يشير بحث جديد أجراه مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست إلى ارتفاع في غلاء المعيشة في إسرائيل مقارنة بالدول التي تعتبر متطورة في العالم. وهذا البحث، الذي كتبته بات حين روتنبرج وصادق عليه مدير قسم الرقابة على الميزانيات عامي تساديك، قُدم إلى لجنة الاقتصاد البرلمانية في كانون الأول 2018 ضمن التحضيرات لبحث رفع أسعار الكهرباء والغلاء المتوقع المترتب على ذلك للعديد من المنتوجات في الاقتصاد.
ونوهت الباحثة إلى أن فحص غلاء المعيشة يتطلب فحص عدة متغيرات وبالأساس مستوى الأسعار والناتج للفرد والعلاقة بينهما. وتقول إنه وفقا لمعطيات رسمية اسرائيلية، من مكتب الاحصاء المركزي خصوصاً، كان مستوى الأسعار عام 2007 أقل من مستوى الأسعار في دول OECD بنسبة 12% تقريبا. لكن طرأت في العقد الأخير ما وصفته بـ "ثلاث قفزات" إذ ارتفع مستوى الأسعار عام 2008 بنسبة 9ر15% وعام 2013 طرأ ارتفاع بنسبة 9ر9% وفي العام 2017 حصل ارتفاع جديد بنسبة 2ر6%. وهذه ارتفاعات أدت مثلا إلى جعل مؤشر الأسعار الخاص بالأثاث ولوازم البيت عام 2014 أعلى بـ34% من المعدل في دول OECD وأعلى منه بـ26% في دول الاتحاد الأوروبي.
كذلك فإن معدلات أسعار السكن، الكهرباء، الماء والوقود كانت في إسرائيل أعلى بـ34% من تلك الدول وبـ23% من دول الاتحاد الأوروبي. وفي قطاع الفنادق والمطاعم كانت الأسعار في إسرائيل أعلى بـ29% منها في دول OECD وأعلى بـ21% منها في دول الاتحاد الأوروبي. والأمر نفسه بالنسبة لأسعار الغذاء والمشروبات المختلفة إذ كانت أعلى بـ25% و24% بالترتيب.
مؤشرا أسعار الكهرباء والمياه ارتفعا في العقد الأخير بنسبة ملحوظة
خلال عام 2018 أعلنت سلطة الكهرباء وشركات الغذاء الكبرى عن رفع مرتقب للأسعار. وفي الأشهر من حزيران حتى تشرين الثاني 2018، ارتفع مؤشر الغذاء بنسبة 7ر0% مقابل ارتفاع بنسبة 2ر0% في العام الذي سبقه. وهكذا فبالأسعار الفعلية ارتفع مؤشر أسعار الغذاء في تلك الأشهر بـ5ر0% مقابل انخفاض في ذلك المؤشر في العام الذي سبقه. وتخلص الباحثة، بعد احتساب المعطيات السالفة ومعطيات أخرى مشابهة، إلى أن مؤشر أسعار الكهرباء في إسرائيل ارتفع في العقد الأخير بنسبة 4ر11% ومؤشر أسعار المياه ارتفع بنسبة 6ر27%. وفي الأعوام 2015 حتى أواخر 2018 ارتفع مؤشر سعر الغذاء بنسبة 7ر0% وذلك مقابل ارتفاع بنسبة 2ر0% في الفترة نفسها من العام الذي سبقه. وتقول الباحثة إنه بالمعطيات الحقيقية كانت نسبة الارتفاع 5ر0%.
تدرج الكاتبة مستوى الأسعار في إسرائيل قياسا بمعدل دول OECD حيث أن هذا المعدل يشار إليه بالرقم 100، بين الأعوام 2007 حتى 2017. فكانت نسبة الأسعار في إسرائيل عام 2007 تساوي 88، وعام 2008 ارتفعت إلى 102، عام 2009 كانت 100، عام 2010- 104، عام 2011- 105، عام 2012- 101، عام 2013- 111، عام 2014- 113، عام 2015- 112، عام 2016- 113 وارتفعت في العام 2017 إلى 120. أي أن التغيير المتراكم في مستوى الأسعار في إسرائيل بلغت نسبته 4ر36%.
وتقول في تلخيصها: يتضح من المعطيات أن هناك علاقة طردية بين مستوى الأسعار وبين الناتج للفرد في الدول المختلفة. وهكذا فإن نسبة الأسعار في إسرائيل بالنسبة للناتج للفرد عالية، ويجب أن تكون بالأرقام المشار اليها أعلاه 98 لكنها في الحقيقة تصل 120، أي أن مستوى الأسعار في إسرائيل أعلى بـ8ر22% مما يفترض أن يكون أخذاً بالاعتبار مستوى الأسعار ارتباطاً بالناتج للفرد.
ارتفاع بنسبة 30% في عدد البالغين الذين يستعينون بأهاليهم في شراء الغذاء
تجسيداً لما سلف فإن تقرير المجلس الإسرائيليّ للاستهلاك يشير الى ارتفاع بنسبة 30% في عدد الأشخاص البالغين (فوق سنّ 21) الذين يستعينون بأهاليهم في شراء الغذاء. فقد شهد سوق الغذاء زعزعة في الأعوام الأخيرة، وخصوصاً في أعقاب موجة الاحتجاج الاجتماعيّ التي حدثت في صيف 2011. وإنّ أنماط السلوك التي "اعتدنا" عليها (وخصوصاً في الأعشار العليا والسفلى) - قد تغيّرت، يقول "المجلس" الذي بادر إلى بحث أجراه د. عوفر تسلرمئير، الحائز على لقب الدكتوراه في التسويق واتخاذ القرارات. والبحث مبنيّ على أساس سلسلة فحوصات، نوعيّة وكمّيّة: كان الهدف من البحث النوعيّ الحصول على مفاهيم عميقة بالنسبة لقرارات الشراء الاستهلاكية. ومن أبرز نتائجه:
* 25% من الأهالي يساعدون أولادهم البالغين - في أحيان متقاربة - في شراء منتجات غذائية.
* 75% من المستهلكين يقومون بعمليات شراء مرّة واحدة في الأسبوع، على الأقلّ. معدّل مبلغ الشراء هو نحو 650 ش. ج.
* نحو 65% من المستهلكين معتادون على توزيع المشتريات التي يقومون بها. وادّعى المستطلَعون أنّهم يفعلون ذلك بسبب فروقات الأسعار والحملات.
* نحو 45% من المستهلكين يدّعون أنّهم ألقوا غذاء في سلة المهملات خلال الأسبوع الأخير.
وفيما يتعلّق بالسؤال حول ما إذا كان من عادتك الاستعانة بوالديك في شراء الغذاء لمرفقك المنزليّ؟ تشير النتيجة المثيرة التي وردت في التقرير إلى أنّ الأبناء البالغين الذين يديرون مرفقاً منزلياً خاصّاً بهم معتادون على الاعتماد على أهاليهم، برغم أنّه يمكننا رؤية فرق بين الطريقة التي يستوعب بها الأبناء مساعدة الأهل وبين طريقة استيعاب الأهل لها. نحو 10% من الأبناء يعترفون بأنّهم يستعينون بأهاليهم بصورة ثابتة، أو في أحيان متقاربة، لكن - من جهة أخرى - أكثر من 30% من الأهالي يدّعون أنّهم يساعدون أبناءهم في أحيان متقاربة، ونسبة شبيهة تدّعي حتّى أنّها تساعد الأبناء أكثر من السابق.
ومن المعطيات الملفتة أن نحو 65% من المستهلكين معتادون على توزيع المشتريات التي يقومون بها، والأسباب الرئيسية من وراء هذا التوزيع هي فروقات الأسعار والحملات المختلفة في شبكات التسويق. وكلّما كان عدد أفراد أسرة أكبر تزداد وتيرة الشراء، وينطبق ذلك أيضاً عند وجود وقت فراغ أكثر (كما لدى المتقاعدين). كما أن نحو 38% من المستهلكين معتادون على مقارنة الأسعار بين الحوانيت المختلفة، قبل خروجهم إلى المشتريات، ونحو 76% معتادون على الذهاب إلى الحوانيت وهم مزودون بقائمة مشتريات.
"غلاء المعيشة الذي يزيد من العبء يعيدنا إلى حال المجتمع القبائليّ"!
بالنسبة للسؤال حول ما إذا قمت - خلال الأسبوع الأخير - بإلقاء طعام في القمامة من الثلاجة أو من الحقيبة؟ وإذا كان الأمر كذلك فأيّ المنتجات ألقيت؟ في الاستطلاع الهاتفيّ - 61% من المستهلكين ادّعوا أنّهم لم يُلقوا طعاماً، قطّ، خلال الأسبوع الأخير، وفي الاستطلاع عبر الشبكة (الإنترنت) أجاب 51% بصورة شبيهة.
والطعام الذي تمّ إلقاؤه هو، أساساً: منتجات حليب، خضار، فواكه، ومطبوخات. أي أنّه لو كان الناس يوزّعون مشترياتهم ويشترون الفواكه، الخضار ومنتجات الحليب بوتيرة أعلى وبكمّيّات أقلّ لكان سيُرمى طعام بوتيرة وكمية أقل بكثير ولوفّر المستهلكون مالاً.
المحامي إيهود ﭘـلـيغ، مدير عامّ المجلس الإسرائيليّ للاستهلاك، يقول: "إنّ غلاء المعيشة الذي يزيد من العبء يعيدنا إلى الوراء، إلى حال المجتمع القبائليّ. إن لم يكن بمقدور الدولة الاهتمام بمواطنيها الصغار فإنّهم سيتوجّهون بضائقتهم إلى أهاليهم للحصول على المساعدة. إذا تذكّرنا أنّ هؤلاء الصغار قدّموا للدولة، الآن، بعض السنوات من عمرهم فإنّ هذه شهادة فقر للدولة. إنّ هذا الوضع الخطير يستدعي على الفور طرح موضوع رفاهية المستهلك على رأس سلّم الأولويّات الاقتصاديّ، واتخاذ خطوات عمليّة لخفض غلاء المعيشة تثمر عن نتائج في المدى القريب".
نصف المستطلعين بلّغوا بأنّهم توقّفوا عن شراء بعض السلع لأسباب متعلقة بالتكلفة
قام "المجلس" - من خلال معهد الاستطلاعات والبحث "جـيوكرتوجـرافيا" - بفحص عادات استهلاك المستهلك الإسرائيليّ في شراء السلع الغذائية. وأجري الاستطلاع بين 2000 مستطلع تمّ توجيه السؤال إليهم في استطلاع ميدانيّ في 200 نقطة تسويق قطرية الانتشار، حول عادات الاستهلاك لديهم.
ويتضح من الاستطلاع أنّ السببين الأساسيّين للقيام بعمليّة الشراء في فرع معيّن هما الأسعار في الفرع ومدى قربه من مكان السكن / العمل، حيث تمّ ذكر كلّ واحد من هذين السببين من قبل أكثر من نصف المستطلعين. ومقارنة بالاستطلاع السابق حول الموضوع، يلاحَظ ازدياد في أهمّية السعر كسبب لاختيار مكان القيام بالمشتريات الغذائية. في المقابل، يلاحَظ تراجع في أهمّية العادة، التنوّع، ومصفّ السيارات، في اختيار الفرع للقيام بالمشتريات. كما يتضح من الاستطلاع أنّ 2 من كلّ 3 مستهلكين معتادون على مقارنة الأسعار قبل القيام بعمليات الشراء في المتجر، ويقوم نصفهم بالمقارنة بوتيرة عالية ونصفهم الآخر بوتيرة متوسطة.
هذا وقد شهدت غالبية المستهلكين بأنّ غلاء سلعة ما قد يجعلهم يُعرضون عن شرائها. كما أنّ أكثر من نصف المستهلكين شهدوا بأنّهم توقّفوا، مؤخّراً، عن شراء سلع غذائية بسبب ارتفاع أسعارها، برغم أنّهم اعتادوا على اقتنائها في السابق، بشكل ثابت. وفي مسألة مقارنة الأسعار قبل القيام بالمشتريات في شبكات الغذاء، يلاحَظ أنّ نحو ثلث من المستهلكين من عادتهم القيام بذلك بوتيرة عالية. ومن عادتهم مقارنة الأسعار قبل عملية الشراء والقيام بذلك من خلال نشرات شبكات التسويق، توصيات أصدقاء أو أقرباء، والتنقّل الجسديّ بين الشبكات.
وفي ردّ على السؤال: ما الذي سيجعلهم يتنازلون عن شراء سلعة هم معتادون على شرائها؟ يلاحَظ أنّ السعر المرتفع هو السبب الأساس للتنازل عن شراء السلعة. وأكثر من نصف المستطلعين بلّغوا بأنّهم توقّفوا، مؤخّراً، عن شراء سلعة ما لأسباب متعلقة بالتكلفة!