرائيل، المجتمع والبيئة، بالنظر إلى مختلف المجالات الحياتية المشمولة في مقاييس "جودة الحياة" والتي تؤثر عليها تأثيرا فعليا.
وقد تولى معالجة وإعداد استنتاجات هذا التقرير أكثر من 200 مختص وخبير من الوزارات الحكومية المختلفة، البنك المركزي (بنك إسرائيل)، مؤسسة "التأمين القومي"، من الباحثين الأكاديميين والموظفين الكبار في القطاع العام، تحت إشراف مكتب الإحصاء المركزي الرسمي الإسرائيلي، المجلس الوطني للاقتصاد ووزارة البيئة، بمرافقة مهنية وثيقة من "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية" (OECD) ، الشريكة الأساسية في هذا التقرير الذي يصدر، خصيصا، لمناسبة "يوم الصحة العالمي".
وفي أوائل شهر نيسان الجاري (7 منه تحديدا) نشر مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي بعض المعطيات التي وردت في هذا التقرير، الأول من نوعه كما أشرنا. ومن هذه المعطيات، التي نشرت، ترتسم صورة قاتمة جدا عن الأوضاع الصحية التي يعيشها الفلسطينيون المواطنون في إسرائيل، إذ تؤكد المعطيات الرسمية وجود فجوات عميقة بين أوضاع هؤلاء الصحية والأوضاع الصحية بين المواطنين اليهود بشكل خاص وفي إسرائيل بوجه عام.
ويشكل مجال الصحة واحداً من أصل 11 مجالا حياتيا تشملها مقاييس "جودة الحياة" وهو يشمل، بدوره، مقاييس موضوعية وذاتية تغطي المواضيع التالية: الصحة الجسدية والصحة النفسية، وضع الجهاز الصحي العام، معدلات الإصابة بالأمراض، الوفيات ومأمول الحياة (معدل الحياة المتوقع)، وسط مقارنتها مع المعطيات في دول منظمة OECD، بالمتوسط.
وقد أشار مكتب الإحصاء المركزي، على هامش هذه المعطيات، إلى أن المسح سوف يشمل في المستقبل، وابتداء من السنة القادمة، مقاييس أخرى جديدة تتطرق إلى الإصابة بأمراض شائعة (مثل السرطان، بأنواعه المختلفة، والسكري، بشكل خاص)، مستوى الثقة الجماهيرية بالجهاز الصحي العام، نمط الحياة الصحي ومعدلات الأشخاص الذين يمارسون النشاط الجسماني ويحافظون على اللياقة البدينة اللائقة.
أما أبرز المعطيات التي تضمنها التقرير ونشرها مكتب الإحصاء المركزي فتشمل:
وفيات الأطفال
شهدت الفترة بين العامين 2000 و 2014 حدوث انخفاض متواصل في معدلات وفيات الأطفال في إسرائيل، غير أن الفجوة ما بين معدلات وفيات الأطفال في الوسط العربي ومعدلاتها في الوسط اليهودي بقيت مرتفعة عند 5ر2 ـ 8ر2 طفل عربي مقابل طفل يهودي واحد. وفي العام 2014، بلغ معدل وفيات الأطفال حتى سن سنة واحدة 6 أطفال عرب من كل ألف ولادة سليمة مقابل 2ر2 طفال يهودي، بينما انخفضت هذه النسبة خلال العقد الأخير من 1ر8 إلى 6 أطفال عرب (26%) مقابل 2ر2 طفل يهودي (29%).
في لواء الجنوب (النقب)، بلغت نسبة وفيات الأطفال في الفترة بين العامين 2011 و2013 نحو 6ر5 طفل، وهي النسبة الأعلى من بين جميع الألوية في إسرائيل، حيث بلغت في لواء تل أبيب 3ر2 وفي لواء المركز 5ر2 وفي لواء "يهودا والسامرة" (المستوطنون في الضفة الغربية) 5ر2. وبالمقارنة مع المعدلات الدولية (للعام 2013)، احتلت إسرائيل المرتبة الـ 13 بين دول منظمة OECD من حيث معدلات وفيات الأطفال.
مأمول الحياة
احتلت إسرائيل في العام 2013 المرتبة السابعة بين دول منظمة OECD من حيث معدل مأمول الحياة، بمعدل متوسط بلغ 1ر82 سنة، وهو أعلى بـ 6ر1 سنة من المعدل المتوسط في دول منظمة OECD (5ر80 سنة).
في الفترة ما بين العامين 2000 و 2014، سجل مأمول الحياة في إسرائيل ارتفاعا ملحوظا: بـ 6ر3 سنة بين الرجال وبـ 2ر3 سنة بين النساء (من 7ر76 إلى 3ر80 بين الرجال ومن 9ر80 إلى 1ر84 بين النساء). أما بين المواطنين العرب، فكان مأمول الحياة أقل منه بين اليهود، بين الرجال وبين النساء على حد سواء. لا بل تعمق الفارق بين الرجال العرب والرجال اليهود خلال السنوات الأخيرة وهو يبلغ 3ر4 سنة لصالح الرجال اليهود. أما الفارق بين النساء اليهوديات والنساء العربيات فيبلغ 3ر3 سنة لصالح النساء اليهوديات.
ويبلغ الفارق في مأمول الحياة بين الرجال اليهود والنساء اليهوديات 4ر3 سنة لصالح النساء اليهوديات، بينما يبلغ الفارق بين النساء العربيات والرجال العرب 3ر4 سنة لصالح النساء العربيات.
وفي العام 2013، بلغ مأمول الحياة بين الرجال في إسرائيل 3ر80 سنة، وهي إحدى النسب الأعلى بين دول منظمة OECD ـ الثالثة، سوية مع إيطاليا، بينما تحتل النساء الإسرائيليات مرتبة أدنى من حيث مأمول الحياة ـ المرتبة الحادية عشرة بمعدل 9ر83 سنة، سوية مع لوكسمبورغ.
الوضع الصحي العام
خلال العام 2013، وصف 80% من السكان في إسرائيل وضعهم الصحي العام بأنه "جيد جدا" أو "جيد". أما نسبة هؤلاء (الذين وصفوا وضعهم الصحي بأنه "جيد جدا" أو "جيد") بين المواطنين العرب فكانت أقل منها بين اليهود، من الرجال والنساء على حد سواء: 73% من المواطنين العرب قالوا إن وضعهم الصحي "جيد جدا" أو "جيد"، مقابل 82% من المواطنين اليهود.
وأفادت المعطيات الرسمية بأن وصف الوضع الصحي العام بأنه "جيد جدا" أو "جيد" ينخفض ويتراجع مع التقدم في السن: فنحو 100% تقريبا من مجمل المواطنين في إسرائيل في سن 20 ـ 44 عاما في العام 2013، من الرجال والنساء، قالوا إن وضعهم الصحي "جيد جدا" أو "جيد"، بينما انخفضت هذه النسبة إلى 45% فقط بين المواطنين في سن 65 عاما وما فوق.
ولوحظ أن نسبة الرجال الذين وصفوا حالتهم الصحية بأنها "جيدة جدا" أو "جيدة" كانت أعلى من نسبتها بين النساء ـ 52% من الرجال مقابل 40% فقط من النساء. وتصف النساء في سن 65 عاما وما فوق حالتهن الصحية، إجمالا، بأنها أسوأ من الحالة الصحية بين الرجال في الفئة العمرية ذاتها.
وفي المقارنة مع المعطيات الدولية للعام 2013، يتضح أن إسرائيل تحتل المرتبة الـ 8 بين دول منظمة OECD من حيث الوضع الصحي العام، إذ قال 80% من المواطنين في إسرائيل إن وضعهم الصحي "جيد جدا" أو "جيد"، بينما بلغ المعدل العام في دول هذه المنظمة 2ر69%.
زيادة الوزن والسمنة الزائدة
أكثر من رُبع الطلاب في المدارس الإسرائيلية حتى الصف التاسع (27%) كانوا يعانون من زيادة الوزن أو من السمنة الزائدة في العام 2012. أما بين الطلاب في الصف الأول فبلغت نسبة هؤلاء 21%، مقابل 30% من طلاب الصف السابع. وهي النسب ذاتها التي سجلت في الفترة الواقعة بين العامين 2011 و 2013 أيضا.
وقد لوحظ أن نسبة الطلاب الذين يعانون من الوزن الزائد أو من السمنة الزائدة ترتفع من الصف الأول حتى الصف الخامس، حيث تستقر حتى الصف السادس ثم تعود إلى الانخفاض في الصف التاسع. وقد بقيت نسبة الطلاب الذين يعانون من الوزن الزائد أو من السمنة الزائدة على حالها خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغت في العام 2014 نحو 9% من طلاب الصف الأول ونحو 13% من طلاب الصف السابع.
أما بين الطلاب العرب البدو وبين الطلاب الحريديم، في صفوف الأول وفي صفوف السابع على حد سواء، فإن نسبة الذين يعانون من الوزن الزائد ومن السمنة الزائدة بينهم هي أقل بصورة ملحوظة عما هي بين الطلاب عامة في إسرائيل في المرحلة نفسها: في العام 2104، بلغت نسبة الطلاب الحريديم في الصف الأول الذين يعانون من الوزن الزائد أو من السمنة الزائدة 14%، مقابل 11% بين الطلاب العرب البدو. وارتفعت هذه النسبة بين الطلاب الحريديم في الصف السابع إلى 24% كما ارتفعت بين الطلاب البدو في المرحلة نفسها إلى 25%.
وفي المعدل العام في إسرائيل، يعاني 21% من طلاب صفوف الأول من الوزن الزائد أو من السمنة الزائدة بينما تبلغ النسبة بين طلاب صفوف السابع 30%.
وأكدت المعطيات الرسمية أن معدلات السمنة الزائدة بين المواطنين العرب هي أعلى منها بين المواطنين اليهود، وخاصة بين الطلاب في صفوف السابع الابتدائي.
وتبلغ نسبة الطلاب العرب في الصف السابع الذين يعانون من الوزن الزائد أو من السمنة الزائدة نحو 39%، مقابل 30% في المعدل الإسرائيلي العام. أما بين الطلاب العرب في الصف الأول فتبلغ نسبة هؤلاء 24%، مقابل 21% في المعدل الإسرائيلي العام.
وتؤكد المعطيات أيضا أن الارتفاع في نسبة الطلاب الذين يعانون من الوزن الزائد أو من السمنة الزائدة بين الصف الأول والصف السابع هو أعلى وأبرز بين الطلاب العرب عما هو بين الطلاب اليهود في المرحلة ذاتها.
الاكتئاب
خلال العام 2013، صرح 34% من أبناء الشبيبة في سن 20 سنة وما فوق في إسرائيل بأنهم يشعرون بالاكتئاب في أحيان متقاربة أو من حين إلى آخر، بينما صرح 9% منهم بأنهم يشعرون بالاكتئاب في فترات متقاربة جدا. ومن بين هؤلاء، قال 49% من الشبان العرب إنهم يشعرون بالاكتئاب من حين إلى آخر أو في فترات متقاربة، مقابل 30% من الشبان اليهود. أما بين النساء فكانت النسبة 40%، مقابل 27% بين الرجال.
وأشارت المعطيات الرسمية إلى أن الشعور بالاكتئاب يزداد مع التقدم في السن: 32% من أبناء 20 ـ 44 عاما، 35% من أبناء 45 ـ 64 عاما و 38% من أبناء 65 عاما وما فوق.
وقد سجل هبوط في نسبة الذين كانوا يعانون من الشعور بالاكتئاب في العام 2010، إذ انخفضت نسبتهم العامة إلى 26%، مقابل 38% في العام 2003 و 34% في العام 2007، بينما عادت هذه النسبة إلى الارتفاع في العام 2013 لتستقر على ما كانت عليه في العام 2007 (34%).
التدخين
تستند المعطيات عن التدخين إلى الإفادات الشخصية الفردية، وهي تبين أن 2ر16% من أبناء الشبيبة في سن 21 عاما وما فوق في إسرائيل قالوا إنهم دخنوا في العام 2013 سيجارة واحدة على الأقل في اليوم. وتقول المعطيات إنه يمكن ملاحظة حصول تراجع وهبوط في نسبة المدخنين من أبناء الجنسين وأن نسبة المدخنين (الرجال والنساء) في إسرائيل عامة هي أقل من نسبتهم المتوسطة في دول منظمة OECD: 2ر16% مقابل 7ر19%.
وتبين المعطيات أن نسبة الرجال المدخنين هي أعلى من نسبة النساء المدخنات، في جميع المراحل العمرية، حيث بلغ الفارق في العام 2013 نحو 11% "لصالح" الرجال، بينما تتقلص هذه النسبة مع السنوات، بشكل متواصل، على خلفية إقلاع كثيرين من الرجال عن التدخين.
أما بين المواطنين العرب في إسرائيل، فتبلغ نسبة المدخنين 4ر35% من الرجال و 1ر4% بين النساء، مقابل 1ر19% من الرجال اليهود و 2ر12% من النساء اليهوديات.