المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقابلات
  • 3194

لم تمر سوى سبعة شهور على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية، لكن رئيسها، بنيامين نتنياهو، يتطلع إلى الانتخابات المقبلة. وكشف محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس، يوسي فيرتر، مؤخرا عن أن نتنياهو يسعى إلى إقامة حزب، أو كتلة كبيرة، تضم حزب الليكود الذي يتزعمه، وأحزابا يمينية أخرى، بينها حزب "كولانو (كلنا)" برئاسة موشيه كحلون، وحزب "يسرائيل بيتينو (إسرائيل بيتنا)" برائسة أفيغدور ليبرمان، علما أن الأخير لم ينضم للحكومة الحالية وبقي في صفوف المعارضة.

ورغم أن تقارير صحافية تحدثت عن أن كحلون ليس متحمسا لفكرة نتنياهو بتشكيل "كتلة مانعة" كهذه، إلا أن القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، أفادت مطلع الأسبوع الحالي، بأن نتنياهو وكحلون اجتمعا مؤخرا وبحثا موضوع تشكيل كتلة كهذه. ووفقا للقناة التلفزيونية، فإن هذا الاجتماع جاء أيضا على خلفية استطلاع نُشر مؤخرا وتبين منه أن قوة حزب "كولانو" تراجعت إلى النصف، أي إلى خمسة مقاعد في الكنيست بدلا من عشرة مقاعد فاز بها هذا الحزب في الانتخابات الأخيرة.

وأضافت القناة العاشرة أن كحلون لم يقتنع بنتائج الاستطلاع، ويعتزم استدعاء استطلاعات، وأنه في هذه الأثناء ليس معنيا بالتحالف مع نتنياهو ضمن حزب واحد يخوضان الانتخابات من خلاله. ويشار إلى أن حزب الليكود حصل على ثلاثين مقعدا في الكنيست في الانتخابات الأخيرة، لكنه يتطلع الآن إلى الفوز في الانتخابات المقبلة وحسم نتيجتها قبل إجرائها.

حول هذا الموضوع، أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع المحاضر في قسم "تاريخ شعب إسرائيل" في جامعة حيفا، البروفسور داني غوطفاين.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ترددت في الآونة الأخيرة أنباء حول نية نتنياهو إقامة حزب كبير، "كتلة مانعة"، لكي يخوض على رأسها الانتخابات العامة المقبلة. هل هذه الأنباء جدية؟

غوطفاين: "هذا جدي جدا. فقد حاول تشكيل حزب كهذا، بالتحالف مع حزب ’يسرائيل بيتينو’ برئاسة أفيغدور ليبرمان، قبيل انتخابات العام 2013. واعتباراته في هذه الناحية، هي أن المتبع في إسرائيل هو أن رئيس الكتلة الأكبر لديه الاحتمال الأكبر لتشكيل الحكومة. من الجهة الثانية، فإنه كلما كانت كتلة أحزاب اليمين مؤلفة من عدد أحزاب أكبر فإن هناك احتمالا بألا تدعمه كلها. وهو يريد من خلال تشكيل كتلة كبيرة بتقييد كتلة اليمين كلها لكي تدعمه. وهذا منطق سياسي واضح جدا. ووفقا للتقارير في وسائل الإعلام، فإن نتنياهو معني بضم رئيس حزب ’كولانو’، موشيه كحلون، إلى كتلة كهذه، في الوقت الذي لا يوجد فيه لدى حزب كحلون خيار بالانضمام إلى كتلة الوسط – اليسار. ولذلك يبدو أن هذه خطوة منطقية وبحسب جميع التقارير الإعلامية نتنياهو يعتزم دفعها قدما".

(*) ما هي الخيارات الماثلة أمام نتنياهو، ومن هي القوى السياسية التي يمكن أن تنضم إليه، إضافة إلى كحلون؟

غوطفاين: "نتنياهو يبني خطواته على دائرتين. الدائرة الأولى تشمل الليكود وليبرمان وكحلون. وهذه دائرة منطقية، رغم أن كحلون لا يظهر حماسا حيال ذلك وليبرمان لا يزال في المعارضة في هذه الأثناء. رغم ذلك فإن هذه كتلة منطقية وبالإمكان التحدث، على الأقل، عن تشكيل كتلة كهذه. ويوجد في الدائرة الخارجية، الثانية، حزب ’البيت اليهودي’، علما أن ثمة شكا بأن ينضم هذا الحزب إلى هذه الكتلة، كما أنه لا يوجد احتمال بأن ينضم إلى كتلة الوسط – اليسار. وهناك الأحزاب الحريدية أيضا، التي لا يتوقع أن تنضم لكتلة كهذه، من جهة، ومن الجهة الأخرى يمكن أن تنضم إلى حكومة تشكلها كتلة أحزاب الوسط – اليسار. والأمر الواضح هو أن مثلث الليكود – كحلون – ليبرمان يفترض أن يكون نواة كتلة جديدة".

(*) في حال خرج أمر كهذا إلى حيز التنفيذ، هل من الجائز أن تنضم جهات من أحزاب الوسط، مثل حزب "يوجد مستقبل" برئاسة يائير لبيد، إلى كتلة يمين بزعامة نتنياهو؟

غوطفاين: "هذا أمر يبدو مستبعدا ولا يوجد احتمال معقول لحدوثه. فحزب ’يش عتيد (يوجد مستقبل)’ يموضع نفسه كحزب وسطي، وهو يريد الإطاحة بقائمة ’المعسكر الصهيوني’، أو حزب العمل، من رئاسة كتلة الوسط – اليسار. ربما ينضم أشخاص من الوسط إلى الكتلة التي يحاول نتنياهو تشكيلها، لكن لا يبدو أن ’يش عتيد’ كحزب معني بأمر كهذا، وإنما على العكس، هو يريد أن يقود المعارضة ضد نتنياهو".

(*) لا يوجد اليوم في إسرائيل بديل لنتنياهو. ضد من هو يريد تشكيل كتلة كهذه؟

غوطفاين: "صحيح أنه في الوقت الحالي لا يوجد بديل لنتنياهو، غير أن هذا وصف للوضع الراهن. لكن الائتلاف الحاكم الحالي يستند إلى 61 عضو كنيست من أصل 120 عضو كنيست. وحجم الكتلتين السياسيتين في إسرائيل متقارب. ولذلك فإن نتنياهو يريد أن يحسم النتيجة قبل الانتخابات، لكي يسد الطريق أمام ليبرمان وكحلون فلا يتمكنان من العمل بحرية ضد بقائه في الحكم. وعندما يجعل ليبرمان وكحلون جزءا من كتلة أوسع، فإن قدرات كتلة الوسط – اليسار ستتراجع بشكل كبير. والسؤال هو ما إذا كان بإمكان نتنياهو تنفيذ خطته هذه، لأن التقارير تشير حاليا إلى أنهما ليسا معنيان بهذا التحالف".

(*) هل تشكيل كتلة كهذه شبيه بالخطوة التي قام بها أريئيل شارون، عندما شكّل حزب كديما؟.

غوطفاين: "ليس شبيها وإنما معاكسا لخطوة شارون. شارون سعى إلى شق الكتلتين التاريخيتين، الليكود والعمل، وتشكيل حزب يضم شخصيات من الكتلتين. وقد حصل حزب كديما على أصوات من اليمين واليسار. بينما نتنياهو لا يفكر بهذه الطريقة، ولا يوجد لديه أي تفكير بالحصول على أصوات من الوسط – اليسار، فهو لا يمكنه أن يحصل على أصوات هناك".

(*) ماذا يعني بالنسبة لإسرائيل، أو بالنسبة لإسرائيلي مثلك، أن يبقى نتنياهو سنوات طويلة في سدة الحكم؟

غوطفاين: "أنا معارض لنتنياهو، وأؤيد حزب العمل وأفضل أن يفوز هذا الحزب بالحكم لكن الوضع مختلف. من جهة ثانية، فإن الحراك السياسي في إسرائيل نشط جدا. والكتل والولاءات ليست ثابتة، وأعتقد أن هذا هو السبب الذي يجعل نتنياهو يحسم الأمر قبل الانتخابات. ولأن الحراك السياسي نشط، وهناك أشخاص يغيرون آراءهم ومواقفهم ومواقعهم، فإن هذا يعني أن هناك احتمالا بأن تكون نتائج الانتخابات المقبلة مختلفة، وهذا يمنحني، كمعارض لنتنياهو، الأمل بالتغيير".

(*) هل محاولة نتنياهو تشكيل حزب كبير تدل على أن هناك توقعات بأن الانتخابات العامة المقبلة باتت قريبة؟

غوطفاين: "لا أعتقد ذلك. والحكومة تبدو حاليا مستقرة جدا. ورغم أن لديها أغلبية صغيرة لكن يبدو أن ولايتها ستطول، إلا في حال حدوث أمور يصعب الآن توقعها. ولذلك فإن التوقعات هي أن الانتخابات المقبلة ستكون في مدى ثلاث سنوات. وهذا المدى كاف بالنسبة لجميع الأطراف للاستعداد للانتخابات. ولا أرى الآن نهاية لولاية الحكومة، وقد نجح نتنياهو في تمرير الميزانية العامة".

(*) كيف سيؤثر تشكيل كتلة كهذه على العلاقات الإسرائيلية – الفلسطينية؟

غوطفاين: "أعتقد أن كتلة اليمين ستستمر في اتباع السياسة نفسها التي قادها نتنياهو حتى الآن. وينبغي القول إن كل واحد من المركبات الثلاثة المحتملة لهذه الكتلة، نتنياهو وكحلون وبينيت، لديه مفهوم مختلف نوعا ما تجاه القضية الفلسطينية. ولذلك فإنه داخل اليمين أيضا توجد أفكار مختلفة حيال هذا الموضوع. والعلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين تتأثر بطبيعة الحكومة في إسرائيل وبطبيعة المؤسسة السياسية الفلسطينية. وعليّ أن أقول إنه لا توجد من جهة المؤسسة السياسية الفلسطينية مؤشرات تبشر بالخير، إن كان ذلك بسبب الانقسام بين حماس والسلطة الفلسطينية أو بسبب ما يحدث في السلطة الفلسطينية نفسها. ولذلك فإن الأوضاع ليست مشجعة".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات