على الرغم مما يرى كثيرون انه <<احتمالات ضئيلة>> بتعرّض اسرائيل الى هجمات صاروخية عراقية، الا ان الأجهزة الأمنية الاسرائيلية دعت المواطنين الى الانتظار يومين ـ ثلاثة أيام اخرى حتى اتخاذ قرار نهائي بشأن التهديد العراقي وتفكيك الغرف المحكمة الاغلاق.
ويشترك الوسط السياسي في هذه التقديرات، وهو ما اكدته ايضاً تصريحات رئيس الوزراء ارئيل شارون في جلسة حكومته الامنية (23/3) بأن اسرائيل <<تراقب ما يتطور في العراق وستقرر بموجب ذلك>>. ودعا شارون في تصريحاته الاسرائيليين لمواصلة حياتهم الاعتيادية وارسال الاولاد للمدارس، منوهاً الى ما وصفه بـ <<رباطة جأش واتزان المواطنين>>.
وصرح الجنرال عاموس جلعاد مسؤول الاتصالات في الجيش الاسرائيلي خلال الحرب على العراق ان السلطات الاسرائيلية امرت بالابقاء على حالة التأهب في اسرائيل لمواجهة اي تطور محتمل.
وقال الجنرال جلعاد للاذاعة الاسرائيلية العامة ان <<احتمال تعرض اسرائيل لهجوم باسلحة غير تقليدية لم يُستبعد بعد وعلى الاسرائيليين ان يستمروا في وضع كماماتهم الواقية وان يبقوا على الغرف العازلة>>، تحسباً لأي هجمات بالأسلحة الكيميائية.
واضاف: <<صدام حسين هو ألدّ أعداء اسرائيل.. انه رجل خطير طوَّر اسلحة خطيرة. ومع انه لن يحتفل بعيد ميلاده الخامس والستين في 28 نيسان القادم، ولكن يجب ان نبقى حذرين لأنه قبل ان يختفي يمكن ان يضرب اسرائيل بصاروخ او اكثر يحمل راساً كيميائيًا او جرثوميًا>>.
وخلص جلعاد الى القول إن <<مثل هذا الهجوم قد يكون قاتلاً ويتعين بالتالي ان نمتثل لتوجيهات الدفاع المدني ونبقى متيقظين خصوصًا وان مناطق غرب العراق حيث يمكن اطلاق الصواريخ على اسرائيل لم تصبح تحت السيطرة الكاملة للحلفاء>>.
وفي هذه الاثناء تتزايد الانتقادات الموجهة الى رئيس اركان الجيش الاسرائيلي، موشي (بوغي) يعلون، على خلفية قراره من الاسبوع الماضي اصدار توجيهات الى المواطنين بفتح الكمامات الواقية وحملها باستمرار.
وترى الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن الهمّ الاول والاساسي للجيش العراقي الان هو تعزيز خطوطه الدفاعية، وخاصة حول العاصمة بغداد لعرقلة تقدم القوات الامريكية والبريطانية. وتقول هذه المصادر ان العراقيين لا يحيدون، حتى الآن، عن سياستهم الاصلية الرامية الى الظهور امام العالم بمظهر الضحايا الذين يتعرضون لعدوان امريكي، وان جميع الخطوات التي اتخذوها حتى الآن لم تحد عن السياسة الاساسية: <<الامتناع عن اطلاق الصواريخ البعيدة المدى ذات الرؤوس الكيماوية او البيولوجية والامتناع ايضاً عن توجيه ضربات الى اسرائيل>>.
ومع ذلك، اكدت المصادر الأمنية الاسرائيلية ان التهديد الذي تتعرض له اسرائيل لم يزل تمامًا وبصورة نهائية، على الرغم من <<التقدم الأمريكي ـ البريطاني>> في ميادين القتال. وقالت ان <<حالة التأهب الاسرائيلية لن تنتهي صباح غد، ولذلك من الضروري ان يواصل المواطنون حمل الكمامات الواقية، رغم علمنا بأن عدداً كبيراً من المواطنين قد بدأ يستخف بها. لا مبرر لهذا، اذ لا شك في ان حالة التأهب ستستمر لبضعة ايام اخرى. صحيح ان الوضع قد تحسن، لكن طالما بقي الهجوم الجوي الامريكي مستمراً وطالما لم تفرض سيطرة امريكية كاملة على غرب العراق، فليس ثمة تغيير حقيقي في الوضع>>.
وكان قد اتضح في نهاية الاسبوع الماضي، ان هنالك نقصًا في الكمامات الواقية، مما دفع القيادة العامة للجيش الاسرائيلي الى اخراج حوالي 50 الف كمامة من مخازن الطوارىء التابعة للجيش وتسليمها الى قيادة <<الجبهة الداخلية>> لتوزيعها على المواطنين الاسرائيليين.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الاسرائيلية ان النقص، كما الأعطال التي تكشفت في مئات الآلاف من الكمامات التي تم توزيعها على المواطنين، <<تدل على مشاكل تنظيمية وادارية تثير الشكوك في جودة وسائل الوقاية الشخصية المتوفرة للمواطنين في اسرائيل>>.
وتواصل قيادة الجبهة الداخلية الاسرائيلية تفعيل حوالي 50 مركزًا لتوزيع الكمامات الواقية. وتبين ان بضعة الاف من الاسرائيليين الذين وصلوا الى هذه المراكز في نهاية الاسبوع الأخير، انما جاءوا لتبديل الكمامات التي بحوزتهم بعد اكتشاف اعطال مختلفة فيها، تبينت بعد فتحها استجابة لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية.
وخلال ذلك، كشف النقاب عن توصية كان قدمها بعض المسؤولين العسكريين الاسرائيليين بالتريث وعدم توجيه المواطنين الى فتح الكمامات الواقية، نظرًا للتكلفة المالية الكبيرة المترتبة على ذلك والتي تصل الى ما يزيد عن مليار شيكل. وكان بين أصحاب هذا الرأي، بشكل خاص، مساعد وزير الدفاع للوسائل الخاصة الجنرال (احتياط) شاؤول حوريف، والمسؤولة عن تطوير الكمامات الواقية استر كريسنر.
وقالت مصادر في وزارة الدفاع الاسرائيلية ان قيادة الجبهة الداخلية تتحمل المسؤولية عن ذلك القرار الخاطىء. وقال مصدر مسؤول في الوزارة ان قيادة الجبهة الداخلية وظفت كل طاقاتها، خلال السنة ونصف السنة الأخيرتين، في تزويد الكمامات الواقية للمواطنين <<ولكثرة الانشغال بتزويد المواطنين بالكمامات وبمعالجة الكمامات، فقدت قيادة الجبهة الداخلية النظرة العلوية والرؤية الشمولية>>.
واضافت المصادر قولها ان <<العبرة الأساس المستخلصة من احداث الاسبوع الأخير هي ان المواطنين يتدفقون، بأعدادهم الكبيرة جداً، الى مراكز توزيع الكمامات الواقية فقط في حالة الطوارىء او عشية الحرب. ولذلك، فمع انتهاء الحرب في العراق وزوال الخطر العراقي، يجب اعادة جميع الكمامات الواقية الى مخازن الطوارىء العسكرية، وتوزيعها على المواطنين في المستقبل فقط في حالة الطوارىء او عشية الحرب>>.
هذه التوصية كانت قد عرضت ايضا بعد الحرب الأولى على العراق في العام 1991، كجزء من الدروس المستفادة، لكنها قوبلت بالرفض.