في يوم الاستقلال الـ 55 - حيال واقع عدم المساواة في الدولة التي تتميز بالفجوات الاجتماعية - يعتبر اعلان الاستقلال، الذي يتحدث عن مساواة تامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لكل مواطني الدولة، وعداً كبيراً لم ينجز بعد.محكمة العدل العليا بنت على اعلان الاستقلال قراراً اعترف بمساواة النساء في مجالات مختلفة - المشاركة في مجالس دينية، في مجالس ادارة شركات حكومية وفي دورة طيران في الجيش الاسرائيلي. وفي سوق العمل هنالك تمييز ضد النساء، في حالات كثيرة، في الأجور وفي المصالح، بنسبة كبيرة.
شكل الاعلان حجر زاوية لقرار المحكمة الذي الزم وزارة حكومية بتخصيص موارد متساوية لمقابر السكان العرب. وهذه نقطة في بحر. القرار الجديد الملزم بوضع لافتات على الشوارع باللغة العربية في المدن المختلطة يبرز فقط عدم الاهتمام بهذه اللغة كلغة رسمية، رغم التعليمات الملزمة.
من يريد ان ينجز وعد الاعلان وأن يكرس الحق في المساواة في قانون اساس المحكمة العليا من ناحية قانونية بدل تشريع القوانين العادي، سيكتشف أن الحديث يدور عن مهمة صعبة جداً. المساواة غير مذكورة في قانون الأساس: كرامة الانسان وحريته، الذي سن عام 1992، وبالاساس بسبب كتل برلمانية دينية تخوفت من ان الاعتراف به كحق دستوري سيمس بالتمييز القائم ضد النساء في القانون الديني اليهودي.
احجمت المحكمة العليا حتى الآن عن اصدار قرار تشكل المساواة بموجبه جزءاً من "كرامة الانسان"، بحيث يكون بالامكان الغاء قانون يمس به. ومحكمة العدل العليا تملصت من حسم الأمر - رغم الكلام الواضح للقاضي اهرون باراك، الذي يرى في المساواة جزءاً لا يتجزأ من "كرامة الانسان" - ولكن ثمة شكوكاً في أن يستمر ليحقق ذلك. قبول الالتماسات في الامور المعلقة امامه - بالنسبة لقانونية "قانون طال" بشأن تجنيد تلاميذ المعاهد الدينية اليهودية وبشأن الخدمة العسكرية كعامل مهم في تحديد نسبة مخصصات الاولاد - يلزم بالاعتراف بالمساواة كحق دستوري فوق قانوني. وفقط اذا ردت محكمة العدل العليا الالتماسات بقرار انها لا تمس بالمساواة ما يفوق الدرجة المعقولة، سيكون من الممكن أن يستمر تكتيك الاحجام عن الاعتراف بالمساواة كحق "مستتر" في قانون الاساس: كرامة الانسان وحريته.
إن ميول قسم من قضاة محكمة العدل العليا الى عدم الاعتراف بالمساواة بمعناها هذا، يكمن في رغبة عدم التصادم مع الكنيست الملقى عليه تحديد حدود الاعتراف الدستوري. لأول وهلة، تركيبة الائتلاف الحالية - بدون شاس التي تعارض كل قانون أساس - تمكن من تقدم لتوسيع قانون الاساس والتوصل الى دستور بالاتفاق. وزير القضاء المرحوم، شموئيل تامير، أكد قبل أكثر من 20 سنة أن الكنيست "خانت" واجبها وفق اعلان الاستقلال - في اعداد دستور لاسرائيل. واليوم أيضاً، وقد تم سن 11 قانون اساس، ما زال الطريق طويلا للوصول الى دستور شامل، والذي من المفروض ان يعترف بكل حقوق الانسان، السياسية والاجتماعية.
علامات الطريق الطويل لاستقلال قضائي تبرز ليس فقط على خلفية غياب دستور، انما أيضاً على خلفية التشريع الانتدابي الساري في اسرائيل، والذي لا يتلاءم مع مجتمع ديمقراطي. وبهذا الخصوص أعلن في الاسبوع الماضي وزير الداخلية، أفراهام بوراز، عن نيته العمل على الغاء اوامر انظمة الصحف الانتدابية من عام 1933 جمهور واسع علم من خلال هذا الاعلان عن وجود اوامر تلزم الصحف بالحصول على رخصة وتمكن وزير الداخلية من ايقاف صدور الصحيفة.
انظمة الدفاع (حالة الطوارىء) الانتدابية من عام 1945 تلزم بالحصول على ترخيص لصدور صحيفة من حاكم اللواء في وزارة الداخلية، والمخول أيضاً بوقف صدور الصحيفة "دون أن يقدم مسوغات لهذا الامر". وفق الانظمة، التي يسري مفعولها كسريان قانون الكنيست، يحظر في اسرائيل نشر أمور "تحوي مواد ذات معنى سياسي، الا اذا تم الحصول مسبقاً على رخصة تسمح بذلك من قبل حاكم اللواء".
وعلى مر السنين خفت صرامة الانظمة الانتدابية، بشكل فعلي، دون أن يتم اخراجها من كتاب القوانين. قرار محكمة العدل العليا، المبني على قانون "صوت الشعب" من عام 1953، أقر أن صلاحية الوزير في اغلاق صحيفة سارية فقط ازاء "احتمال مؤكد" لمس جدي بأمن الدولة أو النظام العام. حكام الالوية في وزارة الداخلية، الذين يشغلون مناصب انتدابية مشكوك في وجود تبرير لها اليوم، لا يدأبون على استخدام صلاحياتهم بعدم تبرير قرارات بشأن اغلاق صحف. ومع هذا، فإن تفعيل الصلاحية المتطرفة التي يمتلكونها لا تتلاءم مع نمط الدولة الديمقراطية.
على أية حال، القوانين الانتدابية في القضاء الاسرائيلي - وفيها مخالفات كمنع "منشورات تحريض على التمرد" التي نسخت في قانون العقوبات من اوامر القانون الجنائي، 1936 - وأمر كـ "القول الرسمي في المجلس على ارض اسرائيل"، لا تضيف احتراماً لدولة اسرائيل في السنة الـ 55 لاستقلالها. ينبغي على وزير القضاء أن يعين لجنة لـ "أسرلة" القانون الاسرائيلي.
(هآرتس 6/5)