أعلنت إسرائيل وتركيا، أول من أمس الأحد، أن طاقمي المفاوضات من قبلهما توصلا إلى اتفاق مصالحة بين الدولتين، بعد ست سنوات من تدهور العلاقات الدبلوماسية في أعقاب مهاجمة سلاح البحرية الإسرائيلي لأسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة ومقتل عشرة نشطاء أتراك كانوا على متن السفينة "مافي مرمرة"، في نهاية أيار العام 2010.
وصرح رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خلال لقائه مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في روما أمس، الاثنين، أنه ستكون لاتفاق المصالحة هذا "تأثير إيجابي هائل على الاقتصاد الإسرائيلي". وأطلع نتنياهو كيري على تفاصيل الاتفاق مع تركيا. وعبر نتنياهو عن شكره لنائب الرئيس الأميركي، جوزيف بايدن، على مساعدته في التوصل إلى الاتفاق مع تركيا.
وتوجه نتنياهو إلى روما بهدف عقد لقاءات مع كيري ورئيس الحكومة الايطالية، ماثيو رينتزي، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فديريكا موغيريني، في محاولة لتخفيف الانتقادات التي يتضمنها تقرير للرباعية الدولية لإسرائيل بسبب الجمود في العملية السياسية مع الفلسطينيين والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. ويتوقع صدور التقرير قريبا.
من جهة أخرى امتنعت إسرائيل عن التعقيب على نتيجة الاستفتاء الشعبي في بريطانيا، وقرار البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
حول هذه المواضيع، أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية اثناء ولاية حكومة إسحق رابين، البروفسور شلومو أفينيري.
(*) "المشهد الإسرائيلي": ما هي المصالح الإسرائيلية والتركية التي أدت إلى التوصل إلى اتفاق المصالحة بين الدولتين؟
أفينيري: "واضح أن المواقف التركية من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لم تتغير. لكن يوجد لتركيا ولإسرائيل، وخاصة في الوضع الحالي في الدول العربية، اهتمام ومصلحة بأن تنظران إلى نفسيهما على أنهما عامل استقرار. وهناك مصالح مشتركة في المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية. واضح أن النزاع والقطيعة بين الدولتين ألحقا ضررا بهما، وربما استغرق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بعض الوقت كي يدرك أن هذا أمر أضر بتركيا أيضا. لكن يسعدني أن كلا الجانبين نفذا عدة خطوات وكلاهما قدما تنازلات ليس بسيطة".
(*) قال الوزير الإسرائيلي، يوءاف غالانت، للإذاعة العامة الإسرائيلية، أمس، إن لهذا الاتفاق أهمية أمنية واقتصادية. هل بإمكانك أن توضح ذلك؟
أفينيري: "واضح أنه توجد لإسرائيل وتركيا مصالح اقتصادية، تتعلق بالسياحة خصوصا، وكلتا الدولتين تضررتا في هذه الناحية بسبب القطيعة بينهما. وفي الموضوع الأمني، واضح أنه توجد لكل من الدولتين مصلحة في التعاون بينهما مقابل المتطرفين في صفوف الحركات الإسلامية".
(*) هل هذا مرتبط بإيران أيضا؟
أفينيري: "لست متأكدا من ذلك".
(*) هل يتوقع أن تلعب تركيا، الآن، بعد المصالحة، دورا في تحريك عملية سياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية؟
أفينيري: "يبدو لي أنه من الصعب التنبؤ بأمر كهذا، لأن المشاكل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية عميقة. ونحن لسنا بحاجة إلى وسطاء، ونعرف ما هي الفجوات. رغم ذلك، فإني أقدر أن الأتراك سيحاولون القيام بذلك، وسأرحب بهم إذا نجحوا في ذلك، لكني لا أعتقد أن ثمة احتمالا كبيرا لحصول أمر كهذا".
(*) فيما يتعلق بنتائج الاستفتاء الشعبي في بريطانيا. لماذا امتنعت إسرائيل من التطرق إلى هذه النتائج والقرار بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟
أفينيري: "أولا، لأن هذه مسألة بريطانية أوروبية داخلية، ولا يتعين على حكومة إسرائيل أن تعبر عن موقف أو رأي حيالها. من الجهة الثانية، فإن حكومة بريطانيا هي حكومة تتعامل بود مع إسرائيل، كما أن بين الأصوات التي دعت إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، توجد أصوات عنصرية للغاية، وليس صدفة أن الغالبية العظمى من يهود بريطانيا أيدوا البقاء في الاتحاد الأوروبي".
(*) هل ستؤثر نتيجة الاستفتاء على إسرائيل؟
أفينيري: "لا يبدو لي أنه سيكون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تأثير على إسرائيل. بالطبع سيكون هناك تأثير اقتصادي. لكن بما أن بريطانيا كانت بين دول الاتحاد الأوروبي المؤيدة لإسرائيل، فإنه ربما سيكون لغياب بريطانيا عن الاتحاد أهمية سياسية. وأنا أتوقع أن يقدم الاتحاد الأوروبي في السنوات المقبلة على خطوات جوهرية أكثر من مجرد اقتراحات كهذه أو تلك في موضوع إسرائيل – فلسطين، وهي لم تؤثر حتى الآن ولا أعتقد أنها ستؤثر في المستقبل".
(*) نتنياهو يزور روما حاليا في محاولة لتخفيف حدة تقرير الرباعية الدولية حول الجمود في العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين والاستيطان. ماذا يتوقع أن يحقق نتنياهو؟
أفينيري: "لا أعرف. لكن الحراك داخل الرباعية الدولية لا يتطرق إلى العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين فقط. وإنما هذا حراك بين القوى العظمى التي تشكل الرباعية الدولية. وأعتقد أنه بسبب ما يحدث في أوروبا الآن، فإن الرباعية الدولية نفسها لا تعرف كيف ستتوصل إلى إجماع بين مركباتها. وفي نهاية الأمر، فإن ما ستقوله الرباعية الدولية، سيكون في مستوى التصريحات. ونحن نعرف أن الأمور أصعب بكثير في المستوى العملي".