المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أعلن المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء، في أول تقديرات للحسابات القومية تجسد الأزمة الاقتصادية في أعقاب وباء كورونا، أن الاقتصاد الإسرائيلي سجل في الربع الأول من العام الجاري انكماشا بنسبة 1ر7%، فيما دعا البنك المركزي حكومته إلى عدم فرض ضرائب وتقليص ميزانيات اجتماعية في العامين الجاري والمقبل.

وحسب مكتب الإحصاء، فقد انخفض الإنفاق الاستهلاكي الفردي بنسبة 5ر20%. والعنصر الوحيد الذي شهد زيادة ملحوظة في الاستهلاك الخاص للفرد كان استهلاك الطعام والمشروبات والتبغ، الذي ارتفع بنسبة 8ر5% في الربع الأول من هذا العام. وانخفض الإنفاق على السلع الاستهلاكية الكمالية، مثل الملابس والأحذية، والمنسوجات المنزلية، والأجهزة الكهربائية المنزلية والصغيرة، والسلع الترفيهية والممتلكات الشخصية، بنسبة 6ر31% في الربع الأول من عام 2020 بحساب سنوي وبنسبة 9% في حساب ربع سنوي.

وانخفضت واردات السلع والخدمات بنسبة 5ر27%، وانخفض الإنفاق الاستهلاكي العام بنسبة 3ر10%، وقد انخفضت الإنتاجية بنسبة 1ر9% في الربع الأول. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، وبعد التعديل الموسمي، بنسبة 1ر7% في الربع الأول من عام 2020.

وبالنظر إلى أن إغلاق الاقتصاد قد تم فرضه فقط في منتصف آذار، فإن الربع الأول الذي يشمل الأشهر الثلاثة من العام هو فصل لا تزال آثار الأزمة فيه تظهر بشكل طفيف.

من ناحيته دعا بنك إسرائيل المركزي حكومته، في تقريره الدوري الشهري، الصادر الأسبوع الماضي، إلى عدم رفع الضرائب وعدم تقليص الميزانيات الاجتماعية والبنى التحتية في ميزانيتي العامين الجاري والمقبل 2021، بذريعة تقليص العجز المتفاقم في الميزانية، بسبب الأزمة الاقتصادية التي نشأت عن أزمة انتشار فيروس الكورونا. وطرح البنك تقديرات تعد تفاؤلية نسبيا، مقارنة مع ما تبثه وزارة المالية، التي يريد المسؤولون فيها عرض ميزانيات تقشفية للسنوات الثلاث، الجارية والمقبلتين 2021 و2022.

وتعد دعوة البنك المركزي ليست مألوفة، إذ أن من أهدافه هو ضمان سير الاقتصاد في الحد الأدنى من العجز في الموازنة وتقليص الديون، وضع ضوابط للتضخم المالي، والحفاظ على قيمة العملية المحلية.

وقد خفّض البنك المركزي تقديراته لتقلص الاقتصاد في العام الجاري، من 3ر5% في تقديرات ظهرت في الشهر الماضي الى 5ر4% حاليا، إلا أنه في المقابل، عمل على تعديل تقديراته للنمو في العام المقبل، وقال إنه سيرتفع بنسبة حادة 8ر6%، بدلا من 3ر8% في تقديرات سابقة.

كما توقع البنك المركزي أن ترسو البطالة مع نهاية العام الجاري عند نسبة 5ر8%، بدلا من 25% في أوج الأزمة والإغلاق. وستستمر البطالة في التراجع تدريجيا في بحر العام المقبل 2021، لترسو في نهايته عند نسبة 5ر5%، وفي صلب هذه التقديرات أن الكثير من المصالح الاقتصادية التي أغلقت أبوابها إما أنها ستعيد فتحها، أو أنه ستكون مصالح بديلة، كما أن مصالح أخرى قلصت أماكن العمل فيها، ستعيد قسما منها، مع عودة وتيرة الاستهلاك الفردي الى ما كان عليه قبل اندلاع الأزمة.

وتبقى هذه التقديرات مرشحة للتقلب، كلما تم تحرير الاقتصاد من الإغلاق، وشرط أن لا تندلع أزمة صحية جديدة في النصف الثاني من العام الجاري.

وحسب تقارير سابقة، فإن الحكومة الجديدة ستعد ميزانية تقشفية للعامين الجاري والمقبل، وفي صلبها رفع ضرائب، بالأساس على الشرائح الوسطى، دون أي مس بالضرائب على الشركات، وخاصة الكبرى منها، كما سيتم تقليص ميزانيات اجتماعية عديدة، خاصة في مجالات الرفاه والتعليم والصحة، لتزيد عبء تمويل الخدمات على الجمهور.

ولكن الأخطر من هذا، هو أن هذه الحكومة قررت لنفسها، عند ابرام اتفاقيات الائتلاف، أن تعد وتقر ميزانية العام ما بعد المقبل، 2022، حتى نهاية شهر آذار 2021، بناء على التقديرات السوداوية التي تعرضها وزارة المالية، دون انتظار كيفية تطور الأمور الاقتصادية.

ويقول المحلل الاقتصادي سامي بيرتس، في مقال له في صحيفة "ذي ماركر"، إنه في الأيام العادية، يستطيع الاقتصاديون في بنك إسرائيل والخزينة محاربة عُشر النسبة المئوية التي تفصل التوقعات من واحدة إلى أخرى. ولقد حدث في السنوات الأخيرة أكثر من مرة أن الفجوات المتوقعة كانت بمثابة مثير للنقد المتبادل، أحدهما يبالغ في التفاؤل، والآخر يرى السواد المهني. وفي الوقت الذي وصلت فيه أزمة الكورونا حولت فجوات التنبؤ بين عشية وضحاها إلى نكتة لأنها تمثل عُشر النسبة المئوية هنا أو هناك في مواجهة التفاوتات الكبيرة في النسب المئوية الكاملة في التوقعات ومحاولات التطلع إلى الأمام وفهم إلى أين تتجه من هنا.

وحسب بيرتس، يبدو أن آثار أزمة كورونا على الاقتصاد هي بمثابة زلزال قوي غير اتجاه البطالة والنمو والعجز ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد ومفاجئ وعنيف. ويقول، "هل الوضع خطير؟ قطعا. مقلق؟ بوضوح. كارثة؟ كل شيء نسبي، خاصة إذا نظرت إلى ما حدث في دول مثل فرنسا، حيث كان النمو سلبيًا، ناقص 3ر23% في الربع الأول، أو إسبانيا حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9ر20%".

وكتب بيرتس "دخل الاقتصاد في الربع الأول في حالة جيدة وأنهى مع إغلاق اقتصادي وشلل. ومع ذلك، فقد دخل في الربع الثاني مع إغلاق ولكن في أيار تم افتتاحه بالفعل، وسيتم تسريع افتتاحه في الأيام القادمة حيث ستعود المطاعم والمقاهي والفنادق إلى النشاط المنتظم. هذا لن يمنع بيانات الربع الثاني من الظهور بشكل سيئ. وسيوفر الربعان الأخيران من العام 2020، إذا لم تكن هناك موجة ثانية من انتشار الفيروس، صورة أوضح عما إذا كان الاقتصاد ينجح في الخروج من الأزمة بالسرعة التي يجب".

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات