"الرسالة والسكين: ما الذي يقف وراء الهبة الفلسطينية الجديدة؟"- عنوان بحث جديد صدر عن "المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة"، أعده العميد (احتياط) يوسي كوبرفاسر، الرئيس السابق لوحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية ("أمان") والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية، بالاشتراك مع هيرش غودمان، الباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي"، مؤسس دورية The Jerusalem Report ورئيس تحريرها الأول طيلة تسع سنوات.
يرى هذا المركز إن "أسماء وتفسيرات كثيرة أطلقت على موجة الإرهاب الجديدة التي بدأت في تشرين الأول 2015، بسلسلة من الأعمال الإرهابية الصدفية والقاتلة، من جانب أفراد دون أية مرجعية تنظيمية"، ثم يضيف أن هذا البحث "يقدم التحليل الشامل الأول لما يعتبره كثيرون انفجار عنف تلقائيا، جديدا وغير منظم من قبل شبان فلسطينيين محبطين لا ينتمون إلى أي تنظيم محدد".
ويربط هذا البحث "بصورة واضحة، تماما، بين الإرهاب الحالي والسياسة الموجهة التي تمارسها السلطة الفلسطينية، وفقا لما تبنته حركة فتح في مؤتمرها الذي انعقد في بيت لحم في العام 2009"، ثم يشرح، بإسهاب، "كيف تتم ترجمة تلك القرارات على أرض الواقع ميدانيا، هذه الأيام"! ومنها، على سبيل المثال: "إشعال مسألة الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك، الطريقة التي تقوم السلطة الفلسطينية بواسطتها بتشويه متعمد للتقارير الإخبارية، بغية إذكاء نيران الغضب في الشارع الفلسطيني تجاه إسرائيل"!
ويربط فصل استعراض الوقائع الميدانية في هذا البحث بين الأطراف العديدة التي يبدو، ظاهريا فقط، أن لا صلة بينها إطلاقا ويبيّن كيف أنها تشكل، معا، دليلا بيّنا على أن يدا موجهة خفية من ورائها.
وتشمل الفصول اللاحقة توثيقا لما يسميه البحث "الاستراتيجية العنيفة الحالية التي تعتمدها السلطة الفلسطينية، الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الجماهيرية ومواقع التواصل الاجتماعي في موجة الإرهاب المتواصلة هذه، بما في ذلك الشبكات الاجتماعية المحسوبة على حركتي فتح وحماس، والتي تقدم إرشادات حول مَن ينبغي قتلهم وحول الطرق الأنجع للقتل، دون ترك أية بصمات"، كما يشمل البحث "توثيقا تفصيليا للسير الشخصية لمنفذي العمليات خلال الأيام المئة الأولى من هذه الموجة"!
ونقدم، فيما يلي، ترجمة حرفية لـ"موجز خلاصات البحث"، كما نشرها "المركز المقدسي" على موقعه:
مواقع التواصل الاجتماعي ـ أداة أساسية:
تشكل مواقع التواصل الاجتماعي الأداة الأساسية التي تتيح موجة الإرهاب الحالية. فهي تساهم وتساعد في نشر الشائعات والأكاذيب، تقدم نماذج تحتذى وتوفر المحفزات والتعليمات الإرشادية التفصيلية بشأن أهداف العمليات والهجمات وبشأن أكثر الطرق نجاعة للقتل.
"الدليل الفلسطيني: طعن اليهودي"
الرئيس الفلسطيني محمود عباس والخاضعون لإمرته يحثون الشبان على العمل بواسطة بلاغات موجهة، تشويه الواقع، كما تعبر عنه عناصر فلسطينية رفيعة بصورة صريحة وجلية أحيانا، لكن بمكر وخبث أساسا، بغية الإبقاء على النزاع حيا وذا أهمية وتصوير الفلسطينيين كأنهم ضحايا هذا النزاع.
الرسائل التي تصدر عن القيادات الفلسطينية الرفيعة يتم تمريرها ليس كأوامر مباشرة بالخروج للقتل، وإنما كتشجيع أخلاقي وموضوعي للمس بإسرائيليين وبيهود من أجل الإبقاء على النزاع متواصلا وتكريس صورة الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا هذا النزاع.
في 16 أيلول 2015، قال أبو مازن عبر التلفزيون الفلسطيني: "نحن نحيي أية قطرة دم تسيل من أجل القدس، لأنه دم طاهر وزكي"... "الدم يسيل في سبيل الله. كل الشهداء سيخلدون في الجنة وكل المصابين سيُجزَون".
القيادة والمجتمع الفلسطيني يحرّضان على العنف بتصويرهم منفذي العمليات وكأنهم شهداء (قديسون)، ثم بتخليد أسمائهم في المدارس والحدائق العامة. وتشجع القيادة الفلسطينية، وكذلك المجتمع الفلسطيني عامة، تنفيذ العمليات ضد إسرائيليين ويهود من خلال منح عائلات منفذي هذه العمليات الذين تم قتلهم أو إلقاء القبض عليهم وسجنهم رواتب ومخصصات مختلفة، فضلا عن تزويدها بموارد ومصادر لتمويل إعادة بناء البيوت التي تم هدمها.
صناعة العلاقات العامة المتطورة جدا تشجع تنفيذ عمليات إضافية أخرى من خلال نشر لافتات تحيي ذكرى منفذي العمليات في المراكز والتجمعات السكانية الفلسطينية.
ثلاث مراحل
في المرحلة الأولى من الانتفاضة الحالية، برز استخدام حافز الدعوة إلى حماية المسجد الأقصى والدفاع عنه واستخدام قبة الصخرة كرمز.
أما المرحلة الثانية فقد تم إشعالها بواسطة كيل المديح للعمليات ومنفذيها على مواقع التواصل الجماهيري. وتتميز المرحلة الثالثة، الحالية، بالدعوة إلى الانتقام على قتل "الأبرياء".
الحوافز اللاسامية موجودة ومنتشرة في كل المراحل وفي جميع منظومات التحريض المتواصل دائما، دون توقف أو انقطاع.
وسائل الإعلام العالمية والقيادات الغربية تشكل صدى للرواية الفلسطينية القائلة بأن هذه العمليات والهجمات تنبع من إحباط فلسطيني نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل وسياسة الاستيطان. أما الفلسطينيون فليسوا مُطالَبين بدفع أي ثمن لقاء دعمهم للعمليات الإرهابية وتشجيعها.