المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أقرت اللجنة البرلمانية المشتركة للجنتي الكنيست والدستور والقانون والقضاء، قبل خروج الكنيست إلى عطلة الدورة الشتوية الأسبوع الماضي، مشروع قانون القومية الذي يرسخ كون إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي ضمن قانون أساس (دستوري).

وأيد مشروع القانون 9 أعضاء كنيست وعارضه 7 أعضاء.

ومن المتوقع أن يطرح مشروع القانون، الذي بادر إليه عضو الكنيست آفي ديختر من الليكود، على الكنيست بكامل هيئته للتصويت عليه بالقراءات النهائية في الدورة الصيفية القريبة.

وقال رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة، عضو الكنيست أمير أوحانا من الليكود، إن مشروع القانون هذا من أهم القوانين التي سنتها الدولة، اذ إنه يضمن الحقوق الفردية لجميع سكانها، لكنه يضمن الحقوق القومية لأبناء الشعب اليهودي فقط.

واحتج أعضاء كنيست من المعارضة على شطب مصطلحات مثل الديمقراطية ووثيقة الاستقلال من الصيغة الجديدة لمشروع القانون.

ويهدف مشروع القانون إلى جعل المحكمة العليا تفضّل الطابع اليهودي للدولة على القيم الديمقراطية عندما ينشأ أي تناقض بينهما، ولا تظهر كلمة ديمقراطية في مشروع القانون.

كما يتضمن مشروع القانون بنداً يسمح بإقامة بلدات جماهيرية لليهود فقط ومنع غير اليهود من السكن فيها. ويمنح اللغة العبرية مكانة عليا باعتبارها لغة الدولة، وينص على أن تكون للغة العربية مكانة خاصة.

وتم شطب بند من مشروع القانون يدعو إلى إخضاع جميع القوانين الأساس والقوانين العادية للنصوص التي تظهر في قانون القومية.

كما جرى شطب بند القضاء العبري، الذي يلزم قضاة المحاكم بالاستناد إلى أحكام الشريعة اليهودية في قضايا لا توجد بشأنها سوابق قضائية أو قوانين ملائمة لها.

وانتقد عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش ("البيت اليهودي") شطب بند القضاء العبري، وبند منح اللغة العربية مكانة خاصة، وأكد أن مشروع القانون لا يرسخ يهودية الدولة بشكل كاف.

وقال وزير السياحة ياريف ليفين (الليكود) إن مشروع القانون يعتبر خطوة تاريخية نحو تصحيح الانقلاب الدستوري للمحكمة العليا الذي تسبّب بمس المكانة اليهودية للدولة.

وقالت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، في بيان صادر عنها، إن مشروع القانون الذي تم إقراره شمل عدداً من التعديلات على نص الاقتراح الأوّل للقانون، التي لم تغيّر من مضمونه أو تداعياته على الديمقراطية، حقوق الانسان وحقوق الأقليّة الفلسطينيّة داخل إسرائيل.

وأضاف البيان: اقتراح القانون الذي مرّ بالأمس يعتمد، كما الاقتراحات السابقة، على إلغاء مكانة العربية كلغة رسمية ثانية في البلاد، كما العبريّة، وتعريفها كلغة ذات مكانة خاصة فقط، مع الالتزام بعدم تغيير الوضع القائم بصورة تسيء لمكانة اللغة – وهو التزام هلامي لم يُعرف معناه بعد. بالإضافة الى ذلك، ينص اقتراح القانون على أن إسرائيل هي "البيت القومي للشعب اليهودي، وله فقط"، دون التطرّق المباشر لتعريف الدولة المتعارف عليه اليوم كدولة "يهودية وديمقراطية"، مما يشكّل مسّاً مباشراً بديمقراطية الدولة والحق في المساواة لكل المواطنين فيها وعلى رأسهم أبناء وبنات الأقلية الفلسطينيّة. وليس هذا وحسب، بل إن الاقتراح يقونن التمييز العنصري من خلال إتاحة الامكانية للفصل في أماكن السكن بين مواطني الدولة – بشكل قاطع وبدون أي شروط – على أساس ديني أو قومي، ومنح الأفضلية الواضحة لـ"الاستيطان اليهودي" والذي سيتم تخصيص ميزانيات حكوميّة له كأمر ملزم وفقا للقانون.

وقال البيان: جمعية حقوق المواطن تؤكد معارضتها بشكل قاطع لاقتراح قانون القومية إذ إن التعديلات والتغييرات في نص الاقتراح لا تغيّر مضمونه الأساسي الذي يشدد على تفضيل يهودية الدولة على ديمقراطيتها، وبالتالي تفضيل اليهودي على غيره، وعلى وجه الخصوص الأقلية الفلسطينية في إسرائيل وحقوقها، التي يقوّضها اقتراح القانون بشكل صارخ. وبالإضافة إلى ذلك فإن اقتراح القانون يهمّش حقوق الإنسان، كالمساواة وحقوق الأقليات، وسلطة القانون، وهي أسس تبنى عليها الأنظمة الديمقراطية. وتطالب جمعية حقوق المواطن أعضاء الكنيست بالتصويت ضد اقتراح القانون في القراءات القادمة، ولجمه قبل فوات الأوان وقبل أن يتحوّل إلى قانون أساس ذي إسقاطات وتداعيات خطيرة على حقوق الإنسان والمواطن في الدولة.

ورأت صحيفة "هآرتس" في مقال افتتاحي أن قانون القومية هو أهم شعار ترفعه حكومة اليمين، وهدفه المسّ بالمساواة في الحقوق مع المواطنين العرب كما وردت في وثيقة الاستقلال.

وأضافت: على الرغم من التنازلات والحذف اللذين أُدخلا إلى المسودة الأخيرة للقانون، فإن الصيغة الجديدة التي أُقرت تؤكد أنه قانون سيء ولا ضرورة له. والدليل على ذلك حذف البند المتعلق بأهداف القانون "ترسيخ في قانون أساس قيَم دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وفق روحية المبادئ الواردة في إعلان قيام دولة إسرائيل". هذا البند الذي يلمح إلى المساواة في الحقوق الكاملة كما تعهدت به وثيقة الاستقلال حُذف "تعويضاً" عن حذف البند الذي يتعهد بتقدم القومية اليهودية على "أي شيء أو أي تشريع آخر". وهو ما يعني الحاجة إلى توازن في سلم القيم المشوه للذين بادروا إلى طرح القانون: إذا كان من غير الممكن إخضاع التشريعات وقانون أساس للقيَم اليهودية، فإنه في المقابل سيجري أيضاً محو العنصر الديمقراطي.

ومضت تقول: إن الخوف من "فائض ديمقراطية" يمر كالخط الناظم في صيغة القانون الجديد. فالقانون الحالي يسمح عملياً بالفصل الجغرافي بين اليهود والعرب، بحكم "بند البلدات المنفصلة". لذلك كان المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت على حق عندما أوضح أنه يعارض هذا البند. وقد شرح نائبه المحامي إيال زاندبرغ أن معنى ذلك "تمييز واضح بين البشر، لا ينسجم مع قيَم دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. ومعنى ذلك إمكان أن توجد لافتة في لجنة استقبال تمنع دخول من هم ليسوا يهوداً".

وأكدت أنه إذا مر هذا القانون، على الرغم من هذه التغييرات والحذف، فإنه سيقوض التوازن القائم بين الأساس الديمقراطي وبين الأساس اليهودي الموجود هو أيضا في قوانين أساس وفي قوانين عادية كثيرة. في كل دولة ديمقراطية لا يمكن وضع بنود تضمن الطابع القومي للدولة من دون أن تمنح المساواة الكاملة للأقليات في التشريع وفي الإعلان.

وختمت الصحيفة: إذا كان هدف قانون القومية هو فعلاً أن يكون بطاقة هوية لدولة إسرائيل، يتعين على زعماء الأحزاب الذين يحيكون قانون القومية الحالي أن يعرفوا جيداً أن هناك هوية لإسرائيل هي وثيقة الاستقلال. لكن بدلاً من تظهيرها يتآمرون عليها، كما يتآمرون على القيَم الأساسية التي تشكل دولة إسرائيل، وفي طليعتها المساواة في الحقوق بين جميع مواطني الدولة. إن المسار الذي مرّ به القانون أوضح للمؤيدين له أنه لا ينسجم مع ديمقراطية تلتزم المساواة في الحقوق تجاه مواطنيها. إنه قانون مضر وسيؤثر سلباً في العلاقة بمواطني إسرائيل من غير اليهود ويريد أن يرسخ في القانون التمييز ضدهم، كما سيؤثر سلباً على علاقة العالم بالديمقراطية الإسرائيلية. والسبيل الصحيح هو التخلي عن القانون.

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات