في <<القدس الكبرى>> أفتتحت في الآونة الأخيرة عدة شوارع جديدة، استثمرت فيها أموال طائلة. من المثير تفحص ما يحدث فيها. الشارع الأول والأطول هو استمرارية لشارع <<مناحيم بيغن>> شمالا. وهذا مقطع مهم من شارع رقم 4، الذي يبدأ في جنوبي المدينة إلى جانب المجمع التجاري <<مالحه>> ويصل حتى شمالي المناطق المسكونة في <<غفعات زئيف>>، حيث يمكن السفر من هناك غربًا إلى <<بيت حورون>>
و <<موديعين>>. هذا مسار سفر مثير للانطباع، يمر قسمه المعروف في نفق تحت حي <<روميما>> (تحت المدخل الرئيسي من السهل إلى القدس) ويستمر عبر مقاطع جسور عملاقة ومفترقات إلى جانب حي <<رموت>>. وقليلا بعد حي <<رموت>> يقطع الشارع عمليًا حدود القدس (وإسرائيل) ويستمر داخلا إلى الضفة الغربية. وهو يمر بمشارف قرية بيت حنينا (في الجزء غير المضموم لاسرائيل)، بجوار مضارب البدو عند سفوح <<النبي صموئيل>> وبيوت بلدات بير نبالا والجيب، ويتصل بشارع <<موديعين>> بجوار معتقل <<عوفر>>، الذي يحد بلدة بيتونيا الملاصقة لرام الله.كل الشارع تقريبًا واسع وحديث، من أربعة مسارات، ما عدا الجزء الأخير منه، الشمالي، حيث أنجزت فيه عمليات شق الطريق للمسارات الاضافية. وكل من يسكن في جنوبي القدس، أو في مركزها، ويدخل بسهولة إلى المسار السريع في شارع <<بيغن>>، غير ملزم اليوم بإضاعة الوقت الثمين واختراق <<رحافيا>> و <<محنيه يهودا>> من أجل السفر باتجاه تل أبيب. ومن منطقة <<القطمون>> مثلا، بالامكان الوصول إلى <<موديعين>>، خلال نصف ساعة، ومن هناك، في ساعات قلة الازدحام، أن يصل إلى مفترق <<بيت شيمن>>، ومطار بن غوريون خلال دقائق معدودة. المشكلة طبعًا في أنه يجب السفر داخل الضفة، بمحاذاة القرى العربية جنوبي رام الله. ومن أجل تأمين السفر في هذه المقاطع الخطرة، بُنيت هناك أسوار واقية وجدران ونقاط حراسة. من سافر بتلك الطريق منذ افتتاح الشارع، قبل عدة أسابيع، يعرف أنه خالٍ تقريبًا من حركة السير. وفي الليل، يكون خاليًا تمامًا. السائقون الاسرائيليون يفضّلون المنعطفات والاختناقات في شارع "شاعر هغاي".
الشارع الثاني الجديد هو شارع النفق الكبير من تحت جبل الطور، والذي يصل شمالي القدس بـ <<معاليه أدوميم>>. هنا أيضًا الحديث عن شارع حديث وعن نفق واسع، من أربعة مسارات.
بوسع المسافرين في هذين الشارعين، أو عبر جسور <<غفعات زئيف>> شمالي القدس وعبر الأنفاق التي تحت بيت جالا في الطريق إلى <<غوش عتصيون>>، أن يتخيلوا للحظة أنهم في أنفاق جبلية في سويسرا أو في مفترقات طرق في الولايات المتحدة. صحيح أن هناك مقاطع قليلة في هذه الشوارع تكون مكتظة في ساعات معينة، إلا أن هذه الشوارع تكون خالية في الغالب. وقد شُقت هذه الشوارع بحسب خطة هيكلية قطرية أخذت بعين الاعتبار، أن هناك 1.3 مليون إنسان يسكنون في <<القدس الكبرى>>، بين الخليل و <<بيت أيل>>، وأن من المفترض بهذه الشوارع أن تخدم الجميع. ولكن في الظروف السياسية والأمنية الراهنة، يخاف الاسرائيليون من السفر في هذه الشوارع، كما يُحظر على الفلسطينيين الاقتراب منها.
وهكذا، يمكن بشكل دائم، وعلى بعد مئات الأمتار من الشوارع الرحبة والخالية، رؤية جموع الفلسطينيين الذين يشقّون طريقهم يوميًا في الطرق الجبلية، في الأوحال والمطر، من أجل الوصول إلى أماكن العمل، إلى المدارس وإلى المؤسسات الخدماتية المختلفة. وفي مقاطع معينة يسافر الفلسطينيون في طرق مشوّشة مليئة بالحفر والحواجز. ويضطرون، أكثر من مرة، إلى تبذير ساعات طويلة لقطع بضعة كيلومترات.
الاستثمارات الضخمة التي أستثمرت، والمستثمرة، في الشوارع الجديدة، وفي المفترقات والجسور والأنفاق حول <<القدس الكبرى>>، تأتي على حساب السائقين العالقين في مداخل تل أبيب أيضًا، وفي مفترق <<غليلوت>>. من يود رؤية سلم أولويات الحكومة الاسرائيلية، في السنوات الأخيرة، في الاستثمار في البنى التحتية للمواصلات، عليه أن يأتي إلى مفارق السير المقفرة حول شرقي القدس.
(هآرتس 17 شباط - ترجمة: "مدار")