المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1222

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية (الأحد) أن الشرطة تعتزم إخضاع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للتحقيق مجددا بشبهات فساد، حيث من المتوقع أن يتم استدعاؤه للتحقيق في منتصف تشرين الأول المقبل بعد انتهاء الأعياد اليهودية.

وبحسب صحيفة "معاريف"، فإن الشرطة تؤكد أن الشبهات ضد نتنياهو تعززت في الملفين المعروفين باسمي "القضية 1000" و"القضية 2000"، بعد سلسلة التحقيقات التي أجرتها الشرطة مع العديد من المشتبه بهم والضالعين فيهما.

وقالت قناة التلفزيون الإسرائيلية الثانية في نهاية الأسبوع الفائت إن الشهادة التي أدلى بها رجل الأعمال والملياردير ليونارد بلافتنيك في لندن بشأن "القضية 1000" التي يُشتبه فيها بأن نتنياهو تلقى هدايا من أثرياء يهود بخلاف القانون، عززت الشبهات بأن هذا الأخير تلقى تلك الرشوة.

وأشارت القناة نقلاً عن مصادر اطلعت على فحوى هذه الشهادة، أن بلافتنيك أكد لممثلي الشرطة الإسرائيلية الذين قاموا بأخذ شهادته في العاصمة البريطانية أنه قام بشراء معظم أسهم قناة التلفزيون الإسرائيلية العاشرة من رجل الأعمال أرنون ميلتشين بسعر يصل إلى ضعفي السعر الذي اقترحه رجل أعمال آخر هو إيلان شيلوح. كما أشار بلافتنيك إلى أنه أقدم على شراء هذه الأسهم بعد أن توجه نتنياهو إليه بهذا الشأن، كما أن هذا الأخير أوفد إليه المدير العام السابق لديوانه آري هارو من أجل حثّه على شراء الأسهم. من ناحية أخرى ذكرت القناة أن نتنياهو سعى قبل 9 أعوام إلى إقامة منطقة تجارة دولية حرة عند الحدود مع الأردن بحسب طلب من ميلتشين، كما حاول التدخل من أجل بيع أسهم قناة التلفزيون الثانية إلى ميلتشين. وأكدت القناة أنه بهذه الطريقة حصل ميلتشين على مقابل للهدايا التي قدمها إلى رئيس الحكومة وزوجته سارة وكانت على شكل سيجار وزجاجات شمبانيا وحلي بمئات آلاف الشواكل.

وأشارت القناة إلى أن هذه الشبهات الجديدة ضد نتنياهو في إطار "القضية 1000" تضاف إلى شبهات أخرى تحقق فيها الشرطة، وفي مقدمها قيام رئيس الحكومة بالتدخل لدى الإدارة الأميركية من أجل منح ميلتشين الجنسية الأميركية. كما أشارت إلى أن محققي الشرطة توصلوا إلى هذه الشبهات في إثر إفادات أدلى بها آري هارو بعد أن وقع اتفاقاً مع النيابة العامة تحوّل بموجبه إلى شاهد ملك في "القضية 1000" و"القضية 2000" التي يُشتبه فيها بأن نتنياهو حاول عقد صفقة مع ناشر ومالك صحيفة "يديعوت أحرونوت" أرنون موزيس تقضي بتغطيته بصورة إيجابية من طرف الصحيفة في مقابل تقليص انتشار صحيفة "يسرائيل هيوم" المنافسة لـ"يديعوت أحرونوت".

توجيه لائحة اتهام ضد زوجة نتنياهو

من ناحية أخرى أعلن المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت قبل أسبوعين عن توجيه لائحة اتهام ضد زوجة رئيس الحكومة سارة نتنياهو بتهمة الاحتيال وخيانة الأمانة على خلفية تحويلها نحو 360 ألف شيكل من الأموال العامة لاستخدامها الخاص من خلال نية مقصودة لتجنب دفع نفقات شخصية. وتتعلق شُبهات أخرى باستخدام أموال الدولة لشراء أثاث لمقر الإقامة الرسمي في القدس قامت العائلة بنقله إلى مقر إقامتها الخاص في قيساريا في حين تم نقل الأثاث القديم من قيساريا إلى مقر الإقامة في القدس. كما يشتبه في أن سارة استخدمت بشكل غير ملائم أموال الدولة لتوفير رعاية طبية لوالدها.

وذكر بيان صادر عن مكتب المستشار القانوني أن قرار تقديم لائحة اتهام ضد زوجة رئيس الحكومة اتخذ بعد أن اطلع مندلبليت على مواد القضية وبعد أن سمع مواقف الجهات ذات الصلة بما في ذلك توصيات الشرطة والنيابة العامة. وأشار البيان إلى أن التهمة الرئيسة تتعلق بالإفراط في سحب أموال من خزينة الدولة العامة من أجل طلبيات طعام خاصة تم توصيلها الى منزل رئيس الحكومة. وأضاف البيان أن سارة ادعت خلال التحقيقات التي أجرتها الشرطة معها بهذا الشأن أن طلبيات الطعام كانت بسبب عدم وجود طاه رسمي يعمل في مقر إقامة رئيس الحكومة، في حين كان هناك موظف يعمل بدوام كامل في هذا المنصب. وأكد أن هذا الادعاء جاء من أجل السماح لعائلة نتنياهو باستغلال التعليمات التي بموجبها يحق لرئيس الحكومة وأسرته في حال عدم وجود رئيس للطهاة، استخدام ميزانية الدولة للحصول على الطعام الذي يطلبونه إلى مقر إقامتهم، وأشار إلى أنهم بهذه الطريقة تلقوا مئات الوجبات من المطاعم والطهاة الخارجيين بقيمة 360 ألف شيكل وبذا تم ارتكاب تهمتي الاحتيال في ظل ظروف خطرة وخيانة الأمانة.

وتعقيباً على ذلك أكد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في بيان نشره على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن التهم الموجهة ضد سارة سخيفة وسيثبت أنه لا أساس لها. وأضاف البيان أن أي مسؤولية عن وجود خروقات مالية في مصروفات مقر إقامة رئيس الحكومة يتحملها المدير السابق لهذا المقر ميني نفتالي الذي وصفه البيان بأنه كاذب ومجرم.
وعمل نفتالي كمشرف في مقر إقامة رئيس الحكومة بين العامين 2011 و2012 وزعم أنه تعرض لسوء معاملة كلامية وجسدية من قبل زوجة رئيس الحكومة أثناء عمله. وفي شباط الفائت قبلت محكمة العمل الإسرائيلية ادعاءاته وقضت بصرف مبلغ 170 ألف شيكل له كتعويض عن الأضرار التي لحقت به.

تجدر الإشارة إلى أنه اتسعت في الفترة القصيرة الماضية التحقيقات التي تجريها الوحدة القطرية لمحاربة الفساد والجريمة المنظمة في الشرطة الإسرائيلية، المعروفة باسم "لاهف 433"، في قضايا فساد، حيث أن المشتبه المركزي في اثنتين من بين ثلاث قضايا هو رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بينما الشبهات في القضية الثالثة تحوم حول مشتبه بهم مقربين من نتنياهو.
وهذه القضايا الثلاث هي:

"القضية 1000"، أو قضية المنافع الشخصية، ويشتبه فيها نتنياهو وزوجته بالحصول على منافع شخصية على شكل هدايا، بينها سيجار وزجاجات شمبانيا بمئات آلاف الشواكل، من رجال أعمال، أبرزهم رجل الأعمال الإسرائيلي – الأميركي أرنون ميلتشين.

"القضية 2000"، وتدور الشبهات فيها حول الطبيعة الجنائية لمحادثات أجراها نتنياهو مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أرنون موزيس، إذ اقترح نتنياهو على موزيس، خلال هذه المحادثات، إعادة "يديعوت" إلى صدارة الصحف المطبوعة، في مقابل الحد من انتشار صحيفة "يسرائيل هيوم"، التي أسسها الثري الأميركي – اليهودي، شيلدون أدلسون، خصيصا لتكون بوقا وللترويج لسياسة نتنياهو. واقترح نتنياهو على موزيس تقليص انتشار "يسرائيل هيوم" من خلال سن قانون في الكنيست يمنع توزيعها مجانا. وبالمقابل طالب نتنياهو ناشر "يديعوت" بأن تقوم صحيفته بتغطية إيجابية وداعمة له. كذلك عرَض نتنياهو على موزيس توجيه أثرياء من إسرائيل وخارجها من أجل شراء أسهم في "يديعوت".

"القضية 3000"، المعروفة أيضا باسم "قضية الغواصات". ونتنياهو ليس مشتبها مركزيا فيها حتى الآن، لكن عددا من المشتبهين المركزيين في هذه القضية هم من المقربين جدا منه. وتدور الشبهات في هذه القضية حول مخالفات دفع وتلقي رشاوى وغيرها. وتعالت الشبهات فيها بعد الكشف عن أن نتنياهو اتخذ قرارا بشراء ثلاث غواصات جديدة من طراز "دولفين"، تضاف إلى ست غواصات من الطراز نفسه اشترتها إسرائيل في السنوات الماضية، وشراء أربع سفن حربية تستخدم لحراسة منصات حقول الغاز في البحر المتوسط. وجميع هذه القطع البحرية من صنع حوض بناء السفن الألماني "تيسنكروب". وبحسب الشبهات، فإن نتنياهو اتخذ قرار شراء هذه القطع البحرية من دون علم وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه، موشيه يعلون، ومن دون أن يطلب سلاح البحر الإسرائيلي ذلك.
وهناك قضية أخرى، يطلق عليها اسم "القضية 4000"، ولا يتم التركيز عليها كثيرا قياسا بالقضايا الثلاث الأخرى. وتتعلق "القضية 4000" بشركة "بيزك" للاتصالات الهاتفية الأرضية. وتربط نتنياهو علاقة وطيدة وقديمة مع مالك "بيزك"، شاؤول ألوفيتش، الذي يملك موقع "واللا" الإلكتروني، الأكبر والأوسع انتشارا في إسرائيل، ويقوم بتغطية إعلامية إيجابية وداعمة لنتنياهو. يشار إلى أن نتنياهو رفض لفترة طويلة تعيين وزير اتصالات في حكومته الحالية، وتولى هذا المنصب بنفسه. وقام بتنفيذ المهام باسمه مدير عام الوزارة، شلومو فيلبر، الذي جرى اعتقاله والتحقيق معه حول تسهيلات قدمتها الوزارة إلى ألوفيتش. كما اعتقلت الشرطة ألوفيتش وحققت معه.

قضية الغواصات

حدثت تطورات هائلة في هذه القضية خلال الفترة الماضية، أهمها الاتفاق الذي أبرمته الشرطة مع المشتبه المركزي في هذه القضية، وهو مندوب "تيسنكروب" في إسرائيل، ميكي غانور، بتحويله إلى شاهد ملك، في مقابل سجنه لعام واحد ودفع غرامة بمبلغ عشرة ملايين شيكل. وتحدثت تقارير إعلامية عن أن الشرطة تحتجز غانور في شقة سرية، ويعمل المحققون على استخراج معلومات منه، تبين أنها تشمل رشوة مسؤولين إسرائيليين كبار، بينهم وزراء سابقون، في قضايا أخرى أيضا، إضافة إلى قضية الغواصات. في إطار هذه القضية، اعتقلت الشرطة وأوقفت عددا من الأشخاص، بينهم المحامي دافيد شيمرون، وهو قريب نتنياهو ومستشاره ومحاميه الخاص. وقد حققت الشرطة مع شيمرون أربع مرات، بصفته محامي غانور، بشبهة حصوله على مبالغ كبيرة في إطار صفقة الغواصات والسفن الحربية الأربع بين إسرائيل و"تيسنكروب". ووفقا للشبهات، فإن الحكومة الإسرائيلية وافقت على إلغاء حوض السفن العسكري، مقابل قيام غانور وشيمرون وآخرين ببناء حوض سفن جديد من أجل صيانة الغواصات والسفن الحربية الإسرائيلية.

وتشير الشبهات في هذه القضية إلى تورط العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين في هذه القضية، وجميعهم متهمون بتلقي رشوة والتوسط في دفع رشاوى وخيانة الأمانة والتآمر على تنفيذ جريمة. وأبرز المشتبهين هو القائم بالأعمال السابق لرئيس مجلس الأمن القومي، أفريئيل بار يوسف، الذي اعتقل وجرى التحقيق معه. وثمة مشتبه به آخر جرى توقيفه والتحقيق معه هو دافيد شاران، المدير السابق لمكتب رئيس الحكومة نتنياهو.

وأعلنت الشرطة أنها ستطلب من المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، إجراء تحقيق، تحت التحذير باستخدام أقواله في المحكمة، مع وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينيتس. وينفي شتاينيتس أي علاقة له بقضية الغواصات.

واعتقلت الشرطة وزير الطاقة الأسبق، إليعازر زندبرغ، بشبهة تلقيه رشوة في إطار هذه القضية. واعترف زندبرغ بالحصول على مبلغ 100 ألف شيكل من غانور كأتعاب محاماة. كذلك اعتقلت الشرطة القائد السابق للكوماندوس البحري الإسرائيلي، العميد في الاحتياط شاي بروش، المشتبه باستخدام علاقاته من أجل تنفيذ الصفقة مقابل الحصول على رشوة. وفي أعقاب هذه التطورات، تعالت مطالب تدعو المستشار القانوني للحكومة إلى المصادقة على أن تحقق الشرطة مع نتنياهو في قضية الغواصات. وتعالت مطالب كهذه من خلال المظاهرات الأسبوعية، التي تجري كل يوم سبت، منذ عشرة أشهر، أمام منزل المستشار القانوني في مدينة بيتاح تيكفا ويشارك فيها الآلاف. وتطالب هذه المظاهرات بتقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو وزوجته سارة.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات