المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات مترجمة
  • 2175

بعد اندلاع الانتفاضة وهبة اكتوبر في العام 2000 انغمس الاسرائيليون والمؤسسة الأمنية والأكاديمية بشكل لم يسبق له مثيل في السابق في الحديث عن الترانسفير والفصل، كوسائل آلية لمواجهة الخطر الديموغرافي العربي في فلسطين التاريخية.
وراح هذا الانشغال يكتسب شرعية في الشارع الاسرائيلي وكأن موضوع "طرد العربي" مدرج على جدول أعمال الإسرائيلي.

 

وساعدت الأكاديمية الاسرائيلية كثيرًا في تسارع النقاش حول الموضوع فحفزت صناع القرار والقابضين على امور السياسة الاسرائيلية، من ذوي النفوس الخائفة والعقلية اليمينية، على متابعة ومعالجة الخطر الديموغرافي العربي بصوت عال.

وكشفت "هآرتس" في ملحقها الصادر يوم الجمعة 1 نوفمبر النقاب عن استعمال وسيلة اخرى لمواجهة هذا "الخطر الداهم"، حيث يتوقع الاكاديميون ان تكونهناك أكثرية عربية في العام 2020 بين الأردن والبحر، وبرأسهم ارنون سوفير. اما الباحث الاسرائيلي سرجيو دي فارغولا فيتوقع ان يحدث ذلك في العام 2010.

والوسيلة التي تكشف عنها "هآرتس" في تحقيق مطوّل هي "تجنيد الارحام" وذلك للحد من التوقعات المستقبلية بشأن تعداد السكان العرب والحفاظ على الأكثرية اليهودية . وتفتح النقاش حول فكرة تجنيد أرحام اليهوديات بين المؤيدين والمعارضين.

ويقول التحقيق ان "جمعية تشجيع الولادة"، التي كانت قائمة في العام 1967، منحت عماليا بن هاروش، المنحدرة من اصول شرقية، خمسين ليرة اسرائيلية لأنها انجبت الولد العشرين. وفي استطلاع رأي عن الولادة جرى في اسرائيل بعد عشرين عامًا في أوساط النساء الاسرائيليات بتمويل من الأمم المتحدة تبين ان النساء اللواتي تتراوح اعمارهن بين 22-39 سنة يفضلن ان ينجبن 3.5 ولدًا ولكن فعليًا ينجبن 2.6 ولدا، وعندما سئلن عن دوافع انجاب الطفل الاضافي اجبن بضرورة ان توفر الدولة مسكنا لائقا وتنزيلات ضريبية وما شابه.

في العام 1997 اعاد ايلي يشاي، وزير العمل والرفاه الاجتماعي في حكومة نتنياهو، تشكيل "المجلس الديموغرافي" (جمعية تشجيع الولادة في أوساط اليهود)، الهادف الى محاربة الاجهاض وخلق صورة ايجابية عن العائلات كثيرة الأولاد. لكن "المجلس الديموغرافي" فشل في تحقيق التوصيات فتوقف عمله مع تقاعد رئيسته القاضية سارة فريش.

وفي أعقاب تقرير امني (أشار الى أن زيادة عدد العمال الأجانب وتقليص الهجرة لن تكون بعد 18 عاما أكثرية يهودية في المنطقة الواقعة بين الأردن والبحر، اضافة الى مُعطى ذكر ان هناك 18 الف عملية اجهاض في السنة) قرر وزير العمل والرفاه الاجتماعي الحالي بنيزري مواجهة "الخطر الديموغرافي" من خلال تجديد عمل "المجلس الديموغرافي". وفي جلسة افتتاح المجلس تحدث الوزير عن "الروعة في العائلة اليهودية كثيرة الأولاد" وأضاف "نحن الأكثرية في هذه البلاد ولنا الحق ان نحافظ على طبيعتها وطبيعة الدولة اليهودية".

يترأس "المجلس الديموغرافي في اسرائيل" د. باروخ ليفي، وهو خبير في السياسة الاجتماعية، ويعمل المجلس حاليًا كجسم بحثي في دارسة المعطيات وتحليلها ومن ثم تشجيع الولادة في أوساط العائلات العلمانية وتجنيد الارحام. ويقول التحقيق الصحفي المذكور في "هارتس" ان باروخ ليفي يعتبر المجلس وسيلة لمواجهة "الخطر الديموغرافي"، مؤكدا على لسانه ان الدولة "لن تشجع المتدينين او العرب على الولادة، فالزيادة الطبيعية في أوساطهم في كل الحالات عالية".

ويرد ليفي بصلف على من يعتبر تجنيد الارحام لخدمة الدولة: "هدفنا ان تكون هنا دولة يهودية، بالنسبة لمن يعتبر ذلك تعرضا لحرية الفرد... الطريق الى هناك ما زالت بعيدة...؟!". (ونشير هنا الى ان المحامية سهاد بشارة من جمعية "عدالة " كانت قد توجهت الى المستشار القضائي للحكومة والوزير بنيزري بطلب عدم تمويل المجلس فكتبت في رسالتها ان المجلس الديموغرافي عاد للعمل في اعقاب نشر مكتب الاحصاء المركزي نسبة هبوط الولادة اليهودية. واعتبرت ان عمل اللجنة هو رسالة للجمهور الاسرائيلي ان الزيادة الطبيعية في اوساط العرب خطر على الدولة وان هذه الرسالة تعمق فكرة "العربي كخطر" وعدم شرعيته في البلاد. وقد رد ليفي على بشارة بالقول: لا يوجد هدف لدينا بمحاربة الولادة العربية وفي الوقت نفسه ليست لدينا نية لتشجيعها).

 

*

بإمكان معارضي أهداف المجلس الديموغرافي، حسب التحقيق الصحفي في "هآرتس"، ولتبرير معارضتهم، ان يستخدموا اقوال بن غوريون في كتاب "نحو المستقبل" (اصدار عام عوفيد، 1969). ومما جاء فيه على لسان أول رئيس لحكومة اسرائيل ما يلي:

"ان مشكلة الولادة في اسرائيل ليست مشكلة كل مواطنيها، انما هي مشكلة الييشوف فقط. لذلك لا يمكن للحكومة ان تحل المشكلة. في دولة اسرائيل يوجد مساواة في الحقوق لكافة المواطنين، هذه الدولة يهودية مثلما كتب في وثيقة الاستقلال. فقط في موضوع الهجرة يميز القانون بين اليهود وغير اليهود. وإذا اهتمت الحكومة بتشجيع الولادة عن طريق مساعدة العائلات كثيرة الأولاد ستذهب المساعدة للعائلات العربية، المطلوب ان يتابع ويعالج موضوع تشجيع الولادة، ادارة الوكالة اليهودية او منظمة يهودية خاصة بهذا الأمر".

وترفض ياعيل ديان، عضو الكنيست ورئيسة لجنة مكانة المرأة، استخدام رحم المرأة لحل المعضلات الديموغرافية. غير أن شوشانا اربيلي الموزلينو، الشرقية الأصل والمنحدرة من حزب العمل والوزيرة السابقة في حكومات العمل، تقول: "لا يوجد هنا عنصرية، علام الضجة؟ لماذا أقمنا الدولة اذا كانت في النهاية ستكون ديموقراطية وليست يهودية؟ هل يريدون ان اشجع الولادة العربية"؟

(ام الفحم)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات