قال تقرير لبنك إسرائيل المركزي إنه سيكون من الصعب على الحكومة أن تحافظ على نسبة اجمالي الدين العام من الناتج العام، الذي سجل في العام الماضي 2016 أدنى مستوى له منذ عشرات السنين وبلغ 62%، وهي النسبة الاقرب للنسبة المفضلة في الاقتصاد العالمي- 60%. وخفّض بنك إسرائيل في تقرير آخر له توقعات النمو الاقتصادي للعام الجاري، إلى 8ر2%، بدلا من 9ر2% في توقعات سابقة. كما يقدر البنك أن يسجل التضخم ارتفاعا بنسبة 7ر0%، ليكون الارتفاع الأول بعد ثلاث سنوات سجل فيها التضخم تراجعات.
وكان حجم الدين الحكومي مقارنة بالناتج العام قد بلغ في العام الماضي أدنى نسبة له في تاريخ إسرائيل، وهبط إلى 5ر60% من اجمالي الناتج. وقال تقرير لمكتب المراقب العام للدولة إن الدين الحكومي في العام 2016 قد بلغ نسبة 5ر60% من اجمالي الناتج العام، بدلا من نسبة 4ر62% في العام 2015، في حين أن دين القطاع العام والجمهور معا بلغ 1ر62% من اجمالي الناتج العام، مقابل نسبة 9ر63% في العام الذي سبق 2015. والدين الحكومي هو الدين الذي يقع على مسؤولية الحكومة مباشرة، فيما الدين العام يشمل أيضا دين المجالس البلدية والقروية.
وحسب تقرير المراقب العام للدولة، فإن العوامل المركزية التي ساهمت في خفض نسبة الدين العام كانت نسبة العجز في الموازنة العامة التي هي أقل من المخطط، ومعها الفائض في جباية الضرائب، والتضخم المالي "السلبي"، وارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار. فقد سجل العجز في الموازنة العامة مع نهاية العام 2016 نسبة 15ر2% من اجمالي الناتج العام، بدلا من نسبة متوقعة 8ر2%.
وكان حجم الدين العام مصدر قلق للاقتصاد الإسرائيلي في سنوات ما قبل الأزمة الاقتصادية العالمية، ففي العام 2006 كان حجم الدين أكثر من 80%، وقد وضعت حكومة إيهود اولمرت في حينه هدفا لخفض الدين تدريجيا إلى نسبة 60% حتى العام 2015، وخلال الأزمة الاقتصادية العالمية تم تأجيل الهدف إلى العام 2020. إلا أن الدين بدأ يسجل تراجعات من حيث نسبته من الناتج العام، على ضوء نسب النمو العالية، على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية. ففي العام 2007 وحده، وهو العام الذي اندلعت فيه الأزمة الاقتصادية، تراجعت نسبة الدين بـ 11% في حين بدأ الدين العام يطفح في أكبر الدول المتطورة. فقد بلغت نسبة الدين في اليابان 250%، وفي ايطاليا 133%، ومعدل النسبة في الدول العشرين الأكثر تطورا 116%، وفي الولايات المتحدة الأميركية قرابة 105%.
ويقول التقرير الجديد الذي اعده قسم الأبحاث في بنك إسرائيل المركزي، إن انخفاض نسبة الدين العام من حجم الناتج العام، لم يكن نتيجة للسياسة الاقتصادية للحكومة القائمة، بل بفعل سلسلة عوامل اقتصادية. ومن أبرز عوامل خفض الدين العام، هو خفض العجز في الموازنة العامة. وقد سجل العجز في العام الماضي نسبة 1ر2%، بدلا من نسبة مخططة 8ر2%. ولكن هذا الفارق في نسبة العجز ليس ناجما عن اداء اقتصادي صحيح، بل عن انخفاض الصرف على القضايا الاجتماعية. وتؤكد تقارير دورية إسرائيلية، وأخرى صادرة عن منظمة التعاون بين الدول المتطورة OECD، أن إسرائيل هي الأقل صرفا على القضايا المدنية الاجتماعية، من تعليم وصحة ورفاه اجتماعي، وأيضا صرف على المشاريع البنيوية.
ويشار إلى أنه وفق توزيعة الموارد في الموازنة العامة على مر السنين، فإن العامل الأساس الذي يؤدي إلى تراجع الصرف على القضايا الاجتماعية، هو أولوية الصرف على العسكرة والاحتلال والاستيطان.
ويقول بنك إسرائيل في تقريره البحثي إن نسبة العجز التي تطرحها الحكومة للعام الجاري- 5ر2%- وللسنوات المقبلة، ستكون عائقا أمام الحكومة للاستمرار في خفض نسبة الدين العام من اجمال الناتج العام، فهذا قد تنجح فيه الحكومة في العام الجاري والعامين المقبلين، إلا أنه بعد ذلك ستجد الحكومة ذاتها أمام واقع آخر تضطر فيه إلى رفع نسبة العجز في الموازنة من أجل تغطية مصاريفها التي سترتفع لاحقا.
تخفيض توقعات النمو
في سياق متصل، أعلن بنك إسرائيل المركزي عن تخفيض توقعاته للنمو الاقتصادي للعام الجاري من 9ر2% في توقعات سابقة، إلى 8ر2%. وقال البنك إنه من دون تأثير تراجع استيراد السيارات المتوقع فإن النمو قد يرتفع هذا العام إلى 3ر3%.
يذكر أن النمو الاقتصادي في العام الماضي فاق كل التقديرات التي طرحها بنك إسرائيل والمؤسسات المالية، وخاصة وزارة المالية، إذ بلغ 4%، في حين أن التقديرات الأولى للبنك توقعت نسبة 4ر2%، ثم بدأت ترتفع تدريجيا إلى 4ر3% كحد أقصى.
كذلك قرر البنك المركزي ابقاء الفائدة البنكية الأساسية عند مستواها المتدني منذ 26 شهرا، وهي 1ر0%. وقال البنك في تقريره الدوري إنه يتوقع ارتفاع الفائدة مجددا فقط في الربع الثاني من العام المقبل 2018، وليس حسب تقديراته الأولى في الربع الأخير من العام الجاري. وربط البنك تقديراته الجديدة بوتيرة التضخم التي ما تزال منخفضة. وقال البنك إنه يتوقع ارتفاع التضخم في العام الجاري 2017 بنسبة 7ر0% ليكون العام الأول الذي يسجل فيه التضخم ارتفاعا، بعد ثلاث سنوات سجل فيها التضخم تراجعا سنويا.
وكان مكتب الاحصاء المركزي قد أعلن قبل أيام أن التضخم الماضي في شهر آذار الماضي سجل ارتفاعا طفيفا بنسبة 3ر0%، متأثرا بارتفاع أسعار موسمي للملبوسات والأحذية وبعض الفواكه الخضراوات، وبذلك يكون التضخم قد ارتفع في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري بنسبة 1ر0%، إذ كان التضخم قد تراجع في الشهر الأول بنسبة 2ر0%، بينما سجل صفرا بالمئة في الشهر الثاني، ليرتفع في الشهر الثالث، كما ذكر، بنسبة 3ر0%.