المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بعد مرور شهر واحد على تقديراته السابقة، أعلن مكتب الإحصاء المركزي عن تعديل تقديراته للنمو الاقتصادي الإسرائيلي في الربع الأول من العام الجاري، ورفعه إلى نسبة 5ر4% بمعدل سنوي، بدلا من 2ر4% في تقديرات قبل شهر. وهذه نسب تبقى أعلى بكثير من تقديرات النمو للعام الجاري 2018، التي كانت تحوم حول نسبة 2ر3%، وهي مرشحة للارتفاع، على ضوء ارتفاع النمو في الربع الأول. وحسب تقرير أولي فإن النمو الاقتصادي قد يسجل هذا العام ارتفاعا بنسبة 5ر3%.

 

وقال المكتب إن تعديل تقديراته جاء في أعقاء احتساب جديد لعدد من محركات النمو الاقتصادي، ومن بينها ارتفاع بنسبة 7ر9% في الصرف على الاستهلاك الفردي، وارتفاع بنسبة 5ر6% في الاستثمارات بالعقارات الثابتة، إضافة إلى ارتفاع بنسبة 5ر9% في الصادرات، مقابل ارتفاع بنسبة 2ر5% في استيراد البضائع والخدمات، وارتفاع بنسبة 5ر11% في الصرف العام، بمعنى الصرف الحكومي.

وأشار مكتب الإحصاء، في تقريره الجديد، إلى أن الارتفاع الحاد في الصرف على الاستهلاك الفردي يعود إلى ارتفاع جديد في شراء السيارات الخاصة، الذي تم لجمه في العام الماضي، مقارنة مع العام 2016.

وكان النمو الاقتصادي قد سجّل في العام الماضي ارتفاعا بنسبة 3ر3%، مقابل 4% في العام الذي سبق، 2016. وكان النمو في العام الماضي أعلى من التقديرات التي تراوحت ما بين 9ر2% إلى 2ر3%. كما كان النمو في الاقتصاد الإسرائيلي أعلى من معدل النمو في الدول الأعضاء في منظمة التعاون بين الدول المتطورة OECD والذي بلغ 4ر2%.

وقد ارتفع معدل الناتج للفرد الواحد في العام الماضي بنسبة 1%، مقابل نسبة 9ر1% في العام قبل الماضي 2016. وبذلك، فإن معدل الناتج للفرد بات 5ر144 ألف شيكل، وهذا ما يعادل أكثر بقليل من 40 ألف دولار، وفق معدل سعر الصرف الذي كان في العام الماضي 6ر3 شيكل للدولار. ولكن معدل الناتج سيكون 37500 بموجب معدل سعر الصرف في العام 2016، الذي كان 85ر3 شيكل للدولار، بمعنى أن ارتفاع القيمة الدولارية لا يعني اقتراب إسرائيل من المستويات في الدول الغنية، بل إن ذلك بسبب تدني سعر صرف الدولار، الذي لا ينعكس على الأسعار.

قروض الشرائح الفقيرة ضعفا مستوياتها في أوروبا

حذر بنك إسرائيل المركزي في تقرير جديد من استمرار ارتفاع ديون العائلات، وأكد أنها باتت تشكل مخاطر على الاقتصاد، خاصة مع ارتفاع نسبة الديون في خطر التسديد. وحسب البنك، فإن ديون العائلات سجلت في السنوات العشر الأخيرة ارتفاعا سنويا بنسبة 9%. وهذه نسبة أعلى بـ 5ر4 ضعف من ارتفاع عدد السكان سنويا، واعلى بكثير من معدلات التضخم في السنوات الأخيرة. وتشتد ظاهرة الاستدانة عند الشرائح الفقيرة، التي تستدين كي تغطي مصاريف العائلة الجارية شهريا.

ويقول التقرير إن 47% من العائلات هي في حالة استدانة دائمة، وإن 27% من العائلات هي في حالة استدانة في حسابها البنكي الجاري على مدار السنة. ويشير القرير إلى أن معدلات الاستدانة عند الشرائح الأربع الدنيا من أصل الدرجات العشر للسلم الاقتصادي الاجتماعي، أعلى من المعدلات في الدول الأوروبية، بينما معدل الاستدانة عند الشرائح الأشد فقرا، بمعنى في الدرجتين الدنيتين (الأولى والثانية) تصل إلى ضعفي معدلات الاستدانة عند ذات الشريحة في الدول الأوروبية.

ويحذر البنك المركزي من أن 15% من الديون هي في خطر عدم احترام التسديد، بسبب الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية، خاصة وأن الشرائح الفقيرة تستدين لتسديد مصروفاتها الشهرية. إلا أن تقرير البنك المركزي أشار إلى أن عدم احترام تسديد هذه الديون لن يؤدي إلى أزمة مالية، وإنما سيؤدي إلى مشاكل لتلك العائلات، ما يجعلها عرضة أكثر للملاحقات.

ولكن معطيات البنك المركزي لا يمكنها أن تعكس الصورة الكاملة، لأن الشرائح الفقيرة لا تحصل على القروض من البنوك التجارية، ومن مؤسسات مالية، نظرا لاحتمال عدم قدرتها على التسديد. وقد أشارت عدة تقارير إلى أن البنوك الإسرائيلية تستقوي على الضعفاء الذين يطلبون قروضا لديها، وتفرض عليهم نسب فوائد عالية جدا، مقارنة مع الفائدة الأساسية التي يطرحها بنك إسرائيل المركزي، في حين تقدم تسهيلات لحيتان مال، خاصة أولئك الذين لا يستطيعون لاحقا تسديد قروضهم، ويتركون البنوك مع خسائر. وهذه الظاهرة تجعل الضعفاء عرضة للسوق السوداء، التي تسيطر عليها عائلات العالم السفلي وهي بفوائد تصل أحيانا إلى 150%، وهذا أكثر بـ 15 ضعفا من الفائدة القصوى على القروض البنكية.

وكان تقرير سابق لوزارة العدل قد أشار إلى أن السوق السوداء هي عنوان القروض الوحيد للفئات الضعيفة، أولئك الذين لم تستوعبهم البنوك، أو خرجوا منها مضطرين، ويجد المدينون الضعفاء أنفسهم في سوق من دون رقابة على القروض التي يحصلون عليها. وصحيح أنه يوجد قانون ينظم مسألة الفائدة القصوى التي تستطيع السوق السوداء جبايتها، لكن في ظل عدم رقابة على السوق، فإن القانون لا يطبق اطلاقا، فمثلا في حين أن القانون يقول إن الفائدة القصوى التي يمكن جبايتها 6ر9% بالمجمل، والفائدة الاستثنائية على القروض المستعصية تصل إلى 16%، فإنه حسب التقديرات تصل الفائدة الفعلية في السوق السوداء إلى ما بين 100% إلى 150%.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات