المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية، في اجتماعه الليلة قبل الماضية، وبضغط من وزيري حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت وأييلت شاكيد، على "مشروع قانون طرد عائلات منفذي عمليات على خلفية قومية"، الذي اقترحه عضو الكنيست موطي يوغيف من "البيت اليهودي".

وتمت المصادقة على مشروع القانون بالرغم من معارضة المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت، وبعد نقاش عاصف أثناء الاجتماع.

وتم تحويل مشروع القانون إلى اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين، لإعداد صيغته التشريعية وعرضه بعد ذلك على الكنيست لمناقشته في القراءات الثلاث.

ووفقاً للصيغة، التي تمت المصادقة عليها، يمكن لقائد المنطقة العسكرية الوسطى "إبعاد عائلات  منفذي عمليات على خلفية قومية، وذلك في غضون سبعة أيام من وقوع الهجوم، من منطقة سكناهم إلى منطقة أخرى في الضفة الغربية".

وقالت مصادر مقربة من الوزير بينيت إنه على الرغم من معارضة الجهات القضائية، فإنه طلب من وزيرة العدل أييلت شاكيد عقد اجتماع للجنة الوزارية لشؤون سن القوانين وإقرار القانون.

واعتبر بينيت المصادقة على مشروع القانون خطوة مهمة في الردع. وأضاف أن الموافقة على القانون خطوة مهمة في الحرب ضد "الإرهاب" واستعادة قوة الردع. وكرّر بينيت أن "الإرهابيين" لا يخافون من إسرائيل، وأن اليهود يُقتلون لأن "القانون يشل عمل الجهاز الأمني".

تجدر الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى المعارضة الواضحة التي أعرب عنها المستشار القانوني للحكومي لمشروع القانون، فإن مسؤولين أمنيين أعربوا هم أيضاً عن تحفظاتهم بشأن هذا الإجراء في اجتماع المجلس الوزاري المصغّر.

وذكرت مصادر مطلعة على وقائع الاجتماع أن مندلبليت قال إن مشروع القانون غير دستوري من حيث أنه لا يمكن معاقبة عائلة منفذ هجوم من دون إثبات أنها ساعدت المهاجم عمداً، في حين قال رئيس جهاز الأمن العام ("الشاباك")، نداف أرغمان، إن الاقتراح لن يفعل الكثير لزيادة قوة الردع الإسرائيلية.

لكن رئيس حزب "البيت اليهودي" ووزير التربية والتعليم نفتالي بينيت، ووزيرة العدل شاكيد، تجاهلا هذه التوصيات ودعيا إلى المصادقة على مشروع القانون.

وكان بينيت دعا في الأسبوع الماضي إلى الدفع قدماً بمشروع القانون في أعقاب موجة من الهجمات المسلحة شهدها هذا الأسبوع أسفرت عن مقتل جنديين إسرائيليين ووفاة طفل وضعته والدته قبل الأوان بعد تعرضها لإطلاق النار وإصابة تسعة مستوطنين إسرائيليين آخرين.

وقبل ذلك حاول طرح مشروع القانون نفسه للتصويت في بداية شهر تشرين الثاني الماضي لكن تم تأجيله. وقال بينيت حينذاك إن على "الإرهابي" الفلسطيني أن يفهم أن العنف لا يجدي وأن إسرائيل ستقوم بتصفية الحساب. وأضاف أن ترحيل العائلات إلى منطقة أخرى سيحسن من قوة الردع ويبعث برسالة إلى الجمهور الفلسطيني فحواها أنه لن يكون هناك أي تسامح مع "الإرهاب".

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن هذا التشريع المقترح يأتي بعد سنوات سعت فيها الحكومة إلى الدفع بمشروع قانون لطرد عائلات منفذي الهجمات إلى قطاع غزة. ولقي الاقتراح، الذي أيده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في العام 2016، دعما واسعا داخل الائتلاف، بما في ذلك من رئيس حزب "كلنا" موشيه كحلون، وكذلك من رئيس حزب "يوجد مستقبل" المعارض يائير لبيد. لكن مندلبليت قال في ذلك الوقت إن الخطوة ستتعارض مع القانونين الإسرائيلي والدولي، وتوقفت فيما بعد الجهود للدفع قدماً بالتشريع.

كما تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو أوعز الأسبوع الماضي باتخاذ سلسلة من الإجراءات الأمنية، بما في ذلك التعجيل في عملية هدم منازل منفذي الهجمات لتكون بعد 48 ساعة فقط من لحظة إصدار قرار تنفيذ العقوبة، ما يقلص الوقت المخصص لسكان المنازل لتقديم التماس ضد الإجراء. وفي الماضي كان لدى السكان عادة مدة أسبوع على الأقل لتقديم التماس ضد الإجراء العقابي في المحاكم الإسرائيلية.

وهدّد نتنياهو حركة "حماس" بدفع ثمن باهظ بعد وقوع سلسلة هجمات مسلحة في الضفة الغربية بينها هجومان تبنتهما الحركة.
وقال نتنياهو، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية (الأحد)، إنه نقل رسالة واضحة إلى "حماس" فحواها أن الحكومة لن تقبل بهدنة في غزة وإرهاب في الضفة. وشدّد على أن إسرائيل ستجبي ثمناً باهظاً من "حماس" في حال استمرار الإرهاب في الضفة. وتعهد باتخاذ خطوات أخرى في إثر موجة الاعتداءات الإرهابية الأخيرة ما عدا تلك التي أمر بها وهي تسريع الإجراءات الخاصة بهدم منازل "إرهابيين" خلال الأيام القريبة وسحب تصاريح عمل من أبناء عائلاتهم وعدم إعادتها بشكل آلي.

وأضاف رئيس الحكومة أنه أوعز إلى الجهات المعنية بتنظيم الوضع القانوني لآلاف الوحدات السكنية في الضفة وإقامة منطقتين صناعيتين جديدتين بالقرب من مستوطنتي "أفني حيفتس" و"بيتار عيليت" والمصادقة على إقامة 82 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة "عوفرا".

وجاءت أقوال نتنياهو هذه بعد مقتل جنديين إسرائيليين يوم الخميس الفائت خلال هجوم مسلح شنه فلسطينيون على موقف لحافلات الباص بمحاذاة مستوطنة "جفعات أساف" القريبة من رام الله. وفي اليوم نفسه توفي طفل إسرائيلي ولد قبل أوانه بعدما أصيبت والدته بجروح بالغة في هجوم مسلح شنه فلسطينيون بالقرب من مستوطنة "عوفرا" يوم 9 كانون الأول الحالي. وكانت "حماس" تبنت الهجوم الذي أسفر عن مقتل الرضيع وهجوماً آخر وقع في منطقة "بركان" الصناعية وأسفر عن مقتل مستوطنيْن إسرائيلييْن يوم 7 تشرين الأول الفائت. وقتلت القوات الإسرائيلية الفلسطينيين المشتبه بتنفيذهما الهجومين الأسبوع الفائت، وقالت إنها اعتقلت 37 شخصاً يعملون لحساب "حماس" ولديهم صلة بموجة العنف الأخيرة.

وشهدت اجتماع الحكومة أول أمس أجواء صاخبة حيث حصل تراشق كلامي بين رئيس الحكومة والوزيرين بينيت وشاكيد.

واعتبر بينيت أن إسرائيل فقدت قوة ردعها وأن مستوطنين إسرائيليين يقتلون لأن الإرهابيين باتوا لا يشعرون بالخوف. وغادر الوزير بينت قاعة الاجتماع قبل ختامه.
ووصف رئيس الحكومة أقوال بينيت بأنها محاولة حمقاء لجني مكاسب سياسية.

أما الوزيرة شاكيد فتوجهت خلال الاجتماع إلى رئيس الحكومة ووزير المواصلات يسرائيل كاتس مطالبة اياهما بالتوقف عن إطلاق تفوهات وصفتها بأنها تافهة وعديمة القيمة.

وعقبت كتلة الليكود على التلاسن الكلامي الذي شهده اجتماع الحكومة فقالت إن بينيت يحاول بشكل يائس أن يتولى حقيبة الدفاع، في حين أكد حزب "البيت اليهودي" أن رئيس الحكومة يتصرف كالمشلول إزاء الإرهاب بسبب خوفه من المحكمة الدولية في لاهاي.

وبالتزامن مع انعقاد اجتماع الحكومة نظم مئات المستوطنين تظاهرة أمام ديوان رئاسة الحكومة في القدس للمطالبة بمضاعفة الإجراءات الأمنية في الضفة الغربية وبناء مزيد من المستوطنات.

وشارك في التظاهرة 9 وزراء من الليكود و"البيت اليهودي" و"كلنا".

وقال الوزير بينيت في سياق كلمة ألقاها أمام المتظاهرين إنه آن الأوان لأن تنتصر إسرائيل إلى الأبد. وأضاف أن العمليات المسلحة الأخيرة في الضفة وقعت لأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قررت أنه من الأفضل الاهتمام بحقوق الفلسطينيين بدلاً من الاهتمام بأمن سكان إسرائيل.

"مشروع قانون التسوية 2"

وفي وقت سابق من يوم أول أمس الأحد صادقت اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين، على "مشروع قانون التسوية 2" الذي يقضي بشرعنة بؤر استيطانية ووحدات سكنية غير قانونية في أراضي الضفة الغربية.

وجاءت المصادقة على مشروع القانون هذا على خلفية تظاهرات لنشطاء من معسكر اليمين احتجاجاً على سياسة الحكومة في التعامل مع العمليات المسلحة الأخيرة في الضفة الغربية.

وأعرب المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت عن معارضته الشديدة لمشروع القانون هذا، وأكد أنه يمس الحقوق الطبيعية وعلى رأسها الحق في التملك، كما أن من شأنه أن يعّرض إسرائيل إلى مساءلة قضائية دولية.

وبادر إلى مشروع القانون عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش من "البيت اليهودي"، وعضو الكنيست يوآف كيش من الليكود، بالتعاون مع "اللوبي من أجل أرض إسرائيل" في الكنيست.

وينص مشروع القانون على شرعنة 66 بؤرة استيطانية غير قانونية وكذلك وحدات سكنية في مستوطنات الضفة الغربية يسكن فيها 6000 مستوطن، وذلك من خلال التزام إسرائيل بضم تلك البؤر الاستيطانية والوحدات السكنية إلى السلطة المدنية في إسرائيل خلال سنتين من موعد إقرار القانون، والبدء الفوري بتزويدها بالخدمات.

وتعقيباً على سن مشروع القانون هذا قال الأكاديمي والخبير في الشؤون القانونية البروفسور مردخاي كريمنيتسر إنه حيال الاستهتار برأي المستشار القانوني للحكومة، يتولد الانطباع بأن "البيت اليهودي" واليمين المتطرف في الليكود يدفعان، بصورة متعمدة، نحو "منازلة أيدي" مع المحكمة العليا. والفكرة من وراء ذلك هي فرض جو من الترهيب على القضاة لردعهم وكي لا يتجرؤوا على الوقوف ضد قوانين النهب هذه، وإن تجرؤوا وفعلوا، فستكون الأرضية مهيأة لتقليص صلاحيات المحكمة باسم "الولاء لأرض إسرائيل".

وأضاف هذا الخبير أنه منذ عشرات السنين ثمة شك كبير وعميق في ما إذا كان الحكم الإسرائيلي في الضفة الغربية هو حكم يقوم على سيادة القانون. وأضاف أن اقتراح القانون الذي صادقت عليه اللجنة الوزارية الآن يأتي ليوضح، مرة أخرى، أن الوضع في نظر الحكومة الحالية وممارستها هو "سلطة نهب، لا سلطة قانون!".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات