اظهرت نتائج استطلاع "مؤشر السلام" لشهر ايار الماضي ان هناك اغلبية واضحة في صفوف الجمهور اليهودي في اسرائيل تؤيد خطة "خارطة الطريق"، لكن اغلبية يهودية
اكبر اعربت مع ذلك عن تشككها وعدم ثقتها بامكانية ان تؤدي هذه الخطة الدولية الى حل شامل ونهائي للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني. وذكر معدو الاستطلاع الذي نشرت نتائجه في "هآرتس" (2 حزيران) ان الشكوك بشأن الخطة نابعة من التقدير السائد بأن رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) "لا يبذل جهودا جادة لوقف الهجمات المسلحة فضلا عن افتقاده القدرة اللازمة للقيام بذلك". وبالرغم من هذه التقديرات المتشائمة فان غالبية الجمهور اليهودي تعتقد بأن على اسرائيل اليوم القيام ببادرات "حسن نية" تجاه الجانب الفلسطيني، كتفكيك مواقع الاستيطان غير القانونية (المناطر)، على امل ان يسهم ذلك في "تعزيز مركز رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد". واشار الاستطلاع الى وجود اتفاق واسع بين الاسرائيليين (اليهود) على أن اتباع سياسة اكثر مرونة من جانب اسرائيل لن يؤدي الى خفض عدد الهجمات التي يشنها مقاومون فلسطينيون، كذلك اعربت اغلبية كبيرة عن اعتقادها بأنه لا يجوز لاسرائيل التفاوض مع الجانب الفلسطيني قبل توقف العمليات المسلحة، وان السياسة الحالية التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية في مواجهة الهجمات الفلسطينية تعتبر ناجعة جدا، وفق ما تراه نفس الاغلبية. وجاء في اهم النتائج التي توصل اليها استطلاع "مؤشر السلام" الذي اجري في الفترة الواقعة بين السابع والعشرين والتاسع والعشرين من شهر ايار الماضي ان 59% من الاسرائيليين (اليهود) الذين شملهم الاستطلاع اعلنوا تأييدهم لخطة "خارطة الطريق" مقابل 39% اعلنوا معارضتهم ورفضهم للخطة، ولم يتمكن 2% من اعطاء رأي حولها. وتعكس هذه النتيجة تراجعا في نسبة الاسرائيليين المؤيدين لخطة "خارطة الطريق" مقارنة مع نتائج استطلاع "مؤشر السلام" للشهر السابق (نيسان) والتي اظهرت ان 65% يؤيدون الخطة و 31% يعارضونها. ويعزى هذا التراجع في نسبة المؤيدين لـ "خارطة الطريق" الى الجدل الحاد الذي تخلل مناقشة الحكومة الاسرائيلية للخطة قبل التصويت عليها واقرارها بأغلبية ضئيلة. وكان عدد كبير من وزراء الحكومة، بما في ذلك ممن صوتوا الى جانب الخطة، قد طرحوا تحفظات عديدة على "خارطة الطريق" بالصيغة التي قدمت بها. ومع ان اغلبية واضحة من الاسرائيليين (اليهود) لا تزال تؤيد الخطة، الا ان نتائج الاستطلاع الحالي اظهرت ان اغلبية كبيرة لا تعلق امالا عريضة على نتائج الخطة ذاتها. وحول سؤال: هل لديك قناعة، ام لا، بأن خطة "خارطة الطريق" ستحقق هدفها في ايجاد حل شامل ونهائي للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني حتى العام 2005 او في فترة قريبة من هذا الموعد؟ قال 32 % من المشتركين في الاستطلاع بأنهم مقتنعون او مقتنعون جدا بذلك، في حين قال 66% بأنهم غير مقتنعين او غير مقتنعين نهائيا بأن الخطة ستحقق هدفها المذكور. ولاحظ معدو الاستطلاع ان طابع او نمط الفجوة بين نسب القناعة والتأييد لخارطة الطريق يشبه الفجوة التي ظهرت في السنوات الماضية تجاه خطة اوسلو. وعلل هؤلاء الشكوك ازاء فرص خارطة الطريق بقولهم ان تفسير هذه الشكوك يكمن، في جانب منه على الاقل، في تقدير الجمهور اليهودي في اسرائيل لنوايا وقدرات "ابو مازن " فيما بتعلق بما وصف بـ "محاربة الارهاب"، حيث اعرب 56% من المشتركين عن اعتقادهم ان رئيس الوزراء الفلسطيني "لا يقوم بجهود صادقة لوقف الارهاب"، بينما اعرب 26% فقط عن الاعتقاد بأن نوايا (ابو مازن) في هذا الصدد صادقة (ولم يعط الباقون – 18% جوابا محددًا). كذلك اعرب 57% عن اعتقادهم بأن "ابو مازن" لا يمتلك القدرة ايضا على وقف الهجمات ضد اسرائيل او الحد منها بشكل ملموس، فيما يعتقد 32% ان "ابو مازن" يمتلك مثل هذه القدرة، (ولم يتمكن 11% من اعطاء اجابة على هذا السؤال). وتنسجم هذه النتائج مع وجهة النظر السائدة لدى الجمهور اليهودي ومؤداها ان الرئيس ياسر عرفات لا يزال ممسكا بزمام قيادة السلطة الفلسطينية، وفق ما اظهر ذلك استطلاع مؤشر السلام لشهر نيسان الماضي. وحول سؤال: "بأي درجة حسب رأيك يتعين على اسرائيل، او لا يتعين عليها، القيام بلفتات معينة تجاه الجانب الفلسطيني، كتفكيك عدد من مواقع الاستيطان غير القانونية في المناطق الفلسطينية، بغية دعم مكانة ابو مازن؟" ايد 56 % القيام بمثل هذه اللفتات، بينما عارض القيام بذلك 40%. ويظهر انقسام الاجابات حول هذا الموضوع حسب مصوتي الاحزاب الخمسة الكبرى ان هناك معارضة في صفوف مؤيدي حزب "شاس" الديني – الشرقي (93%) للقيام بلفتات حسن نية تجاه الفلسطينيين، في حين ايدت ذلك نسبة كبيرة من مؤيدي باقي الاحزاب الكبيرة، باستثناء حزب الليكود (الذي ايد 51% فقط من مصوتيه "لفتات حسن النية" وعارضها 43%) مقارنة مع مصوتي احزاب اليسار(العمل = 82% مع اللفتات مقابل 14% ضدها، ميرتس = 92% مع مقابل 8% ضد، وحزب شينوي = 70% مقابل 23%). ولكن يبدو ان الجمهور اليهودي يميز بشكل واضح بين اتخاذ لفتات تجاه الفلسطينيين وبين مواقفه بالنسبة للسياسة التي يجب اتباعها حيال الفلسطينيين في كل ما يتعلق بـ "محاربة الارهاب". فقد اعرب 69% من المشتركين في الاستطلاع عن اعتقادهم بأن اتباع سياسة اكثر مرونة وتساهلا من جانب الحكومة الاسرائيلية، لن يؤدي الى خقض عدد الهجمات المسلحة مقابل 26% يعتقدون ان بالامكان الحد من الهجمات من خلال اتباع سياسة كهذه. من جانب اخر فان 61% يتفقون مع الرأي القائل بأن اسرائيل يجب ان تعود الى مائدة المفاوضات مع الفلسطينيين قبل توقف عمليات المقاومة، فيما اتفق 35% مع الرأي القائل بأنه لا يجوز تمكين منفذي الهجمات من افشال فرصة التوصل الى تسوية، وبالتالي يجب مواصلة السير في طريق المفاوضات حتى في ظل وجود موجه من الهجمات. ويتضح ان هناك، كما هو متوقع، فرقا حادا بين مواقف مصوتي اليسار واليمين ازاء هذا الموضوع، حيث عارض 75% من مصوتي الليكود و "شاس" اجراء مفاوضات في ظل استمرار هجمات المقاومة الفلسطينية، بينما ايد 70% من مصوتي "العمل" و "ميرتس" اجاء مفاوضات في ظل مثل هذا الوضع، وانقسم مصوتو "شينوي" في رأيهم تجاه هذه المسألة (49% مع مقابل 42% ضد). ورًدا على سؤال اخر اعربت اغلبية المشتركين اليهود في الاستطلاع 59%) عن تأييدها للسياسة الحالية التي تتبعها الحكومة الاسرائيلية في مواجهة عمليات المقاومة (بمعنى سياسة الحصار والاجتياح والاغلاق والاغتيالات والاعتقالات وهدم البيوت.. الخ) معتبرة ان هذه السياسة "مجدية جدا"، مقابل 38% من المشتركين الذين اعربوا عن تقديرهم بأن هذه السياسة الاسرائيلية غير مجدية او غير مجدية نهائيا. وقال 51% انهم يشعرون بدرجة خطر بين عالية وعالية جدا بأن هناك احتمالا لتعرضهم شخصيا او احد افراد عائلتهم للاصابة في هجوم مسلح، في حين قال 30% انهم يشعرون بأن احتمال تعرضهم لهذا الخطر منخفض او منخفض جدا. وردا على سوال اخر في نفس الصدد اعرب 57% من المشتركين في الاستطلاع عن الاعتقاد بان هناك تعادلاً في درجة تعرض مئات السكان الاسرائيليين لخطر الهجمات، فيما اعرب 41% عن الاعتقاد ان هناك مئات من السكان الاسرائيليين عرضة لدرجة خطر اعلى من غيرها وان هناك فئات معرضة بدرجة اقل لخطر الاصابة في الهجمات. ورأى 89% ان المستوطنين اليهود القاطنين في الضفة الغربية وقطاع عزة يقفون في طليعة الفئات الاكثر عرضة لخطر الاصابة في هجمات المسلحين الفلسطينيين، تليهم فئة الشبان الاسرائيليين (63%) ثم القادمين الجدد (50%). وادارج المشاركون في القطب الاخر لفئات المجموعات التي اعتبرت درجة تعرضها لخطر الهجمات منخفضة نسبيا حسب الترتيب التالي: السكان العرب في اسرائيل، يليهم رجال الاعمال، ثم سكان شمال تل ابيب (اي ضواحي الاغنياء في تل ابيب)، يليهم النساء والمسنون والعمال الاجانب. وكان هذا الاستطلاع قد اجرى في نطاق مشروع "مؤشر السلام" الذي يديره مركز تامي شتاينمتس لبحوث السلام في جامعة تل ابيب، برئاسة البروفسور افرايم ياعر ود. تمار هيرمان. وقد شمل الاستطلاع الذي اجري بين 27 و 29 ايار الماضي عينة مكونة من 573 مشتركا يمثلون مجمل السكان البالغين في اسرائيل والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقدر هامش الخطأ في الاستطلاع بحوالي 4,5%.