بخطوات عريضة نخطو نحو دولة السيادة العرقية، التي تتنكر للحقوق الاساس لكل مواطن غير يهودي وتبني سياجا قاطعا عنصريا بين مواطني الدولة.
لم يسبق ابدا ان اغلقت صحف "الحرديم" جراء اقوال التحقير التي تنشرها ضد الدولة الصهيونية وقادتها. ولم يخطر ببال المستشار القانوني للحكومة ان يقدم الحاخام عوفاديا يوسيف وحاخامات اخرين للمحاكمة، تقطر السنهم بالعنصرية والتحريض والكراهية. كذلك الحاخام من صفد، الذي انتخب مؤخرا لمجلس الحاخامية الرئيسية، ويحظر بيع او تأجير بيت لعربي، هو مواطن محترم عندنا.
مقابل ذلك، يقومون باغلاق صحيفة الحركة الاسلامية اعتمادا على قانون انتدابي اكل عليه الدهر وشرب. وتحظر الرقابة العسكرية عرض فيلم من انتاج مواطن اسرائيلي يصف اليأس والالم لدى سكان جنين في مواجهة الدمار والقتل وانعدام الامل، بادعاء ان الفيلم منحاز الى جانب واحد. لكن، هل يصور فيلم محمد بكري بدعة خيالية؟ هل جلب جيش الدفاع الى هناك الغذاء والدواء ورمم الخرائب وانقذ الممتلكات؟ هل ممنوع على مواطني اسرائيل الاستماع الى صوت "الاخر"؟ هل تقرر من اجلنا ان علينا "الا نعرف" ولذلك لا يجب ان نحكم "لا اخلاقيا ولا في صلب الموضوع"؟
كل ذلك لا يكفي المستشار القانوني. فهو يطالب بالعزل والتجزئة التامة. يحق لليهود التحدث عن الترانسفير والاحتلال والمستوطنات، ويحق لهم سلب الارض من اصحابها واقتحام الحي العربي والترويج للقتل وهدم احياء بكاملها لصالح الخارجين على القانون؟ ممنوع على اعضاء الكنيست العرب، المواطنين في اسرائيل، التحدث ضد الاحتلال. ممنوع قول ما يقوم كل معلم للمدنيات بتدريسه او يجب عليه تدريسه: ان كل شعب يحق له ان يكون سيدا في "بلاده". ممنوع على المواطن العربي ان يقول ذلك، مع انه لا يوجد في العالم ديموقراطية فيها الدولة ليست لكل مواطنيها، وذلك لأن لكل مواطن الحق في الحرية والمساواة وفي ان يكون شريكا في تقرير مصيره بواسطة الحق في ان ينتخب ويرشح نفسه في الانتخابات.
المستشار القانوني الذي يطالب بحرمان التجمع الديموقراطي والنائب عزمي بشارة من حق الترشيح انما يحقّر الديموقراطية الاسرائيلية والوثيقة التأسيسية لدولة اسرائيل، "اعلان الاستقلال"، الذي يقرر ويضمن بجانب الحق في الهجرة اليهودية وبفضل تجميع الشتات "فتح البلاد لصالح جميع سكانها"، "والمساواة التامة في الحقوق لكل مواطنيها بدون تمييز لدوافع عرق او دين او جنس، والحق في الدين والتربية والثقافة واللغة". كل ذلك جاء في "اعلان الاستقلال" ويتم تدريسه في المدارس. لماذا اذن نجد استقلالية في التربية لدى "شاس" و "اغودات يسرئيل" و "المفدال"، بينما العرب ما يزال "الشاباك" يفرض من يصبح مديرا ومن يشتغل بالتعليم ومن يتعلم لديهم؟
مع قيام الدولة حصل عرب اسرائيل على مواطنة. بن غوريون طالب بذلك. واصبحت اللغة العربية لغة رسمية. وصار حُكم عرب اسرائيل مثل حكم مكانة اليهود في أي دولة ديموقراطية – انجلترا، فرنسا، المانيا، الولايات المتحدة – ان يكونوا مواطنين بحقوق كاملة. اما عندنا فيتبنى المستشار القانوني نظاما كلاسيكيا في الفصل العنصري. العنصري كلاينر بموجبه صالح بنظره، وايفي ايتام ايضا، وادير زيك، الذي حرض على قتل رابين والان يحرض في الراديو غير القانوني ضد "مجرمي اوسلو"، فهو صالح مائة بالمائة، اما احمد طيبي وعزمي بشارة – فغير صالحين. انهما عرب. انهما اقلية.
خلافا لكل ديموقراطية، يبدو ان تسلط الاغلبية ما زال يحكم في اسرائيل. ما دام الحال كذلك فالافضل ان يذهب المستشار القانوني الى البيت قبل ان يحولنا بنزعاته وتفضيلاته الى شعب مصاب بالجذام وسط شعوب المعمورة.
* شولاميت الوني مؤسسة "ميرتس" وناشطة في اليسار الصهيوني
("يديعوت احرونوت"، 30/12)