المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1013
  • هشام نفاع

وسط صدامات متواصلة بين كبار مسؤولي إدارات الجامعات الإسرائيلية وبين الوزير المسؤول عن التعليم العالي، زئيف إلكين (الليكود)، والتي جاءت تحت غطاء (وليس فقط بسبب) ما يجدر اتّباعه من إجراءات ناجمة عن أزمة الكورونا في مؤسسات التعليم، أعلن رئيس "لجنة رؤساء الجامعات" ورئيس جامعة حيفا، البروفسور رون روبين، بتاريخ 14 تموز الجاري، عن استقالته من منصبه كرئيس لتلك اللجنة، قائلا إن الخطوة جاءت احتجاجاً على خطوات اتخذها الوزير إلكين، وفي مركزها، أشبه بالقشّة التي قصمت ظهر البعير، تنحية القائمة بأعمال المديرة العامة لمجلس التعليم العالي، ميخال نويمان. هذه الخطوة رأى فيها رؤساء الجامعات تمادياً جديداً على استقلالية المؤسسات الأكاديمية على طريق تعميق تسييسها اليمينيّ.

روبين أشار في رسالة الاستقالة إلى أن "تركيا هنا"، في تلميح يصعب إخفاؤه إلى تشبيه سياسة وزير التعليم العالي بسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهي التي تضمنت فصل ألوف العاملين في السلك التعليمي والإداري الجامعي بذرائع مختلفة كلها تقع تحت سقف الانتقام والملاحقة السياسيّين. رئيس جامعة حيفا اتهم السياسي اليميني المتطرف إلكين بـ"محاولة السيطرة على العلم في إسرائيل". وخاطب في رسالة رسميّة أعضاء السلك الأكاديمي وطلاب الجامعات، بالقول: "نحن نشهد اليوم محاولات للسيطرة على مؤسسات العلم في إسرائيل والغاية هي التخويف والإضعاف وفرض الرقابة، وجعل المصالح السياسية تقوم بإملاء أجندة الأبحاث، وهو ما يشكل خطرا واضحا وداهما على دولة إسرائيل ومستقبلنا جميعا"، كما كتب.

المستوطن الذي قرّر تصعيد جبهة احتلال الجامعات

يقطن إلكين في مستوطنة كفار إلداد في غوش عتسيون. في عام 1990 كان نائباً لرئيس الجالية اليهودية في خاركوف والأمين العام لحركة "بني عكيفا" في الاتحاد السوفييتي السابق. هاجر إلى البلاد العام 1990 ودرس في مدرسة دينية استيطانية في "غوش عتسيون". تابع دراسته الأكاديمية وتم تعيينه مستشارا لشؤون التعليم اليهودي باللغة الروسية لدى مدير عام قسم التربية في "الوكالة اليهودية". انتخب لأول مرة كعضو كنيست عام 2006، ونشط في عدة لوبيات، ما يرتبط منها بموضوع المقال: "لوبي أرض إسرائيل"، "لوبي أورشليم- القدس"، و"اللوبي من أجل الطلاب الجامعيين والتعليم العالي".

هاجم إلكين على الفور رئيس جامعة حيفا البروفسور رون روبين بعد تقديم استقالته من رئاسة لجنة رؤساء الجامعات. وبين مزاعمه ضده: "يوجد هنا كارتيل (منظومة احتكارية) وتسلط للأشخاص الذين اعتادوا على عدم أخذ الطلاب على محمل الجد، وهم يشعرون بأن هناك شخصاً يريد تحريك جبنتهم، بعد أن اعتادوا على عدم أخذ الطلاب في عين الاعتبار، واعتبار أنهم في نهاية المطاف المورد الأساس لنظام التعليم العالي، دون احتساب الكليات التي يدرس فيها نصف الطلاب".

وتابع الوزير "تحاول اللجنة أن تكون لها سيطرة حصرية على جميع الميزانيات، وأن تتحكم بشكل حصري في 12 مليار شيكل بدون شفافية، لا تنقص تقارير واردة من مراقب الدولة تشير إلى أوجه قصور في إدارة الأموال في مختلف المؤسسات". إلى جانبه سارعت منظمة "إم ترتسو" الطلابية اليمينية المتطرفة التي يموّلها مموّلو اليمين والاستيطان، إلى الترحيب باستقالة رونين، ومما جاء في بيانها الذي يصعب التستّر على انحيازه الأيديولوجي الاستيطاني: "نهنئ الوزير زئيف إلكين على موقفه الثابت من أجل الطلاب وجميع المجتمع الإسرائيلي والفكر الحر. هذا المجلس (مجلس التعليم العالي) ليس له حق في الوجود، يعمل بأموال الضرائب التي لم يخصصها له أحد، ويحارب بكل قوته ضد الاعتراف بجامعة أريئيل وبعد ذلك ضد إنشاء كلية الطب في أريئيل". هذه النقطة الأخيرة هي محور الصراع: زيادة تمثيل هذه الجامعة الاستيطانيّة في إدارة الجهاز الأكاديمي، كجزء من عمليّة إضفاء "الشرعنة والتطبيع" على مشروع الاستيطان.

رأس حربة الهجمة الهادفة لشرعنة جامعة أريئيل

وصفت صحيفة "هآرتس" هذا الصراع المكشوف الذي تخوضه الجامعات ضد الوزير المسؤول عنها زئيف إلكين، على أنه صراع يجري على استقلالية الأكاديمية. ورأى معلّقون أن هذه الخطوات التي تسعى لخفض صلاحيات مؤسسات التعليم العالي، تتعاظم وتتصاعد في هذه الأثناء بالذات، تحت غطاء أزمة فيروس كورونا ومواجهته. فبالإضافة إلى إقالة المسؤولة المذكورة أعلاه، يسعى هذا الوزير اليميني إلى إدخال ممثلي ما يسمى "جامعة أريئيل" الاستيطانية إلى أعلى مؤسسات إدارة التعليم العالي.

كما هو معروف فقد أقيمت هذه "الجامعة" على أراضٍ فلسطينية محتلة العام 1982 كفرع لجامعة بار إيلان، وسُميت "مركز جامعة أريئيل" بوصفها كليّة مستقلة، عام 2004. ومع عودة الليكود إلى الحكم بزعامة بنيامين نتنياهو، عام 2009، خطا ما يسمى "مجلس التعليم العالي في يهودا والسامرة" أي الضفة الغربية المحتلة، في العام 2012، خطوة توسعيّة إضافية إذ اعتبر هذه الكلية مركزاً رسمياً وراح يحارب عليه. وبحلول العام 2018، مرّر اليمين بكل مركباته قانوناً جعل "جامعة أريئيل" جسماً أكاديمياً تابعاً لمجلس التعليم العالي الإسرائيلي. وسرعان ما أهال عليها مموّلو اليمين والاستيطان وأبرزهم الملياردير الصهيوني الأمريكي شيلدون إدلسون، عشرات ملايين الدولارات، كجزء من شبكة المؤسسات التي يبنيها ويتبنّاها لدعم اليمين الاستيطاني، ولعلّ أبرز مشاريعه صحيفة "يسرائيل هيوم" التي توصف بأنها بوق نتنياهو الإعلامي.

إلكين نفسه، حين كان وزيراً لشؤون القدس في حكومة نتنياهو السابقة، حدّد أهميّة هذا الاعتراف بالجامعة الاستيطانية وما يمكن أن يُبنى عليه، إذ كتب يومها في حسابه على موقع "تويتر": "بعد تطبيق السيادة الإسرائيلية على جامعة أريئيل، دعونا نبدأ بتطبيق السيادة الإسرائيلية على البلدات (المستوطنات) الإسرائيلية في يهودا والسامرة".

وفقاً للمصادر الإعلامية الإسرائيلية، يعمل إلكين منذ بداية تعيينه كوزير لشؤون التعليم العالي، نحو فرض مسؤولي طاقم مدرّسي "جامعة أريئيل" كأعضاء في "لجنة التخطيط والتمويل"، وهي اللجنة الإدارية العليا في مجال التعليم العالي، بوصفها المسؤولة عن تخصيص وضبط ميزانية تصل إلى نحو 12 مليار شيكل في السنة. هذه المساعي بموازاة التخلّص من نويمان جعلت الكأس تطفح بالغضب في السلك الأكاديمي.

ومثلما كتب رئيس جامعة تل أبيب البروفسور أريئيل بورات في رسالة تحذير جديدة مشدّداً على أنه تسييس لجهاز التعليم العالي، فحين فشل الوزير إلكين في تعيين عميد "جامعة أريئيل" عضوا في لجنة التخطيط والتمويل بعد أن كُشفت مثالب في سجلّه الأكاديمي، لم يتوقّف الوزير الليكودي المستوطن عن محاولاته، فاقترح ثلاثة مرشحين آخرين لهذه اللجنة، وكلهم من "جامعة أريئيل" في تعبير فظّ لا يقيم وزناً لأي نوع من الحياديّة، عن أجندته السياسية العلنيّة. وعن هذا قال بورات: "واضح على نحو ظاهر أن الوزير يبحث عن تعيين من ينفذ أوامره في اللجنة الهامة ليسيطر عليها".

صحيح أن رئيس جامعة تل أبيب يشير في رسالته إلى أن أريئيل هي "جامعة حسب القانون في إسرائيل"، ولكن معروف أن هذه المكانة اكتسبت بعد معركة طويلة أدارتها حكومات اليمين في محاولة لمنح شرعية أخرى لمشروع الاستيطان، كما جاء في أحد التعليقات، ذلك أن نيّة إلكين تعيين "مندوب من أريئيل" تقوّض تعريف لجنة التخطيط والتمويل كجسم غير سياسي وتفرض عليها أجندة محددة. الوزير يعتزم تغيير موازين القوى الداخلية في اللجنة الهامة لصالح حكم اليمين وتطلعاته فيما يخص "توسيع السيادة" الإسرائيلية أي التوسّع الاحتلالي في الضفة الغربية.

قضم استقلالية الجامعات تحت غطاء أزمة الكورونا

كما سلف الذكر، فهذه المساعي تأتي تحت وطأة وفي ظلّ تفشي وباء الكورونا. هنا أيضاً بدا واضحاً أن وزير التعليم العالي يسعى لتوسّع يميني- استيطاني في السلك الأكاديمي. بتاريخ 12 آذار هذا العام أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إغلاق جميع المدارس والجامعات كجزء من إجراءات هدفها الحد من انتشار فيروس كورونا، واصفا الوباء بأنه حدث عالمي لا يشبه أي شيء شهدته البلاد على الإطلاق. وفي الرابع من تموز الجاري، أعلنت لجنة رؤساء الجامعات عن إجراء امتحانات الفصل الدراسي الثاني في جميع المؤسسات الأكاديمية عن بُعد عبر الإنترنت، وذلك بما يتفق مع القرار الحكومي الصادر في هذا الشأن. واستثنت منها الامتحانات التي تتطلّب تطبيقات عمليّة. واقترحت فعلا خطة بديلة وضعتها كل الجامعات لإتاحة إجراء اختبارات المواد التي تتطلب تطبيقات عملية في داخل مرافق الحرم الجامعي. وهنا تدخل الوزير معلناً رفضه هذا كله.

صُدم رؤساء الجامعات من هذا التدخّل وشنوا على إلكين هجوماً حاداً. بعد أيام من ذلك، اجتمع رؤساء الجامعات مع مسؤولين في وزارة الصحة ومجلس التعليم العالي وطالبوا بإجراء 25% من امتحانات الفصل الأكاديمي الثاني في الحرم الجامعي، غير أنهم قوبلوا برفض وزارة الصحة أيضاً بتفسير مفاده: تسارع وتيرة انتشار العدوى والارتفاع في الإصابات.

اختارت لجنة رؤساء الجامعات الخروج لاطلاع الجمهور الواسع، من الطلاب والمحاضرين وغيرهم، على الحاصل، وأعلنت في بيان أن "امتناع الحكومة عن مناقشة المخطط المقترح بإجراء 25% من مجمل الامتحانات في الحرم الجامعي هو قرار يضر بألوف الطلاب الذين لا يمتلكون الوسائل التكنولوجية اللازمة، أو يعانون من قيود اجتماعية – اقتصادية، وكذلك الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة والمحدوديات الذين لا يمكنهم التقدم إلى الامتحان عبر الإنترنت في البيت أو خارج الحرم الجامعي". ووضع رؤساء الجامعات المسؤولية "على وزير التعليم العالي كي يهتم بهم أيضاً". وأضافوا في لسعة حادة مباشرة "لكن لسوء الحظ، فإن إلكين مشغول بالاستفزازات الفائضة عن الحاجة التي تحركها دوافع سياسية، بدلاً من السعي لإيجاد الحلول بالتعاون مع إدارات الجامعات لصالح الطلاب".

هذا البيان المشترك خاطب الجمهور بالقول: "نود التذكير أننا لسنا في حملة انتخابية، وأن الوزير المسؤول عن التعليم العالي يجب أن يتصرف بمسؤولية حقيقية نحو مستقبل الطلاب والجهاز الذي كُلّف به. إن الجامعات هي هيئات تلتزم بالقانون وبالتالي ستلتزم بكامل إجراءات ونظام الصحة العامة".

إلكين يتابع سابقيه

تكشف العودة إلى بضع سنوات للوراء ما وصفه تحقيق صحافيّ على أنه "اندفاع غير مكبوح الجماح" لوزير التعليم السابق نفتالي بينيت، لإقرار كلية الطب في "جامعة أريئيل"، إذ لا يتوانى في استخدام كل الوسائل ويقوم في طريقه بإفساد التعليم العالي. وبين الحجج التي وُجهت ضد بينيت: رمي توصيات المستوى المهني جانبا؛ استهداف الجامعات كعدو يمكن تحييده من خلال عروض مغرية أو تهديدات؛ وغرس مقربين في الهيئات والمؤسسات التي يفترض أن تحمي وتضمن الحرية الأكاديمية، وجعل الاعتبارات المهنية تخضع للهدف السياسي: شرعنة الجهاز الاستيطاني متعدد الأذرع في المناطق المحتلة والذي أقيم ويعمل استناداً إلى الأوامر العسكرية لقائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال.

ذكر تحقيق "هآرتس" كيف تبين أنه في غضون أربعة أشهر في العام 2017 غيّر رئيس جامعة حيفا، البروفسور رون روبين (الذي استقال الآن!) من الأقصى إلى الأقصى موقفه بالنسبة لإقامة كلية جديدة للطب، حين قفز من المعارضة القاطعة لمنح هذه الإمكانية لجامعة أريئيل وحتى التنازل المفاجئ عن إقامة كلية طب في حيفا. وقد طفت الشبهة في أن بينيت ومسؤولي مكتبه "عرضوا" على رئيس جامعة حيفا "صيغة مغرية": حيفا تتراجع عن نواياها مقابل دعم مالي للوحدة الأكاديمية مع كلية كبيرة للهندسة تُدعى براودا. كان المبلغ الذي خصص لهذا الهدف مرتفعاً جدا. بعد بضعة أسابيع من ذلك أعلن روبين أن تطورات مختلفة "دفعت إدارة الجامعة إلى اعادة النظر في خطواتها" التخلي عن رغبتها في إقامة كلية طب.

شملت محاولات التوسّع شبهات أقرب للارتشاء. ففي تموز 2018 جرى في اللجنة تصويت حاسم على طلب جامعة أريئيل إقامة كلية للطب. وأقر الطلب بأغلبية 4 مؤيدين مقابل معارضَين وامتناع واحد. احدى المؤيدين كانت ريفكا فدماني – شومان التي أدارت قبل بضعة أشهر من ذلك مفاوضات مع الجامعة على امكانية أن تعلم في دائرة التعليم مشترطة ذلك بترفيعها إلى درجة بروفسور. في تشرين الثاني قررت لجنة التعيينات في الجامعة منح فدماني الدرجة المطلوبة. وكان تصويتها حاسما لأنه بدونها ما كانت ستكون أغلبية لمؤيدي إقامة كلية الطب. إن تضارب المصالح صارخ جدا. هذا لم يقنع اليميني بينيت وقد قال: "هذا هراء، هناك من يريد أن يمس بجامعة أريئيل بكل وسيلة كانت". إن التغاضي عن الواقع وحرف النقاش إلى مستوى غير موضوعي ليس أمرا جديدا بالنسبة لوزير التعليم.

لقد روى رئيس جامعة تل أبيب في حينه، البروفسور يوسف كلابتر، بأن وزير التعليم بينيت قال له إن اقامة كلية الطب في أريئيل هي أمر "يعتمل في روحه" و"لا شيء سيوقفه". كلابتر كسر الصمت فقط بعد أن أنهى مهام منصبه كرئيس لجنة رؤساء الجامعات. وكتب أحد المعلّقين معقباً: على المسؤولين الأكاديميين أن يستيقظوا. فالاحتلال يواصل الإفساد وبينيت هو خطر واضح على المؤسسة الأكاديمية في إسرائيل.

تحرّكات دوليّة لـ "غسيل" جامعة الاستيطان وما يترتب عليه

في أواخر تشرين الثاني الماضي احتفلت الصحيفة التي يموّلها مموِّل "جامعة أريئيل"، "يسرائيل هيوم"، وخرجت بالعنوان التالي: "بعد الاعتراف التاريخي: اتفاق تعاون علمي مع الولايات المتحدة يضم المناطق لأول مرة". وفسّرت أنه في أعقاب بيان وزير الخارجية مايك بومبيو بأن الاستيطان في المناطق (المحتلة!) لا يتعارض مع القانون الدولي، سيوقع قريبا "اتفاق تعاون علمي" مع الولايات المتحدة. ولأول مرة سيضم الاتفاق المناطق (المحتلة) أيضا.

ولم تخف صحيفة نتنياهو فرحة معسكرها فكتبت: "المعنى هو أن الاتفاق سيسمح في كثير من أوجه التعاون مع كل الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في إسرائيل، بما فيها لأول مرة جامعة أريئيل ومراكز بحث وتطوير أخرى في هضبة الجولان وفي الضفة. ويتصدر الخطوة من الجانب الإسرائيلي وزير العلوم والتكنولوجيا أوفير أكونيس (الليكود) الذي سيوقع عليه مع نظيره الأميركي". كان هذا قبل التغيير الحكومي الأخير.

وقالت أيضاً: "يأتي الاتفاق الجديد ليحل محل مذكرة تفاهم وقعها في العام 1972 السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة في حينه إسحق رابين. ويقضي ذاك الاتفاق صراحة بأن "المشاريع التعاونية – لا يجب أن تتم في المناطق الجغرافية التي جاءت تحت إدارة حكومة إسرائيل بعد 5 حزيران 1967". ونقلت عن الوزير أكونيس أن "هذا الاتفاق هو نتاج مباشر للاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان وبإعلان وزير الخارجية بومبيو أن الاستيطان في يهودا والسامرة لا يتعارض والقانون الدولي. هذا دليل واضح وقاطع على أن الاستيطان الإسرائيلي في مناطق البلاد هذه، يحظى باعتراف دولي بقيادة حليفتنا الأهم – الولايات المتحدة"، على حد مزاعمه.

يدرك اليمين الاستيطاني أن السيطرة على المؤسسة الأكاديمية تنطوي على مضاعفة قوته في توسيع الهيمنة نحو العمق. بالضبط مثل التحركات العلنية الصارخة والعنيفة لتوسيع السيطرة في المؤسسة العسكرية والإعلامية وغيرها. المحلل الاقتصادي في "ذي ماركر" سامي بيرتس اعتبر قبل نحو سنة أن من أهم أسباب وجود أماكن عمل، هو إنجاز ثورة التعليم العالي التي بدأت في منتصف التسعينيات ويجب عزوها لحكومة إسحق رابين ووزير التعليم البروفسور أمنون روبنشتاين الذي دفع نحو إقامة كليات تعليم عال، بعد أن فهم أن الجامعات غير قادرة على تلبية الطلب. هذا الامر أدى إلى أن مئات آلاف الإسرائيليين نجحوا في الحصول على الدرجتين الأولى والثانية في العقدين ونصف العقد الأخيرين، الأمر الذي حسن وضعهم في سوق العمل. هناك ادعاءات بخصوص "التعليم الزائد" للأشخاص الذين حصلوا على درجات فارغة من المضمون أو درجات لا تحسن قدرتهم على الحصول على راتب. ولكن هذه ظاهرة ثانوية وليست هي النقطة الأساسية. حسب تحليل لـ"معهد أهارون" من العام 2017، فإن الزيادة في التعليم هي أحد المكونات الهامة في الزيادة في نسبة التشغيل وهي المسؤولة عن 20 في المئة من الزيادة في معدل تشغيل الرجال و20 في المئة في معدل تشغيل النساء منذ بداية سنوات الألفين.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات