سجلت البطالة في إسرائيل مع نهاية العام 2019 ارتفاعا طفيفا، وبلغت 4% مقابل 8ر3% في العام الذي سبق، وهو ارتفاع للسنة الثانية على التوالي، رغم أنها تبقى أقل من المعدل القائم في دول منظمة OECD، إلا أن في تفاصيل تقارير البطالة هناك ما يدعو لقلق المؤسسة الإسرائيلية، إذ أن فرص العمل في تراجع، في حين أن تقريرا رسميا يؤكد أن نسبة عالية من الأكاديميين لا يعملون في وظائف تناسب مؤهلاتهم.
ارتفاع البطالة في 2019
وأعلن مكتب الإحصاء المركزي، في تقرير دوري له هذا الشهر، أن البطالة في العام الماضي 2019، سجلت ارتفاعا بنسبة 2ر0%، من 8ر3% في 2018، إلى 4% في نهاية 2019. واستمر دون معدل البطالة في دول OECD، ففي حين أن النسبة باتت الآن أعلى في إسرائيل، فإن المعدل في دول OECD 3ر5%.
وبحسب تقرير مكتب الإحصاء، فإن البطالة سجلت تراجعا تدريجيا في السنوات الثلاث، 2015 وحتى 2017، من 5ر7% إلى 6ر3%. إلا أنها في 2018 سجلت ارتفاعا طفيفا وبلغت 8ر3%، وفي نهاية 2019 وصلت إلى 4%. في حين أن عدد الذين توجهوا الى مكاتب التشغيل سجل في العام الماضي ارتفاعا طفيفا، من 7ر160 ألف في 2018، إلى 9ر161 ألف في نهاية 2019، بمعنى زيادة 900 شخص فقط، وهذا يدل على يأس في إيجاد فرص عمل، أو أنهم عاطلون عن العمل لا يستحقون مخصصات بطالة.
وجاء في التقرير أن نسبة المشاركة في سوق العمل، من عمر 15 عاما وحتى 64 عاما، حسب المقياس العالمي، بات أعلى من المعدل العام في دول منظمة التعاون بين الدول المتطورة OECD، إذ أن النسبة في إسرائيل باتت 9ر63%، مقابل معدل 5ر60% في دول OECD. وتبين أن هذه الزيادة هي بسبب الارتفاع المستمر في عدد العاطلين عن العمل، المستحقين بموجب القانون لمخصصات بطالة كاملة، وهذا الارتفاع حصل بشكل خاص في النصف الثاني من العام 2019.
ويتبين من تقرير البطالة الإجمالي، أن فرص العثور على فرص عمل تراجعت عما كانت عليه في العام 2018، وهي النسبة الأعلى منذ العام 2015، إذ بلغت فرصة العثور على عمل في العام 2018 نسبة 64%، وهبطت الى 60% في العام 2019، ولكنها تبقى أعلى من العام 2015، حينما كانت بنسبة 40%.
ولكن في مسألة فرص العمل، هناك تباين كبير بين المناطق، إذ أن فرصة العثور على عمل تبقى الأعلى بمستوى لا منافس له، في منطقة تل أبيب الكبرى، في حين أن الاحتمالات الأضعف تبقى في منطقتي الشمال والجنوب.
ويلاحظ من التقرير أن نسبة العاملين من دون اتفاقية عمل، باتت 27% من المنخرطين في سوق العمل، وهي من النسب الأعلى في السنوات الأخيرة. في حين أن نسبة من يحظون بشهادة تثبيت في العمل، 30% من المنخرطين في سوق العمل، بينما 40% من العاملين يحظون باتفاق غير محدود من ناحية زمنية للطرفين، العامل وصاحب العمل، وهذا لا يعد استقرارا في العمل.
ودلت تقارير وزارة الاقتصاد، التي باتت في السنوات الأخيرة تشمل وزارة العمل، على أن عدد الذين تلقوا مخصصات بطالة كاملة في العام الماضي تراجع بشكل حاد، من 110 آلاف في العام 2018، إلى 62 ألفا في العام الماضي 2019. كما أن نسبة الذين يتلقون مخصصات ضمان دخل، وهي مخصصات هشّة، لمن أنهى فترة استحقاق مخصصات البطالة، هبطت من 89ر2% من أصل القوة العاملة في العام 2015، إلى 47ر1% في العام الماضي. وهذا التراجع يعود إلى تشديد شروط الحصول على مخصصات ضمان دخل، ما يجعل ذوي الاستحقاق ييأسون ويستغنون عن فتات تلك المخصصات.
ويشار إلى أن نسب البطالة هذه التي تعلنها المؤسسات الإسرائيلية هي مثار جدل دائم، ولكن بشكل خاص في السنوات الأخيرة، مع الإعلان المستمر عن نسب بطالة ما دون 4%. فمقياس البطالة الرسمي يأخذ بالحسبان من عملوا ذات مرّة، وفقدوا مكان عملهم، أو أنهم توقفوا عن العمل لسبب ما. ولكنها لا تحسب من لا ينخرطون إطلاقا في سوق العمل، إراديا، خاصة في أوساط جمهور الحريديم، الذين ينخرط 49% من رجالهم في سوق العمل، مقابل نسبة 82% بين الرجال اليهود. أو لا ينخرطون قسريا كما هي الحال لدى غالبية جمهور النساء العربيات، اللاتي نسبة انخراطهن في سوق العمل قرابة 35%، مقابل أكثر من 72% في جيل العمل لدى النساء اليهوديات.
وقد دلّ تقرير سابق صدر عن مكتب الخبير الرئيسي في وزارة المالية، على أنه في حال تغيير في احتساب البطالة، فمن شأنه أن يضاعف النسبة الرسمية. إذ أن احتساب البطالة في مكتب الإحصاء المركزي يرتكز على أسئلة عالمية، لا تعكس بشكل حقيقي الواقع الميداني. كما يشار إلى أن قانون الخدمة العسكرية الإلزامية يساهم هو أيضا في تخفيض نسب البطالة. وتتجاهل كل هذه التقارير واقع سوق العمل في المجتمع العربي، الذي فيه إقصاء لـ 65% من النساء عن سوق العمل، بفعل سياسة التمييز العنصري.
ويقول تقرير الخبير ذاته إن معطيات البطالة الإسرائيلية منخفضة مقارنة مع البطالة العالمية، وأيضا مقارنة مع البطالة الإسرائيلية في الماضي. ولكن إذا جرى احتساب أولئك الذين يئسوا من البحث عن مكان عمل، وهم يعملون في وظائف جزئية، بخلاف لإرادتهم، فإن البطالة الرسمية المعلنة ستتضاعف. فاحتساب البطالة في إسرائيل، هو من عمل ولو ساعة واحدة في الأسبوع الذي يجري فيه مكتب الاحصاء المركزي الاستطلاع. في حين يقول الخبير إنه إذا تم شمل من يئسوا من البحث عن العمل خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة قبل إجراء الاستطلاع، فإن البطالة ستقفز إلى حوالي ضعفي نسبتها المعلنة. ويؤكد التقرير أن 10% من المواطنين في إسرائيل موجودون بشكل دائم في هامش احتساب البطالة، نظرا ليأسهم من احتمال العثور على مكان عمل. والقسم الأكبر من هؤلاء هم من أبناء 45 عاما وحتى جيل التقاعد، الذي هو 67 عاما للرجال، و62 عاماً للنساء.
لا احتمال لتخفيض ساعات العمل
في سياق متصل، قال تقرير في صحيفة "ذي ماركر" قبل أيام، إنه لا احتمال لأن تقرر إسرائيل خفض ساعات العمل للعاملين، مع الحفاظ على مستوى رواتبهم، وجاء هذا في أعقاب مبادرات بدأت تظهر في العالم، على مستوى شركات عالمية، وحتى دول مثل فنلندا، في الأيام الأخيرة.
ففي الشهر الجاري، كانون الثاني، أعلنت رئيسة حكومة فنلندا الجديدة عزمها على طرح مشروع قانون لجعل أيام العمل الأسبوعية 4 أيام بدلا من 5، من أجل منح فرصة أكثر للناس لتكون مع بعضها، والتمتع بحياة أفضل، وأن هناك من يرى أن هذا التخفيض، سيرفع من مستوى إنتاجية ساعة العمل.
كما بادرت شركة ميكروسوفت في اليابان إلى مشروع تجريبي لخفض ساعات العمل، لفحص نتائجه، وفي حال نجح، فإنه سيتم تعميمه على كافة فروع الشركة في العالم.
وقبل عام ونصف العام، خفضت إسرائيل ساعات العمل الأسبوعية في القطاع العام من 43 ساعة أسبوعيا الى 42 ساعة. وفي صيف العام 2019، خفض وزير الرفاه ساعات العمل لمن يعملون بأجر الحد الأدنى من 186 ساعة شهريا الى 180 ساعة، وهذا يعني رفع أجر ساعة العمل.
وحسب التقارير الرسمية، فإن عدد ساعات العمل الأسبوعية في إسرائيل تعد من الأعلى في دول منظمة OECD، إذ أن المعدل في إسرائيل هو 6ر40 ساعة أسبوعيا، في حين أن المعدل في OECD بلغ 8ر36 ساعة، وفقط ثلاث دول فيها عدد الساعات أعلى من إسرائيل، وهي كولومبيا والمكسيك وتشيلي.
وظائف 40% من الأكاديميين أقل من مستواهم
وقال بحث جديد، أجري في قسم الأبحاث في بنك إسرائيل المركزي، صدر في الشهر الجاري، كانون الثاني 2020، إن 40% من الحاصلين على اللقب الأول في البلاد، يعملون في وظائف تقل عن مؤهلاتهم العلمية.
ووجد البحث أن جهاز التعليم العالي يطلب من طلاب بعض المواضيع دراسات فائضة، بمعنى أكثر مما يحتاجه الموضوع ذاته، مثل العلوم الاجتماعية، وعلوم الكرة الأرضية، والعلوم الإنسانية، وما شابه. وهذا يثبت من ناحية أخرى، حجم التجارة في سلك التعليم العالي، لأن الطلاب ملزمون بدورات تعليمية زائدة، من أجل جني رسوم دراسية أعلى، ما يثقل أكثر على كاهل الطلاب وأهاليهم.
ورأى البحث أن هذه المعدلات السلبية أعلى من ذات المعدلات في دول منظمة التعاون بين الدول المتطورة، OECD، ففي حين أن 40% من طلاب اللقب الأول يعملون في وظائف دون مستواهم العلمي، فإن معدل هذه النسبة في منظمة OECD، دون نسبة 36%. كذلك في حين أن نسبة الذين يتعلمون مواضيع زائدة لمهنتهم 32%، فإن هذه النسبة في دول OECD في حدود 22%.
ولكن اللافت في هذه الدراسة أن نسبة الأكاديميين العرب الحاصلين على اللقب الأول الذين يعملون في وظائف تقل عن مؤهلاتهم تقارب 31%، مقابل 41% بين اليهود. وهذه النسب تتضارب مع سلسلة تقارير وأبحاث صدرت في السنوات الأخيرة، وأبرزت أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي للعربي، ضاقت فرص استيعابه في سوق العمل بما يتلاءم مع مؤهلاته.
يشار إلى أن التقارير الرسمية حول الرواتب التي تظهر تباعا، تؤكد أن رواتب العرب الأكاديميين تقل بما بين 20% إلى 30% من معدلات رواتب اليهود في نفس المستوى التعليمي.