المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقابلات
  • 3625

ينفذ اليمين الإسرائيلي حملات تحريض واسعة ضد كل جهة في إسرائيل تعارض سياسة الحكومة، وخاصة الجهات التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية. وفي هذا السياق تستهدف هذه الحملات اليمينية دبلوماسيين سابقين شكلوا مجموعة تنشط في دول أجنبية بالأساس من أجل أن تمارس هذه الدول ضغوطا على إسرائيل باتجاه حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

في غضون ذلك، عبّر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خلال نهاية الأسبوع الماضي، عن رفض المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر سلام دولي. واعتبر أنه لا يتم تحقيق السلام من خلال مؤتمر دولي، علما أن نتنياهو وحكومته لم يبادرا إلى أية خطوة بهذا الاتجاه، بل على العكس من ذلك، إذ نفذ كل خطوة من شأنها أن تبعد السلام وتفشل حل الدولتين.

حول هذه القضايا أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع السفير الإسرائيلي السابق في فرنسا والمؤرخ والمحاضر في جامعة تل أبيب، البروفسور ايلي بار – نافي.

(*) "المشهد الإسرائيلي": أنتم كمجموعة من الدبلوماسيين والمثقفين تتعرضون لهجوم وانتقادات من داخل إسرائيل، على خلفية موقفكم ونشاطكم من أجل سلام إسرائيلي – فلسطيني.

بار - نافي: "نحن ننتمي إلى منتدى حركات السلام، ولدينا مجموعة اسمها ’اللجنة السياسية’. ونحاول العمل في البلاد، ولكن بالأساس في خارج البلاد، من أجل إقناع العالم بأن عليه التحرك والقيام بعمل ما من أجل إخراج المنطقة من الوحل. نحن نتوجه إلى برلمانات في أوروبا، ونكتب في صحف هامة تصدر في أوروبا وأميركا، ونقيم علاقات مع منظمات يهودية وغير يهودية، مثل ’جي- ستريت’. هذه اتجاهات نشاطنا، وهي، بالطبع، لا تعجب الحكم هنا ولا مؤيديه. وهناك حملة تحريض وتشويه سمعة ضدنا، وقد تحولنا عمليا إلى منبوذين بالنسبة للجمهور الإسرائيلي، وذلك بتوجيهات من أعلى طبعا. وشخصيات مثل السفير ومدير عام وزارة الخارجية الأسبق ألون ليئيل، والسفير السابق إيلان باروخ، وأنا وآخرين أصبحوا يعتبرون بمثابة طابور خامس. وبالنسبة للهجوم علينا والتحريض ضدنا، فأنا مؤرخ من حيث مهنتي، ولا يوجد شيء جديد في نشاطنا، وإنما هذا ما يحدث عندما يكون نظام الحكم محاصرا، وهو أنه تهب هنا رياح فاشية. وفي الجانب المتفائل لهذا الموضوع، هناك أمران. الأمر الأول هو أن توتر الحكومة أمر جيد لأنه لا يوجد لديها أي شيء في الجانب السياسي، لا توجد مبادرة ولا أي شيء آخر، وهناك ركود فكري. وعدوانية الحكومة واليمين نابعة من عجزهما. والأمر الثاني أن ضعف اليمين المتطرف الإسرائيلي سببه عدم وجود قوى مثقفة في صفوفه. الوضع هنا ليس مشابها لفرنسا عشية الحرب العالمية الثانية، ولا يوجد هنا أدباء وصحافيون ومثقفون في الجانب اليميني، وهم عمليا أداة فارغة ثقافية. والمثقفون في جانبنا وهذا أيضا يثير غضب اليمين".

(*) ما الذي دفعكم إلى هذا النشاط؟

بار – نافي: "نحن إسرائيليون ويتوجب علينا القيام بعمل ما، فالوضع كارثي. والاحتلال دخل في عامه الخمسين، ولا نرى نهاية لذلك. المعارضة غير موجودة، وبوجود معارضة كهذه بإمكان نظام الحكم أن يفعل ما يشاء، من الناحية السياسية. وهناك فراغ كبير يتعين على أحد الدخول إليه. وتوجد قوى هنا لكنها ليست منظمة، وتفتقر إلى قيادة، وهي مرتبكة أيضا، ومعسكر السلام مشلول. لكن يتعين على المواطنين أن يفعلوا شيئا، فهذا هو شريان الحياة في الديمقراطية. ومن هنا كانت الحاجة إلى العمل. ويوجد هنا تحليل سياسي، وهو أنه أنا وكذلك ليئيل والآخرون لا نؤمن أن الخلاص سيأتي من جهة السياسيين في إسرائيل. نحن نؤمن بأننا بحاجة إلى مساعدة كبيرة وهامة من خارج البلاد، من أجل أن يشعر نظام الحكم والجمهور بأن الاحتلال يجب أن يزول وأن الأمور لا تمر بهدوء. ولذلك توصلنا إلى الاستنتاج بأن نشاطنا بين الطبقة السياسية في أوروبا، مثل البرلمانات والصحافة، ينطوي على احتمال بتحريك أمور هناك، لأنهم سيحصلون على شرعية من قوى إسرائيلية. وثمة أهمية لهذه الناحية. فأنا كنت سفيرا في فرنسا، وعشت هناك سنوات عديدة وتعلمت هناك. وبنظر الفرنسيين أنا إسرائيلي وطني، وعندما يرون نشاطي فإنهم يستمدون شرعية للعمل من أجل مساعدتنا".

(*) كيف تنظر إلى هجوم حركات اليمين، مثل "إم ترتسو" و"عاد كان"، على المنظمات الحقوقية والأدباء والفنانين في إسرائيل؟

بار- نافي: "عندما يحكم اليمين ولا يوجد حل سياسي فإن ظهور حركات يمين كهذه هو أمر طبيعي. ونحن نرى هذه التهجمات منذ سنوات طويلة، وهي تتصاعد. وما يحدث الآن هو وجود حكومة يمينية لم يشهد تاريخ الدولة مثلها في الماضي، وتوجد أقلية في الشعب، لكنها عمليا تسيطر على كل شيء هنا، وإلى جانب ذلك هم لا يعرفون كيف يواجهون الوضع، وفي هذا الوضع تنمو في الهوامش حركات مثل ’إم ترتسو’ وغيرها من الفاشيين. المشكلة هي أن الوضع الديمقراطي للخريطة كان دائما بهذا الشكل، لكن أشخاصا مثلنا كانوا معتادين على النقاش، أما الآن فيصعب كثيرا مواجهة ’إم ترتسو’، لأن المواجهة لا تجري بأسلحة متوازنة ولأن القوة الفكرية في جانبنا وليست في جانبهم ومن الصعب جدا إجراء نقاش حقيقي. ولو كانت هناك حكومة تطرح مبادرة سياسية لأيدها الجمهور، وكافة الاستطلاعات تؤكد ذلك، وأي قائد جرب أمرا كهذا حصل على تأييد الشعب".

(*) إسرائيل رفضت مبادرة فرنسية لعقد مؤتمر سلام دولي. هل ستكون هناك تبعات في أوروبا لهذا الموقف الإسرائيلي؟

بار – نافي: "أولا، ليس الأمر بسيطا وسهلا لهذه الدرجة بأن ترفض إسرائيل مبادرة فرنسية كهذه. هذه المبادرة الفرنسية ستتبلور أكثر. وإسرائيل ستذهب إلى مؤتمر دولي للسلام إذا عُقد. ونتنياهو قال إنه سيدرس المبادرة وسيفكر فيها. وليس بسيطا أن ترفض مبادرة كهذه، ومن الجهة الأخرى تقول دائما إنك تريد التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين. وهذا الرفض من جانب إسرائيل ليس رفضا حقيقيا. رغم ذلك، فإن كل شيء مرتبط بما سيفعله وزير الخارجية الأميركية، جون كيري. وما زلت أؤمن أنه يوجد احتمال لنجاح هذه المبادرة. فإذا إسرائيل استمرت في رفض المبادرة، فإن فرنسا يمكن أن تعترف بدولة فلسطينية، وهكذا هي الأجواء هنا، وعندما يحصل أمر كهذا فإنه سيكون أمرا جديا، لأن فرنسا ليست السويد، وإنما هي دولة عظمى هامة في أوروبا وستجر خلفها دولا كثيرة، مثل بلجيكا ولوكسمبورغ وايرلندا وغيرها. وهذا سيكون بمثابة طوفان سياسي. وأكرر القول إن حكومة اليمين تخضع لحصار سياسي لأنها لا تقترح أي شيء في المقابل. كذلك فإن وزير الخارجية الفرنسية، لوران فابيوس، موجود في نهاية حياته السياسي، وهو يريد ترك إرث وراءه. والمطلوب هو ممارسة ضغوط على الأميركيين كي لا يعرقلوا هذه العملية على الأقل".

(*) ما هو تأثير القرارات الأوروبية ضد المستوطنات على إسرائيل؟

بار – نافي: "يوجد تأثير كبير. هذا التأثير ليس اقتصاديا، لأن حجم الصادرات من المستوطنات إلى أوروبا ضئيل ولا يساوي 1% من حجم الصادرات الإسرائيلية. لكن أهمية هذه القرارات رمزية، والأهم من ذلك أنها يمكن أن تشكل بداية تحرك دولي، وهذا ما يثير المخاوف في إسرائيل. إنهم يخافون من طوفان سياسي، وهذا سبب جيد بالنسبة لنا كي نستمر في نشاطنا".

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات