المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قال رون بن يشاي المحلل العسكري لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني إن قيادة الجيش الإسرائيلي تعمل هذه الأيام على الدفع قدماً بخطة عمل جديدة للجيش تحمل اسم "جدعون".

وأشار إلى أنه من المنتظر أن تقدم هذه الخطة إطاراً لميزانية ثابتة لخمس سنوات تسمح للجيش بتنظيم صفوفه وبالتدريب وببناء قوته بصورة تتيح له مواجهة التحديات العسكرية الإقليمية الجديدة بناء على سلم أولويات بصورة فعالة واقتصادية.

وأضاف بن يشاي في مقالة جديدة نشرها قبل عدة أيام:

"إن المهمة الأكثر إلحاحاً الآن على صعيد الأمن القومي بالنسبة للحكومة وفي لجان الكنيست هي إقرار ميزانية الأمن وخطة العمل المتعددة السنوات للجيش الإسرائيلي.

"إن المبلغ الذي سيخصص للأمن في الوضع الحالي، سيكون أقل أهمية بالمقارنة مع السرعة التي سيوافق فيها المجلس الوزاري المصغر على خطة العمل الجديدة للجيش الإسرائيلي التي تحمل اسم جدعون. ومن المنتظر أن تقدم هذه الخطة للجيش إطاراً لميزانية ثابتة لخمس سنوات تسمح له بتنظيم صفوفه وبالتدريب وببناء قوته بصورة تتيح له مواجهة التحديات العسكرية الإقليمية الجديدة بناء على سلم أولويات بصورة فعالة واقتصادية. ويشار إلى أن خطتي العمل المتعددة السنوات السابقتين اللتين طُرحتا خلال تولي بيني غانتس رئاسة هيئة الأركان العامة لم تُقرّا بسبب الخلافات على ميزانية الأمن والنزاع الشخصي بين وزيري المالية والدفاع وأنصارهما".

وبالنسبة لخطة "جدعون" كتب هذا المحلّل:

لقد أعد رئيس هيئة الأركان العامة الحالي غادي أيزنكوت خطة "جدعون" منذ أن كان نائباً لرئيس هيئة الأركان السابق غانتس. ومن المفترض أن تكون هذه "خطة رشيقة" تستند إلى دروس عملية "الجرف الصامد" العسكرية في قطاع غزة الصيف الماضي، وهدفها الأساس هو المحافظة على جهوزية الجيش الإسرائيلي واستعداده للحرب التي قد تنشب من دون إنذار على عدة جبهات، وتوظيف الجهود في الاستخبارات والتزود بسلاح دقيق يسمح بسحق المنظومة الصاروخية لحزب الله، ويتيح فتح عدد من المجالات التي يتفوق فيها الجيش الإسرائيلي مثل المجال السيبراني. ويبحث أيزنكوت حالياً في إضافة ذراع سيبراني إلى ذراعي الجو والبر مهمته الدفاع السيبراني وجمع المعلومات والهجوم.

ولقد اعترف أيزنكوت بأن الجيش أخطأ في السنوات الأخيرة عندما أعجب قادته الكبار وتأثروا بصورة مبالغ فيها بالتطورات التكنولوجية الغالية الثمن التي عرضتها عليهم الصناعات الأمنية. وفي رأي العديد من الخبراء في الجيش وخارجه وكذلك رئيس الأركان الحالي، فإن الاعتماد على التكنولوجيا أدى إلى ضعف التفكير العسكري الإبداعي، وتراجع القدرات العسكرية للقادة في ساحة القتال. وبرز ذلك خلال حرب لبنان الثانية وفي العمليات العسكرية الثلاث ضد غزة والفشل في معالجة الأنفاق.

ويفضل رئيس الأركان اليوم التوظيف في التدريبات التي تؤدي إلى قدرة مناورة برية ذكية وبارعة، وإلى التكيف السريع مع الظروف المتغيرة، والعمل في عمق أراضي العدو. ويشدد أيزنكوت طوال الوقت علناً على الحاجة للتوفير، ليس فقط لأن التوفير في الموارد أمر مرغوب فيه، بل لأن ذلك يسلط الضوء على مكون معرفي في القتال، وهو وسيلة ناجعة من أجل تجنيد التأييد لدى الرأي العام الإسرائيلي. وبناء على ذلك، تقلص في الفترة الأخيرة عدد الجنرالات حول طاولة رئيس الأركان.

وأشار بن يشاي إلى أنه قد يبدو هذا كله جميلاً على الورق، لكن كي يستطيع الجيش أن يطلق رسمياً خطة "جدعون"، فإنه يتعيّن على وزير المالية الجديد موشيه كحلون أن يتعهد بتقديم عشرات المليارات لرئاسة الأركان خلال خمس سنوات. وهذا أمر لن يسارع إليه وزير المالية لأن الصراع على ميزانية الدولة وعلى ميزانية الأمن سيكون شرساً هذه السنة. ومنذ وقت طويل أعلن مسؤولو وزارة الدفاع حاجتهم إلى ستة مليارات شيكل من أجل القيام بالمهمات الأمنية ومن أجل تسديد دفعات إلى جهات مختلفة منها المعاقون والعائلات الثكلى وتعويضات متقاعدي الجيش وجهازي الشاباك والموساد لأن ميزانية الشاباك والموساد تدخل في الميزانية الأمنية.

وكان هذا قبل الانتخابات عندما جرى تقديم اقتراح لميزانية سنة 2015 لم يجر في نهاية الأمر إقرارها. أما اليوم بعد الانتخابات ونتيجة الاتفاقات الائتلافية السخية (ويقول بعضهم عنها إنها فاجرة) التي وقعها بنيامين نتنياهو، برزت فجوة في ميزانية الدولة تقدر بنحو 7 - 9 مليارات شيكل قبل إضافة شيكل واحد إلى ميزانية الأمن. في مثل هذا الوضع أصبح من الواضح لمسؤولي المؤسسة الأمنية أن ميزانية الأمن الكبيرة ستتحول إلى مرشح أساس لعملية تقطيع وتخفيض من جانب وزير المالية وسائر وزراء الحكومة.

وختم المحلل:

"بلغ المجموع العام لميزانية الأمن في مطلع سنة 2015 قبل المضي إلى الانتخابات نحو 8ر64 مليار شيكل (بما في ذلك المساعدة الأميركية)، وهذا مبلغ ضخم يوازي ثلث ميزانية الدولة العامة، ونحو 6% من الناتج الوطني الخام. لكن وزير الدفاع موشيه يعلون ورئيس هيئة الأركان يقولان علناً إن هذا المبلغ لا يكفي، وإنه من دون زيادة ستكون هناك حاجة مثلما حدث في العام 2014، إلى وقف التدريبات والمسّ باستعداد الجيش للحرب".

تمرين قطري لقيادة الجبهة
الإسرائيلية الداخلية لخمسة أيام

من ناحية أخرى بدأ أول من أمس الأحد تمرين قطري لقيادة الجبهة الإسرائيلية الداخلية يستمر خمسة أيام بمشاركة السلطات المحلية وجهاز التربية والتعليم وقوات الإنقاذ والدوائر الحكومية.

وسيبلغ التمرين ذروته اليوم الثلاثاء حيث تُطلق صافرات الإنذار في الساعة الحادية عشرة وخمس دقائق قبل الظهر وفي الساعة السابعة وخمس دقائق مساء، وعندها سيُطلب من جميع السكان الدخول إلى الملاجئ أو إلى الأماكن المحمية.

وقال مصدر رفيع المستوى في قيادة الجبهة الداخلية إن هذا التمرين يأتي في ضوء تقديرات سائدة لدى قيادة الجيش تشير إلى أنه من المتوقع أن تتعرض الجبهة الداخلية خلال أي مواجهة عسكرية في المستقبل إلى ضربات أشد من الضربات التي تعرضت لها في المواجهات السابقة.

وتطرّق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال اجتماع الحكومة أول من أمس، إلى التمرين القطري لقيادة الجبهة الإسرائيلية الداخلية، فأكد أنه يهدف من ضمن أمور أخرى إلى تحضير الجبهة الداخلية للحروب المستقبلية بعد أن اتضح أن هذه الجبهة تشكل أصلاً خط المواجهة كما حدث أثناء عملية "الجرف الصامد" العسكرية التي شنها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة الصيف الفائت وأثناء حروب وعمليات عسكرية أخرى وقعت خلال السنوات الأخيرة.

وعشية هذا التمرين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يعمل هذه الأيام في تركيب أجهزة رادار تكتيكية في منطقة البلدات المحيطة بقطاع غزة بهدف رصد عمليات إطلاق قذائف هاون وتوفير إنذار للتجمعات السكنية القريبة من حدود القطاع بشأن احتمال سقوط قذائف فيها. ومن المتوقع أن تنتهي عملية تركيب جميع أجهزة الرادار هذه في غضون ثلاثة أشهر.

وقالت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى إن هذا الإجراء اتخذ في ضوء العبر المستخلصة من عملية "الجرف الصامد" العسكرية في قطاع غزة الصيف الفائت.

وأضافت هذه المصادر نفسها أن المنظمات الفلسطينية في القطاع أدركت خلال تلك العملية العسكرية أن منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ تستطيع اعتراض غالبية القذائف الصاروخية التي تطلقها على الأراضي الإسرائيلية لكنها تواجه صعوبات في اعتراض قذائف هاون قصيرة المدى، وبالتالي ستركز هذه المنظمات جهودها في المستقبل على إطلاق قذائف هاون باتجاه التجمعات السكنية المحاذية للسياج الأمني في منطقة الحدود بين إسرائيل والقطاع.

كما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يستكمل حالياً عملية تطوير جهاز صافرة إنذار جديد سيتم استخدامه في مناطق مرابطة القوات العسكرية، وذلك في إثر وقوع عدة حوادث خلال عملية "الجرف الصامد" أسفرت عن مقتل وجرح جنود في مناطق المرابطة القريبة من قطاع غزة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات