المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المشهد الاقتصادي
  • 2220
  • برهوم جرايسي

سجل اجمالي الصادرات الإسرائيلية في العام 2018 ارتفاعا بنحو 7%، مقارنة مع ما كان في العام 2017، وبلغ إجمالي الصادرات 6ر110مليار دولار؛ 8ر54% منها صادرات بضائع والباقي صادرات خدمات. وكانت مساهمة صادرات الخدمات في الارتفاع الحاصل أعلى من صادرات البضائع. من ناحية أخرى، فإن لدى إسرائيل تخوفات من أن تتراجع الصادرات في العامين الجاري والمقبل، على ضوء الحرب التجارية والمتنامية بين الدول الكبرى، وحالة التباطؤ في الأسواق العالمية.

وجاء في تقرير وزارة الاقتصاد الإسرائيلية أن حجم صادرات البضائع بلغ قرابة 61ر60 مليار دولار، مقابل ما يلامس 50 مليار دولار لصادرات الخدمات. ويقول التقرير إن صادرات الخدمات في ارتفاع مستمر، فمثلا شكّلت صادرات الخدمات في العام 2015، نسبة 2ر39% من اجمالي الصادرات، وفي السنوات الثلاث اللاحقة كانت النسبة في ارتفاع مستمر، وبلغت في العام الماضي 2ر45% من اجمالي الصادرات، مقابل 8ر54% صادرات بضائع.

وتبين من التقرير أن الولايات المتحدة الأميركية ما تزال تقف على رأس قائمة الدولة المستوردة من إسرائيل، ولكن نسبة الصادرات لها في حدود 10%، بعد أن كانت ذات يوم تتجاوز 30%. وهذا التغير ناشئ من الارتفاع الحاد للصادرات الإسرائيلية في سنوات الألفين، وزيادة عدد الدول المستوردة، التي لم يكن بينها وبين إسرائيل مستوى تبادل اقتصادي عال.

وقد بلغ حجم الصادرات للولايات المتحدة الأميركية في العام الماضي 2018، ما يلامس 11 مليار دولار، بانخفاض بنسبة 8ر2% عن العام 2017. وتليها الصين التي ارتفعت الصادرات لها في العام الماضي بنسبة 47% مقارنة مع ما كان في 2017، وبلغ حجم الصادرات ما يلامس 7ر4 مليار دولار.

وتسعى إسرائيل في السنوات الأخيرة إلى زيادة مبيعاتها إلى الصين، خاصة في قطاع التكنولوجيا بشكل عام والصناعة الدقيقة بشكل خاص، إضافة إلى صادرات الكيماويات الزراعية.

وحلت في المرتبة الثالثة المملكة البريطانية المتحدة، التي بلغ حجم الصادرات لها حوالي 4 مليارات دولار، وهذا تراجع بنسبة 3ر17% عما كان في العام 2017.

وحلت في المرتبة الرابعة فرنسا التي بلغ حجم الصادرات لها 71ر2 مليار دولار، بتراجع بنسبة 4ر1% عن العام 2017. وحافظت على المرتبة الخامسة تركيا، التي بلغ حجم الصادرات لها أكثر من 9ر1 مليار دولار، زيادة بنسبة 34% عن العام الذي سبق. كما سجلت الصادرات إلى ألمانيا التي حلت في المرتبة السادسة ارتفاعاً بنسبة 1ر9%، وبلغ حجم المصادرات 75ر1 مليار دولار.

ويلاحظ ارتفاع الصادرات إلى الشرق الأقصى، فبعد الصين نجد اليابان التي حلت في المرتبة العاشرة، وارتفع حجم استيرادها من إسرائيل بنسبة 42%، وبلغ حجم الصادرات لها قرابة 1ر1 مليار دولار.

ومن حيث توزيع اجمالي صادرات البضائع، تبين أن 4ر17% من اجمالي الصادرات كانت أجهزة ومعدات على أنواعها. وبلغت نسبة صادرات البضائع من المجوهرات والمعادن غالية الثامن 4ر13%، ثم 2ر12% مواد كيماوية وأدوية، بعد أن كانت هذه النسبة في 2017 حوالي 4ر5% من اجمالي صادرات البضائع، و5ر10% من اجمالي صادرات البضائع كانت لفروع متفرقة.

أما على صعيد صادرات الخدمات، فإن 8ر15% منها كانت برامج واستشارات في مجالات الحاسوب، وكانت هذه النسبة في صادرات 2017 قد بلغت 3ر17% من اجمالي الصادرات في حينه. كما هبطت نسبة صادرات الأبحاث والتطوير من 3ر23% في 2017، إلى نسبة 5ر7% في العام الماضي. كما بلغت نسبة "صادرات" السياحة، بمعنى السياحة الخارجة، 5ر7% من اجمالي الصادرات. و8ر15% صادرات خدمات متفرقة.

تخوف من تراجع الصادرات

يقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "كالكاليست" أدريان بايلوت إن الاستنتاج الحاصل من تقرير الصادرات الإسرائيلية عن العام الماضي 2018، هو أنه من خلف الأرقام الكبيرة التي تبشر بارتفاع الصادرات والخدمات الإسرائيلية، وتفاخر ممثلي الحكومة باجتياز الصادرات حاجز 100 مليار دولار، رغم أن هذا ما حصل أيضا في العام 2017 أيضا، تمثل أمام الاقتصاد الإسرائيلي عدة إشارات إنذار بشأن التهديدات الحاصلة على قطاع الصادرات، الذي يشكل محركا مركزيا في نمو الاقتصاد الإسرائيلي، وهو مسؤول عن 30% من اجمالي الناتج الإسرائيلي العام.

وحسب بايلوت، فإنه من ضمن هذه التهديدات الحرب التجارية الجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، ما يؤدي إلى عدم وضوح في الاقتصاد العالمي. ويشار في هذه القضية إلى أن في إسرائيل تخوفات من أن تطلب منها الولايات المتحدة الأميركية فرض قيود على التبادل التجاري مع الصين.

كذلك تتخوف إسرائيل من أن تتراجع الصادرات على ضوء حالة التباطؤ الاقتصادي في الأسواق العالمية وخاصة في أوروبا، التي سجلت الصادرات لدول الاتحاد الأوروبي فيها تراجعا بنسبة 4% في العام الماضي. وتتوقع إسرائيل أن يزداد التراجع في الصادرات لأوروبا في العامين المقبلين، وهذه سيتفاقم مع تراجع سعر صرف اليورو والعملات الأوروبية بمعدل 4ر5% أمام الشيكل.

كما يشير بايلوت إلى حالة الاحتكار الضخمة في الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يشير إلى أن 50 شركة فقط من أصل حوالي 1660 شركة مصدّرة في إسرائيل، تسيطر على 60% من اجمالي الصادرات. وهذه الظاهرة تستفحل أكثر على مستوى القارات، كما في الصادرات لأوروبا، إذ أن 35 شركة إسرائيلية فقط تسيطر على 60% من الصادرات لتلك القارة. وفي الصادرات إلى آسيا، تسيطر 17 شركة على 60% من الصادرات الإسرائيلية إلى تلك المنطقة. و19 شركة مسؤولة عن 60% من الصادرات لأميركا اللاتينية. و15 شركة تحتكر 80% من الصادرات إلى الصين.

كما يشير بايلوت إلى ضعف صادرات البضائع، وهذا ليس مفيدا للاقتصاد، لأن الأيدي العاملة في صادرات البضائع أعلى بما لا يقارن من العاملين في صادرات الخدمات. فصادرات البضائع في العام الماضي بلغت 6ر60 مليار دولار، وهي ما تزال أقل من صادرات البضائع في العام 2012، حينما سجلت ذروة 61 مليار دولار. ما يعني أن صادرات البضائع تراوح مكانها، وأن الزيادة الحقيقية في الصادرات تأتي من صادرات الخدمات؛ إذ يتبين ان صادرات البضائع انخفضت من 70% من اجمالي الصادرات في العام 2010، إلى نسبة 8ر54% في العام الماضي.

وفي حين أن مسؤولي وزارة الاقتصاد لا يتلفتون إلى حجم صادرات البضائع من اجمالي الصادرات، فإن رئيس اتحاد المنظمات الاقتصادية ورئيس اتحاد الصناعيين شراغا بروش، يعبر عن قلقه البالغ من الجمود الحاصل في صادرات البضائع. ويقول لصحيفة "كالكاليست": "إن الصادرات الصناعية الإسرائيلية في تراجع مستمر، وهذا يجعل إسرائيل تفقد القوة التي قادت إلى النمو بوتيرة عالية حتى قبل سنوات قليلة. وعلى الحكومة أن تفهم ما يفهمه كل العالم المتطور، وهو أن النمو الثابت والأقوى، والذي يضمن ارتفاعا في مستوى المعيشة، هو الذي مصدره الصناعة العصرية المتطورة القوية".

ويشير بايلوت، مضيفا لكلام بروش، إلى أن 24% من الصادرات الصناعية مصدرها المجوهرات والمعادن غالية الثمن، وهذه صادرات ترفع حجم صادرات البضائع، ولكن الأيدي العاملة فيها قليلة، بمعنى أنها لا تساهم في اتساع سوق العمل، ولا في رفع مستوى المعيشة. وما يدعم هذا الاستنتاج أكثر، هو أن إسرائيل لا تنتج المجوهرات، بل تستوردها، وتعمل على إعادة صناعتها وصياغتها وتصديرها من جديد، ولهذا فمساهمتها في الصادرات تصل إلى 6 مليارات دولار فقط، بمعنى 10% من اجمالي صادرات البضائع.

وحسب بايلوت، فإن اللافت للنظر في تقرير الصادرات هو استمرار صادرات الخدمات، وبلغ حجمها 50 مليار دولار. وازدادت وتيرة ارتفاع صادرات الخدمات ابتداء من العام 2013، بنسبة 5% سنويا تقريبا. وارتفاع صادرات الخدمات قائم في كل مجال صادرات الخدمات، وبشكل خاص في قطاع التقنية العالية "الهايتيك".

ويتبين من تقرير الصادرات أنه في العام الماضي ارتفع حجم صادرات قطاع الحاسوب، من برمجة وابحاث، بنحو 4 مليارات دولار عن العام الذي سبق. وارتفع حجمه الإجمالي من 7ر8 مليار دولار في العام 2013، إلى 6ر17 مليار دولار في العام الماضي 2018. واعتبر صندوق النقد الدولي أن هذا القطاع من الصادرات الإسرائيلية يُعد من أهم القطاعات عالميا.

وعلى الرغم من النتائج السلبية لجمود صادرات البضائع، فإن هناك من يرى نتائج إيجابية لارتفاع صادرات الخدمات، إذ يقول رئيس مديرية التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد أوهاد كوهين إن الاحتكار في صادرات الخدمات أقل بكثير من الاحتكار الحاصل في صادرات البضائع. ولكن الأهم هو أن 51% من صادرات الخدمات تأتي من قطاع الحاسوب وأبحاث الهايتيك.

 

 

المصطلحات المستخدمة:

الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات